لا يختلف اثنان على أن «المادة» أصبحت في هذا الزمان عنصراً رئيسياً من عناصر التطور والنجاح في مختلف المجالات ومن بينها مجالنا الرياضي الذي نحن بصدده، ولكن هل يمكن أن نجعل من شح الموارد المالية أو محدوديتها شماعة نعلق عليها كل إخفاقاتنا الرياضية الإدارية منها والميدانية؟

كثيرون سيذهبون بالإجابة «بنعم» عن هذا السؤال وبالأخص في زماننا الحاضر الذي تقلصت فيه الأدوار والحلول الإبداعية البشرية وحلت محلها الأدوار والحلول المالية التي أصبحت تعتمد على كل ما هو جاهز وإن كانت جودته متواضعة!

هناك في المقابل آخرون ممن سيختارون الإجابة «بلا» وهؤلاء من الذين ما يزالون يؤمنون بقيمة العمل والإبداع البشري، ولكن للأسف هؤلاء ينظر لهم نظرة «الحرس القديم» أو على حد قول إخواننا المصريين «الدقة القديمة» فقط لأنهم يؤمنون بأن المادة وحدها من دون عقول بشرية وأداء بشري لا يمكن أن تحقق النجاح المنشود!

مناسبة الحديث في هذا الشأن هي تزايد ظاهرة تبرير الإخفاقات الرياضية بشح الموارد المادية وتجاهل باقي المبررات التي غالباً ما تكون هي الأقرب إلى الواقع كنقص الشعور بالمسؤولية وبالذات لدى اللاعبين الذين يعتبرون الإدارة التنفيذية الرئيسية داخل الميدان أو نقص الكفاءات الفنية والإدارية لدى القائمين على إدارة الفرق الرياضية أو سوء اختيار العناصر الاحترافية وإهمال فرق القاعدة من أبناء النادي وغير ذلك من الأدوار التي يفترض أن تقوم بها الكفاءات الإدارية وهذه الأدوار لا يشترط لنجاحها توافر الموازنات الضخمة بدليل أن كثيراً من الأندية ذات الدخل المادي المتواضع استطاعت أن تحقق قفزات وإنجازات رياضية ميدانية تفوق ما تحققه تلك الأندية المنتعشة مالياً وذلك بفضل العمل الإداري الإستراتيجي الممنهج.

أكرر اعترافي بأن المادة عنصر رئيسي من عناصر التطور والنجاح ولكنها لا يمكن أن تكون وحدها شماعة للفشل والإخفاق وإلا فإننا سننكر بذلك دور البشر وإبداعاتهم في كيفية تسخير هذه المادة لتحقيق القدر المستطاع من النجاح.