تعتبر الجودة مطلباً ضرورياً لكل منظمة ودولة طامحة لتحقيق العالمية في الأداء والمنافسة في عالم يموج بالتقلبات المتسارعة والتطورات المتلاحقة، فطالما كان تطوير التعليم العالي وجودته موضوع نقاش واسع ومهم في مؤسسات التعليم العالي البحرينى طيلة السنوات الأخيرة الماضية، ما جعل من الضرورة بمكان إنشاء هيئة وطنية للجودة والتدريب بمملكة البحرين، بمعايير وطنية تتسق مع طبيعة ومتغيرات المملكة وتحقق الطموح المرجو وتلبي احتياجات المجتمع، لتكوين كوادر بشرية تتمتع بخبرات متنوعة وكبيرة دولية وإقليمية قادرة على تقديم العون والمشورة والتقييم الموضوعي للمؤسسات التعليمية.

إذ إن نهضة المجتمعات والدول تقوم على الكوادر البشرية المؤهلة والمسؤولة، لذا كان التركيز على إعداد جيل من المتخصصين والخبراء يكونون نواةً لجيلٍ قادم وضماناً للتطوير المستمر، ولتكون مملكة البحرين متميزةً في جميع المجالات، وتواكب المستحدثات والمستجدات طبقاً لرؤيتها، وخصوصاً مع تنامي اقتصاديات المعرفة وتحديات العولمة، اعتماداً على النظرة الشمولية التي تتجاوز التجزيء، للارتقاء بالمنظومة التربوية والتعليمية، لذا ظهر جلياً للجميع مدى نجاعة وفاعلية هيئة جودة التعليم والتدريب ودورها الملموس في تحقيق النتائج المرجوة التي ستُسهم في ترجمة الآمال وتحقيق الرؤية الطموحة للمملكة، والتي ستمكنها من فرض نفسها دولياً كأحد أفضل الأنظمة التعليمية معززةً بذلك اقتصادها ومكانتها إقليمياً ودولياً.

وكون الجامعات جزءاً من المنظومة التعليمية البحرينية، أخذت على عاتقها أن تكون على خريطة الجامعات الأفضل إقليمياً وعالمياً، من خلال تطبيق معايير الجودة وتطوير المؤسسات على المستوى الكادر البشري كتنمية مهارات وقدرات أعضاء هيئات التدريس والباحثين من خلال الدورات التدريبية وورش العمل المتعلقة بطرق التدريس والتقييم واستخدام التكنولوجيا ودعم البحوث العلمية ذات التأثير القوي، وكذلك تطوير المقومات المادية من بنى تحتية ومعامل وتجهيزات تضمن توفير التعليم بأشكال متعددة ومختلفة، وتضمن كذلك الوصول إلى جميع الطلبة على اختلاف مستوياتهم، لنتماشى بذلك مع السياق العالمي ولتدخل فى إطار المنافسة القوية التي تفضي في النهاية إلى بقائنا فى ركب مسيرة التقدم.

ومن هذا المنطلق يُمكننا أن نعتبر الجودة ركيزة أساسية من ركائز الجامعة لتوفير خدمات تعليمية متميزة وقوية ومتسقة مع المعايير العالمية وتوفير بيئة أكاديمية احترافية خصبة لمخرجات مثمرة، وعليه لا بد من التعامل مع الجودة على محمل الأمل والمستقبل، وترسيخ مفاهيم التراتيبية والمنطقية والتخطيط الواقعي للتعليم وطرائق التطوير والتحديث، فإن النتيجة الحتمية لما سبق هي بناء أساس قوي لنظام تعليمي متميز يستمر أجيالاً وأجيالاً، يحقق رؤية مملكة البحرين 2030، ويرسم طموحات البحرينيين لمستقبل أروع.

* رئيس لجنة البحث العلمي في الجامعة الخليجية