في مباراة شطرنج شهدها في إحدى السنوات جمع من المولعين بهذه الرياضة في دبي لم يحرك اللاعب أي قطعة بعد الحركة الأولى التي قام بها خصمه إلا بعد ساعة كاملة من تحريك الخصم أول بيدق. الساعة قضاها اللاعب في التحديق في رقعة الشطرنج والاستغراق في التفكير، لكنه بعد ذلك تمكن من إنزال الهزيمة بخصمه سريعاً، ما أدهش الجميع. ثم عندما سئل عن الذي حصل قال إنه قام بناء على تحريك خصمه لذلك البيدق بوضع سيناريوهات عديدة وإن هذا الأمر احتاج إلى ساعة كامة أيقن بعدها أنه منتصر عليه مهما فعل، فأي قطعة يحركها الخصم تعني أنه اختار واحداً من تلك السيناريوهات التي ستؤدي في النهاية إلى خسارته الدست.ما فعلته الحكومة هو نفسه الذي فعله لاعب الشطرنج ذاك، فالمعارضة اعتقدت أن الاستيلاء على السلطة ليس إلا صبر ساعة وأن ما قامت به في فبراير 2011 كان يكفي لتحقيق ذلك. لم يدر بخلدها أن الحكومة يمكن أن تفعل شيئاً كالذي فعله لاعب الشطرنج ذاك.هذه مقاربة من شأنها أن تكشف كيف كان تفكير أولئك الذين اعتبروا أنفسهم «معارضة» و«ثواراً» وكيف كان تفكير الحكومة التي لم تهتز لتحريكهم بيدقهم وما قاموا به في ذلك التاريخ ففكرت في مختلف الاحتمالات ووضعت مختلف السيناريوهات، فأذاقتهم طعم الهزيمة واستمرت منتصرة عليهم وعلى كل محاولة قوامها الاعتقاد بأن العملية لا تحتاج إلا إلى تحريك البيدق الأول.الفارق هو أن الحكومة رأت بما تمتلكه من خبرة وبُعد نظر كل ما يجري في الساحة وكل ما يمكن أن يحدث بناء على الحركة الأولى التي قام بها في ذلك اليوم أولئك الذين يفتقدون للخبرة وبُعد النظر، لهذا فإن ما ظهر أخيراً على السطح من خلافات فيما بين «أرباب» «المعارضة» وكشف عن تخبطهم لم يفاجئ الحكومة. وهذا يعني أنها تعرف بدقة الساعة التي سينتهي فيها الدست.