كثيراً ما كانت تردد جدتي مثلاً شعبياً تقوله في صيغة نصيحة: «كَثر من الصديق فإن العدو أكثر»، وكم كنت أسألها لماذا الأعداء كُثر؟!!! فتجيبيني بعفويتها هذه هي أحوال الدنيا، فأسأل أمي لماذا علينا أن نعد العدة بالإكثار من الأصدقاء لمواجهة الأعداء؟!!! فتقول مبتسمة، الأمر ليس كذلك، كل القضية عليك ألا تصنع لنفسك أعداء، وكم كنت أستغرب هذا القول!!! فكيف يصنع الإنسان لنفسه أعداء؟!!! ومع مرور السنين أدركت فعلاً أن البعض يحول أحبابه بل وأقرب الناس إليه إلى أعداء له واحداً تلو الآخر دون أن يدري، حتى يجد نفسه وحيداً أعزل لا أصدقاء ولا أحباب له، بل إن الكثيرين يخشون القرب منه خوفاً من أن ينتهي بهم الأمر إلى مصير من سبقوهم: فتجده يسيء إلى من يقدم له المعروف كأن يكون صديقاً له أو جاراً فيصدم ذاك المحسن من ردة فعله فيثير غضبه وعداوته، وتجده يجرح من يمد له يد العون بحب وصدق حتى يزرع في صدره الغضب والغل، أو يظلم أقرب الناس إليه ممن أخلصوا له كزوجته أو أبنائه فيصبح ذاك الحبيب مظلوماً وكلنا نعرف أن باب العداء مفتوح بين الظالم والمظلوم، وقد يتحول من يقدم له الخدمات بإخلاص وصدق كالإخوة والوالدين وربما الأبناء إلى عدو عندما لا يُقدر هذا الإخلاص بل يعتبر تلك الخدمات واجباً عليه، وعندما تحرم شخصاً ما من حقوقه وتمنعها عنه، أو أنك تميز في التعامل بين الطرف والآخر فتثير الضغينة والحقد، وهكذا يحول كل من حوله مهما كانوا أنقياء سمحين في التعامل أصيلين في معدنهم، إلى أعداء له.
وأنا هنا لا أتكلم عن الأعداء الذين يعادون الآخرين لأنهم مرضى أو لأنهم حاقدون حاسدون، أو لأنهم ينظرون نظرة سوداوية للحياة فهم بطبيعتهم ناقمون على من حولهم، لكنني أتحدث عن الأعداء الذي كانوا في يوم ما أحباباً له يقدمون له الدعم ويضيفون لمسات الجمال لحياته فيحولهم بسوء تعامله إلى أعداء، مثل هؤلاء الناس جعلوني أفهم معنى المثل الذي كانت تردده جدتي.. ودمتم أبناء قومي سالمين.
وأنا هنا لا أتكلم عن الأعداء الذين يعادون الآخرين لأنهم مرضى أو لأنهم حاقدون حاسدون، أو لأنهم ينظرون نظرة سوداوية للحياة فهم بطبيعتهم ناقمون على من حولهم، لكنني أتحدث عن الأعداء الذي كانوا في يوم ما أحباباً له يقدمون له الدعم ويضيفون لمسات الجمال لحياته فيحولهم بسوء تعامله إلى أعداء، مثل هؤلاء الناس جعلوني أفهم معنى المثل الذي كانت تردده جدتي.. ودمتم أبناء قومي سالمين.