من الأمور المضحكة أن الذين صاروا يحتلون المنصات الإلكترونية ويقدمون أنفسهم على أنهم محللون وقادرون على توفير ما يعجز الآخرون عن توفيره من معلومات ويعرفون ما يدور في الكواليس لا يترددون إزاء كل حدث جديد ولافت عن القول بأن وراءه هذه الدولة الخليجية أو تلك. ورغم فشلهم في تحليل الكثير من الأحداث فيما مضى وتبين نظافة يد تلك الدول إلا أنهم لا يزالون يصرون على أنهم يعرفون كل شيء ويبصمون بالعشر على أن الذي يجري في هذه البلاد أو تلك من أحداث في كل حين هي بسبب تدخل تلك الدول الخليجية، وهذا يشمل التطورات الأخيرة في تونس!

لو أن ما يدعيه أولئك «المحللون» صحيح فإن عليهم قبل غيرهم أن يعترفوا بأن هذه الدول هي اليوم من القوة بحيث تستطيع أن تغير العالم فيشهدوا لها بهذا ويحترموها بشدة!

ليس من عاقل إلا ويقول إن تلك التحليلات كلها غير صادقة ولا علاقة لها بالواقع وإن الغاية منها الإساءة إلى تلك الدول. ليس فقط لأن الذين يقدمون أنفسهم بهذه الصفة دون القدرة على التحليل ولا يستطيعون توفير المعلومة الصحيحة ولكن لأن المتلقي في كل مكان قادر على التمييز بين الحقيقة والخيال.

عليه فإنه يسهل القول بأن كل الذي عمد أولئك إلى نشره عن دور لبعض الدول الخليجية في ما جري ويجري في دول عربية مختلفة - آخرها تونس - لا يمت إلى الواقع بصلة، فما حدث ويحدث في هذه الدول وغيرها شأن يخصها ولا يمكن لتلك الدول التدخل فيها وإن أرادت. مثل هذه الأمور تحدث فقط في ألعاب «البلاي ستيشن» وما شاكلها، وإلا صار العالم كله مهدداً بالدول الخليجية المشغولة أساساً بشؤونها الداخلية والارتقاء بشعوبها وكل ما تريده من الآخرين هو التزامهم حدودهم وعدم التدخل في شؤونها.

الفكرة نفسها يتم ترويجها هذه الأيام عن التطورات التي تشهدها خوزستان المحتلة من إيران.