لأنني أحب الحقيقة وأحبكم، أقول:
الذكاء التقني (AI) هو المجال الرائد في الثورة الرقمية الحالية، ويعد بناء القدرات في هذا المجال له أهمية حيوية في استمرار اقتصاداتنا. ويمكنني القول: إنه أحد أهم الابتكارات في تاريخ البشرية؛ لأنه العقل المحرك لأي عمل. وإن عبارة «كل شيء سيعمل بالذكاء التقني (AI) مستقبلاً» هذه حقيقة ولا يمكننا الفرار منها، وعلينا أن نعد أجيالنا الجديدة للعب دور فعّال في نهضة أنظمة «الذكاء التقني»، التي بدأت للتو بالتوسع والانتشار.
ولقد شهدنا أهمية «الذكاء التقني»، ومبتكراته.. في أثناء انتشار جائحة «كوفيد» مؤخراً، تلك التي أثرت على العالم أجمع؛ إذ تمكنت الشركات من تحليل الانتشار الوبائي للفيروس، ومعالجة البيانات، ونمذجة تطوير اللقاحات ومحاكاتها في وقت قياسي، باستخدام أنظمة «الذكاء التقني» ومخرجاته.
نحن بحاجة إلى أن نحذو حذو دولة الصين العظيمة؛ التي جعلت تعليم «الذكاء التقني» جزءاً إجبارياً من إستراتيجيتها في التعليم، هادفة إلى ريادة العالم في مجالات «الذكاء التقني» المبتكرة بحلول عام 2030. إنهم يبذرون بذور تعليم «الذكاء التقني» حالياً؛ لحصد ثمارها في المستقبل. وكم نحتاج إلى أن نفعل الشيء نفسه، وليس نحن فقط في عالمنا العربي، بل على العالم كله أن يحذو حذو الصين؛ لضمان موطئ قدم في الاقتصاد الرقمي المتنامي؛ فوفقاً لمجلة فوربس، سيضيف «الذكاء التقني» 15 تريليون دولار أمريكي إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030 وهو رقم أكبر بأربعة أضعاف من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا بالكامل في عام 2020، والذي كان يصل 3 تريليونات دولار فقط، وتعد هذه فرصة عظيمة ويجب أن نستغلها.
وكيف يكون ذاك؟
إنه بالاستثمار في الشباب، وتوجيههم إلى مثل هذا النوع من التعليم؛ لكي يمتلكوا المهارات اللازمة، ويساهموا في قيادة «الاقتصادات الرقمية العالمية» القائمة على «الذكاء التقني» في المستقبل.
لقد شرفت بالتحدث في مناسبات دولية حول الموضوع «الذكاء التقني»، وكان السؤال الذي يطُرح عليّ مراراً هو: «ألن يحلّ «الذكاء التقني» محل البشر، ويأخذ وظائفهم؟»، فكان جوابي دائماً أنني أرى (سيناريو) يختلف وقد بدأ يتكشف.
أعتقد أن «الذكاء التقني» سيحرر المهن، وسيمكن أصحابها من التعامل مع الأمور بطريقة أفضل تحقق قدراً أكبر من الدقة والفهم، وستظهر نتائج ذات قيمة أكبر. يدعم «تقرير مستقبل الوظائف لعام 2020»، الذي نشره المنتدى الاقتصادي العالمي بهذه الرؤية، ويشير إلى أن 85 مليون وظيفة قد تُستبدل؛ بسبب التحول في تقسيم العمل بين البشر والآلات بحلول عام 2025، بينما قد تظهر 97 مليون وظيفة جديدة، أكثر تكيّفاً مع التقسيم الجديد للعمل بين البشر والآلات والخوارزميات، التي تشمل أنظمة «الذكاء التقني»، أي إنه بدلاً من فقد الوظائف لصالح «الذكاء التقني»، سيخلق «الذكاء التقني» الوظائف.
وإننا أمام تضخم سيفرض كمية بيانات ضخمة تخرجها أجهزة الاستشعار، والأنظمة، والاعتماد الشامل لإنترنت الأشياء، وحينذاك لن يكون هناك بديل سوى استخدام أنظمة «الذكاء التقني»؛ لفهم هذا الكم الهائل من البيانات، وتحليلها، وضبط نتائجها من أجل المساعدة في اتخاذ القرار. كما سيحدث «الذكاء التقني» ثورة في العديد من القطاعات، ليجعلها أكثر انسيابية وكفاءة.
إن أحد المجالات التي أرى أن «الذكاء التقني» سيؤثر فيها بصورة رئيسة هي مهنة تدقيق الحسابات، المهنة التي تأسست عليها «مجموعة طلال أبوغزاله العالمية»، وبما أنني أعد نفسي مدقق حسابات، فإنه يمكنني أن أقول لكم إن «الذكاء» التقني سيحدث ثورة في مهنة تدقيق الحسابات؛ لأن ذاك الكم الهائل من البيانات التي تخرجها الأنظمة المؤسسية من الصعب جداً إجراء عمليات تدقيق يدوية عليها! لأنه ببساطة سيكون هناك كم كبير من البيانات لتحليلها. وستستخدم أنظمة «الذكاء التقني» في إجراء عمليات تدقيق حسابات مفصّلة كان من المستحيل إجراؤها. ستصبح مهنة المدقق -بالمفهوم الجديد- فرعاً في تقنية المعلومات، وسيحتاج مدققو الحسابات في المستقبل القريب جداً إلى اكتساب مهارات في «الذكاء التقني»؛ لإجراء عمليات التدقيق المحاسبية، وتقييم أنظمة «الذكاء التقني» التي تستخدمها الشركات لتقديم ضمانات بشأن دقتها وشفافيتها.
لقد دعوت إلى إصلاح نظام التعليم عالمياً..
وقلت عدة سنوات إن مناهج التعليم بحاجة إلى الانتقال إلى القرن الواحد والعشرين؛ لتمكين مواطنينا الشغوفين بالمعرفة الرقمية من الحصول على المعرفة والمهارات ليصبحوا من العاملين في مجال المعرفة. وعلينا أن نعيد التخطيط لتعليمنا؛ لكي يكون «الذكاء التقني» في طليعة المعارف التي لا بد من أن يتعلمها أبناؤنا في سن مبكرة.
ولقد أصبحت التقنية أساس الاقتصادات المتقدمة في جميع أنحاء العالم، وهي سبب وجود بعض أكبر الشركات على الإطلاق التي شهدها العالم، مثل (أبل وغوغل وأمازون). فلم يعد الاقتصاد العالمي مقيداً بالحدود الجغرافية؛ فنحن في «العصر الرقمي»: عصر الإنترنت.. نرى أنه يمكن لأي شخص أن يصبح من العاملين في مجال المعرفة إذا كان لديه الحماسة والشغف.
إن الفرص الرقمية متاحة للملمين بتقنية المعلومات، ويجب علينا تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الحقيقة. وعلينا تأهيل بعض «العاملين في مجال المعرفة»؛ ليكونوا ملمين بمجالات «الذكاء التقني»؛ تلبية لمتطلبات الاقتصاد الرقمي العالمي، وعلينا تعزيز بيئة تعليم «الابتكار التقني والإبداع بشكل صحيح، وتمكين الناس بالتعليم والأدوات والقوانين لإنشاء نظام أيكولوجي، للعمل على ظهور أمثال «زوكربيرج» مثلاً في المستقبل.
وسيسمح لنا بناء القدرات في مجال أنظمة «الذكاء التقني» ببناء أنظمة تقرؤها الابتكارات الذكية، يساعدنا في إيجاد حلول جديدة للمشكلات التي يواجهها العالم كتلك المتعلقة بتغيّر المناخ، أو نقص المياه، أو إنتاج الغذاء. وكما قال أفلاطون: «الحاجة هي أم الاختراع».
وأخيراً..
نريد من العلماء، والمبتكرين، والمفكرين أن يتصرفوا بمسؤولية، وأن يتحلوا ببعد النظر، والحكمة من أجل أجيالنا القادمة، والاستثمار في تعليم «الذكاء التقني»؛ لأنه على وشك أن يحدث ثورة في العالم.
{{ article.visit_count }}
الذكاء التقني (AI) هو المجال الرائد في الثورة الرقمية الحالية، ويعد بناء القدرات في هذا المجال له أهمية حيوية في استمرار اقتصاداتنا. ويمكنني القول: إنه أحد أهم الابتكارات في تاريخ البشرية؛ لأنه العقل المحرك لأي عمل. وإن عبارة «كل شيء سيعمل بالذكاء التقني (AI) مستقبلاً» هذه حقيقة ولا يمكننا الفرار منها، وعلينا أن نعد أجيالنا الجديدة للعب دور فعّال في نهضة أنظمة «الذكاء التقني»، التي بدأت للتو بالتوسع والانتشار.
ولقد شهدنا أهمية «الذكاء التقني»، ومبتكراته.. في أثناء انتشار جائحة «كوفيد» مؤخراً، تلك التي أثرت على العالم أجمع؛ إذ تمكنت الشركات من تحليل الانتشار الوبائي للفيروس، ومعالجة البيانات، ونمذجة تطوير اللقاحات ومحاكاتها في وقت قياسي، باستخدام أنظمة «الذكاء التقني» ومخرجاته.
نحن بحاجة إلى أن نحذو حذو دولة الصين العظيمة؛ التي جعلت تعليم «الذكاء التقني» جزءاً إجبارياً من إستراتيجيتها في التعليم، هادفة إلى ريادة العالم في مجالات «الذكاء التقني» المبتكرة بحلول عام 2030. إنهم يبذرون بذور تعليم «الذكاء التقني» حالياً؛ لحصد ثمارها في المستقبل. وكم نحتاج إلى أن نفعل الشيء نفسه، وليس نحن فقط في عالمنا العربي، بل على العالم كله أن يحذو حذو الصين؛ لضمان موطئ قدم في الاقتصاد الرقمي المتنامي؛ فوفقاً لمجلة فوربس، سيضيف «الذكاء التقني» 15 تريليون دولار أمريكي إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030 وهو رقم أكبر بأربعة أضعاف من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا بالكامل في عام 2020، والذي كان يصل 3 تريليونات دولار فقط، وتعد هذه فرصة عظيمة ويجب أن نستغلها.
وكيف يكون ذاك؟
إنه بالاستثمار في الشباب، وتوجيههم إلى مثل هذا النوع من التعليم؛ لكي يمتلكوا المهارات اللازمة، ويساهموا في قيادة «الاقتصادات الرقمية العالمية» القائمة على «الذكاء التقني» في المستقبل.
لقد شرفت بالتحدث في مناسبات دولية حول الموضوع «الذكاء التقني»، وكان السؤال الذي يطُرح عليّ مراراً هو: «ألن يحلّ «الذكاء التقني» محل البشر، ويأخذ وظائفهم؟»، فكان جوابي دائماً أنني أرى (سيناريو) يختلف وقد بدأ يتكشف.
أعتقد أن «الذكاء التقني» سيحرر المهن، وسيمكن أصحابها من التعامل مع الأمور بطريقة أفضل تحقق قدراً أكبر من الدقة والفهم، وستظهر نتائج ذات قيمة أكبر. يدعم «تقرير مستقبل الوظائف لعام 2020»، الذي نشره المنتدى الاقتصادي العالمي بهذه الرؤية، ويشير إلى أن 85 مليون وظيفة قد تُستبدل؛ بسبب التحول في تقسيم العمل بين البشر والآلات بحلول عام 2025، بينما قد تظهر 97 مليون وظيفة جديدة، أكثر تكيّفاً مع التقسيم الجديد للعمل بين البشر والآلات والخوارزميات، التي تشمل أنظمة «الذكاء التقني»، أي إنه بدلاً من فقد الوظائف لصالح «الذكاء التقني»، سيخلق «الذكاء التقني» الوظائف.
وإننا أمام تضخم سيفرض كمية بيانات ضخمة تخرجها أجهزة الاستشعار، والأنظمة، والاعتماد الشامل لإنترنت الأشياء، وحينذاك لن يكون هناك بديل سوى استخدام أنظمة «الذكاء التقني»؛ لفهم هذا الكم الهائل من البيانات، وتحليلها، وضبط نتائجها من أجل المساعدة في اتخاذ القرار. كما سيحدث «الذكاء التقني» ثورة في العديد من القطاعات، ليجعلها أكثر انسيابية وكفاءة.
إن أحد المجالات التي أرى أن «الذكاء التقني» سيؤثر فيها بصورة رئيسة هي مهنة تدقيق الحسابات، المهنة التي تأسست عليها «مجموعة طلال أبوغزاله العالمية»، وبما أنني أعد نفسي مدقق حسابات، فإنه يمكنني أن أقول لكم إن «الذكاء» التقني سيحدث ثورة في مهنة تدقيق الحسابات؛ لأن ذاك الكم الهائل من البيانات التي تخرجها الأنظمة المؤسسية من الصعب جداً إجراء عمليات تدقيق يدوية عليها! لأنه ببساطة سيكون هناك كم كبير من البيانات لتحليلها. وستستخدم أنظمة «الذكاء التقني» في إجراء عمليات تدقيق حسابات مفصّلة كان من المستحيل إجراؤها. ستصبح مهنة المدقق -بالمفهوم الجديد- فرعاً في تقنية المعلومات، وسيحتاج مدققو الحسابات في المستقبل القريب جداً إلى اكتساب مهارات في «الذكاء التقني»؛ لإجراء عمليات التدقيق المحاسبية، وتقييم أنظمة «الذكاء التقني» التي تستخدمها الشركات لتقديم ضمانات بشأن دقتها وشفافيتها.
لقد دعوت إلى إصلاح نظام التعليم عالمياً..
وقلت عدة سنوات إن مناهج التعليم بحاجة إلى الانتقال إلى القرن الواحد والعشرين؛ لتمكين مواطنينا الشغوفين بالمعرفة الرقمية من الحصول على المعرفة والمهارات ليصبحوا من العاملين في مجال المعرفة. وعلينا أن نعيد التخطيط لتعليمنا؛ لكي يكون «الذكاء التقني» في طليعة المعارف التي لا بد من أن يتعلمها أبناؤنا في سن مبكرة.
ولقد أصبحت التقنية أساس الاقتصادات المتقدمة في جميع أنحاء العالم، وهي سبب وجود بعض أكبر الشركات على الإطلاق التي شهدها العالم، مثل (أبل وغوغل وأمازون). فلم يعد الاقتصاد العالمي مقيداً بالحدود الجغرافية؛ فنحن في «العصر الرقمي»: عصر الإنترنت.. نرى أنه يمكن لأي شخص أن يصبح من العاملين في مجال المعرفة إذا كان لديه الحماسة والشغف.
إن الفرص الرقمية متاحة للملمين بتقنية المعلومات، ويجب علينا تحقيق الاستفادة الكاملة من هذه الحقيقة. وعلينا تأهيل بعض «العاملين في مجال المعرفة»؛ ليكونوا ملمين بمجالات «الذكاء التقني»؛ تلبية لمتطلبات الاقتصاد الرقمي العالمي، وعلينا تعزيز بيئة تعليم «الابتكار التقني والإبداع بشكل صحيح، وتمكين الناس بالتعليم والأدوات والقوانين لإنشاء نظام أيكولوجي، للعمل على ظهور أمثال «زوكربيرج» مثلاً في المستقبل.
وسيسمح لنا بناء القدرات في مجال أنظمة «الذكاء التقني» ببناء أنظمة تقرؤها الابتكارات الذكية، يساعدنا في إيجاد حلول جديدة للمشكلات التي يواجهها العالم كتلك المتعلقة بتغيّر المناخ، أو نقص المياه، أو إنتاج الغذاء. وكما قال أفلاطون: «الحاجة هي أم الاختراع».
وأخيراً..
نريد من العلماء، والمبتكرين، والمفكرين أن يتصرفوا بمسؤولية، وأن يتحلوا ببعد النظر، والحكمة من أجل أجيالنا القادمة، والاستثمار في تعليم «الذكاء التقني»؛ لأنه على وشك أن يحدث ثورة في العالم.