مهلاً أيام أعمارنا فلم نعد باستطاعتنا اللحاق بمسير الخير بكل تفاصيله الصغيرة. مهلاً فقد أقبل علينا عام هجري جديد ليطرق أبواب حياتنا مجدداً ويبشرنا بآمال وأحلام جديدة، وأوقات تعطينا فسحة من الأمل لنشر بذور الخير والانطلاقة الجديدة في محطة أخرى من العمر لا نعلم متى ستنتهي. إنما الأعمار هي الأعمال التي ننطلق من خلالها في دنيا الاختبار، نخلص ونحسن فيها حتى نربح في يوم الحساب.

عام هجري جديد نهجر فيه تلك المطبات العنيفة التي مرت علينا في مسير أيام الحياة الماضية، ونهجر فيه تلك الهوامش المزعجة التي أثرت سلباً على عطاء الحياة. نهجر فيه سلبيات تلك النفوس المريضة التي أخرت تقدمنا لسلم النجاح وتحقيق الغايات المرجوة. نهجر فيه ذلك التقصير والغفلة التي لازمت حياتنا وساهمت في تراجع المؤشر الإيماني وضعف علاقاتنا مع المولى الكريم.

اليوم ليس كالأمس.. فسرعة الأوقات لا ترحم إطلاقاً، ومع إشراقة العام الهجري الجديد بات لزاماً علينا أن نعقد العزم على التجديد الإيماني والحياتي، والبدء بصورة فعلية في تلك المشروعات الفردية المعطلة، والارتقاء بالذات، الذي سيولد بلا شك طاقة إيمانية وإبداعية ونشاط زاخر في كافة مناحي الحياة. اليوم يجب أن نقرر البدء مجدداً في حياة العطاء والمبادرات في أي مجال تطأ فيه أقدامنا المباركة، وندعو الله تعالى دائمًا بالدعاء: «واجعلني مباركاً أينما كنت». هي البركة التي تعطي الأمل بالعطاء والأثر الجميل في كل مكان تعمل فيه الأيادي الخيرة التي نذرت نفسها لله تعالى.

اليوم هو فجر جديد لحياة نراها مليئة بالخير، فلا نعطي فيها الهموم والمشكلات الحياة الحيز الأكبر من اهتماماتنا حتى لا تؤثر على عطائنا وانطلاقاتنا الحياتية. بل يجب أن نركنها على هوامش النسيان، فهي ستتلاشى بمجرد تغافلنا عنها، وصدنا عن أوجاعها، لأننا نحتاج أن نكون صورة مشرقة للإيجابية والتفاؤل مع كل من نحب، وبخاصة أولئك الأنقياء الذين بصموا معك أجمل الأثر في مسير الخير.

إنها مساحات الخير المتجددة التي يجب أن نبدأ للعمل فيها مع إشراقة شمس عام هجري جديد مبارك، حيث انطلق من خلالها نبي الهدى صلى الله عليه وسلم لبناء دولة الإسلام وأسس لانطلاقة الخير في جميع مناحي الحياة، هناك في جنبات المدينة المنورة التي تتحدث كل مساحاتها عن حياة جميلة راقية عاشها نبينا صلى الله عليه وسلم، وترك بصماته المؤثرة للأجيال، حتى تتعلم كيف تتعامل مع الحياة، وكيف تكون واعية بالدرجة المطلوبة، فهي الأمة المحمدية التي سيشفع لها عليه الصلاة والسلام، فلا بد أن تتهيأ لتلك الشفاعة وتلتزم بالمنهج النبوي الرصين في الحياة، وتستثمر حياتها حتى تفوز بالشفاعة وبصحبة الحبيب عليه الصلاة والسلام في الفردوس الأعلى.

نحن على يقين بأن القادم أجمل بإذن الله تعالى، وإن بعد العسر يسراً، وهي سنة الله تعالى في هذا الكون. على يقين بأننا سننطلق لإعمار هذه الحياة بالخير، ونكون السواعد المعطاءة في كافة مناحي الحياة، وهذا ما كتبناه دائماً وأبداً في سطور حكاياتنا في مسير الحياة. المسير المليء بالخير وإن أصر البعض بأن يقف أمامه حجر عثرة.. ولكنا سنواصل السير بالعزم الذي بدأناه.. وهذا هو مبتغانا وأملنا بإذن الله تعالى.

ومضة أمل:

اللهم اجعله عام خير وسعادة وبركة ونماء ورخاء علينا وعلى وطننا الحبيب وعلى كافة المسلمين، وارفع عنا برحمك وباء كورونا، واجعلنا ممن رضيت عنهم وأرضيتهم.