من المؤكد جداً أن إجازة الصيف للسنتين الفائتتين خلال جائحة كورونا لم تعد مختلفة عن باقي أيام الطلبة، بل وليس لها نفس الطعم الذي عشناه نحن أو عاشوه هم قبل هذه الجائحة، فللإجازة طعم آخر عندما تأتي بعد جهد مضني وسنة دراسة طويلة ما بين حضور للحصص واستعداد للأنشطة والاختبارات وليس شعورها كتلك التي تأتي بعد عام قبع فيه الطلبة خلف الشاشات محرومين من المشاركة والاحتكاك، معتادين على الحضور المريح واجتياز المواد بسهولة أكبر مما كانت ستكون عليه لو كانت بين فصول الدراسة، ولكن الظروف كانت هي الحكم في ذلك واستطعنا من خلال هذه الجائحة أن نستكشف مهارات للتعلم عن بعد وإيجاد البدائل ولربما تكون حلول دائمة للمستقبل.
إن هذه الإجازة والجائحة بشكل عام قد حرمت هذه الأجيال من مهارات حياتية عظيمة، من أبرزها التواصل البشري والاحتكاك الحقيقي في عالم حقيقي بعد اعتيادهم على عالم افتراضي يختبئون فيه خلف الحروف المكتوبة والأصوات المسموعة بعيداً عن الشعور بالحضور والاحتكاك، وجميعنا نعرف أهمية الاحتكاك وما دوره في تنمية الشخصية وصقل مهاراتها من ذكاء اجتماعي وعاطفي وغيرها الكثير.
يقضي الكثير من الأطفال والمراهقين إجازتهم أمام ألعاب الكمبيوتر والشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي بعيدين كل البعد عن أي نشاط بدني أو حركي مما تسبب في موجة اكتئاب للأطفال حول العالم حسب دراسة نشرتها «ديلي ميل» البريطانية، فقد قارن علماء من مجلس البحوث الطبية البريطاني البيانات من الآباء والمعلمين والأطفال حول الصحة النفسية للأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و12 عاماً والتي أكدوا من خلالها أن الإغلاق أدى إلى «ارتفاع حاد» في حالات الاكتئاب، بما يشمل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سبع سنوات، حيث تبين أنه كان هناك تأثير ما بين «متوسط إلى مرتفع» على الصحة النفسية، في المقام الأول بسبب التباعد الاجتماعي وإغلاق المدارس ولذلك ينصح خبراء المركز الطبي الجامعي الألماني بمدينة هامبورغ، بالحرص على قيام الأطفال بتمارين رياضية في البيت أو في الهواء الطلق لتفادي عزلتهم الاجتماعية عن الأصدقاء، وفي حال ازدادت نسبة الاضطراب النفسية أو الجسدية ينصح بالتواصل فورا مع خبراء نفسانيين وتربويين قبل تفاقم الوضع.
ولذلك فإن على أولياء الأمور أن يدركوا أن استثمار الإجازة في تنمية مهارات أبنائهم من ناحية وإخراجهم من دائرة الانغلاق على أنفسهم خلال الجائحة لها أبواب عديدة أبرزها تسجيلهم في الأنشطة الشبابية التابعة لوزارة الشباب والرياضة أو التابعة لمؤسسات المجتمع المدني، وإن لم يكن الأبناء من محبي الجلوس للعلم أمام الشاشة فإن الأكاديميات الرياضية بمختلف أنواعها قد أعادت فتح أبوابها مثل أكاديميات كرة القدم وبرامج تدريب السباحة وهناك مركز جديد لإعداد الأطفال لرياضة الترايثلون The Trithlete Factory لشغل أوقات أبنائكم وتوجيه طاقاتهم لما فيها مصلحة لعقولهم وأجسادهم.