في أحد الشوارع الفرعية الهادئة أوقف رجل سيارته الفاخرة، ونزل منها على عجالة بلباس أنيق وفي يده علبة صغيرة، اقترب من أحد برادات المياه التي عادة ما توضع في الطريق ليشرب منها المارة طلباً للأجر والثواب، ملأ تلك العلبة بالماء البارد ووضعها على الأرض لتشرب منها الحيوانات والطيور، ثم ركب السيارة على عجالة وانطلق في طريقه تاركاً وراءه درساً عميقاً لكل من شاهد هذا الموقف، فذلك الرجل شغل باله بتلك الحيوانات والطيور التي تعاني من لهيب حر الصيف، ففكر في فكرة بسيطة لكنها تساعدهم وتطفئ ضمأهم، وبادر بإيجابية ليجعل الماء البارد في متناولهم، إن موقف هذا الرجل ليعبر عن ثقافة أهل البحرين الطيبين فرعاية الحيوانات والرفق بهم وحمايتهم وعدم تعذيبهم جزء من ثقافة أهل البحرين الطيبين تلك الطيبة والرحمة التي اتسعت لتستوعب الإنسان والحيوانات والطيور، لتكون البحرين بلد الأمان لجميع المخلوقات. فأهل البحرين يؤمنون أننا نعيش في كون خلقه الله متكاملاً كل يعين بعضه بعضاً ليكمل دورة هذه الحياة يا له من شعب يجسد في سلوكه قيم ديننا الحنيف الذي يدعو للرحمة بالحيوانات ويعتبره مصدراً للأجر والثواب، ويعتبر تعذيب الحيوانات وإهانتهم سبباً للعقاب من الله الواحد الجبار وسبباً لدخول الإنسان النار.
تأملت أحياءنا لتجد في غالبيتها منطقة يضع الناس فيها طعاماً وماء للحيوانات والطيور بأنواعها في حاويات طعام وشراب مناسبة بطريقة نظيفة فيشهد الجميع أن أهل البحرين أهل الطيبة والخير تمتد يدهم البيضاء وقلبهم المحب لجميع مخلوقات الله فتحركهم تلك المشاعر النبيلة السامية الراقية ليرعوا الحيوانات والطيور في الشوارع، تأمل معي أيها القارئ لتجد أن ثقافة تعذيب الحيوانات أو إهانته أو إيذائه، أو التسلي بإثارة المصارعات بينها التي تفضي بها إلى موت أحدها ثقافة تزدرى في البحرين فهي غير مقبولة لديهم، فأهل البحرين شعب نشأ على قيم الإسلام ومبادئه النبيلة التي تحث على رعاية الحيوان وتعتبر حمايته ورعايته مصدراً للأجر والثواب.
إنهم يجسدون معنى الرحمة في سلوكهم، ويكتبون قصة جميلة لأحفادهم، فيدرك الأحفاد بعد عشرات السنوات أن أجدادهم تتسع لديهم دائرة قيم الإنسانية لتشمل الحيوان والطيور. فأرض البحرين لا يشقى فيها أحد برحمة أهلها وطيبتهم وبقلبهم المحب.
فجميل أن نعزز هذا السلوك وهذا الفهم للتعايش مع المخلوقات الأخرى بسلام ووئام، فليشهد العالم أن على أرض البحرين لا يشقى فيها مخلوق، فألف تحية لأهل البحرين الطيبين فأنتم أنموذج يقتدى به فحافظوا على تلك السلوكيات الجميلة وعلموها لأبنائكم لتتوارث جيلاً بعد جيل..... ودمتم أبناء قومي سالمين.