منذ الإطاحة بالملك محمد ظاهر شاه بانقلابٍ قاده ابن عمه في عام 1973، وأفغانستان تشهد عدة صراعات سياسية وعرقية، ما جعلها في مصافّ الدول المتخلفة اقتصادياً وتنموياً على الرغم من أنها غنية بالموارد الطبيعية كالذهب والأحجار الكريمة والحديد والنحاس والليثيوم.
وهو ما جعل تلك الدولة محل اهتمامٍ لدى الدول الغربية وروسيا والصين. وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 13 يونيو 2010 مقالاً كتبه جيمس رايزن ذكر فيه أنه تم اكتشاف موارد طبيعية تقدر بنحو تريليون دولار أمريكي.
كما أن أفغانستان محل اهتمام تركيا وإيران؛ إذ إن المجموعات العرقية في أفغانستان تنتمي إما إلى مجموعة الشعوب التركية (التي تتضمن الأتراك والأذر والأوزبك والكازاخ) أو إلى مجموعة الشعوب الإيرانية (التي تتضمن الفرس والطاجيك والبشتون والهزارة). وعليه فإن تركيا تعتبر وجود الشعوب التركية في مناطق أخرى من العالم امتداداً لها، وكذلك الحال بالنسبة إلى إيران فيما يتعلق بالشعوب الإيرانية.
وعلى الرغم من أن البشتون يشكلون أغلبية سكان أفغانستان بنسبة 42%، فإن معظم المناطق الشمالية تقطنها أغلبية طاجيكية. كما أن هناك عدداً من المناطق تقطنها أغلبية من الأوزبك أو الهزارة.
وأرى أن هذا التنوع العرقي عزز من الاقتتال الداخلي على الرغم من انسحاب القوات السوفييتية من الأراضي الأفغانية في نهاية الثمانينيات وتمكن فصائل أفغانية بارزة من الإطاحة بحليف موسكو الرئيس محمد نجيب الله وتولية برهان الدين رباني رئيساً للبلاد، فإن النعرات والثغرات وعدم دمج معظم المجاهدين في الحياة العامة والسياسية كانت كفيلة بتفاقم المشاكل وبروز حركات أكثر تطرفاً كحركة طالبان.
إن الأحداث الأخيرة في أفغانستان أثبتت فشل الرئيسين حامد قرضاي وأشرف غني في إدارة الدولة، بما في ذلك عدم استغلال الموارد الطبيعية وبناء جيش قوي وإضعاف حركة طالبان عبر دمج عناصرها المعتدلة في المجتمع. كما أن ثقافة القيادة الجماعية التي فرضتها الدول الغربية على القادة الأفغان أسهمت في فشلهم في إدارة الدولة، حيث إن معظم المجتمعات الشرقية -سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة- مازالت تعتز بثقافة القائد الأوحد؛ أي القائد الذي يلتف حوله شعبه ويطيعه في المنشط والمكره.
وبعد نحو سنتين من الآن ستحل على أفغانستان الذكرى الخمسين لإنهاء حكم الملك محمد ظاهر شاه وبدء سلسلة النكبات في تلك الدولة. ولا شك أن عدم وجود سياسيين حقيقيين في أفغانستان قادرين على الاجتماع على كلمةٍ واحدة سيؤدي إلى خمسين سنة أخرى من القتال.