إن صناعة المجد تحتاج لهمم وعزائم الأقوياء الذين يلغون كلمة اليأس من قاموسهم، ولا يعترفون بالمستحيل، وتبقى آمالهم وغاياتهم هي مرامهم الذي يبذلون في سبيله الغالي والنفيس ليحققوا ما تصبو إليهم طموحاتهم، وصناعة التاريخ هي ديدن أصحاب الفكر والبصيرة القادرين على قراءة المستقبل وصناعته، والقادرين على توجيه الدفة إلى مرامهم، وبناء الحضارات لا يبنى إلا بإنجازات تكمل مسيرة البناء التي بدأها السابقون؛ فالحضارات القديمة كالحضارة البابلية والحضارة الفرعونية، والحضارة الدلمونية لم تصنع إلا بإنجازات أهلها، فصنعوا تلك الإنجازات ووثقوها وورثوها لتكون صرحاً على مر التاريخ. ولعل قصة نجاح تجربة المجلس الأعلى للمرأة التي بدأت قبل عشرين عاماً بمسيرة جادة بخطى واضحة تحكي قصة صناعة التاريخ في زمن التحديات، وقصة بناء مجتمع بأنموذج مميز، هذه القصة تستوقف كل راصد للتاريخ، وكل مقيم للإنجازات، ولعل من أصعب الإنجازات تطوير ثقافة المجتمع، وما يميز هذه القصة أن غايتها لم تكن للحاق بركب الدول المتقدمة، بل غايتها صنع أنموذج بحريني يستنير به باقي الدول وتستقي منه الخبرة الفريدة.
هذا الأنموذج الفريد بني على أسس رصينة؛ إذ يأتي المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، الذي يعزز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بما فيها الحق في التنمية والمشاركة المتكافئة بين الرجل والمرأة، وبما يؤديه إلى تحقيق الأمن والسلم على كافة المستويات ولم يكن ليتحقق لولا وجود قيادة حكيمة راسخة تقود الركب، إذ يأتي الدور الرائد لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك مملكة البحرين، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة في قيادة هذا الأنموذج الذي يعتمد على نشر وتعزيز المفاهيم والقيم والمبادئ التي تحفظ حقوق المرأة وتعزيز مكانتها وتمكنها في جميع القطاعات، عن طريق البرامج والمشاريع التي يطرحها المجلس الأعلى للمرأة في القطاع العام، والقطاع الخاص والقطاع الأهلي، فنالت المرأة مزيداً من الحقوق والمكاسب والتمكين، وهذه المكاسب التي نالتها ليس عن طريق الفرض والإجبار أو باستخدام الكوتا إنما بتغير القناعات في المجتمع، وتغير ثقافته، وتشجيع المرأة على تطوير قدراتها وإمكاناتها وإثبات ذاتها، ودعمها لتطوير خبراتها لتكون قادرة على المنافسة وليقبلها المجتمع بقناعة، فبذلك تصبح المكاسب التي نالتها المرأة مكاسب راسخة ليست مفروضة على المجتمع.
إن هذه الفلسفة في التغير الاجتماعي أثبتت نجاحها على مدى عشرين عاماً، وهي تدل على بعد النظر وحكمة سموها وقدرتها على إحداث التغيير الاجتماعي، وإننا لنبارك لصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك مملكة البحرين، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة وفريق العمل بالمجلس هذا الإنجاز ونبارك لفريق العمل بالمجلس الأعلى للمرأة الذي سار على النهج بنجاح، ونبارك للمرأة البحرينية المكاسب التي حصلت عليها في هذا العهد الزاهر..
ودمتم أبناء قومي سالمين.