التنسيق الأمريكي الطالباني الذي تم في الدوحة، والذي يقضي بانتقال السلطة إلى طالبان يتم الآن على أعلى مستوى، وعلى جانب آخر هناك دعم تركي وقطري يتخطى مسألة الإجلاء؛ فالزعامات الطالبانية تستقر في الدوحة من قبل ومن بعد الانسحاب الأمريكي. السؤال الأهم فيما يعنينا كدول عربية وخليجية تحديداً، إن كان هذا الدعم سيبقي طالبان في حدود أفغانستان؟ أم أن هناك نية لتصدير (الثورة) الأفغانية كما هو حال جارتها التي صدرت ثورتها ونشرت الإرهاب.
أي بمعنى آخر هل أفغانستان هي النسخة السنية للإرهاب الإيراني بنسخته الشيعية؟
وهل تصدير الثورة سيستهدف القوميات السنية في إيران مثلاً؟ والقوميات الطاجكستانية والشيشيان، أي صوبا تجاه روسيا؟ أم سيتجه أقصى الشرق الأفغاني وسيستهدف «السنة» في دولنا العربية وخاصة الخليجية؟
المصيبة إن كان «الإخوان» يعولون على عودة «طالبان» كبارقة أمل تحيي مشروعهم الذي تهاوى في العالم العربي ولم يعد باقياً من معاقله إلا بؤر مخلخلة إلى حد الوهن.
سقوط حزب العدالة والتنمية في المغرب على سبيل المثال هو آخر معاقلهم وجاء سقوطاً عبر الصناديق الانتخابية، رغم أن الحزب أخذ كامل حقه وفرصته؛ إذ اكتسح السلطة التشريعية وشكل الحكومة ولم يتعرض لخيانة أو انقلاب، خسارته لمئة مقعد في الانتخابات البرلمانية هي دليل قاطع على خسارته لقاعدته الشعبية، ودليل على أنه فشل في التعاطي مع استحقاقات «الدولة»؛ فهو لا يملك هذا المشروع، ولم ينجح في التعايش والتوافق مع بقية مكونات المجتمع، ولم ينجح حتى في إدارة الخدمات التي ساءت إبان توليه السلطة في كل موقع وصل فيه، فلا يسئ الإخوان تقدير الأمور ويصدقوا أنه سقط بسبب قبوله التطبيع مع إسرائيل كما يروجون.
إن البناء الفكري في القواعد الشعبية والذي استغرق سبعين عاماً هو ما انهدم، وانفض القوم من حولهم فعلاً، والانبهار بطرحهم ربطهم بالإسلام، واحتكارهم الماركة الإسلامية، كل ذلك تعرض لضربات قاسية، عنادهم وقلة خبرتهم وغرورهم السياسي أضاع منهم حتى الفرص التي اقتنصوها، نفر الناس من حولهم، زخم الربيع العربي كان فرصتهم الذهبية لوصولهم إلى السلطة بعد أن تضافرت لهم كل العناصر بما فيها الدعم الخارجي والتمويل، لم يدركوا حجم المسؤولية التي عليهم، تهافتهم على السلطة أعماهم، لذلك فإن تراجع شعبيتهم وثورة الناس عليهم هم سببها، وهي قاطع الأمل الأخير؛ فهذا البناء الذي استغرق سبعة عقود هدموه خلال عقد واحد مر على الربيع العربي ليهدم من أساسه.
لذلك فإن تهليلهم لعودة طالبان دليل على أنهم لم يتعلموا الدرس ولم يتعظوا، فدون القاعدة الشعبية لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً، وطالبان إن تخطت حدودها فإنها ستكون إيران الثانية، أي أنها ستقدم دعماً لمجموعات إرهابية تفرض نفسها بالسلاح المهرب، فحتى إيران التي حصلت على ذات الفرصة وأسست لها قواعد شعبية في عالمنا العربي، اضطرت بعد عشر سنوات إلى أن تحتفظ بمناطق نفوذها بقوة السلاح والتهديد فقط، فلولا سلاح حزب الله وسلاح الحوثي وسلاح بعض فصائل الحشد الشعبي لما نجحت إيران بالبقاء في تلك المناطق؛ فثورات الحاضنة الشعبية على عملاء إيران هي السمة الغالبة على الحاضنة العربية لمبادئ الجمهورية الإيرانية التي صدرتها، وهذا ما سيكون عليه مصير أي دعم ستقدمه طالبان لأي نشاط إخواني مستقبلاً؛ فلن يكون إلا بالسلاح، وهذا لا يملكونه -على الأقل الآن- فهل مازال بين الإخوان فلولا تصدق أنها قادرة على إحياء العظام وهي رميم؟
وهل سينطلق الربيع الثاني الإرهابي برعاية الحلف الثلاثي من جديد (أمريكا تركيا قطر) من أفغانستان هذه المرة متجهاً إلينا؟
{{ article.visit_count }}
أي بمعنى آخر هل أفغانستان هي النسخة السنية للإرهاب الإيراني بنسخته الشيعية؟
وهل تصدير الثورة سيستهدف القوميات السنية في إيران مثلاً؟ والقوميات الطاجكستانية والشيشيان، أي صوبا تجاه روسيا؟ أم سيتجه أقصى الشرق الأفغاني وسيستهدف «السنة» في دولنا العربية وخاصة الخليجية؟
المصيبة إن كان «الإخوان» يعولون على عودة «طالبان» كبارقة أمل تحيي مشروعهم الذي تهاوى في العالم العربي ولم يعد باقياً من معاقله إلا بؤر مخلخلة إلى حد الوهن.
سقوط حزب العدالة والتنمية في المغرب على سبيل المثال هو آخر معاقلهم وجاء سقوطاً عبر الصناديق الانتخابية، رغم أن الحزب أخذ كامل حقه وفرصته؛ إذ اكتسح السلطة التشريعية وشكل الحكومة ولم يتعرض لخيانة أو انقلاب، خسارته لمئة مقعد في الانتخابات البرلمانية هي دليل قاطع على خسارته لقاعدته الشعبية، ودليل على أنه فشل في التعاطي مع استحقاقات «الدولة»؛ فهو لا يملك هذا المشروع، ولم ينجح في التعايش والتوافق مع بقية مكونات المجتمع، ولم ينجح حتى في إدارة الخدمات التي ساءت إبان توليه السلطة في كل موقع وصل فيه، فلا يسئ الإخوان تقدير الأمور ويصدقوا أنه سقط بسبب قبوله التطبيع مع إسرائيل كما يروجون.
إن البناء الفكري في القواعد الشعبية والذي استغرق سبعين عاماً هو ما انهدم، وانفض القوم من حولهم فعلاً، والانبهار بطرحهم ربطهم بالإسلام، واحتكارهم الماركة الإسلامية، كل ذلك تعرض لضربات قاسية، عنادهم وقلة خبرتهم وغرورهم السياسي أضاع منهم حتى الفرص التي اقتنصوها، نفر الناس من حولهم، زخم الربيع العربي كان فرصتهم الذهبية لوصولهم إلى السلطة بعد أن تضافرت لهم كل العناصر بما فيها الدعم الخارجي والتمويل، لم يدركوا حجم المسؤولية التي عليهم، تهافتهم على السلطة أعماهم، لذلك فإن تراجع شعبيتهم وثورة الناس عليهم هم سببها، وهي قاطع الأمل الأخير؛ فهذا البناء الذي استغرق سبعة عقود هدموه خلال عقد واحد مر على الربيع العربي ليهدم من أساسه.
لذلك فإن تهليلهم لعودة طالبان دليل على أنهم لم يتعلموا الدرس ولم يتعظوا، فدون القاعدة الشعبية لن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً، وطالبان إن تخطت حدودها فإنها ستكون إيران الثانية، أي أنها ستقدم دعماً لمجموعات إرهابية تفرض نفسها بالسلاح المهرب، فحتى إيران التي حصلت على ذات الفرصة وأسست لها قواعد شعبية في عالمنا العربي، اضطرت بعد عشر سنوات إلى أن تحتفظ بمناطق نفوذها بقوة السلاح والتهديد فقط، فلولا سلاح حزب الله وسلاح الحوثي وسلاح بعض فصائل الحشد الشعبي لما نجحت إيران بالبقاء في تلك المناطق؛ فثورات الحاضنة الشعبية على عملاء إيران هي السمة الغالبة على الحاضنة العربية لمبادئ الجمهورية الإيرانية التي صدرتها، وهذا ما سيكون عليه مصير أي دعم ستقدمه طالبان لأي نشاط إخواني مستقبلاً؛ فلن يكون إلا بالسلاح، وهذا لا يملكونه -على الأقل الآن- فهل مازال بين الإخوان فلولا تصدق أنها قادرة على إحياء العظام وهي رميم؟
وهل سينطلق الربيع الثاني الإرهابي برعاية الحلف الثلاثي من جديد (أمريكا تركيا قطر) من أفغانستان هذه المرة متجهاً إلينا؟