ما حصل فور تعبير المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي عن رفضها للتصريحات القاصرة التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي عن حرب اليمن وتجاوزاته وقيامها باستدعاء سفراء لبنان لديها للاحتجاج هو أن كل الذين يتخذون من السعودية ومن دول المجلس موقفاً اصطفوا إلى جانبه حتى وهم على قناعة بأن الخطأ راكبه وتطوعوا للدفاع عنه وتبرير ما قال وسعوا بكل ما أوتوا من قوة إلى تسويق فكرة ملخصها أنكم أيها «المشيخات الخليجية» لم تفهموا كلامه وأن مجرد تعبيركم عن رفضكم لما قال يعتبر تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للبنان وأن محاسبة قرداحي على تصريح أدلى به في برنامج تلفزيوني قبل تعيينه وزيراً حتى مع إصراره على عدم التراجع عنه والاعتذار تفسيره المنطقي هو أن لهذه الدول أهدافاً أخرى ينبغي معرفتها، «فالقصة ليست في التصريح وإنما في أمور تسعى إليها». بمعنى أن الاحتجاج على خطيئة قرداحي رسالة إلى الحكم في لبنان فحواها أنها هي التي تتحكم في هذا البلد وهي التي بإمكانها أن تفشله وتشطبه من الوجود!

كل من تابع الفضائيات السوسة وعلى رأسها «الميادين» و«العالم» الإيرانيتين يسهل عليه التوصل إلى كل هذا، والاستنتاج بأن دفاعهم عن قرداحي ليس من أجل سواد عيونه، ولكن لأنه وفر لهم الفرصة المناسبة للإساءة إلى السعودية وشقيقاتها واعتبار ذلك مساهمة يمكن أن ترضي «حزب الله» و«أنصار الله».. وبقية أتباع النظام الإيراني.

قرداحي رجل إعلام وليس رجل سياسة، لهذا سهل وقوعه في هذا المأزق وأحرج لبنان وحكومته وقيادته، ولهذا أيضاً تعامل مع ما حدث كإعلامي وليس كسياسي مسؤول عن تصريحاته ومواقفه وتصرفاته، فهو يعتقد أن النهاية لا تعدو إخراجه من الحكومة وحفظ ماء وجهه بالقول إنه هو الذي قدم استقالته ولم يطرد.

المأمول هو أن تكون الحكومة اللبنانية قد استفادت من هذا الذي حصل، فهو من الأمور التي ليس في إعادتها إفادة.