يسعى «القرداحيون» إلى الترويج لفكرة مفادها أن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي التي اتخذت موقفاً سالباً من لبنان بسبب خطيئة قرداحي إنما تريد تقييد «حزب الله» وإضعافه ووقف تغلغل النظام الإيراني في لبنان ومنعهما من التأثير على الحكم في هذا البلد العربي، بل ذهبوا إلى أن هذه الدول إنما تعمل بالنيابة عن الولايات المتحدة وإسرائيل بغية تمكين تل أبيب من لبنان وإنهاء وجود كل أشكال المقاومة.

ورغم أن هذا الذي يتم الترويج له بقوة بعيد عن الواقع، إذ من غير المعقول أن تقوم هذه الدول العربية الداعمة للبنان أبداً والمنتصرة له دائماً بهذا الدور لأهمية لبنان ومكانته إلا أن عاقلاً لا يتردد عن القول بأن من حق هذه الدول وكل الدول في المنطقة منع النظام الإيراني من السيطرة على هذا البلد العربي ومنع «حزب الله» الذي هو في حقيقة الأمر «حزب إيران في لبنان» من التحكم في قراراته وفرض ما يريد فرضه والتهديد في كل حين بإرباك المنطقة وإشعال الحرب فيها، وهو ما اعترف به حسن نصر الله في بعض خطاباته حيث قال «نحن ياخيي على راس السطح.. موازنة الحزب ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران» وأكده أخيراً بقوله إن لدى الحزب من اللبنانيين فقط مائة ألف مقاتل مدربين تدريباً عالياً وهم قادرون على الانتصار في كل معركة وحسم الحرب الأهلية لو حصلت لصالح الحزب وإيران.

تدخّل النظام الإيراني في لبنان وتمكن حزبه من القرار في هذا البلد هو سبب افتقاد المنطقة للاستقرار وإغراق لبنان في الحالة التي يعيشها اليوم وتهديد السلم الأهلي فيه، ولعل المثال الأقرب والأبرز هو ما قام به الحزب أخيراً حيث عمد إلى الضغط على الحكومة اللبنانية لاتخاذ قرار بعزل القاضي الذي يحقق في انفجار مرفأ بيروت، بغية منعه من توجيه الاتهام للحزب وإحراجه.. وإحراج النظام الإيراني.