شهد الأسبوع الماضي مداخلات وتصريحات نارية من الإخوة النواب حول ملف التوظيف والبطالة ألهبت المشاعر. وتطرق أغلبهم لعدد الأجانب في الوزارات والهيئات الحكومية الذي وصل إلى حوالي 7 آلاف موظف يتركز الكثير منهم في وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة وطالبوا باستبدالهم بموظفين من المواطنين.لكن لماذا لم يتفاعل النواب مع التصريح الرسمي الصادر في نفس الأسبوع حول وجود 419 ألف أجنبي في القطاع الخاص يشكلون 85٪ من القوى العاملة فيه؟ طبعاً، المسألة هي مسألة صلاحيات، فالقطاع الخاص وعملية التوظيف فيه خارج نطاق مراقبة البرلمان وحتى لو حاول النواب إثارة موضوع إغراق القطاع الخاص بالأجانب ستكون الآذان مغلقة ولن يتم التجاوب معهم إطلاقاً خاصة بعد وضع خطة البحرنة على الرف. لذلك يلجأ النواب الى معاتبة الحكومة معاتبة شديدة على الـ14% «الأجانب»، من عدد القوى العاملة فيها و يغضون النظر عن الـ85% الموجودة في القطاع الآخر.وشخصياً أعتقد أن الحكومة لم تلجأ إلى الاستعانة بالأجانب إلا لحاجة ماسة فعلية لسد نقص في الخبرات والتخصصات غير متوفرة عند المواطن حتى الآن أو مجاملة لبعض الدول العربية الشقيقة التي تصدر العمالة حفاظاً على العلاقات وأيضاً تحسباً -لا سمح الله- لأي طارىء قد يؤثر على سير العمل بإنسيابية كما حصل في فترة ماضية واللبيب بالإشارة يفهم.وأرى أن التركيز يجب أن يكون على القطاع الخاص وفرص العمل الكثيرة جداً المتوفرة فيه. وإذا أراد النواب تحقيق مكاسب جادة فعليهم أولاً الإسراع في المتابعة والتدقيق على تنفيذ خطة توظيف 20 ألف مواطن التي أعلنت عنها الجهات الحكومية مؤخراً.كما يجب التركيز من قبل النواب والعمل بكل ما هو متاح لمحاولة تغير طريقة التعامل المرن جداً الذي يتم مع القطاع الخاص في عملية التوظيف. ونقطة البداية تكون بالنظر إلى المؤسسات والشركات والبنوك وشركات التأمين الكبيرة في رأس المال وحجم القوى البشرية -والتي لا تملك الحكومة حصة فيها- فهي من أكثر من يلجأ للأجنبي ويتجاهل المواطن. ولا أقصد هنا -للعلم- الشركات العائلية البحرينية والتي تبلي بلاء حسناً في توظيف البحريني وتدعمه وتحرص على الارتقاء به فهي تؤدي دورها الداعم للعمالة الوطنية على أكمل وجه وبشهادة الجميع.ركزوا على مستشفيات القطاع الخاص والعيادات الكبيرة والمؤسسات التعليمية الضخمة مثلاً، وانتبهوا كثيراً للبنوك الأجنبية وبعض الشركات العابرة للقارات. اجتمعوا -إن أمكن- مع القيادات فيها وابحثوا معهم معايير التوظيف لديها من باب الاستكشاف -وستجدون العجب العجاب فبعضها يفصل الوظيفة للأجنبي تفصيلاً متقناً- وتابعوا مع الجهات الحكومية المختصة كيفية تكثيف التفاوض معها على توظيف البحريني المؤهل والقادر لأن هذه المؤسسات تقدم أفضل الرواتب والبدلات و«البونسات» في هذه الجزيرة لكنها مازالت تحرم البحريني منها. اسعوا قدر المستطاع أن يكون المواطن مديراً فيها أو أعلى من ذلك بدلاً من أن يكون موظف استقبال براتب بسيط أو سائق كما هو المعتاد.الكنز المفقود في هذا الزمن ليس الوظيفة الحكومية -ولو أنها خير وبركة بلا شك- لكن الخير الوفير موجود عند ما تم الإشارة إليه من مؤسسات في القطاع الخاص ومن المؤسف كثيراً أن يترك هذا الخير للتصدير ولا يستفيد منه ابن البلد.