من الأمور التي لا يُختلف عليها أنه حتى أوائل الألفية الجديدة كانت كل دول مجلس التعاون تنتهج نموذج الدولة المركزية، لكنها بعد ذلك اختارت الاتجاه نحو نظام جديد من الحكم وأن هذا الاختيار جاء في جزئه الأكبر تعبيراً عن رغبة الحكام في الإصلاح وفي جزئه الآخر تجاوباً مع ضغوط خارجية ومطالب داخلية تصب في الاتجاه نفسه، وهذا وذاك وغيره دفع نحو التوافق على تطوير عقد اجتماعي جديد أساسه التفاعل مع القواعد الشعبية والتوافق مع دول الإقليم. والأكيد أنه لولا هذا الاختيار لتمكن مريدو السوء من تخريب العلاقة بين الحاكم والمحكوم في جل وربما كل هذه الدول ولربما تمكنوا من الوصول إلى غايتهم خصوصاً وأنهم يستمدون قوتهم من دول ومنظمات تتخذ موقفاً سالباً من الحكم في دول الخليج العربي وتتربص.

المتابع للشأن الخليجي يقر ويبصم بالعشرة على أن التطور الذي تشهده دول مجلس التعاون اليوم في مختلف المجالات هو نتاج طبيعي لذلك التحول في نهج الحكم، وهو يفعل الشيء نفسه عند الحديث عن سبب التمكن من السيطرة على كل تجاوز وتطاول على الحياة والاستقرار في هذه الدول.

النهج الجديد وفر المصدات اللازمة لمنع كل محاولات التخريب وإفشالها والتي مثالها ما حصل هنا في فبراير 2011 حيث تبيّن للعالم سريعاً أن قائمة المطالب التي أعلنت سرعان ما فقدت قيمتها بسبب أن المملكة وفرتها من دون تأخير وتجاوزتها، ففقد مريدو السوء كل التعاطف الذي حصلوا عليه في البداية وعمدوا إلى استغلاله وتوظيفه، وهذا يشمل المطالبات المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

ما نعيشه اليوم هنا في مملكة البحرين ونفتخر به يحسدنا عليه الآخرون، فما حققه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في أقل من عقدين يؤكد صحة النهج الذي اعتمده جلالته ويؤكد في الوقت نفسه هزالة التكتيك الذي اعتمده مريدو السوء والدول والمنظمات التي تقف من ورائهم.