مفاجآت الأيام وسرعتها وأحداثها ومواقفها المتشابكة أضحت مخيفة لكل عاقل ذي لب. مخيفة في قدرة المسلم على التعامل مع متغيراتها والتعامل معها بالصلابة النفسية والقوة الإيمانية، من أجل العيش بسلام ومواصلة عمل الخير بوتيرة أسرع مما سبق. لم يعد هناك المتسع من الوقت لكي نهدره في التسويف والبكاء على اللبن المسكوب وفي إضعاف النفوس بركونها إلى مسوغات الشيطان الآثمة، فهي كلها نبضات شؤم وفتور وخوف من أحوال مصطنعة، مردها أولاً وأخيراً إلى مالك الملوك وإلى أهمية الإيمان بقضاء الله عز وجل وجل وقدره، والإحساس بمعيته، والثقة بحفظه وكرمه وإحسانه.

- سلام لأناس تركوا في سجل ذكرياتنا أجمل الأثر بصنيع أعمالهم وبذكراهم العطرة، فغادروا الدنيا بسلام وهدوء. سلام عليهم وعلى كل من غادر دنيانا وسبقنا لعالم آخر من مسير الآخرة. سلام لنفوس أسعدت من حولها وكان ديدنها أن تعيش من أجل الخير والمحبة الغامرة للقلوب الوفية. سلام عليهم فقد سبقونا إلى الله عز وجل بقلوبهم النقية وأعمالهم الزكية التي تعطر ميزان السماء، فكانت أعمالهم زروع حسنات تغرس في حدائقهم في الفردوس الأعلى، فكانوا يتسابقون في الخيرات بإذن الله تعالى، فلم يتركوا شاردة ولا واردة إلا وجعلوها «نية صادقة» تثقل بها الموازين.

- تسعد بتلك الزهرات الجميلات الأنيقات في تعاملها وإحسانها لآبائهن وأمهاتهن، فهن يزينون حياتهم ويطيبون خواطرهم ويردون الجميل الذي صنعوه لهم طيلة حياتهم وحتى تلك اللحظة التي استطاعوا فيها أن يشتد عودهم وينظروا للحياة بالنظرات العاقلة الحصيفة. تسعد بزهرات «طيبات» أحسنت إليهن فكن عند الكبر الحنان المتدفق الذي يشعرك أنك ما زالت تتذوق الأمل والمحبة التي كنت تعيش من أجلهن، وحلمت أن تكون لك نبراساً في دروب حياتك. هن الحضن الجميل الذي يتفقدك كلما دمعت عينك وأتعبتك أيام الحياة. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، فيحسن إليهن إلا كن له ستراً من النار» رواه الطبراني وصححه الألباني.

- أجمل ما في العمل الإنساني والخيري أن يختارك المولى الكريم لتكون نبضات نجاح في مسيرة الخير، وأداة للتأثير وصنع القادة مع أناس يحبون الخير ويرسمون معك أجمل صور الأثر الجميل. جميلة هي تلك القلوب النقية المخلصة التي لا تتنازل عن إعانتك ولو للحظة واحدة في دروب الخير، فتجدها في مقدمة الصفوف لكل المبادرات الإنسانية، وتقدم الغالي والنفيس من أجل إبرازها بالصورة المشرفة التي تليق بها، عوناً للفئات المحتاجة. لا ينتظرون أي إطراء أو سطور ثناء، بل همها أن تحتفل بإنجازاتها بكلمات بسيطة تسعدها وتحفزها لبذل المزيد من الجهود الخيرة. أدام الله هذه النفوس الطيبة ذخراً في حياتنا، وأبقاها عوناً لكل محتاج.

ومضة أمل

اللهم استرنا فوق الأرض واسترنا تحت الأرض واسترنا يوم العرض عليك، وألبسنا لباس الصحة والعافية، واجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله، بفضلك ومنتك يا أرحم الراحمين.