من الحقائق التي ينبغي أن يدركها أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» ويسعون إلى إحياء ذكرى فتنة فبراير هي أن اختيارهم لهذا الشعار أو ذاك لا يغير من الأمر شيئاً، فالحل ليس في الاتفاق على شعار موحد ولا يمكن أن يأتي عبر الطريق الذي يسلكونه لأنه ببساطة خذلهم طويلاً.

الحل المنشود هو في الاعتراف أولاً بالخطأ الذي ارتكبوه، وبالاعتذار عن الأذى الذي تسببوا فيه للوطن وللمواطنين، وفي توفير المثال تلو المثال على صدق رغبتهم في إنهاء المشكلة. عدا هذا فإن كل ما يجدفون به لن يوصلهم إلى بر القبول بهم، فللقبول شروط ازدادت بسبب تأخرهم عن سلك الطريق الصحيح وبسبب تراكم أخطائهم.

الأولى من الاتفاق على الشعار والتحشيد له هو دراسة الساحة بواقعية وتبين ما يجري فيها من تطورات وتغيرات والتيقن من أنها لا تصب في صالحهم وأن الدول والمنظمات التي «زهزهت» لهم لن تفيدهم بل ستتسبب في تكبدهم المزيد من الخسائر ومن النفور منهم.

إن أقصى ما يمكن أن يفعلوه في مثل هذه المناسبة هو إصدار بيانات لا تأثير لها ولا قيمة ودفع عدد من مسلوبي الإرادة إلى حوار شارع أو أكثر ليرفعوا لافتات تحمل شعارات لا تأثير ولا قيمة لها أيضاً وممارسة «لعلعة» عبر الفضائيات السوسة والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، هي الأخرى لا تأثير لها ولا قيمة.

ما ينبغي أن يدركه أولئك أيضاً هو أنهم لم يعودوا يمتلكون القدرة على مواصلة ما بدأوه وأن الشعار الموحد لا يمكن أن يوحدهم لأنهم في الأساس مختلفون فيما بينهم اختلافاً كبيراً، والأهم هو أن ضحاياهم الذين تمكنوا من السيطرة على عقولهم لبعض الوقت تحرروا من رقبتهم ولم يعودوا معهم، بل لم يعودوا حتى من الجمهور المتابع لما يقولونه، فلكل واحد منهم اليوم حياته ومسؤولياته.

كثيرة هي دروس فتنة فبراير لكنهم لن يستوعبوها كعادتهم إلا متأخرين.