ملخص ما حدث في اليومين الماضيين هو أن الذين دعوا العامة إلى «رص الصفوف» و«طلب النصر والركض وراءه» أكدوا بدعوتهم تلك أنهم على غير اتصال بأحوالهم وعلى غير وعي بالتغيرات التي حصلت في السنوات العشر الأخيرة في هذه البلاد وفي المنطقة إجمالاً وأدت إلى اتخاذ الكثيرين قراراً بالتعامل مع الواقع. تلك الدعوة لن تجد من يستجيب لها لأن الذين استجابوا لمثيلاتها في السابق وجدوا أنفسهم في آخر الصف وتضرر مستقبل أبنائهم ولم يظفروا سوى ببيانات الشجب والاستنكار غير المسمنة وغير المغنية من جوع.

ما جرى في اليومين الماضيين يؤكد من جديد أن الذين عمدوا إلى تصدر المشهد في بعض العواصم و«هنا أيضاً» لا يزالون دون القدرة على الإفلات من الأحلام المسيطرة عليهم والتي لا يمكن أن يجدوا لها أي ترجمة على أرض الواقع، حيث الواقع مختلف تماماً عن الذي هم فيه. يؤكد ذلك أن كل الأنشطة التي قاموا بها والجهود التي بذلوها وساندتهم فيها الفضائيات السوسة بإتاحتها مساحات واسعة لـ«اللعلعة» لم تؤتِ أكلها ولن تأتي بمفيد، فالناس بعدها تفرغوا لحياتهم التي من الجنون أن يضعوها من جديد تحت تصرف من لا يمتلكون القدرة على قراءة الساحة ولا يزالون غارقين في الأحلام.

السؤال الذي ينبغي أن يواجه به أولئك أنفسهم هو ماذا بعد التظاهرات شحيحة العدد والخطابات الممتلئة بالشعارات الفارغة و«الاستنجاد بالأجنبي» وتسريب الأخبار المبالغ فيها إلى الفضائيات السوسة؟ أما الجواب فهو لا شيء لأن الجميع شبع من كل ذلك ومتأكد من أن «الركض» على اختلافه لا يوصل إلى ما يتم الترويج له.

قليل من الواقعية يتأكد معه أن «الجمهور المستهدف» لم يعد مستجيباً ولا يمكن أن يغير من قناعاته خصوصاً مع تبينه الجهود التي تبذلها الحكومة للارتقاء بحياته وضمان مستقبل أبنائه.

الحقيقة التي ينبغي أن يدركها أولئك جيداً هي أن «جمهورهم» لم يعد يثق فيهم وأنه انفض من حولهم.