دعوة عضو مجلس النواب الدكتورة سوسن كمال «بعض السياسيين البحرينيين في الخارج ممن يخلطون المطالب المعيشية بمطالب سياسية ضخمة شبيهة بالأحلام لا نستطيع تحقيقها» ليس معناه أبداً توقف المواطنين عن المطالبة بحقوقهم والتعبير عن آرائهم وأحلامهم ولا حتى التوقف عن النقد، فهذا حق يكفله الدستور وينظمه القانون، والأكيد أنها لم تذهب إلى هذا المعنى أبداً لأنه غير معقول وغير منطقي ولا يمكن أن يعبّر عن قناعاتها وقناعات أيٍّ من زملائها في مجلس النواب. والدليل أنها أتبعت ذلك بقولها «انتهزوا الفرص الوطنية وكفّوا عن «تعشيم» البسطاء وجرّهم إلى الموت بمطلب تغيير بعض السياسات الخارجية» ودعوتها إياهم إلى عقلنة خطابهم وإرشاد أبنائهم والمشاركة بدلاً عن ذلك في العمل على بناء مستقبل التنمية والإنسان.

ما يحدث منذ سنوات هو أن أولئك الذين اختاروا الخارج موئلاً يعمدون إلى تحريض البسطاء في الداخل ليضعوا أيديهم في النار وينفّذوا أموراً لا يفهم أكثرهم كنهها ولا المراد منها، فيخسرون حاضرهم ومستقبلهم. ما يحدث هو أن أولئك يعشمونهم ويجرونهم إلى المتاعب والضرر رغم علمهم بأن ما يسعون إليه غير قابل للتحقّق في كلّ الأحوال لا اليوم ولا غداً ولا بعده، والسبب أنهم «كبّروا الحَجَر» كثيراً حتى صاروا دون القدرة على تحريكه فكيف برفعه؟!

استسلام أولئك للنظريات وعدم تمكّنهم من التخلّص من الشعارات التي قيّدوا أنفسهم بها لا يفيد البسطاء الذين يدّعون أنهم يسعون إلى الارتقاء بهم والدفاع عنهم. ما ينفع هؤلاء هو أن يتوقّفوا عن المطالبة بأمور لا تتحقّق حتى في الأحلام وينتهزوا الفرص الوطنية وينحازوا إلى العقل والمنطق ويتحوّلوا من سلبيين همّهم شغل وقت الفراغ الذي يعانون منه إلى إيجابيين يشاركون في عملية بناء الإنسان الذي «يحامون» عنه وفي التنمية ويوظفوا علمهم وخبراتهم في هذا الميدان، ليدوّن التاريخ أنهم قاموا بالفعل بعمل يستحقون عليه الشكر والتقدير. على الأقل من الذين يدّعون أنهم يريدون الارتقاء بحياتهم.