صرح المدير العام لشؤون المدارس الدكتور محمد مبارك بن أحمد قبل أسبوع بأن نسبة الحضور في المدارس الحكومية بلغت 73% كمتوسط عن جميع المراحل، وهو أمر يدعو للتفاؤل، فأكبر هموم الأغلبية العظمى من أولياء الأمور منذ بداية الجائحة وحتى يومنا هذا، هو مستوى التحصيل الذي يتلقاه أبناؤهم في المدارس، خاصة المراحل التأسيسية.

فرغم الجهود الكبيرة التي بذلتها ولا تزال تبذلها وزارة التربية والتعليم في توفير بيئة تعليمية متكاملة للطلبة، يبقى هناك قصور كبير وواضح من قبل الطلبة أنفسهم، ففي الأخير هم أطفال يميلون للهو والراحة، وهم أنفسهم الحاضر الغائب وقت الحصص.

وهنا لا أقولها من باب التحليل أو الاعتقاد بل من باب تجربة واقعية أشاهدها يومياً لدى معارفي وزملائي وبيتي أيضاً، فمهما يحاول المدرس دمج الطلبة ونقلهم إلى البيئة الصفية بشكل افتراضي وبكل الوسائل، تبقى فئة ليست بالقليلة من الطلبة في عالم ثانٍ، كاميرات مغلقة، ميكروفونات مغلقة، والعذر أننا في البيت وهناك خصوصية، أو مشكلة في الإنترنت، مشكلة في الجهاز، والأعذار لا تنتهي.

سابقاً كان المدرس يقدم ما يلزم أثناء الحصص طوال الفصل، ومقياس استيعاب الطلبة وضمان بأنهم تلقوا المعلومة والعلم المخصص لهم هو الامتحان الحضوري، فهنا كان الطالب هو من يتحمل نتيجة سلوكه وحضوره الجسدي والذهني طوال الفصل الدراسي.

أما الآن وبكل أسف لم يعد موضوع الامتحان يشغل بال الطلبة نهائياً، فلم يعد الطالب هو من يحضر الامتحان بل يتكفل بذلك أحد الوالدين، بأن يقدم الامتحانات نيابة عن أبنائه أو يستأجر مدرساً خصوصياً يتكفل بكل الامتحانات نيابة عن هذه الأسرة التعيسة.

وليت الأمر يقف عند الامتحانات فقط، بل هو نشاط يبدأ مع بداية كل فصل افتراضي عن بُعد، من الواجبات المدرسية وحتى الأنشطة والبحوث، وصولاً للوقفات التقويمية والامتحانات، فهناك أولياء أمور متفرغون للحل محل أبنائهم على المقاعد الدراسية الافتراضية، وعذرهم في ذلك، «لماذا لا أساعد ابني فكل أولياء الأمور تفعل ذلك، ولماذا أجعل غيره يتفوق عليه»!

حقيقة لا يمكن أن ينكرها أحد بأن الدولة متمثلة في وزارة التربية والتعليم بكل منتسبيها بذلوا جهداً كبيراً في فترة الجائحة لاستمرار التعليم بالإمكانيات التي توفرت، وحقيقة أخرى بأن الطرف الآخر «أولياء الأمور» لم يكن كثير منهم على قدر المسؤولية، فالكثير سمح لأبنائه بأن يتجاوز الفصل والمرحلة الدراسية وهو يعلم بأن ابنه هذا لم يتعلم أو يزاد بمقدار صفحة واحدة من التعليم، وكل عذره بأن الجميع يفعل ذلك، لم يفكر هؤلاء بأنهم يقدمون جيلاً خاوياً اتكالياً سيكون أول الحلول لديه في المستقبل طلب المساعدة والاعتماد على الغير.

لذا كل ما نتمناه هو أن يعود نظام الامتحانات كما السابق حضورياً، وأعتقد بأن الوزارة قادرة على إيجاد حلول بعد هذه التجربة الاستثنائية في فترة الجائحة.