وليد صبري * نصف قرن في استكشاف أسرار علوم الفيزياء والفلك من أجل البحرين* الأمير خليفة كلفني بإعداد التقويم البحريني لمواقيت الصلاة نهاية القرن الماضي* إعداد دليل الظواهر الفلكية في البحرين على مدار 30 عاماً* النقلة النوعية إلى علوم الفلك بعد لقائي أكاديمي مصري في 1986* ابتكرت أول محطة تحلية مياه متنقلة بالطاقة الشمسية* قمت بتركيب أول محطة رياح في محطة توزيع الكهرباء في أم الحصم* ساهمت في تأسيس وحدة الطاقة المتجددة إلى أن أصبحت هيئة* ابتكرت تشغيل قاعة "دار النخيل" في "بابكو" دون تلوث بالطاقة المتجددة* تمكنت من تحديد مواقيت الصلاة في البحرين عن طريق اتجاه الشمس وارتفاعها* أعددت دراسة تؤكد عدم تلوث تربة البحرين بعد حادثة تشرنوبل* امتحان شهادة الدكتوراه أصعب وأسعد أيام حياتي* كنت أدرس 15 ساعة يومياً في المختبرات العلمية للحصول على الدكتوراه* أمير البحرين الراحل وولي العهد ورئيس الوزراء زاروا قسم الفيزياء بكلية العلوم* الحد تضم أكبر شريحة من المثقفين والمفكرين مقارنة بعدد السكان* الإشعاع النووي والضجيج في البحرين من أبرز أبحاثي العلمية* شاركت في تأليف كتابين عن الحركة الموجية في الفيزياء لوزارة التربية والتعليم* لابد من الأخذ بآراء العلماء والأكاديميين المختصين بعلم الفلك في تحديد رؤية الهلال* كان هناك تنافس شديد وشريف بين أساتذة قسم الفيزياء في كلية العلوم جامعة البحرين* ربط حياة الأشخاص بالكواكب والفلك استخفاف وتنجيماستطاع العالم والأكاديمي البحريني د. وهيب الناصر أن يحفر اسمه في قائمة أحد أبرز وأهم علماء الفيزياء والفلك في العالم العربي، بما يمتلكه من علم وخبرة امتدت لنحو نصف قرن في استكشاف أسرار وعلوم هذا التخصص الفريد، خدمة لبلاده البحرين، التي يعشقها، منذ أن نشأ في مدينة الحد التي وصفها بأنها "جزيرة جميلة وبسيطة"، قبل نحو 63 عاماً، معتبراً أنها تضم أكبر شريحة من المثقفين والمفكرين مقارنة بعدد السكان. نائب رئيس جامعة الخليج العربي، وأستاذ الفيزياء التطبيقية بجامعة البحرين، ورئيس جمعية الفلكيين البحرينية، سرد لـ"الوطن" في حوار خاص، سيرته ومسيرته، ودراسته للفيزياء والفلك وحصوله على الماجستير والدكتوراه، وأبرز المشروعات والأبحاث العلمية التي ابتكرها، وبينها، إنشاء أول محطة متنقلة تعمل بطاقة الشمس والرياح، وكان هذا المشروع بتشجيع من حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، حفظه الله ورعاه، وكذلك تكليفه بإعداد التقويم البحريني لمواقيت الصلاة، وإعداد دليل الظواهر الفلكية في البحرين على مدار 30 عاماً، وحتى الآن، وابتكار أول محطة تحلية مياه متنقلة بالطاقة الشمسية، وتركيب أول محطة رياح في محطة توزيع الكهرباء في أم الحصم. وقد تحدث د. وهيب الناصر عن الكثير من الأسرار والحكايات والمشروعات العلمية في مسيرة حياته الثرية نستعرضها في الحوار التالي:ماذا عن النشأة وذكريات الطفولة؟- أنا مولود في مدينة الحد، في 4 مايو 1959، هذه الجزيرة الصغيرة الجميلة البسيطة، وعشت مثل أي طالب صغير في هذا المكان الجميل، والحد معروفة بأنها تضم أكبر شريحة من المثقفين والمفكرين مقارنة بعدد السكان، وكنا نسمع عن شخصيات كبيرة، وحركات سياسية، من أيام البريطانيين.ماذا عن الدراسة؟- كانت دراستي عادية، وكنت محبوباً من المدرسين، وأنا أتذكر في هذا الشأن، أن المدرسين كانوا صارمين، ويحققون مبدأ العدالة بين الطلاب، وبينهم الأستاذ أحمد بوقحوص، وكان معلماً صارماً، ومديراً إدارياً منضبطاً، لدرجة أنه أمر في يوم من الأيام أن أعود إلى منزلي وأقوم بحلق شعر رأسي الذي كان طويلاً نسبياً. وقد التحقت بمدرسة الحد الابتدائية ثم الإعدادية، وحصلت على الشهادة الثانوية من مدرسة الهداية الخليفية الثانوية، في المحرق، وكانت الامتحانات في هذا الوقت تأتي من مصر، ولم يكن لدي في هذا الوقت الاهتمام بمجال دراسي معين.كيف كانت دراستك الجامعية؟- تخصصت في دراسة الفيزياء في كلية التربية بجامعة الرياض "جامعة الملك سعود" الآن، "أقل نحو 12 ساعة دراسة عن كلية العلوم"، وهناك بعض الأساتذة الذين كان لهم تأثير علي بطريقة شرحهم وعرضهم للمواد الدراسية الفيزيائية المختلفة، وكنا في ذلك الوقت لا نستطيع أن نرى رئيس القسم، وقد تخصصت في الفيزياء كوني لا أهوى دراسة الكيمياء، وقد التحقت بالكلية عام 1975 وتخرجت منها عام 1979.ماذا عن المسيرة العملية؟- عدت إلى البحرين، وقد التحقت بالعمل مباشرة في كلية العلوم الصحية لأنهم كانوا بحاجة إلى مدرسين في تخصص الفيزياء ضمن منهج العلوم الطبية، وفي ذات الوقت درست الدبلوم العالي في تدريس العلوم الطبية، وكان من بين من معي، فخرية الديري، وبسمة خوري، وكان عميد الكلية وقتها د. فيصل الحمر، وترأس الكلية زوجته مها الحمر، وقد أمضيت نحو عام في التدريس بالكلية، وقد استمتعت كثيراً بالعمل في هذه الفترة، ثم كانت الفرصة في اختيار زوجتي وشريكة حياتي حيث كانت خريجة. وخلال هذه الفترة أيضاً شاركت في تأليف كتابين في تخصص الحركة الموجية في الفيزياء بناء على طلب وزارة التربية والتعليم. وفي هذه الفترة كان هناك مشروع تنظيم العناوين، وقد شاركت مع الأستاذ إبراهيم الحمر، الذي صار بعد ذلك رئيساً لشركة طيران الخليج، وأخي ياسر الناصر كان مدير المشروع "كان خريج رياضيات قسم إحصاء"، حيث كانا مسؤولين عن المشروع، وقد تعاونت معهما نحو فصل واحد.ما هي النقلة النوعية المتعلقة بارتباطك بالفيزياء؟- النقلة النوعية كانت في دراسة الماجستير في جامعة أستون في برمنغهام في بريطانيا، في سبتمبر 1981، واخترت عنوان الطرق الفيزيائية في التحليل، وكان المفيد في الأمر أن كل معارف الفيزياء موجودة في هذا التخصص، سواء، فيزياء الجوامد، والفيزياء النووية، وفيزياء السطح، وعلم البلورات، والمجاهر الإلكترونية، وكانت جامعة أستون متقدمة في تلك العلوم الفيزيائية وتتعامل مع كبريات الشركات، ولديها مفاعلان نوويان، وأول ميكرسكوب إلكتروني، وقد درست نحو 12 مادة باللغة الإنجليزية، وقد استمتعت بالدراسة خاصة الجانب العملي، وقد استغرقت الدراسة نحو عام كامل، ورغم كل هذه المقررات لم يكن من ضمنها مقرر الفلك، ولم يكن لدي اهتمام كبير بالفلك، وقد انتهيت من الدراسة في عام 1982، وقد كان المشروع العملي يتعلق بإمكانية تبريد البيوت عن طريق سحب الحرارة من الأسقف عن طريق المياه، وبعدها توجهت لدراسة الدكتوراه في جامعة كينت في كانتربري في بريطانيا، وانتهيت من الحصول على الدكتوراه عام 1986. وقد صار لدي ولع بدراسة علوم الفيزياء وكنت أستمتع بالمواد الدراسية المختلفة وأقوم بعمل تحليل للعملات المعدنية.كيف بدأت رحلتك ومسيرتك مع فيزياء الفلك؟- عندما عدت إلى جامعة البحرين، التقيت بالأكاديمي المصري د. نبيل شكري، وكان يدرس علم الفلك في الجامعة، وقد تم تدشين قبة فلكية في الجامعة، بينما كنت مختصاً في المعادن ولدي ميول في الطاقة الشمسية، وقد تبادلنا كثيراً من المعلومات حول الفيزياء، وقد تمكنت عن طريق تحديد اتجاه الشمس وارتفاعها من تحديد مواقيت الصلاة في البحرين، وعلمته الطريقة، بينما هو قام بتزويدي بمعلومات عن القمر، فصار التعاون بيننا، وبدأنا تحديد مواقيت الصلاة في البحرين، ولكل مجلس التعاون الخليجي. ومنذ ذلك التاريخ بدأ شغفي بعلوم الفلك، وكان ذلك عام 1986، وقد خدمتني الظروف أنني التحقت بجامعة البحرين، حيث كان لديها أجهزة فيزيائية حديثة، وفي ذاك الوقت، وقعت حادثة تشرنوبل، وما نتج عنها من تلوث عالمي، وكنا في البحرين نريد أن نتأكد من وصول التلوث إلى البلاد أم لا؟ فقمت بإعداد دراسة تحسب ألفا وبيتا وجاما في تربة البحرين، على السطح وعلى العمق، وتبين أنه لم يصل التلوث في البحرين، وكانت القيادة الرشيدة تتابع ما نقوم به من أبحاث ودراسات حول هذا الأمر وغيره. وقد قام سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله وطيب الله ثراه، وولي العهد "جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه"، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الراحل، رحمه الله وطيب الله ثراه، بزيارة إلى جامعة البحرين، وخصوا فقط قسم الفيزياء بكلية العلوم بالزيارة، واطلعوا على الأبحاث والدراسات والأجهزة الحديثة التي كنا نقوم بها وكان بيننا في قسم الفيزياء تنافس شديد وشريف في العلم. وبعد ذلك قمت مع د. نبيل شكري بإعداد كتاب حول مواقيت الصلاة في دول الخليج العربي، بعنوان "فترات الشفق في الخليج"، والشفق، هو شفق الضوء الذي يظهر في جهة الغرب بعد غروب الشمس ثم يغيب بعد فترة، وقد أمر الأمير الراحل بطباعته، وتمت طباعته في مطبعة العبيكان.ما هي أبرز المشروعات العلمية والابتكارات الفيزيائية والفلكية التي تم تطبيقها على مدار مسيرتكم؟- من بين المشروعات العلمية والابتكارات الفلكية، أنني قمت بإعداد أول دليل للظواهر الفلكية في مملكة البحرين عام 1994، وأصدره سنوياً حتى الآن، وهناك مجموعة من الأبحاث والدراسات التي أعددتها مثل الإشعاع النووي في مملكة البحرين، والضجيج في مملكة البحرين، وفترات الشفق، ومع تأسيس الجمعية الفلكية قمنا بتأليف برامج تلفزيونية عن الفلك، وكنت أقدم نشرة أسبوعية عن الفلك في تلفزيون البحرين، وأنشأت أول محطة متنقلة تعمل بطاقة الرياح والشمس وكانت حوالي 1.5 كيلووات، وكان وراء إنشاء تلك المحطة قصة، حيث شجعني جلالة الملك المفدى، والذي كان آنذاك ولياً للعهد، حينما اقترحت على جلالته حفظه الله إنشاء المحطة، وتم تنفيذها في خلال نحو 6 أشهر، وقد نشرته في بحث علمي، والمحطة لا تزال في جامعة البحرين حتى الآن. وبعد ذلك عملت مع المهندس الكيميائي هيثم القحطاني لعمل أول محطة تحلية مياه متنقلة بالطاقة الشمسية، كما قمت بتركيب أول محطة رياح في محطة توزيع الكهرباء في أم الحصم، وقد قمت بنشر هذا الابتكار عالمياً. وفي نهاية القرن الماضي، كلفني صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء الراحل، رحمه الله وطيب الله ثراه، بإصدار التقويم البحريني للصلاة، خلفاً لعلي عبدالرحمن الهاشمي. كما أنني ساهمت في تأسيس وحدة الطاقة المتجددة وقد تطورت إلى أن أصبحت هيئة الطاقة المتجددة. ومن المشروعات المتميزة أيضاً، وقت أن كنت عضواً في مجلس إدارة شركة نفط البحرين "بابكو"، اقترحت على أعضاء مجلس الإدارة ابتكار قاعة عديمة التلوث من الطاقة المتجددة، دون إنتاج ثاني أكسيد الكربون، وقمت بتأسيس فريق من جامعة البحرين برئاستي، لتطبيق الفكرة على قاعة "دار النخيل" في "بابكو"، وبالتالي تعمل القاعة نحو 24 ساعة بالطاقة المتجددة من الرياح وباستخدام خلايا الوقود. كما ساهمنا في صناعة نحو 50 ألف نظارة لمشاهدة كسوف الشمس في البحرين، بصناعة محلية وتم توزيعها على الجمهور مجاناً بدعم كريم من الشركات البحرينية، يوم تحقق الكسوف في 11 سبتمبر 1999.كيف يمكن التوافق بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي حول رؤية الهلال؟- لابد أن يتحقق التوافق بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي حول رؤية الهلال، ولابد من الأخذ بآراء علماء وأساتذة الجامعات والأكاديميين المختصين بعلم الفلك باعتبار أن هذا العلم ليس علم تنجيم، ولابد أن يتم ذلك بعد ظهور ولادة الهلال.ماذا عن العائلة؟- أنا الابن الأصغر في الأسرة، وأخي الأكبر مني هو، ياسر الناصر، وهناك أختي إيمان، وقد أحاطتني والدتي بكل حنان، وأنا متزوج، ولدي ابنان، ناصر، حاصل على الدكتوراه في المباني المستديمة، في جامعة البحرين، والابن الثاني، خالد، اتجه إلى دراسة إدارة الأعمال، واتجه إلى عالم المال والأعمال، حيث يعمل في بنك البحرين الإسلامي.ما أصعب يوم مر عليك؟- يوم امتحان رسالة الدكتوراه وحصولي على الشهادة يمثل أصعب يوم وأسعد أيام حياتي، لأنني اشتغلت في المعادن ولم أحصل على نتائج جيدة خاصة وأنا كنت أقضي في المختبرات ما يقرب من 15 ساعة يومياً، وكنت اصطحب زوجتي وابني في المختبرات.كيف ترى الربط القائم بين حياة الأشخاص بالفلك والكواكب من خلال قراءة ما يعرف بالحظ والأبراج؟- هذا غير علمي على الإطلاق، لأنه كيف يمكن لأي عالم فلك أن يربط حياة أشخاص بالكواكب والأبراج الفلكية، ولا توجد علاقة علمية، ولا توجد حتى الآن أية رسالة دكتوراه في التنجيم، كما أنه لا يدرس في الجامعات، وقد ألفت كتاباً في هذا الصدد بعنوان "التنجيم في عيون الفلكيين"، وقد نظمت أكثر من محاضرة لضحد هذا الأمر.