وليد صبري - تصوير ومونتاج: نايف صالح* 46 عاماً من المحاماة عايشت خلالها قضايا كبيرة ومواقف مؤثرة وعصيبة* كلمات جدتي لأمي عائشة الوزان "خلقتِ لتكوني حرة" نبراس سيرتي ومسيرتي* الشخصية القوية لوالدتي شيخة الصحاف أثرت في مسيرة حياتي* كنت من السبعة الأوائل على البحرين في المرحلة الثانوية* تغيير تخصص دراستي للشريعة والقانون بالكويت أول النجاحات في حياتي* حصلت على مكافأة 150 ديناراً كويتياً لتفوقي الدراسي في التخصص الجامعي* مسؤولة التوظيف رفضت تعييني مدرسة بوزارة التربية بسبب تخصص القانون* استقلت من عملي في الشرطة النسائية بعد 6 أشهر* اكتسبت خبرات كبيرة من عملي باحثة قانونية بوزارة الدولة للشؤون القانونية* غادرت وزارة الدولة للشؤون القانونية احتجاجاً على معاملة الوزير حسين البحارنة* تم تسجيلي أول محامية في البحرين عام 1976* انطلاقتي في عالم المحاماة من مكتب عبدالغني حمزة مروراً بمشاركتي للمحامي حسن رضي وعملي بمكتب المحامي حاتم الزعبي* دفاعي عن براءة المتهم الخامس بقتل عبدالله المدني نقطة تحول في حياتي* عائلة عبدالله المدني وبينهم شقيقه سليمان المدني غضبوا من دفاعي عن أحد المتهمين في القضية* كنت حديث البحرين بعد حصولي على البراءة للمتهم الخامس بقتل عبدالله المدني* لا أفضل القضايا الجنائية لانها تتعلق بحرية الشخص خاصة إذا كان بريئاً* بعض زملائي المحامين سخروا مني عندما تقدمت بأول طلب تفسير لحكم ومنهم من بدأت بالتدريب عنده* كنت ناقدة اجتماعية وخصومتي للنصوص وليس للنفوس وأبحث دائماً عن الحق* اجتهاداتي القانونية قننها المشرع في "دعوى التفسير بقانون المرافعات" و"الشرط الفاسخ الصريح"* عاصرت قانون أمن الدولة.. والشرطة لا تقترب من أي شخص ليس له علاقة بالسياسة* شعرت برياح التغيير للأفضل في البحرين باختياري عضواً بلجنة إعداد الميثاق* انتقلنا إلى مرحلة إعداد الميثاق بخبرات وأحداث 1973 وأحداث التسعينيات* النقلة النوعية في الميثاق بالانفراج السياسي وعودة الحياة النيابية للبحرين* المشروع الإصلاحي للملك سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي* عضويتي في لجنة تفعيل الميثاق كشفت لي رؤى وطموحات سمو ولي العهد للبحرين* طموح سمو ولي العهد رئيس الوزراء أن تصل البحرين إلى مكانة يجعلها مثالاً يحتذى به* تشرفت بثقة الأميرة سبيكة في إعداد مشروع المجلس الأعلى للمرأة وتعييني أميناً عاماً* تعلمنا من الأميرة سبيكة الجدية والمثابرة والصبر في العمل* عملي في المجلس الأعلى للمرأة وبمعهد البحرين للتنمية السياسية لا يلتقيان أبداً* تعاملت مع نمور سياسية ذات توجه ديني في معهد البحرين للتنمية السياسية* واجهنا مشاكل وتحديات كبيرة بعد تأسيس معهد البحرين للتنمية السياسية* تمكنت من التوافق والتنسيق بين أعضاء مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية بعد عناء* معظم ملاحظاتي على مشروعات القوانين في مجلس الشورى تم تعديلها لاحقاً* "الإيجارات" و"المرور" و"البلديات" مشروعات قوانين شهدت مناقشات ساخنة* أعضاء مجلس الشورى في 2014 كانوا أقوياء ويجودون مشروعات القوانين* قلت لرئيس الشورى: خصومتي مع النصوص وليس النفوس.. وأنا ومع الحق أينما دار وأينما كان* زوجي القاضي والمستشار محمد أسامة ساعدني ودعمني خلال مسيرتي المهنيةاستطاعت المحامية لولوة العوضي، أن تسجل اسمها كإحدى السيدات البارزات في مملكة البحرين، منذ أن كانت ضمن السبعة الأوائل على مملكة البحرين، في المرحلة الثانوية، ودراستها لتخصص الحقوق والشريعة الإسلامية في جامعة الكويت، في سابقة لم تقدم عليها أية فتاة في المملكة، ثم باعتبارها أول محامية تسجل في البحرين في عام 1976، وعضويتها في لجنة إعداد الميثاق، وتقلدها لمنصب الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة، وكذلك رئاسة مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية، ثم عضوية مجلس الشورى.لولوة العوضي سردت في حوارها مع "الوطن"، سيرتها ومسيرتها، مؤكدة أن كلمات جدتها لأمها عائشة الوزان "خلقتِ لتكوني حرة" كانت هي نبراس حياتها، كما أن والدتها شيخة الصحاف أثرت كثيراً في إعدادها لخوض معترك الحياة بعدما فقدت والدها في سن صغيرة. ولعل من أبرز الأحداث في مسيرتها المهنية أنها كانت حديث البحرين في السبعينيات عندما حصلت على البراءة للمتهم الخامس في قضية قتل الشيخ عبدالله المدني، وكانت حديثة العهد بمهنة المحاماة. ذكريات وأحداث ومواقف مؤثرة وتاريخية وعصيبة وسعيدة امتدت على مدار أكثر من نصف قرن من مسيرة لولوة العوضي تستعرضها "الوطن" في الحوار التالي:هل لنا أن نتحدث عن النشأة؟- أنا مواطنة بحرينية، أعشق البحرين، فهي في دمي ووجداني، وكل أفراد عائلتي تتغنى باسم البحرين، لقد نشأت في فريج الفاضل، وربما يندهش كثيرون بسبب نشأتي في فريج الفاضل بالرغم من أني "عوضية"، وللعلم، فريج الفاضل وفريج العوضية، يفصلهما شارع، توجد فيه المستشفى الأمريكي، وكانت هناك حديقتان من أجمل الحدائق التي كنا نلعب فيهما ونحن صغار، ذكوراً وإناثاً، لقد نشأت في بيئة لا تفرق بين الذكر والأنثى، وكنا نلعب دائماً مع بعضنا البعض، ففي فريج الفاضل أتذكر، بيت خلفان، أولادهم، سمير وحسين، وبيت الخاجة، ابنهم يوسف، وبيت محمد حسين باقر، وبالتالي نشأنا كبيت كبير واحد في الفريج متعدد البيوت، وكان الكل يعشق البحرين، ولذلك كنا نتعرف على أي غريب يدخل إلى الحي، بحكم أننا كنا مترابطين ونعرف بعضنا بعضاً جيداً كعائلات وبيوت. ولقد نشأت في عائلة وقد افتقدت الأب في مرحلة مبكرة، وأنا صغيرة، ولا أتذكره، وكان هذا فارق بيني وبين الآخرين، وكنت أسأل والدتي، ولم تكن تجاوبني، بينما كانت جدتي السيدة القوية عائشة الوزان تجاوبني، وكانت امرأة يحسب لها ألف حساب في "الفريج"، وكانت تقول لي "أنتِ أحسن من غيرك، فعندما تكبرين أنتِ حرة نفسك وقد خلقتِ لتكوني حرة"، فهذه الكلمات أثرت في حياتي وقراراتي ومشواري العائلي والمهني.ماذا عن مراحل الدراسة المختلفة؟- درست في المرحلة الابتدائية في مدرسة عائشة أم المؤمنين، ثم درست المرحلة الثانوية في مدرسة المنامة وتخصصت في القسم الأدبي، وكنت من السبعة الأوائل على البحرين، وبعدها حصلت على منحة تعليمية في دولة الكويت الشقيقة، وكون أنها منحة فوزارة التربية والتعليم هي من تحدد التخصص، وفي ذاك الوقت، لم يكن تخصص القانون يطرأ على فكر أي من المسؤولين عن تحديد البعثات والمنح التعليمية، فاختاروا لي تخصص اللغة الإنجليزية، وعندما توجهت إلى الكويت، لم يعجبني تخصص اللغة الإنجليزية في كلية الآداب جامعة الكويت، لكني رأيت مبنى مكتوب عليه كلية الحقوق والشريعة الإسلامية، وقد بدأت أحضر المحاضرات، ضمن 7 فتيات، وكنت أجلس في آخر الصفوف، وخلال تلك الفترة، لم يسألني أحد من أنا؟ لكن بعد مرور نحو أسبوع سألني عميد الكلية د. عبدالحي حجازي عن وضعي، ورويت له ما حدث، وشرحت له رغبتي في دراسة القانون، فسمح لي بالحضور مدة 15 يوماً، كي يختبر المستوى الدراسي لدي، وقدرتي على استيعاب مواد الحقوق والقانون والشريعة، ثم قام باختباري شفوياً وحصلت على العلامة الكاملة، وقد بذل جهداً كبيراً في مساعدتي للتحويل من كلية الآداب إلى كلية الحقوق والشريعة الإسلامية، كما أذكر أيضاً د. لولوة القطامي وكانت تشغل منصب عميدة شؤون الطلاب، حيث ساعدتني هي أيضاً، وكان ذلك الأمر صعباً في ذلك الوقت، وغير مستساغ أو معروف، وقد أكملت دراستي، وطوال سنوات الدراسة كنت متفوقة، وأشعر بسعادة بالغة، حينما كان يمنحوني مبلغاً مالياً مقابل التفوق، وكان يبلغ نحو 150 ديناراً كويتياً، وكانت فرحة في نهاية العام وكان مبلغاً كبيراً، في هذا الوقت، وكنت صغيرة، وأنا أحصل على هذا المبلغ، وكنت ألاحظ استغراب البعض من تخصصي لأنه ليس دارجاً في ذلك الوقت، وكانوا يتوقعون أنني سوف أصبح عاطلة، ورغم ذلك تخرجت عام 1970 حيث عدت للبحرين.ما سبب اختيارك دراسة الحقوق والقانون؟- موقفان، أولهما، كان السيد علي الوزان، "خال والدتي"، رجلاً متديناً، ويتمتع بالحكمة والوقار، وكانت بعض السيدات يلجأن إليه في مشاكلهن، حيث كان له دور مجتمعي في الفريج، والموقف الآخر أيضاً، كانت لدينا جارة باكستانية وأراها دائماً تبكي وتتألم لأن زوجها أخذ منها رضيعتها، بحكم محكمة، وعندما سألت عن سبب الظلم الواقع عليها، كانوا يزعمون أن ذلك بسبب الشريعة الإسلامية، وكان لدي ولع بمعرفة أحكام الشريعة، لكن بعدما كبرت وتعلمت ودرست اكتشفت أن الشريعة الإسلامية بريئة من كل ما ينسب لها من واقع ظالم، والحقيقة أن الظلم الواقع على المرأة والطفل من الإنسان وليس من الدين الإسلامي.هل كان لديك استقلالية بالرأي والقرار ولا تقبلين سياسة الأمر الواقع أن تفرض عليك؟- نعم، وهذا نابع من تربيتي ونشأتي، ومن كلمات جدتي المرحومة عائشة الوزان حينما قالت لي "أنتِ أفضل من غيرك، الأخريات قد يجبرن على الزواج، لكنك لا أحد يستطيع أن يجبرك على شيء"، ولا أنسى أن أمي، شيخة الصحاف، كانت شخصية قوية، وكان لها دور كبير في مسيرة حياتي، وكانت من المتفوقات والرعيل الأول اللاتي تخرجن من المستوى الابتدائي، وكذلك خالتي، فاطمة علي، كانت من أوائل الخريجات من المستوى الابتدائي.ما أكثر المشاكل والتحديات التي تعرضتم لها بعد التخرج؟- كانت أكبر المشاكل والتحديات هي البحث عن عمل، خاصة وأن التخصص كان نادراً، وقد حاولت أن ألتحق بالتدريس، لكن لم يتم قبولي، وبعد ذلك التحقت بالعمل بالشرطة النسائية لفترة قصيرة امتدت لنحو 5 أشهر، عن طريق زميلتي ليلى ميرزا، وكان والدها ضابطاً كبيراً في الداخلية، ثم التحقت بالعمل كباحثة قانونية في وزارة الدولة للشؤون القانونية، في فترة ولاية الوزير حسين البحارنة، عن طريق الأستاذ صلاح المدني، وكان قريباً من العائلة ويشغل منصب مدير عام في الوزارة، وقد اشتغلت نحو 3 سنوات، وقد عاصرت خلال تلك الفترة إنشاء المجلس الوطني، وأول انتخابات للمجلس الوطني في البحرين، وكذلك الجلسات، وأيضاً عاصرت الفترة والوقائع التي شهدت حل المجلس الوطني، حيث كانت الوزارة تمثل المطبخ القانوني لكل الإجراءات، وقد استفدت كثيراً من الخبراء المصريين الذين كانوا موجودين في تلك الفترة، سواء من القضاء المصري أو مجلس الدولة المصري، وكان أحد أسباب الخلاف بيني وبين حسين البحارنة هو ملازمتي للخبراء المصريين، وبالتالي لم تتم ترقيتي على مدار 3 سنوات، حيث كان هناك عدم توائم في العلاقة بيني وبينه لإصراره على أن يعاملني على أنني سكرتيرة، بينما أنا كنت باحثة قانونية، وكان هذا سبب تركي العمل في الوزارة.كيف جاءت فكرة العمل للمحاماة؟- أتذكر بالخير السيد سالم العريض، وكان يشغل منصب، مدير المحاكم أو المسجل العام، وقدمت له طلباً بالعمل بالمحاماة، وقال لي أنا مقتنع أنه آن الأوان أن يكون لدينا محاميات، وطلب مني الصبر، ووعدني بكتابة تقرير إيجابي رداً على طلبي، وبعد مدة طويلة اتصل بي وأبلغني بالقبول، ومن ضمن الأسباب التي ذكرها في تقريره هو تخصصي في القضايا الشرعية، وقد مثل هذا الأمر مفاجأة وصدمة لي ولمن يعرفني من أهلي، لأنه كان من غير المتعارف عليه أن تدخل امرأة للمحكمة وتتعامل مع المحامين والقضاة، وتم تسجيلي كمحامية عام 1976، ولذلك، قررت أن أتدرب مع أحد المحامين كي أتعلم منه سير الإجراءات وطريقة التعامل مع المحاكم، فتوجهت إلى مكتب الأستاذ المحامي عبدالغني حمزة، وتعرفت عليه عن طريق الأستاذ عبدالرحمن رفيع، وقرر أن نعمل معاً مثلي مثل الرجل، وبدأت التدريب معه، وكنت ملازمة له تماماً في كل القضايا التي تولاها، وتعرضت خلال تلك الفترة للإحراج والمضايقة من البعض، ولكن ردة فعلي الشديدة تجاههم كان لها كبير الأثر، وكان القضاة في ذلك الوقت من جنسيات مختلفة، من البحرين ومصر والأردن وفلسطين والسودان، وقد حظيت بدعم كبير منهم.ما هي القضية التي شكلت نقطة تحول في حياتك المهنية؟- قضية الدفاع عن المتهم الخامس بمقتل الشيخ عبدالله المدني رحمه الله، الصحفي وصاحب مجلة المواقف، شكلت نقطة تحول ومحطة مهمة في حياتي، خاصة وأن الأستاذ عبدالغني حمزة كان منتدباً من الدولة للدفاع عنه، بحكم القانون، وقد استطعت أن أحصل على حكم البراءة للمتهم الخامس عبدالأمير منصور، وقد زرته في محبسه، وكنت مقتنعة ببراءته، وكانت هيئة المحكمة وقتها تتألف من القاضي الشيخ عبدالرحمن بن جابر آل خليفة، وإبراهيم حمدي، وشكيب الجيوسي، وقد أثارت القضية وحكم البراءة الرأي العام في ذلك الوقت، وقد غضبت عائلة المدني وبينهم الشيخ سليمان المدني، شقيق القتيل عبدالله المدني، غضباً شديداً من المحامين الذين يدافعون عن المتهمين، وكان يشتاط غضباً خلال مرافعتي. وفي آخر مرافعة صار سجال بيني وبين المدعي العام، حينما طلب من هيئة المحكمة أن أعتذر له، عن جملة وردت في مرافعتي، وقد توليت الدفاع في كل الجلسات عن المتهم نظراً لسفر عبدالغني حمزة في ذلك الوقت.كيف تقيمين مسيرتك في عالم المحاماة؟- مسيرتي في المحاماة كانت مسيرة طويلة وفيها محطات كثيرة تمتد لنحو 46 عاماً، وقد مرت علي قضايا كثيرة ومواقف عديدة، وكنت لا أفضل القضايا الجنائية لأنها تتعلق بحرية الشخص خاصة إذا كان بريئاً، ومرت علي قضايا صعبة سواء قضايا مدنية أو تجارية أو شرعية، وقد هناك ظلم شديد يقع على المرأة في القضايا الشرعية، وكانت من أصعب الفترات التي كانت فيها المرأة تواجه فيها موقفاً غير متكافئ أمام القضاء الشرعي، لأنه كان لا ينصف المرأة، وقد كان القضاء الجعفري أصعب من القضاء السني، وكان هذا الأمر ممتداً من قبل، لأنه له علاقة بالعادات والتقاليد والموروثات وليس له أية علاقة بالدين، وحالياً، هناك تطور كبير في القضاء الشرعي، وقد عاصرنا أنا، والشيخة هيا بنت راشد آل خليفة، والشيخة مريم بنت حسن آل خليفة، تلك الصعوبات، كما أن الشيخة لولوة بنت محمد آل خليفة عليها رحمة الله، كانت أخذت على عاتقها تشكيل لجنة الأحوال الشخصية، بداية الثمانينيات، وقد حملنا نحن الثلاث القانونيات أعمال اللجنة، سواء من خلال المحاضرات والزيارات والتوعية التلفزيونية وفي المدارس وفي الجامعات، في سبيل تغيير الواقع في المحاكم وإصدار قانون الأحوال الشخصية.ما أبرز الاجتهادات التي ذهبتم إليها في قوانين الحقوق؟- من خلال ممارستي لمهنة المحاماة كنت ناقدة اجتماعية ولست ناشطة أو ناقدة سياسية، حيث كنت أنتقد الأوضاع الاجتماعية، من أجل التغيير للأفضل في كل المجالات، ودائماً أقول إن خصومتي النصوص وليس النفوس، ومما أفتخر به أن قانون المرافعات نص على دعوى التفسير إذا كان هناك غموض، وأنا أول من قدم طلب تفسير لحكم، وقد أثار هذا الأمر سخرية بعض زملائي المحامين، ولكن عندما جاء قانون المرافعات نص على التفسير، ومن الأمور الأخرى إدراج الشرط الفاسخ الصريح، حيث كنت رفعت دعوى بطلب إلغاء العقد من تلقاء نفسه، وبالتالي كانت لدي اجتهادات قانونية، تم تقنينها من المشرع، وعندما أتذكر تلك الأمور أشعر بالفخر والاعتزاز كوني ساهمت بشيء.ماذا عن المحطات الأخرى في مسيرة المحاماة والقانون؟- تركت مكتب عبدالغني حمزة بعد نحو 3 سنوات من العمل، ثم فتحت مكتباً بالشراكة مع المحامي حسن رضي، بداية 1979، لكن كانت هناك صعوبات، ثم عملت في مكتب المحامي حاتم الزعبي، وتركته في عام 1982، ثم افتتحت مكتباً مع الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة، وتم العمل بيننا لمدة 9 سنوات، بعدها كل منا استقل بنفسه في عمله، ثم أسست مكتباً لي، منتصف التسعينيات وأطلقت عليه اسم مكتب العوضي للمحاماة والبداية كانت في بناية حوار في المنطقة الدبلوماسية ثم إلى بناية الرصيص، ثم انتقلت منذ أشهر إلى مقرنا الحالي.ما أبرز الأحداث السياسية التي تتذكرونها خلال مسيرتكم؟- لقد عاصرت أحداثاً كثيرة ومثيرة، أبرزها دستور 1973، والانتخابات آنذاك، وحل المجلس الوطني، ووقف العمل ببعض أحكام الدستور، كما عايشت صدور قانون أمن الدولة، لكن كلمة حق يجب أن تقال، كمحامية، لم تكن الشرطة تقترب من أي شخص ليس له علاقة بالأمور السياسية.انتقلتم إلى مرحلة إعداد الميثاق بخبرات أحداث 1973.. هل لنا أن نتطرق إلى تلك المرحلة؟- هذا صحيح، استدعاني سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة، وكان رئيساً للجنة إعداد الميثاق وأخبرني أن الأمير "جلالة الملك"، اختارني ضمن اللجنة، في هذا الوقت، شعرت برياح التغيير، وكانت اللجنة تضم مختلف التيارات السياسية في البحرين، من وزراء ومسؤولين وجمعيات وتنظيمات سياسية وجمعيات مجتمع مدني، وجمعيات نسائية، وفي هذا الوقت، طلب مني أحد أعضاء اللجنة الاستقالة، احتراماً لتاريخي، لكني رفضت، وأصررت على البقاء في اللجنة، وكان هناك خلاف بين أعضاء اللجنة على بعض الأمور، كونهم لم يتوقعوا أن يحدث التغيير الذي كنت أتوقعه وأحسست وشعرت به، ولذلك أنا أعتبر الانفراج السياسي وعودة الحياة النيابية للبحرين النقلة النوعية للميثاق، وهنا نلاحظ أن المشروع الإصلاحي للملك كان سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً أيضاً بدليل عودة المبعدين وإطلاق سراح الموقوفين، والمكرمات الملكية التي تفضل بها جلالة الملك المفدى في فترة إعداد الميثاق.ماذا حدث بعد الميثاق؟- تم اختياري ضمن لجنة تفعيل الميثاق، وكان شرفاً كبيراً لي، وقد حظيت بمقابلة سمو ولي العهد آنذاك، "صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء"، في 2001، وتمت مناقشة قوانين تفصيلية، ولهذا، لجنة تفعيل الميثاق عرفتني على أفكار سمو ولي العهد، وأن لديه طموحاً كبيراً يتجاوز التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في الدولة، ولديه طموح أن يصل بالبحرين إلى مكانة تجعلها مثالاً يحتذى به، ومن الأمور المميزة لدى سمو ولي العهد أنه لا يميز بين أبناء البحرين، ويعتبرهم كلهم سواسية.كيف تنظرين إلى جهود المجلس الأعلى للمرأة؟- المجلس الأعلى للمرأة يعد نقلة نوعية في البحرين، وقد تشرفت بثقة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المفدى، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، حيث حضرت الاجتماعات التأسيسية للمجلس قبل الإعلان عنه، وتم الإعلان عن لجنة إعداد مشروع المجلس الأعلى للمرأة، ثم تشرفت كذلك بتعييني أميناً عاماً للمجلس بدرجة وزير، لأول مرة في دول مجلس التعاون الخليجي، وتتميز الأميرة سبيكة حفظها الله بالجدية والمثابرة والصبر، وهذا ما تعلمناه منها.ماذا عن محطة عملكم في معهد البحرين للتنمية السياسية؟- فترة تأسيس المعهد صاحبتها مشاكل سياسية كثيرة، وقد تعاملت في معهد البحرين للتنمية السياسية مع "نمور سياسية" ذات توجه ديني، خاصة وأن المرحلة كانت حساسة، مع وجود جمعيات سياسية معارضة منهجيتها ذات توجه ديني وسياسي في ذات الوقت، وبالتالي عملي في المجلس الأعلى للمرأة، وفي معهد البحرين للتنمية السياسية يختلفان تماماً ولا يلتقيان أبداً، وكنا أمام تحديات ما بين ترتيب الأمور الداخلية للمعهد، والتعامل مع الجمعيات السياسية ذات التوجه الديني، ومواجهة محاولات التدخلات الخارجية من قبل المعهد الديمقراطي الأمريكي "NDI". وقد استطعت إحداث التوافق بين أعضاء المجلس لكن بعد عناء.- عضوية مجلس الشورى؟كل أعضاء مجلس الشورى كانوا أقوياء، وكل عضو كان متمكناً في مجاله، وحتى ولم لم يكن قانونياً كان يعطيك الجانب العملي في التشريعات وبالتالي لم يكن هدفهم تجميل مشروعات القوانين، أو إقرارها لمجرد الإقرار، ولكن كانت ملاحظاتهم لتجويد مشروعات القوانين، ولي الفخر أن معظم ملاحظاتي على مشروعات القوانين في مجلس الشورى تم تعديلها لاحقاً، وقد شهدنا مناقشات ساخنة خلال مناقشة مشروعات قوانين مثل "الإيجارات" و"المرور" و"البلديات"، وكنت أقول لرئيس مجلس الشورى، "أنا اختلافي مع النصوص وليس النفوس وأنا مع الحق أينما دار وأينما كان".من كان داعمك الأول خلال مسيرة حياتك؟- ما وصلت إليه في مهنة المحاماة يرجع فيه شق كبير منه إلى زوجي المستشار والقاضي السابق محمد أسامة وقد ساعدني وأعطاني كل الدعم المعنوي في مسيرتي المهنية.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90