-شيخة العليوي *باحث قانوني أول بمجلس النواب - باحثة دكتوراه في فلسفة القانون العام بجامعة البحرين*
يشكل قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة رقم (4) لسنة 2021 قفزة تشريعية جوهرية في مجال تعزيز حماية واحترام حقوق الطفل في مملكة البحرين، حيث يهدف القانون إلى تحقيق العدالة الإصلاحية للأطفال ورعايتهم وحمايتهم من سوء المعاملة بحيث تكون لمصالح الطفل الفضلى الأولوية في جميع الأحكام والقرارات والإجراءات المتعلقة به، كما يأتي القانون في إطار تعزيز بنية التشريعات الوطنية المعنية بحقوق الطفل واستكمالها في ضوء القيم والمبادئ التي كرسها ميثاق العمل الوطني، وترجمة للحماية الدستورية للطفل التي تكرست مبادئها في المادة (5) (أ) من الدستور البحريني التي تأكد على حماية الطفولة ورعاية النشء وحمايته من الاستغلال والإهمال الأدبي والجسماني والروحي.
وقد حدد قانون العدالة الإصلاحية نطاق سريانه على «كل إنسان لم يتجاوز سنه ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكابه الجريمة، أو عند وجوده في إحدى حالات التعرض للخطر». مُنشئاً محاكم خاصة تسمى “محاكم العدالة الإصلاحية للطفل”، تختص بالفصل في الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم التي يرتكبها الأطفال ممن تجاوزت أعمارهم خمس عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة. كما أنشأ القانون لجنة تسمى “اللجنة القضائية للطفولة» تختص بالنظر في حالات تعرض الطفل للخطر أو سوء المعاملة المحالة إليها من النيابة المتخصصة للطفل.
الجدير بالذكر، أن التدابير التي أفردها قانون العدالة الإصلاحية على الطفل الذي يشكل فعله خطورة على المجتمع، تعكس النظرة الإيجابية للمشرع البحريني الذي ينادي بالإصلاح في نظام العدالة الجنائية، فضلاً عن أن التدابير المشار إليها في القانون تسعى إلى الحد من الاعتماد على العقوبة ذاتها أو على البرامج الإصلاحية التقليدية التي أصبحت غير قادرة على الحد من الجرائم.
ومن التدابير التي نص عليها قانون العدالة الإصلاحية، وأجاز لمحكمة العدالة الجنائية واللجنة القضائية للطفولة إيقاعها الآتي: توبيخ الطفل وتأنيبه وتوجيه اللوم إليه على ما صدر منه من أفعال، وتحذيره بألا يعود إلى مثل هذا السلوك مرة أخرى، أو تسليم الطفل إلى ولي أمره أو المسؤول عنه، أو إلزام الطفل لتقديم الاعتذار إلى المجني عليه أو أي شخص تأثر سلباً من سوء أفعاله، أو وضع الطفل تحت إشراف شخص راشد من أقاربه أو من غيرهم من الأشخاص المؤتمنين، أو وضع الطفل تحت الاختبار القضائي، أو إلحاق الطفل بأحد برامج التدريب والتأهيل، أو إخضاعه لبرامج تربوية وطنية تكفل إعداده وإعادة تأهيله للعودة والاندماج في المجتمع كمواطن صالح، أو حظر ارتياد الطفل أماكن أو محال معينة، أو إيداعه في إحدى المستشفيات المتخصصة إذا كان مصاباً بمرض يستوجب ذلك، أو إيداعه في إحدى مؤسسات أو جمعيات الرعاية الاجتماعية التابعة للوزارة المعنية بشؤون التنمية الاجتماعية أو المعتمدة من قبلها، أو إلزام الطفل بالمشاركة في بعض الأنشطة التطوعية، أو تكليف الطفل الذي تجاوز سنه خمس عشرة سنة ميلادية بالقيام ببعض الأعمال دون مقابل للمنفعة العامة لدى أحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو إحدى مؤسسات المجتمع المدني التطوعية ذات النفع، أو إلزامه بالبقاء في نطاق جغرافي محدد يحظر عليه الخروج منه. وتنتهي التدابير المشار إليها بانتهاء مدتها أو ببلوغ الطفل سن 21. الجدير بالذكر، أنه يجوز لمحكمة العدالة الإصلاحية للطفل المختصة وللجنة القضائية للطفولة أن تأمر، بعد اطلاعها على التقارير المقدمة حول حالة الطفل - المودوع بأحكام وقرارات المحكمة في دور ومؤسسات ومراكز التأهيل والتدريب والرعاية الاجتماعية والمستشفيات - أو بناء على طلب النيابة المتخصصة للطفل أو من ولي أمره أو المسؤول عنه، بإنهاء أي تدبير من التدابير المشار إليها، أو تعديله أو إبداله بآخر.
ومما سبق، يتبين حرص المشرع البحريني على إدماج الطفل ذي الخطورة الإجرامية في المجتمع كعضو فعال فيه، وتفادي الأضرار النفسية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة من العقوبات التقليدية.