أحلى ما في العيد عند الأطفال لبس الملابس الجديدة وترقب تسلم العيدية من الأهل وقت المعايدة، فالكبير يفهم العيد فرحة وتواصلاً وصلة رحم وبراً للوالدين وابتسامة وضحكة وجمعة للأهل، والصغير يفهم العيد لعباً وفلوساً ووناسة وترفيهاً، والكل يفرح بالعيد، وحتي يكون لعيدنا معنى هناك كثير من المعلومات التربوية لابد أن نذكرها لأبنائنا قبل العيد وأثناءه.

أولاً: نشرح لأبنائنا أن أعيادنا دائماً تأتي بعد عبادة شاقة ومتعبة، فعيد الفطر يأتي بعد صيام وقيام دام ثلاثين يوماً، وعيد الأضحى يأتي بعد أداء مناسك الحج، وفي ذلك معنى عظيم وهو أن المسلم لابد أن يحتفل ويفرح بعد الانتهاء من العبادة، وأن الفرح في حد ذاته عبادة يؤجر عليها المسلم، ونخبرهم بأن أعياد المسلمين تأتي بعد ركنين من أركان الإسلام، الأول ركن الصيام والثاني ركن الحج وفي ذلك إشارة لأهمية الفرح بعد أداء أركان الإسلام، وأن المسلم عليه أن يحتفل عند تحقيق الإنجاز الكبير للعبادة، فرمضان شهر السباق والتنافس في الصلاة والصيام وقراءة القرآن وصلة الأرحام فيفرح المسلم في نهايته لأنه حقق نجاحاً كبيراً في هذا السباق، وكذلك الحج فهو جهاد وسباق وانتصار على الشيطان فيفرح المسلم بعد هذا الإنجاز، فربط الأعياد بتحقيق الهدف والإنجاز معنى تربوي مهم لتنشئة أبنائنا عليه.

ثانياً: إن ديننا دين الفطرة فالإنسان يحب الضحك والسرور والطرب ولهذا جاء العيد لتسكن فيه النفس وتفرح وتطرب، فالميل للترفيه من الحاجات الأساسية عند الإنسان، ولكن الإضافة التي قدمها الإسلام لنا أن الفرح يأتي بعد الإنجاز والعمل المميز، ولهذا نحن نفرح يوم الزواج وعند الرزق بالأبناء وعند النجاح وتحقيق الأهداف، فالفرح غالبا يأتي بعد تحقيق هدف كبير أو أمنية نتمناها، وهذا الذي ينبغي أن نركز عليه مع أبنائنا تربوياً، فالفرح ليس ترفاً، والفرح ليس ضياعاً للوقت، والفرح لا يتوقف حتى لو كان المسلمون يمرون بأيام عصيبة، فالفرح فطرة وحاجة في الإنسان وعلينا أن نحترم احتياجات الإنسان وفطرته.

ثالثاً: أن نتحدث عن العيد مع أبنائنا قبل العيد ليتحمسوا لاستقباله، وأذكر أني عندما كنت صغيراً كانت ملابس العيد تعلق أمامي بالغرفة قبل العيد بيومين، وكنت أعيش لحظات العيد بترقب شديد بسبب المراسيم التي كنا نعملها قبل العيد من نظافة البيت وترتيب الأثاث وعمل الحلويات لاستقبال أيام الفرح، ولعل من الكلمات التي ينبغي ألا نذكرها لأبنائنا وهي شائعة عند المسلمين اليوم «أنه ليس العيد بلبس الجديد وإنما العيد بالخوف من الوعيد» وقد سمعت كثيراً من الخطباء يرددون على المصلين في صلاة العيد هذه العبارة وكأنهم يعلنون أن يوم العيد خصص للحزن والخوف والكآبة، وهذا خلاف الهدي النبوي في إعلان الفرح والطرب يوم العيد.

رابعاً: نحرص على تطييب أبنائنا وتبخير ملابسهم ونذكرهم بأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يحب الطيب والرائحة الزكية والملابس الجديدة، وفي صباح العيد يفضل أن يعطي الوالدان أبناءهم العيدية ليزداد فرحهم بالعيد خاصة عند وضع الفلوس بالمحفظة، وأن يتحاور الوالدان مع الأبناء مقترحاً عليهم تقسيم هذه الأموال (العيادي) إلى ثلاث: القسم الأول يصرف الطفل منها في أيام العيد والثاني يخصص جزءاً منها يحفظ في حسابه البنكي والثالث يتصدق ببعض ماله للفقراء والمحتاجين، فنستفيد من العيد بتربية أبنائنا مالياً.

خامساً: نعلمهم بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالعيد مثل استحباب الاغتسال يوم العيد والإفطار على تمرة قبل صلاة عيد الفطر وصلة الأرحام وزيارة الأهل، وأنه من السنة لبس الجديد ووضع الطيب، ونعلمهم أنه يحرم صيام أول يوم في العيد، ونخبرهم بأنه لو صادف يوم العيد يوم الجمعة فيكون الواجب حضور صلاة واحدة بالمسجد، فلو حضر صلاة العيد تصبح صلاة الجمعة مستحبة، وكذلك نشرح لهم كيفية صلاة العيد وأنها بلا أذان ولا إقامة.

فالعيد مدرسة تربوية علينا استغلالها والاستفادة منها اجتماعياً وتربوياً ومالياً.