استطعنا تكوين كادر دبلوماسي واعٍ ليمثل البحرين
ليس هناك دولة مستثناة من تحديات حقوق الإنسان
محمد بن مبارك صاحب الفضل فيما وصلت إليه
حسن الستري "تصوير: علي العمايرة"
"عملت في السلك الدبلوماسي لفترة طويلة، أرى من الأهمية التحلّي بالأمانة الوظيفية، خصوصاً عندما تكون في موقع المسؤولية، والالتزام بالنزاهة والإخلاص والتفاني في أداء مسؤوليات العمل الذي تكلف به".
بهذه الكلمات اختصر عضو مجلس الشورى السفير أحمد الحداد نصيحته لكل من يتولى منصباً، خصوصاً الدبلوماسيين، مؤكداً أنه درّب العديد من الدبلوماسيين، واستطاع بمعاونة زملائه "تكوين كادر دبلوماسي واعٍ، ونقلنا خبرتنا لهذه الكوادر، ونعتز كثيراً بأن عدداً منهم أصبحوا رؤساء بعثات دبلوماسية في الخارج".
الحداد الذي نشأ في أزقة الحورة الحدادة لأسرة محافظة، وأكمل دراسة البكالوريوس والماجستير بالهند في العلوم السياسية، دان بالفضل فيما وصل إليه لوالديه، ولسمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الممثل الخاص لجلالة الملك المعظم، مؤكداً أن "سموه يقدر ويحترم الجميع ومكتبه دائماً مفتوح، ونلتقي به باستمرار، ووجدنا حرصه الشديد، وتفانيه في خدمة البحرين على كافة الأصعدة، ويمتاز سموّه بالحكمة والرصانة، وذو أخلاق عالية، ولا أنسى فضله الكبير فيما وصلت إليه"، مفيداً أن سموه زار الهند والتقى به أثناء دراسته، ودعاه للعمل بوزارة الخارجية بعد التخرج.
الحداد الذي كان سفيراً للبحرين في جنيف، التي يقع فيها مقر المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أكد لـ"الوطن" أنه "ليس هناك دولة مستثناة من مواجهة تحديات حقوق الإنسان، وكنا في جنيف نعمل على حل مسائل حقوق الإنسان بالوسائل التي تعزز منظومة حقوق الإنسان وتحفظ الحقوق للجميع". وفيما يلي نص الحوار:
- حدثنا عن نشأتك؟
أنا من منطقة الحورة الحدادة، ونشأت فيها وتربيت في عائلة محافظة كمعظم عائلات البحرين، وكانت التربية فيها نوع من الصرامة، الوالد والوالدة كانا شديدين على اتباع التقاليد الصحيحة، واستطاعا بعقليتهما المتفتحة أن يجعلاني أكمل دراستي، التي بدأت بالمدرسة الوسطى التي سميت لاحقاً مدرسة الإمام علي، ثم أكملت دراستي الإعدادية والثانوية بمدرسة الحورة للبنين.
وحين تخرجت التحقت بجامعة دلهي بالهند، وبقيت هناك 5 سنوات، أخذت البكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصاد، ثم تابعت دراسة الماجستير في العلوم السياسية والقانون الدولي، بالإضافة إلى شهادات أخرى في المنظمات الدولية.
وخلال تواجدي بجامعة دلهي بدأت بتعلم اللغة الفرنسية، وحين انضممت لوزارة الخارجية التحقت بالمعهد الفرنسي للغة الفرنسية في منطقة القضيبية، وتابعت دراسة هذه اللغة في باريس ومونتريال، وأنا الآن أتقن اللغات الفرنسية والإنجليزية والهندية بالإضافة إلى اللغة العربية.
- كم عدد أفراد أسرتك؟
نحن 6 إخوة وأختان وأنا أكبرهم، ومن الطبيعي أن تقع على الولد الأكبر مسؤولية كبرى بالنسبة للإخوة الآخرين، كان تركيزي في أن أتابع دراسة الإخوة جميعهم في البحرين وخارجها، لأن التعليم يفتح لك أبواباً قد لا تصل لها إذا لم تكن متعلماً. الوالدة والوالد لم يكونا متعلّمين، لكن والدتي كانت تحفظ القرآن ووالدي أيضاً، والتحقت والدتي في مدارس وزارة التربية والتعليم ضمن برنامج محو الأمية.
- لماذا اخترت تخصص السياسة والاقتصاد بجامعة دلهي؟
الدراسة باللغة الانجليزية في السبعينات كانت شيئاً مهماً، ويومها د.أحمد عباس الذي أصبح لاحقاً سفيراً للبحرين في ألمانيا، كان وقتها يدرس في جامعة دلهي، وقال لي عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية بمدرسة الحورة الثانوية للبنين: "حياك للدراسة معنا بعد التخرج". وعندما تخرجت من المدرسة ذهبت إلى دلهي، إلا أن د.أحمد عباس غادر جامعة دلهي وذهب إلى جامعة اكرا، واستقبلني أحد الزملاء العراقيين في سكن الطلبة بمدينة دلهي، وقُبلت بالجامعة مباشرة لأن درجتي في اللغة الانجليزية 95%.
- ومن أين جاءت فكرة الالتحاق بوزارة الخارجية؟
حين كنت طالباً بالهند، جاء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الذي كان وقتها وزيرا للخارجية إلى مدينة دلهي في زيارة رسمية، وخلال الزيارة طلب لقاء الطلبة البحرينيين، وكان يرافقه القنصل البحريني في مومبي آنذاك محمد حسن كمال الدين، وخلال جلستنا مع سموه سألني ماذا تدرس؟ فقلت له: علوم سياسية واقتصاد وقانون دولي، فقال لي إذا تخرجت يمكنك العمل معنا في وزارة الخارجية. وبالفعل بعد حصولي على الشهادة الجامعية قدمت أوراقي للوزارة وقبلت فيها وعملت في إدارة الشؤون القانونية، وكانت إدارة نشطة، وكانت هناك مؤتمرات كثيرة، فالتحقت بدورة الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان لنا دور كبير في النقاشات، وكنا نتبع اللجنة السادسة للأمم المتحدة وهي اللجنة التشريعية.
كنا نحرص على دراسة ومناقشة القوانين التي تصدر في البحرين، وكذلك الاتفاقيات الدولية التي تعتبر البحرين طرفاً فيها، وبالتالي نعد وثائق مشاركة وفود البحرين في اللقاءات والمؤتمرات الخليجية والعربية والدولية. حين كنا بوزارة الخارجية، شاركت البحرين بفاعلية كبيرة في الاجتماعات المخصصة لإعداد مسوّدة اتفاقية قانون البحار والتي أقرت بشكلها النهائي في جامايكا، حيث كان د.حسين البحارنة وزير الدولة للشؤون القانونية يترأس وفد مملكة البحرين في هذه الاجتماعات، وبصفتنا جزيرة شكلنا تجمعاً مع الجزر الصغير واستطعنا فرض ما نريد، والحفاظ على مصالح البحرين من خلال تضمين الاتفاقية بنوداً تحفظ حقوق البحرين البحرية والجرف القاري. وفي عام 1982 عملت سكرتيراً أول بسفارة البحرين في واشنطن، وبعد أشهر أصبحت قائماً بأعمال السفارة لمدة ثلاثة أعوام، وذلك بعد أن نقل السفير عبدالعزيز بوعلي إلى ديوان وزارة الخارجية.
- كيف كانت هذه المرحلة؟
خلال تسلمي مهام القائم بأعمال سفارة البحرين في واشنطن، زار أمير البحرين الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، واشنطن، وكنت حديث العهد بالسفارة ومن الطبيعي أن يتطلب الأمر جهداً في الإعداد والتنسيق لزيارة المغفور له بإذن الأمير الراحل، ولا أنسى دور مدير المراسم بوزارة الخارجية وقتها المرحوم نبيل قمبر، الذي أتى إلى السفارة للمساعدة في الإعداد للزيارة الرسمية. وخلال هذه المرحلة أيضاً زارنا جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه حين كان ولياً للعهد، وهذه تجربة مهمة استفدت منها كثيراً في إطار تعزيز العلاقات بين البحرين وأمريكا.
- حدثنا عن فترة اختيارك لتمثيل البحرين في اليونسكو؟
في سنة 1985 تم نقلي إلى باريس، بعد وفاة المرحوم الأستاذ علي تقي ممثل البحرين في اليونسكو، إثر حادث مروري، لأن وزير التربية والتعليم وقتها د.علي فخرو طلب من وزارة الخارجية ترشيح ملحق ثقافي لفترة معينة حتى تعيين وزارة التربية والتعليم ملحقاً ثقافياً، وتم اختياري لتولي هذه المهام، وتوليت شؤون الطلبة ومتابعة أمورهم، وحضرت اجتماعات اليونسكو في باريس. وخلال الحرب الأهلية في لبنان كانت وزارة التربية والتعليم تريد نقل الطلبة من الجامعات اللبنانية إلى الجامعات الكندية في مونتريال، وقد قبلت الجامعات الكندية هذه الأعداد الكبيرة من الطلبة البحرينيين، وهذا ما أسهم في فتح قنصلية لمملكة البحرين في مونتريال، وانتقلت من باريس إلى كندا للقيام بمهام القنصل العام للمملكة في كندا، ومن المعلوم أن كندا من الدول المتقدمة ولنا علاقات طيبة معها، ولذلك حرصنا على تعزيز هذه العلاقة خلال تلك الفترة.
- لننتقل إلى مرحلة عملك في مقر الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف، كيف كانت هذه التجربة في مسيرتك العملية؟
كنت سفيراً في مقر الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف من العام 1991 وحتى أغسطس من العام 2000، وهذه مرحلة مهمة بالنسبة لي شخصياً، وتجربة ثرية استفدت منها كثيراً، فالإنسان إذا أراد أن يتعلم عليه أن ينتهز مثل هذه الفرص، فجنيف تضم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الاتصالات الدولية، وغيرها من المنظمات الدولية، ولذلك فإن جنيف تشهد زيارة وفود من البحرين طوال العام، حيث تأتي هذه الوفود للمشاركة في المؤتمرات والاجتماعات الدورية في المنظمات التي تعتبر البحرين عضواً فيها.
وهذه الاجتماعات فتحت لنا آفاقاً للمعرفة ومساعدة الوفود البحرينية وتسهيل مهامها خلال تواجدها في جنيف، كما أنه من البداية كان لنا دور كبير في المفوضية السامية لحقوق الإإنسان، لأن قضية حقوق الإنسان قضية دولية، وجلالة الملك المعظم، ذكر 3 ركائز لسياسة البحرين، وهي: الأمن والسلام، وحقوق الإنسان، والتنمية المستدامة". وكما هو معلوم، ليس هناك دولة مستثناة من مواجهة تحديات حقوق الإنسان، وكنا في جنيف نعمل على حل مسائل حقوق الإنسان بالوسائل التي تعزز منظومة حقوق الإنسان وتحفظ الحقوق للجميع.
- بجانب عملك سفيراً بجنيف، كنت سفيراً غير مقيم في ألمانيا والنمسا، كيف كانت هذه المرحلة؟
تعتبر ألمانيا من الدول الاقتصادية والعلمية الأولى بالاتحاد الأوروبي، وعلاقتنا بألمانيا قديمة جداً، كنت أسافر لها باستمرار في زيارات رسمية، وكذلك لحضور الفعاليات الوطنية كتنصيب الرؤساء والاحتفالات الوطنية، والعمل على تعزيز وتقوية العلاقات البحرينية الألمانية، وأيضاً كنت أزور النمسا للمشاركة في احتفالات تنصيب الرؤساء والمناسبات الوطنية، وحضور اجتماعات المنظمات المتخصصة فيها.
- عينت وكيلاً مساعداً للشؤون السياسية والتعاون الدولي في وزارة الخارجية، حدثنا عن هذه المرحلة؟
بعد ما يقارب 18 عاماً من العمل الدبلوماسي خارج البحرين، اكتسبت خبرة في التعامل مع مسؤوليتي الجديدة، كنا نتعامل مع السفارات المعتمدة للدول في البحرين، كانوا يأتون لمكتبي ويطرحون الموضوعات التي تعزز العلاقات بين البحرين والدول الأخرى، وكنا ننقلها إلى الإدارة العليا في وزارة الخارجية، وكنا نسهل أمور البعثات الدبلوماسية، ونجتمع مع المسؤولين بالوزارات ومؤسسات الدولة من أجل تقوية العلاقات والروابط بين البحرين والدول الأخرى. كانت لنا علاقة خاصة مع مكتب الأمم المتحدة الإنمائي، وكنا نعد للمؤتمرات التي تعقد في البحرين ونشارك فيها، ومن خلال خبرتنا خارج البحرين لمدة طويلة استطعنا الاستفادة منها حين رجعنا إلى وزارة الخارجية.
- من هم الشخصيات التي استفدت منها؟
سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة من الشخصيات التي استفدت منها كثيراً، فهو يقدر ويحترم الجميع ومكتبه دائماً مفتوح، ونلتقي به باستمرار، ووجدنا حرصه الشديد، وتفانيه في خدمة البحرين على كافة الأصعدة، ويمتاز سموّه بالحكمة والرصانة، وذو أخلاق عالية، ولا أنسى فضله الكبير فيما وصلت إليه. كما لا أنسى الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، مستشار جلالة للشؤون الدبلوماسية، الذي شغل منصب وزير الخارجية في 26 سبتمبر 2005، حيث عمل على تطوير وزارة الخارجية، وتعزيز الدبلوماسية البحرينية على المستويات الخليجية والعربية والدولية، وخلال توليه مسؤولة الوزارة انتُخبت البحرين لرئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث نقوم بين فترة وأخرى بالاتصال والتنسيق مع معاليه فيما يخص الموضوعات والأمور المطروحة أمام الجمعية العامة، للاستنارة بآرائه، واتخاذ المواقف التي تصب في مصلحة مملكة البحرين. كذلك من الشخصيات التي استفدت منها، غازي محمد القصيبي الذي كان مديراً للمراسم والشؤون القانونية، وعلي المحروس الذي كان وقتها مدير الإدارة السياسية، ومحمود بهلول الذي كان مدير إدارة المنظمات الدولية، وكذلك المرحوم نبيل قمبر الذي كان مدير المراسم بوزارة الخارجية. كان بيننا وبينهم تعاون وعمل أخوي غير محدود، وكان الهدف الرقي بسمعة المملكة داخلياً وخارجياً. وخلال عملي تسلمت البحرين رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة من 12 سبتمبر 2006 وحتى 17 سبتمبر 2007 وانتخبت الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة رئيساً للجمعية في دورتها الـ61 بالإجماع، وعينتُ رئيساً لفريق عمل يساند الشيخة هيا في إدارة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعملت معها لمدة سنة وخمسة شهور، وهي مهمة كبيرة وتعتبر إنجازاً للدبلوماسية الدولية للبحرين والدول الخليجية والعربية والإسلامية، وكانت الشيخة هيا آل خليفة ثالث امرأة تترأس الجمعية، وكنا كبحرينيين فخورين بهذا الإنجاز الكبير، وتشرفنا خلال هذه الفترة بزيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
- حدثنا عن إسهاماتك في تدريب وتأهيل الدبلوماسيين الجدد؟
كنا ندرب الدبلوماسيين الجدد، واستطعنا تكوين كادر دبلوماسي واعٍ، ونقلنا خبرتنا لهذه الكوادر، ونعتز كثيراً بأن عدداً منهم أصبحوا رؤساء بعثات دبلوماسية في الخارج.
- كيف كانت مرحلة التقاعد؟
مرحلة التقاعد جاءت بعد سنوات طويلة من العمل المستمر، وخدمة البحرين داخلياً وخارجياً، وأشعر بالفخر والاعتزاز أنني كنت ممثلاً ودبلوماسياً لبلادي في العديد من الدول. وفترة التقاعد أجدها مرحلة جديدة في الحياة، وفرصة لتنمية المعرفة، والتركيز على القراءة والمطالعة.
- كم عدد أبنائك؟
لدي 3 بنات وولدان، وهم اليوم في يخدمون البحرين عبر وجودهم في مراكز وظيفية مهمة، بفضل الله سبحانه وتعالى. حيث إنني خلال تواجدي خارج البحرين حرصت على استثمار هذه الفرصة لتعليمهم في مدارس وجامعات مرموقة، لأن الاستثمار في التعليم كنز كبير.
- كيف تلقيت خبر تعيينك بمجلس الشورى؟
كنت وقتها بالهند، وكان هاتفي مغلقاً فتواصلوا مع أسرتي وطلبوا رقمي في الهند، فتلقيت اتصالاً من الديوان الملكي يخبرني بأنه تم اختياري من قبل صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، لأكون عضواً في مجلس الشورى، وهذه مسؤولية كبيرة وأنا أفتخر بهذا التعيين الذي يعد تكريماً وتكليفاً في ذات الوقت، ونحن نعتز بخدمة مملكة البحرين أينما نكون.
عملنا في مجلس الشورى عملاً جماعياً، وأنا منذ تعييني في المجلس كنت عضواً في لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، التي تعتبر من اللجان الرئيسة، لأنها اللجنة المعنية بدراسة جميع الموضوعات التي تحال إلى المجلس، وإبداء الرأي فيها فيما إذا كانت دستورية وقانونية أم لا.
أعتز بالعمل مع رئيسة اللجنة دلال الزايد وجميع الزملاء في اللجنة، وإلى جانب عضويتي في لجنة الشؤون التشريعية، أنا ترأست لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى لمدة 8 سنوات، وحرصنا على تعزيز وتنمية وتطوير منظومة حقوق الإنسان في البحرين، ومن أهم القوانين التي صدرت خلال هذه الفترة هو قانون العقوبات والتدابير البديلة، الذي استفاد منه أكثر من 4000 مواطن ومقيم ويعتبر نقلة نوعية في تاريخ البحرين، هذا القانون أثلج صدور الكثير من العوائل البحرينية، وهو يأتي انطلاقاً من المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم، وإلى جانب ذلك قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، الذي نقل المملكة إلى درجة متقدمة فيما يخص حماية حقوق الأطفال.
- أنت بخبرة 35 سنة بوزارة الخارجية، لماذا اخترت اللجنة التشريعية بدلاً من اللجنة الخارجية؟
لأنني كنت بوزارة الخارجية أعمل ضمن الدائرة القانونية، ولدي خبرة قانونية، ووجدت أنني سأسهم في اللجنة التشريعية بشكل أكبر.
- حدثنا عن المناصب الأخرى التي توليتها؟
كنت أمثل وزارة الخارجية في اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهذه اللجنة لم تأتِ من فراغ بل نتيجة لقرارات أممية في هذا الشأن نتيجة لأحداث 11 سبتمبر الإرهابية.
ومن هذا المنطلق تم إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ودورنا كوزارة خارجية أن نشرح كيف ننفذ قرارات مجلس الأمن الدولي، فنحن عضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة ونحترم قراراتها. كما أنني عُينت في مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية وهو إحدى ثمار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم، فالمجلس معني بنشر مبادئ الديمقراطية وتثقيف شعب البحرين فيما يخص التوعية السياسية والمجتمعية. وكنت عضواً في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وسعيت قدر الإمكان في تعزيز دور هذه المؤسسة في الحفاظ على حقوق المواطنين وتطويرها، شاهدت عملاً مخلصاً من منتسبي المؤسسة في تلقي الشكاوى وإيصالها للمعنيين، ومتابعة إيجاد الحلول لها وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها في المملكة.
- هل لنا أن نختم الحوار بنصيحة تقدمها من واقع خبرتك؟
عملت في السلك الدبلوماسي لفترة طويلة، أرى من الأهمية التحلي بالأمانة الوظيفية، خصوصاً عندما تكون في موقع المسؤولية، والالتزام بالنزاهة والإخلاص والتفاني في أداء مسؤوليات العمل الذي تكلف به.
ليس هناك دولة مستثناة من تحديات حقوق الإنسان
محمد بن مبارك صاحب الفضل فيما وصلت إليه
حسن الستري "تصوير: علي العمايرة"
"عملت في السلك الدبلوماسي لفترة طويلة، أرى من الأهمية التحلّي بالأمانة الوظيفية، خصوصاً عندما تكون في موقع المسؤولية، والالتزام بالنزاهة والإخلاص والتفاني في أداء مسؤوليات العمل الذي تكلف به".
بهذه الكلمات اختصر عضو مجلس الشورى السفير أحمد الحداد نصيحته لكل من يتولى منصباً، خصوصاً الدبلوماسيين، مؤكداً أنه درّب العديد من الدبلوماسيين، واستطاع بمعاونة زملائه "تكوين كادر دبلوماسي واعٍ، ونقلنا خبرتنا لهذه الكوادر، ونعتز كثيراً بأن عدداً منهم أصبحوا رؤساء بعثات دبلوماسية في الخارج".
الحداد الذي نشأ في أزقة الحورة الحدادة لأسرة محافظة، وأكمل دراسة البكالوريوس والماجستير بالهند في العلوم السياسية، دان بالفضل فيما وصل إليه لوالديه، ولسمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الممثل الخاص لجلالة الملك المعظم، مؤكداً أن "سموه يقدر ويحترم الجميع ومكتبه دائماً مفتوح، ونلتقي به باستمرار، ووجدنا حرصه الشديد، وتفانيه في خدمة البحرين على كافة الأصعدة، ويمتاز سموّه بالحكمة والرصانة، وذو أخلاق عالية، ولا أنسى فضله الكبير فيما وصلت إليه"، مفيداً أن سموه زار الهند والتقى به أثناء دراسته، ودعاه للعمل بوزارة الخارجية بعد التخرج.
الحداد الذي كان سفيراً للبحرين في جنيف، التي يقع فيها مقر المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أكد لـ"الوطن" أنه "ليس هناك دولة مستثناة من مواجهة تحديات حقوق الإنسان، وكنا في جنيف نعمل على حل مسائل حقوق الإنسان بالوسائل التي تعزز منظومة حقوق الإنسان وتحفظ الحقوق للجميع". وفيما يلي نص الحوار:
- حدثنا عن نشأتك؟
أنا من منطقة الحورة الحدادة، ونشأت فيها وتربيت في عائلة محافظة كمعظم عائلات البحرين، وكانت التربية فيها نوع من الصرامة، الوالد والوالدة كانا شديدين على اتباع التقاليد الصحيحة، واستطاعا بعقليتهما المتفتحة أن يجعلاني أكمل دراستي، التي بدأت بالمدرسة الوسطى التي سميت لاحقاً مدرسة الإمام علي، ثم أكملت دراستي الإعدادية والثانوية بمدرسة الحورة للبنين.
وحين تخرجت التحقت بجامعة دلهي بالهند، وبقيت هناك 5 سنوات، أخذت البكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصاد، ثم تابعت دراسة الماجستير في العلوم السياسية والقانون الدولي، بالإضافة إلى شهادات أخرى في المنظمات الدولية.
وخلال تواجدي بجامعة دلهي بدأت بتعلم اللغة الفرنسية، وحين انضممت لوزارة الخارجية التحقت بالمعهد الفرنسي للغة الفرنسية في منطقة القضيبية، وتابعت دراسة هذه اللغة في باريس ومونتريال، وأنا الآن أتقن اللغات الفرنسية والإنجليزية والهندية بالإضافة إلى اللغة العربية.
- كم عدد أفراد أسرتك؟
نحن 6 إخوة وأختان وأنا أكبرهم، ومن الطبيعي أن تقع على الولد الأكبر مسؤولية كبرى بالنسبة للإخوة الآخرين، كان تركيزي في أن أتابع دراسة الإخوة جميعهم في البحرين وخارجها، لأن التعليم يفتح لك أبواباً قد لا تصل لها إذا لم تكن متعلماً. الوالدة والوالد لم يكونا متعلّمين، لكن والدتي كانت تحفظ القرآن ووالدي أيضاً، والتحقت والدتي في مدارس وزارة التربية والتعليم ضمن برنامج محو الأمية.
- لماذا اخترت تخصص السياسة والاقتصاد بجامعة دلهي؟
الدراسة باللغة الانجليزية في السبعينات كانت شيئاً مهماً، ويومها د.أحمد عباس الذي أصبح لاحقاً سفيراً للبحرين في ألمانيا، كان وقتها يدرس في جامعة دلهي، وقال لي عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية بمدرسة الحورة الثانوية للبنين: "حياك للدراسة معنا بعد التخرج". وعندما تخرجت من المدرسة ذهبت إلى دلهي، إلا أن د.أحمد عباس غادر جامعة دلهي وذهب إلى جامعة اكرا، واستقبلني أحد الزملاء العراقيين في سكن الطلبة بمدينة دلهي، وقُبلت بالجامعة مباشرة لأن درجتي في اللغة الانجليزية 95%.
- ومن أين جاءت فكرة الالتحاق بوزارة الخارجية؟
حين كنت طالباً بالهند، جاء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة الذي كان وقتها وزيرا للخارجية إلى مدينة دلهي في زيارة رسمية، وخلال الزيارة طلب لقاء الطلبة البحرينيين، وكان يرافقه القنصل البحريني في مومبي آنذاك محمد حسن كمال الدين، وخلال جلستنا مع سموه سألني ماذا تدرس؟ فقلت له: علوم سياسية واقتصاد وقانون دولي، فقال لي إذا تخرجت يمكنك العمل معنا في وزارة الخارجية. وبالفعل بعد حصولي على الشهادة الجامعية قدمت أوراقي للوزارة وقبلت فيها وعملت في إدارة الشؤون القانونية، وكانت إدارة نشطة، وكانت هناك مؤتمرات كثيرة، فالتحقت بدورة الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان لنا دور كبير في النقاشات، وكنا نتبع اللجنة السادسة للأمم المتحدة وهي اللجنة التشريعية.
كنا نحرص على دراسة ومناقشة القوانين التي تصدر في البحرين، وكذلك الاتفاقيات الدولية التي تعتبر البحرين طرفاً فيها، وبالتالي نعد وثائق مشاركة وفود البحرين في اللقاءات والمؤتمرات الخليجية والعربية والدولية. حين كنا بوزارة الخارجية، شاركت البحرين بفاعلية كبيرة في الاجتماعات المخصصة لإعداد مسوّدة اتفاقية قانون البحار والتي أقرت بشكلها النهائي في جامايكا، حيث كان د.حسين البحارنة وزير الدولة للشؤون القانونية يترأس وفد مملكة البحرين في هذه الاجتماعات، وبصفتنا جزيرة شكلنا تجمعاً مع الجزر الصغير واستطعنا فرض ما نريد، والحفاظ على مصالح البحرين من خلال تضمين الاتفاقية بنوداً تحفظ حقوق البحرين البحرية والجرف القاري. وفي عام 1982 عملت سكرتيراً أول بسفارة البحرين في واشنطن، وبعد أشهر أصبحت قائماً بأعمال السفارة لمدة ثلاثة أعوام، وذلك بعد أن نقل السفير عبدالعزيز بوعلي إلى ديوان وزارة الخارجية.
- كيف كانت هذه المرحلة؟
خلال تسلمي مهام القائم بأعمال سفارة البحرين في واشنطن، زار أمير البحرين الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، واشنطن، وكنت حديث العهد بالسفارة ومن الطبيعي أن يتطلب الأمر جهداً في الإعداد والتنسيق لزيارة المغفور له بإذن الأمير الراحل، ولا أنسى دور مدير المراسم بوزارة الخارجية وقتها المرحوم نبيل قمبر، الذي أتى إلى السفارة للمساعدة في الإعداد للزيارة الرسمية. وخلال هذه المرحلة أيضاً زارنا جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه حين كان ولياً للعهد، وهذه تجربة مهمة استفدت منها كثيراً في إطار تعزيز العلاقات بين البحرين وأمريكا.
- حدثنا عن فترة اختيارك لتمثيل البحرين في اليونسكو؟
في سنة 1985 تم نقلي إلى باريس، بعد وفاة المرحوم الأستاذ علي تقي ممثل البحرين في اليونسكو، إثر حادث مروري، لأن وزير التربية والتعليم وقتها د.علي فخرو طلب من وزارة الخارجية ترشيح ملحق ثقافي لفترة معينة حتى تعيين وزارة التربية والتعليم ملحقاً ثقافياً، وتم اختياري لتولي هذه المهام، وتوليت شؤون الطلبة ومتابعة أمورهم، وحضرت اجتماعات اليونسكو في باريس. وخلال الحرب الأهلية في لبنان كانت وزارة التربية والتعليم تريد نقل الطلبة من الجامعات اللبنانية إلى الجامعات الكندية في مونتريال، وقد قبلت الجامعات الكندية هذه الأعداد الكبيرة من الطلبة البحرينيين، وهذا ما أسهم في فتح قنصلية لمملكة البحرين في مونتريال، وانتقلت من باريس إلى كندا للقيام بمهام القنصل العام للمملكة في كندا، ومن المعلوم أن كندا من الدول المتقدمة ولنا علاقات طيبة معها، ولذلك حرصنا على تعزيز هذه العلاقة خلال تلك الفترة.
- لننتقل إلى مرحلة عملك في مقر الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف، كيف كانت هذه التجربة في مسيرتك العملية؟
كنت سفيراً في مقر الأمم المتحدة الأوروبي في جنيف من العام 1991 وحتى أغسطس من العام 2000، وهذه مرحلة مهمة بالنسبة لي شخصياً، وتجربة ثرية استفدت منها كثيراً، فالإنسان إذا أراد أن يتعلم عليه أن ينتهز مثل هذه الفرص، فجنيف تضم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الاتصالات الدولية، وغيرها من المنظمات الدولية، ولذلك فإن جنيف تشهد زيارة وفود من البحرين طوال العام، حيث تأتي هذه الوفود للمشاركة في المؤتمرات والاجتماعات الدورية في المنظمات التي تعتبر البحرين عضواً فيها.
وهذه الاجتماعات فتحت لنا آفاقاً للمعرفة ومساعدة الوفود البحرينية وتسهيل مهامها خلال تواجدها في جنيف، كما أنه من البداية كان لنا دور كبير في المفوضية السامية لحقوق الإإنسان، لأن قضية حقوق الإنسان قضية دولية، وجلالة الملك المعظم، ذكر 3 ركائز لسياسة البحرين، وهي: الأمن والسلام، وحقوق الإنسان، والتنمية المستدامة". وكما هو معلوم، ليس هناك دولة مستثناة من مواجهة تحديات حقوق الإنسان، وكنا في جنيف نعمل على حل مسائل حقوق الإنسان بالوسائل التي تعزز منظومة حقوق الإنسان وتحفظ الحقوق للجميع.
- بجانب عملك سفيراً بجنيف، كنت سفيراً غير مقيم في ألمانيا والنمسا، كيف كانت هذه المرحلة؟
تعتبر ألمانيا من الدول الاقتصادية والعلمية الأولى بالاتحاد الأوروبي، وعلاقتنا بألمانيا قديمة جداً، كنت أسافر لها باستمرار في زيارات رسمية، وكذلك لحضور الفعاليات الوطنية كتنصيب الرؤساء والاحتفالات الوطنية، والعمل على تعزيز وتقوية العلاقات البحرينية الألمانية، وأيضاً كنت أزور النمسا للمشاركة في احتفالات تنصيب الرؤساء والمناسبات الوطنية، وحضور اجتماعات المنظمات المتخصصة فيها.
- عينت وكيلاً مساعداً للشؤون السياسية والتعاون الدولي في وزارة الخارجية، حدثنا عن هذه المرحلة؟
بعد ما يقارب 18 عاماً من العمل الدبلوماسي خارج البحرين، اكتسبت خبرة في التعامل مع مسؤوليتي الجديدة، كنا نتعامل مع السفارات المعتمدة للدول في البحرين، كانوا يأتون لمكتبي ويطرحون الموضوعات التي تعزز العلاقات بين البحرين والدول الأخرى، وكنا ننقلها إلى الإدارة العليا في وزارة الخارجية، وكنا نسهل أمور البعثات الدبلوماسية، ونجتمع مع المسؤولين بالوزارات ومؤسسات الدولة من أجل تقوية العلاقات والروابط بين البحرين والدول الأخرى. كانت لنا علاقة خاصة مع مكتب الأمم المتحدة الإنمائي، وكنا نعد للمؤتمرات التي تعقد في البحرين ونشارك فيها، ومن خلال خبرتنا خارج البحرين لمدة طويلة استطعنا الاستفادة منها حين رجعنا إلى وزارة الخارجية.
- من هم الشخصيات التي استفدت منها؟
سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة من الشخصيات التي استفدت منها كثيراً، فهو يقدر ويحترم الجميع ومكتبه دائماً مفتوح، ونلتقي به باستمرار، ووجدنا حرصه الشديد، وتفانيه في خدمة البحرين على كافة الأصعدة، ويمتاز سموّه بالحكمة والرصانة، وذو أخلاق عالية، ولا أنسى فضله الكبير فيما وصلت إليه. كما لا أنسى الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، مستشار جلالة للشؤون الدبلوماسية، الذي شغل منصب وزير الخارجية في 26 سبتمبر 2005، حيث عمل على تطوير وزارة الخارجية، وتعزيز الدبلوماسية البحرينية على المستويات الخليجية والعربية والدولية، وخلال توليه مسؤولة الوزارة انتُخبت البحرين لرئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث نقوم بين فترة وأخرى بالاتصال والتنسيق مع معاليه فيما يخص الموضوعات والأمور المطروحة أمام الجمعية العامة، للاستنارة بآرائه، واتخاذ المواقف التي تصب في مصلحة مملكة البحرين. كذلك من الشخصيات التي استفدت منها، غازي محمد القصيبي الذي كان مديراً للمراسم والشؤون القانونية، وعلي المحروس الذي كان وقتها مدير الإدارة السياسية، ومحمود بهلول الذي كان مدير إدارة المنظمات الدولية، وكذلك المرحوم نبيل قمبر الذي كان مدير المراسم بوزارة الخارجية. كان بيننا وبينهم تعاون وعمل أخوي غير محدود، وكان الهدف الرقي بسمعة المملكة داخلياً وخارجياً. وخلال عملي تسلمت البحرين رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة من 12 سبتمبر 2006 وحتى 17 سبتمبر 2007 وانتخبت الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة رئيساً للجمعية في دورتها الـ61 بالإجماع، وعينتُ رئيساً لفريق عمل يساند الشيخة هيا في إدارة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعملت معها لمدة سنة وخمسة شهور، وهي مهمة كبيرة وتعتبر إنجازاً للدبلوماسية الدولية للبحرين والدول الخليجية والعربية والإسلامية، وكانت الشيخة هيا آل خليفة ثالث امرأة تترأس الجمعية، وكنا كبحرينيين فخورين بهذا الإنجاز الكبير، وتشرفنا خلال هذه الفترة بزيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
- حدثنا عن إسهاماتك في تدريب وتأهيل الدبلوماسيين الجدد؟
كنا ندرب الدبلوماسيين الجدد، واستطعنا تكوين كادر دبلوماسي واعٍ، ونقلنا خبرتنا لهذه الكوادر، ونعتز كثيراً بأن عدداً منهم أصبحوا رؤساء بعثات دبلوماسية في الخارج.
- كيف كانت مرحلة التقاعد؟
مرحلة التقاعد جاءت بعد سنوات طويلة من العمل المستمر، وخدمة البحرين داخلياً وخارجياً، وأشعر بالفخر والاعتزاز أنني كنت ممثلاً ودبلوماسياً لبلادي في العديد من الدول. وفترة التقاعد أجدها مرحلة جديدة في الحياة، وفرصة لتنمية المعرفة، والتركيز على القراءة والمطالعة.
- كم عدد أبنائك؟
لدي 3 بنات وولدان، وهم اليوم في يخدمون البحرين عبر وجودهم في مراكز وظيفية مهمة، بفضل الله سبحانه وتعالى. حيث إنني خلال تواجدي خارج البحرين حرصت على استثمار هذه الفرصة لتعليمهم في مدارس وجامعات مرموقة، لأن الاستثمار في التعليم كنز كبير.
- كيف تلقيت خبر تعيينك بمجلس الشورى؟
كنت وقتها بالهند، وكان هاتفي مغلقاً فتواصلوا مع أسرتي وطلبوا رقمي في الهند، فتلقيت اتصالاً من الديوان الملكي يخبرني بأنه تم اختياري من قبل صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، لأكون عضواً في مجلس الشورى، وهذه مسؤولية كبيرة وأنا أفتخر بهذا التعيين الذي يعد تكريماً وتكليفاً في ذات الوقت، ونحن نعتز بخدمة مملكة البحرين أينما نكون.
عملنا في مجلس الشورى عملاً جماعياً، وأنا منذ تعييني في المجلس كنت عضواً في لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، التي تعتبر من اللجان الرئيسة، لأنها اللجنة المعنية بدراسة جميع الموضوعات التي تحال إلى المجلس، وإبداء الرأي فيها فيما إذا كانت دستورية وقانونية أم لا.
أعتز بالعمل مع رئيسة اللجنة دلال الزايد وجميع الزملاء في اللجنة، وإلى جانب عضويتي في لجنة الشؤون التشريعية، أنا ترأست لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى لمدة 8 سنوات، وحرصنا على تعزيز وتنمية وتطوير منظومة حقوق الإنسان في البحرين، ومن أهم القوانين التي صدرت خلال هذه الفترة هو قانون العقوبات والتدابير البديلة، الذي استفاد منه أكثر من 4000 مواطن ومقيم ويعتبر نقلة نوعية في تاريخ البحرين، هذا القانون أثلج صدور الكثير من العوائل البحرينية، وهو يأتي انطلاقاً من المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم، وإلى جانب ذلك قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، الذي نقل المملكة إلى درجة متقدمة فيما يخص حماية حقوق الأطفال.
- أنت بخبرة 35 سنة بوزارة الخارجية، لماذا اخترت اللجنة التشريعية بدلاً من اللجنة الخارجية؟
لأنني كنت بوزارة الخارجية أعمل ضمن الدائرة القانونية، ولدي خبرة قانونية، ووجدت أنني سأسهم في اللجنة التشريعية بشكل أكبر.
- حدثنا عن المناصب الأخرى التي توليتها؟
كنت أمثل وزارة الخارجية في اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهذه اللجنة لم تأتِ من فراغ بل نتيجة لقرارات أممية في هذا الشأن نتيجة لأحداث 11 سبتمبر الإرهابية.
ومن هذا المنطلق تم إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ودورنا كوزارة خارجية أن نشرح كيف ننفذ قرارات مجلس الأمن الدولي، فنحن عضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة ونحترم قراراتها. كما أنني عُينت في مجلس أمناء معهد البحرين للتنمية السياسية وهو إحدى ثمار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم، فالمجلس معني بنشر مبادئ الديمقراطية وتثقيف شعب البحرين فيما يخص التوعية السياسية والمجتمعية. وكنت عضواً في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وسعيت قدر الإمكان في تعزيز دور هذه المؤسسة في الحفاظ على حقوق المواطنين وتطويرها، شاهدت عملاً مخلصاً من منتسبي المؤسسة في تلقي الشكاوى وإيصالها للمعنيين، ومتابعة إيجاد الحلول لها وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها في المملكة.
- هل لنا أن نختم الحوار بنصيحة تقدمها من واقع خبرتك؟
عملت في السلك الدبلوماسي لفترة طويلة، أرى من الأهمية التحلي بالأمانة الوظيفية، خصوصاً عندما تكون في موقع المسؤولية، والالتزام بالنزاهة والإخلاص والتفاني في أداء مسؤوليات العمل الذي تكلف به.