حسن الستري، تصوير علي العمايرة
لم أقبل الرعاية الزائدة لأني وحيد الأبوين
أعشق السفر والفن وأهتم باللغة العربية
أجيد الطبخات البحرينية كـ«الغوزي» و«المربين»
التحق بكلية البحرين الجامعية في السنة الأولى لتأسيسها، وعمل بلجنة حماية البيئة في الفترة الأولى من تأسيسها، كما كان أول بحريني يحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم البيئية، وكان أول مدير عام لبلدية المنطقة الشمالية الذي صادف أول انتخابات بلدية، وأخيراً عضواً بأول مجلس إدارة لهيئة جودة التعليم والتدريب.
تلك هي صدف "الأوائل" كما أسماها عضو مجلس الشورى د. محمد علي حسن في حوار مع الوطن سرد فيه مسيرته، قائلاً "نشأت وحيد الأم والأب وهذا كون في شخصيتي شيئاً غير الذي يظنه الناس، لم أقبل الرعاية الزائدة باعتباري وحيداً"، مشيراً إلى أنه يهوى السفر والفن والأدب والطبخ، خصوصاً الأكلات البحرينية كـ"الغوزي" و"المربين"، مبيناً أن طباخه يعجب أسرته.
وثمن د.محمد علي حسن دور الشخصيات البارزة التي كان لها الأثر على الصعيدين التعليمي والمهني في مسيرته، وخص بالذكر نائب رئيس الوزراء السابق جواد العريض، ونائب رئيس الوزراء ووزير البنية التحتية الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، واستعرض خبرته بالحياة المهنية والتطوعية.
وذكر أنهم واجهوا صعوبة مع أعضاء المجالس البلدية الذين كانوا يبحثون عن امتيازات لناخبيهم، وكان بعضها يخالف القانون، إلا أنه استطاع إقناعهم بعدم إمكانية تطبيق هذا الأمر، ودعا في هذا الصدد المرشحين للمجلس النيابي والمجالس البلدية للاطلاع على القوانين واللوائح قبل إطلاق برامجهم الانتخابية لكي لا يعدون المواطنين بما لا يستطيعون تحقيقه.
وفيما يلي نص الحوار:
• حدثنا عن نشأتك؟
ولدت ونشأت ولازلت أسكن في سار، تلك القرية الجميلة التي نمت نمواً كبيراً وأصبحت في عداد المدن، كانت في يوم من الأيام قرية متوسطة الحجم يحدها من الشرق بساتين النخيل الكثيفة، ومن الغرب التلال الأثرية وكانت في يوم من الأيام مستوطنة من حضارة دلمون.
نشأت في أسرة صغيرة، فلم يكن لدي أخوة، كنت وحيد الأم والأب وهذا كون في شخصيتي شيئاً غير الذي يظنه الناس، لم أقبل الرعاية الزائدة باعتباري وحيداً، أصبحت أعتمد اعتماداً كلياً على نفسي، كما أن الأسرة الصغيرة متصلة بأسرة كبيرة، نشأت في بيت جدي لأمي مع أبناء الخال والخالة، فلم أشعر أنني وحيد، نشأت في أسرة متوسطة الحال، أبي عمل في شركة بابكو في ذلك الوقت، وهذا وفر حياة كريمة لنا مقارنة بالوضع السائد في تلك الأيام.
• كيف كانت تربيتهما لك؟
الوالد توفاه الله من زمن ولازلت أشتاق لرؤيته، ووالدتي موجودة أطال الله عمرها، تربيتهما لي كانت عادية مثل بقية أنماط التربية السائدة في تلك الوقت، باعتبار الأب لم يكن متعلماً ولكنه كان يحرص على أن أتعلم وأنتظم بالدراسة، وهذا شكل لي الرغبة لأن أواصل التعليم لأبعد مستوى، إلى أن وصلت إلى مرحلة الدكتوراه.
• وكيف كانت دراستك في المدرسة؟
ذهبت إلى المدرسة مبكراً وكنت صغيراً مقارنة بالموجودين، بالبداية التحقت بمدرسة أبوصيبع الابتدائية، ثم مدرسة جدحفص الإعدادية، وكانت آنذاك الدراسة الإعدادية من صفين، حين ذهبت إلى مدرسة المنامة الثانوية، وضعنا مجموعة من الطلاب في الصفوف الثلاثة ولم نتغير، لأنه طُبق علينا ما يسمى ذلك الوقت الرياضيات الحديثة، فلم نتغير كنت دائماً من الأوائل بالمدرسة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن معظم المدرسين الذين درسوني بالمرحلة الابتدائية كانوا من الدراز، فأنا أدين لهم بالفضل الكبير.
• لماذا اخترت تخصص الكيمياء بالجامعة؟
هذه لها قصة، حين تخرجت من الثانوية العامة عام 1979، حصلت على بعثة للدراسة في جمهورية مصر العربية لدراسة الهندسة، وذهبت مع الزملاء وكان توزيعي للدراسة في كلية الهندسة في مدينة شبرا، لم أكن راغباً للاستمرار في هذه الكلية، كنت أرغب للدراسة في القاهرة أو الإسكندرية، ولكن هذا لم يتم، لذلك قررت أن أرجع للبحرين.
وفي ذلك الوقت أنشئت كلية البحرين الجامعية حديثاً تحت رعاية اليونسكو وأصبحت فيما بعد نواة جامعة البحرين وتخرجت بأول دفعة.
الكلية كان بها تخصصات علوم وآداب وتربية، ورأيت أن أنسب التخصصات إلى تفكيري دراسة العلوم، لأنني كنت أحب الفيزياء من أيام الدراسة، وفضلت دراسة الكيمياء كتخصص أساسي ثم الفيزياء باعتبار أنني لم أكن أرغب أن أكون مدرساً، وإنما كنت أريد أن أواصل في مجالات الحياة الأخرى.
• كيف كانت حياتك في بريطانيا؟
الحياة في بريطانيا أهواها وهي من الدول العظمى التي توفر تعليماً ممتازاً، ومما يسهل الدراسة في بريطانيا موضوع اللغة باعتبار أن لغتنا الثانية هي الإنجليزية، وكنت محاطاً بالطلبة العرب.
• وكيف كان عملك في لجنة حماية البيئة؟
بعد التخرج من كلية البحرين الجامعية عملت في لجنة حماية البيئة التي كان يشرف عليها وزير الصحة آنذاك جواد العريض، وكانت نواة للعمل البيئي في البحرين، وأسسنا هذا الجهاز حتى نما وأصبح لاحقاً جهاز حماية البيئة.
بعد العمل وبدعم من الدولة ذهبت لدراسة الماجستير ببعثة على حساب الدولة في بريطانيا في جامعة ايست انجليا بالمملكة المتحدة.
كانت من أفضل الجامعات عملت متفرغاً سنة لدراسة العلوم الكيميائية. ثم عدت للبحرين، والتحقت ببرنامج الدكتوراه بذات الجامعة وبقيت 4 سنوات، لم أكن متفرغاً، ولكن تعاون المسؤولين بالعمل سهل لي مهمة إكمال شهادة الدكتوراه في بريطانيا، ذلك موضوع الدكتوراه موضوع بحثي بالدرجة الأولى وليست به محاضرات يومية.
أول ما عملت في لجنة حماية البيئة لقياس الملوثات البيئية بالهواء والماء والتربة، ثم أصبحت رئيس قسم وتقويم تخطيط بيئي، إلى أن تحولت إلى إدارة بعد أن أصبحت اللجنة تابعة لوزارة الإسكان والبلديات والبيئة التي كان وزيرها في ذلك الوقت الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة.
وهنا لابد أن أذكر أصحاب الفضل علي في عملي ومتابعة دراستي، وهما السيد جواد العريض، ثم الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، فالعمل مع هذين القامتين في غاية المتعة، يحيطانك بالرعاية والاهتمام، ويتركان لك مجال الإبداع والاعتماد على النفس في اتخاذ القرار، ونتعلم منهما أهمية العمل الحكومي وانتقال الخدمة إلى المواطنين، وكذلك لا أنسى خالد فخرو الذي كان مديراً عاماً للجنة حماية البيئة، وواصلت العمل في لجنة حماية البيئة ثم في وزارة الإسكان ما يقارب من 19 سنة، إلى أن تعينت عام 2002 مديراً لبلدية المنطقة الشمالية.
• حدثنا عن هذه المرحلة التي زامنت انطلاق المجالس البلدية؟
تأسس في ذلك الوقت نظام بلدي جديد يشمل مجالس بلدية وإدارة تنفيذية، وهذا النظام موجود في كثير من الدول العربية، عينت، إبان وزارة جواد العريض، لوزارة البلديات والبيئةـ عملت 7 سنوات ببلدية المنطقة، ثم انتقلت إلى بلدية المنطقة الوسطى وعملت فيها 5 سنوات، ولعل من الصدف التي لازمتني في حياتي أن أكون من الأشخاص الأوائل في أكثر من جهة، أول دفعة بكلية البحرين الجامعية دفعتنا، ومن أوائل الموظفين بالبيئة، ومن أوائل المدراء العامين بالنظام الجديد، كما كنت أول بحريني أحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الكيميائية، وكنت أيضاً بأول مجلس إدارة لهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب.
• لنقف قليلاً عند هذه النقطة، كيف تجدها؟
هي فرصة للوصول لأعلى المراتب، لكنها بالمقابل تجعلك مسؤولاً عن تطوير التشريعات والأنظمة، بالبيئة ساعدنا بإنشاء جهاز البيئة وعملنا قوانين وأنظمة جيدة، وساعدنا بوجود قسم في دول مجلس التعاون جهاز الإنسان والبيئة، وكانوا مهتمين بتطوير الأجهزة البيئية بدول الخليج، كنا نحضر كثيراً من الاجتماعات البيئية، وأنشأنا على ضوئه الأنظمة والقوانين والترتيبات الإدارية في البحرين، عملنا نظاماً للتقويم والتخطيط البيئي، كما كان هناك نظام للمحميات الطبيعية في البحرين وطورناه ونظام لحماية البيئة في البحرين.
وبالعودة إلى البلديات، فقد صاحبها وقت إنشائها الكثير من اللغط، باعتبار أنه لأول مرة يكون هناك مجالس بلدية منتخبة، كان هناك صراع أو لغط من هو الذي يحكم البلدية، هي البلدية أو المجالس البلدية، واستمر لمدة طويلة لقلة الفهم بهذا النظام، وعدم استيعاب القوانين الموجودة، وكانت هناك رغبات شخصية، بالصبر على هذا الموضوع ومحاولة الشرح حتى استمر العمل البلدي في البحرين، كنا دائماً نعتقد أن القانون هو الذي يسود، وأن البلدية يجب أن تعمل بجناحين، ولا يمكن أن ينفذ الجهاز التنفيذي شيئاً يقره المجلس البلدي إلا بعد أن يوافق عليه الوزير.
ومن الأمور التي ذكرها لي جواد العريض حين كان وزيراً للبلديات، "العمل البلدي عمل مهم أساسه خدمة الناس، سيأتيك الفقير والمليونير، ويجب أن تقدم الخدمة للاثنين على نفس المستوى"، هذه النصيحة بقيت إلى اليوم، لا فرق بين الفقير والغني في تقديم الخدمة، وإن كنت أرى أن الفقير قد يكون أحوج لها من غيره.
• ألم يشكل التعامل مع أعضاء منتخبين صعوبة عليكم، فالأعضاء يريدون امتيازات واستثناءات لناخبيهم؟
هذا أمر طبيعي باعتبار أن المُنتخب يمثل الناخبين، فلابد أن يكون هناك ضغط عليه من قبلهم، لذلك رأينا محاولات كثيرة لتمرير أشياء خلاف القانون، وكنا نتفاهم مع المجلس البلدي بأن هذا لا يجوز، وكنا ننجح في إيقاف ذلك، وبينا لهم أن المجلس البلدي يستطيع أن يغير القانون عبر اللجوء إلى النواب.
• كنت مديراً عاماً لبلدية المنطقة الوسطى حين ألغيت المحافظة الوسطى، حدثنا عن هذه المرحلة؟
الغيت المحافظة الوسطى وبطبيعة الحال تلغى البلدية التي كان بها 330 موظفاً، أشرفت حينها على نقل الموظفين والملفات والرخص، واستمر الحال إلى حين عينت بمجلس الشورى بعدها بشهرين.
لاشك أن الإنسان حين يساهم في إنشاء مؤسسة ويراها غير موجودة يتساءل ما هي المرحلة القادمة، لكنني لم أخف، فقد كانت لدي القدرة على العمل في مكان آخر.
• كيف تلقيت خبر التعيين بمجلس الشورى؟
تلقيت الخبر باتصال من الديوان الملكي، ورحبت بذلك كثيراً، فالعمل في مجلس الشورى عمل تشريعي بالأساس، حين كنت بالبيئة مهتماً بإعداد القوانين، وساهمت بإعداد أول قانون للبيئة بالبحرين حين كنت مدير التقويم، لذلك كنت مستعداً للعمل بمجلس الشورى، وساعدتني دراستي وخبرتي السابقة في هذا مجال البيئة والبلديات في العمل بلجنة المرافق والبيئة بمجلس الشورى سواء كعضو أو كرئيس.
• وماذا عن رئيس المجلس علي الصالح، فقد كنت مديراً لبلدية المنطقة الشمالية حين كان الصالح وزيراً للبلديات، والآن أنت عضو بمجلس الشورى إبان رئاسته؟
شخصية علي الصالح لا تستطيع إلا أن تقف لها احتراماً، بالوزارة كان عمله تنفيذاً به تراتبية، والآن عمله الإشراف على الأمانة العامة وضبط الجلسات، الصالح شخصية تتميز بالحكمة والحنكة وهدوء الأعصاب ويمتاز بإلمامه بكل ما يدور في المجلس وما يناقش فيه من قوانين.
• حدثنا عن عضوية مجلس هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب؟
كنت بأول مجلس إدارة لهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، وبقيت بها 10 سنوات، وأثمن ترشيحي من قبل الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة لأن أكون عضواً بالهيئة التي كان يترأسها، فهي هيئة مهمة تعنى بتقييم المدارس الحكومية والخاصة والجامعات ومعاهد التدريب، وتقرر أي مؤسسة تحتاج تطوير في أي مجال، وتغير اسمها لاحقاً، تكاد تكون أول مؤسسة بالخليج، وهي بالتأكيد مجال جديد علي، ولكنه مجال صقل موهبتي في التعليم.
• لننتقل من الجانب المهني إلى الجانب التطوعي، ماذا قدمت حين كنت رئيساً لصندوق سار الخيري لمدة عامين؟
كنت عضواً بالصندوق وأصبحت رئيساً لمدة عامين برغبة مني ورغبة من الزملاء، بالإضافة إلى تقديم المساعدات والبحث عن موارد مالية، وركزت على موضوع التعليم والتدريب، وكنا نحاول أن نساعد الناس على ذلك لكي يصبحون قادرين على العطاء بالحياة.
• رئاسة الصندوق الخيري تجعلك تلامس مشاكل الناس، فما الفرق بينها وبين إدارة البلدية؟
بالصندوق عمل تطوعي جعلني ملماً بمشاكل الناس، ولكن بالبلدية تلم بها بشكل أكبر، بالصندوق تحكمك الموارد، وبالبلدية يحكمك القانون، قد يأتيك شخص بحاجة إلى محل تجاري ولكن ليس أمام شارع تجاري، حينها تكون محرجاً، فأما أن تطوع القانون ليصبح هو وجيرانه قادرين على فتح محل تجاري أو يبحث عن محل آخر.
• لماذا لم يستمر نادي خريجي جامعة البحرين ونادي خريجي بريطانيا؟
كنت من المؤسسين لنادي خريجي بريطانيا وخريجي جامعة البحرين، رغبة منا في إيجاد ملتقى للتواصل، ولكن هذين الناديين لم يستمرا، والسبب عزوف الناس عن العمل بأنواع من هذا النوع نظراً لمشاغل الحياة الكثيرة.
• حدثنا عن هواياتك؟
أنا أحب الفن بجميع أنواعه، لدي ميول فنية أدبية، فالإنسان إذا كان متخصصاً بالعلوم يجب أن يصقل فكره بشيء ادبي فني، كنت أهوى اللغة العربية، وأحرص على إجادتها إجادة تامة واهتمامي بها لا يقل عن اهتمامي بالعلوم.
أهوى السفر إلى أوروبا وبالذات بريطانيا باعتبار دارستي فيها، هي بلد جميل، وإجادتي للغتها له دور، بلد تجد فيها كل شيء تتمناه، أحب المدن الأوروبية الأخري، كما أحب القاهرة باعتبارها المدينة الأكبر عربياً، والتي تضم طيبة الناس وعراقة الشعب المصري.
أهوى الفن لكن لا أمارسه، وأهوى الطبخ لكني أمارسه بشكل منتظم، والزوجة والأولاد يعجبهم طبخي ويلقى استحسانهم، أمارس الطبخ بما لا يقل عن 3 مرات بالأسبوع.
• ما هي الطبخات التي تجيد طبخها؟
أحب الطبخات البحرينية، أحب أعمل الغوزي و"المربين" والشواء بالفرن، معظم الطبخات البحرينية قادر على عملها إضافة إلى قليل من الطبخات الإيطالية.
• هل من نصيحة تقدمها للعازمين على الترشح من واقع خبرتك بالبلدية أو بمجلس الشورى؟
أتمنى من كل عضو يريد ترشيح نفسه للمجلس النيابي أو البلدي أن لا يبالغ بدعايته الانتخابية ويتكلم بما يستطيع تحقيقه لا أن يعد بأشياء تتعارض مع الإمكانيات، يجب أن يكون موضوعياً في طرحه، وأن يلم ويقرأ القوانين المتعلقة بالعمل هنا وهناك، المبالغة وسوق الأحلام ضرب من الخيال المضر للمرشح والناخبين.
كما أن الدخول في هذا المعترك ليس فقط رغبة، يجب أن أكون مستعداً علمياً ومعرفياً ومطلعاً على الأنظمة الموجودة.
لم أقبل الرعاية الزائدة لأني وحيد الأبوين
أعشق السفر والفن وأهتم باللغة العربية
أجيد الطبخات البحرينية كـ«الغوزي» و«المربين»
التحق بكلية البحرين الجامعية في السنة الأولى لتأسيسها، وعمل بلجنة حماية البيئة في الفترة الأولى من تأسيسها، كما كان أول بحريني يحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم البيئية، وكان أول مدير عام لبلدية المنطقة الشمالية الذي صادف أول انتخابات بلدية، وأخيراً عضواً بأول مجلس إدارة لهيئة جودة التعليم والتدريب.
تلك هي صدف "الأوائل" كما أسماها عضو مجلس الشورى د. محمد علي حسن في حوار مع الوطن سرد فيه مسيرته، قائلاً "نشأت وحيد الأم والأب وهذا كون في شخصيتي شيئاً غير الذي يظنه الناس، لم أقبل الرعاية الزائدة باعتباري وحيداً"، مشيراً إلى أنه يهوى السفر والفن والأدب والطبخ، خصوصاً الأكلات البحرينية كـ"الغوزي" و"المربين"، مبيناً أن طباخه يعجب أسرته.
وثمن د.محمد علي حسن دور الشخصيات البارزة التي كان لها الأثر على الصعيدين التعليمي والمهني في مسيرته، وخص بالذكر نائب رئيس الوزراء السابق جواد العريض، ونائب رئيس الوزراء ووزير البنية التحتية الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، واستعرض خبرته بالحياة المهنية والتطوعية.
وذكر أنهم واجهوا صعوبة مع أعضاء المجالس البلدية الذين كانوا يبحثون عن امتيازات لناخبيهم، وكان بعضها يخالف القانون، إلا أنه استطاع إقناعهم بعدم إمكانية تطبيق هذا الأمر، ودعا في هذا الصدد المرشحين للمجلس النيابي والمجالس البلدية للاطلاع على القوانين واللوائح قبل إطلاق برامجهم الانتخابية لكي لا يعدون المواطنين بما لا يستطيعون تحقيقه.
وفيما يلي نص الحوار:
• حدثنا عن نشأتك؟
ولدت ونشأت ولازلت أسكن في سار، تلك القرية الجميلة التي نمت نمواً كبيراً وأصبحت في عداد المدن، كانت في يوم من الأيام قرية متوسطة الحجم يحدها من الشرق بساتين النخيل الكثيفة، ومن الغرب التلال الأثرية وكانت في يوم من الأيام مستوطنة من حضارة دلمون.
نشأت في أسرة صغيرة، فلم يكن لدي أخوة، كنت وحيد الأم والأب وهذا كون في شخصيتي شيئاً غير الذي يظنه الناس، لم أقبل الرعاية الزائدة باعتباري وحيداً، أصبحت أعتمد اعتماداً كلياً على نفسي، كما أن الأسرة الصغيرة متصلة بأسرة كبيرة، نشأت في بيت جدي لأمي مع أبناء الخال والخالة، فلم أشعر أنني وحيد، نشأت في أسرة متوسطة الحال، أبي عمل في شركة بابكو في ذلك الوقت، وهذا وفر حياة كريمة لنا مقارنة بالوضع السائد في تلك الأيام.
• كيف كانت تربيتهما لك؟
الوالد توفاه الله من زمن ولازلت أشتاق لرؤيته، ووالدتي موجودة أطال الله عمرها، تربيتهما لي كانت عادية مثل بقية أنماط التربية السائدة في تلك الوقت، باعتبار الأب لم يكن متعلماً ولكنه كان يحرص على أن أتعلم وأنتظم بالدراسة، وهذا شكل لي الرغبة لأن أواصل التعليم لأبعد مستوى، إلى أن وصلت إلى مرحلة الدكتوراه.
• وكيف كانت دراستك في المدرسة؟
ذهبت إلى المدرسة مبكراً وكنت صغيراً مقارنة بالموجودين، بالبداية التحقت بمدرسة أبوصيبع الابتدائية، ثم مدرسة جدحفص الإعدادية، وكانت آنذاك الدراسة الإعدادية من صفين، حين ذهبت إلى مدرسة المنامة الثانوية، وضعنا مجموعة من الطلاب في الصفوف الثلاثة ولم نتغير، لأنه طُبق علينا ما يسمى ذلك الوقت الرياضيات الحديثة، فلم نتغير كنت دائماً من الأوائل بالمدرسة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن معظم المدرسين الذين درسوني بالمرحلة الابتدائية كانوا من الدراز، فأنا أدين لهم بالفضل الكبير.
• لماذا اخترت تخصص الكيمياء بالجامعة؟
هذه لها قصة، حين تخرجت من الثانوية العامة عام 1979، حصلت على بعثة للدراسة في جمهورية مصر العربية لدراسة الهندسة، وذهبت مع الزملاء وكان توزيعي للدراسة في كلية الهندسة في مدينة شبرا، لم أكن راغباً للاستمرار في هذه الكلية، كنت أرغب للدراسة في القاهرة أو الإسكندرية، ولكن هذا لم يتم، لذلك قررت أن أرجع للبحرين.
وفي ذلك الوقت أنشئت كلية البحرين الجامعية حديثاً تحت رعاية اليونسكو وأصبحت فيما بعد نواة جامعة البحرين وتخرجت بأول دفعة.
الكلية كان بها تخصصات علوم وآداب وتربية، ورأيت أن أنسب التخصصات إلى تفكيري دراسة العلوم، لأنني كنت أحب الفيزياء من أيام الدراسة، وفضلت دراسة الكيمياء كتخصص أساسي ثم الفيزياء باعتبار أنني لم أكن أرغب أن أكون مدرساً، وإنما كنت أريد أن أواصل في مجالات الحياة الأخرى.
• كيف كانت حياتك في بريطانيا؟
الحياة في بريطانيا أهواها وهي من الدول العظمى التي توفر تعليماً ممتازاً، ومما يسهل الدراسة في بريطانيا موضوع اللغة باعتبار أن لغتنا الثانية هي الإنجليزية، وكنت محاطاً بالطلبة العرب.
• وكيف كان عملك في لجنة حماية البيئة؟
بعد التخرج من كلية البحرين الجامعية عملت في لجنة حماية البيئة التي كان يشرف عليها وزير الصحة آنذاك جواد العريض، وكانت نواة للعمل البيئي في البحرين، وأسسنا هذا الجهاز حتى نما وأصبح لاحقاً جهاز حماية البيئة.
بعد العمل وبدعم من الدولة ذهبت لدراسة الماجستير ببعثة على حساب الدولة في بريطانيا في جامعة ايست انجليا بالمملكة المتحدة.
كانت من أفضل الجامعات عملت متفرغاً سنة لدراسة العلوم الكيميائية. ثم عدت للبحرين، والتحقت ببرنامج الدكتوراه بذات الجامعة وبقيت 4 سنوات، لم أكن متفرغاً، ولكن تعاون المسؤولين بالعمل سهل لي مهمة إكمال شهادة الدكتوراه في بريطانيا، ذلك موضوع الدكتوراه موضوع بحثي بالدرجة الأولى وليست به محاضرات يومية.
أول ما عملت في لجنة حماية البيئة لقياس الملوثات البيئية بالهواء والماء والتربة، ثم أصبحت رئيس قسم وتقويم تخطيط بيئي، إلى أن تحولت إلى إدارة بعد أن أصبحت اللجنة تابعة لوزارة الإسكان والبلديات والبيئة التي كان وزيرها في ذلك الوقت الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة.
وهنا لابد أن أذكر أصحاب الفضل علي في عملي ومتابعة دراستي، وهما السيد جواد العريض، ثم الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، فالعمل مع هذين القامتين في غاية المتعة، يحيطانك بالرعاية والاهتمام، ويتركان لك مجال الإبداع والاعتماد على النفس في اتخاذ القرار، ونتعلم منهما أهمية العمل الحكومي وانتقال الخدمة إلى المواطنين، وكذلك لا أنسى خالد فخرو الذي كان مديراً عاماً للجنة حماية البيئة، وواصلت العمل في لجنة حماية البيئة ثم في وزارة الإسكان ما يقارب من 19 سنة، إلى أن تعينت عام 2002 مديراً لبلدية المنطقة الشمالية.
• حدثنا عن هذه المرحلة التي زامنت انطلاق المجالس البلدية؟
تأسس في ذلك الوقت نظام بلدي جديد يشمل مجالس بلدية وإدارة تنفيذية، وهذا النظام موجود في كثير من الدول العربية، عينت، إبان وزارة جواد العريض، لوزارة البلديات والبيئةـ عملت 7 سنوات ببلدية المنطقة، ثم انتقلت إلى بلدية المنطقة الوسطى وعملت فيها 5 سنوات، ولعل من الصدف التي لازمتني في حياتي أن أكون من الأشخاص الأوائل في أكثر من جهة، أول دفعة بكلية البحرين الجامعية دفعتنا، ومن أوائل الموظفين بالبيئة، ومن أوائل المدراء العامين بالنظام الجديد، كما كنت أول بحريني أحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الكيميائية، وكنت أيضاً بأول مجلس إدارة لهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب.
• لنقف قليلاً عند هذه النقطة، كيف تجدها؟
هي فرصة للوصول لأعلى المراتب، لكنها بالمقابل تجعلك مسؤولاً عن تطوير التشريعات والأنظمة، بالبيئة ساعدنا بإنشاء جهاز البيئة وعملنا قوانين وأنظمة جيدة، وساعدنا بوجود قسم في دول مجلس التعاون جهاز الإنسان والبيئة، وكانوا مهتمين بتطوير الأجهزة البيئية بدول الخليج، كنا نحضر كثيراً من الاجتماعات البيئية، وأنشأنا على ضوئه الأنظمة والقوانين والترتيبات الإدارية في البحرين، عملنا نظاماً للتقويم والتخطيط البيئي، كما كان هناك نظام للمحميات الطبيعية في البحرين وطورناه ونظام لحماية البيئة في البحرين.
وبالعودة إلى البلديات، فقد صاحبها وقت إنشائها الكثير من اللغط، باعتبار أنه لأول مرة يكون هناك مجالس بلدية منتخبة، كان هناك صراع أو لغط من هو الذي يحكم البلدية، هي البلدية أو المجالس البلدية، واستمر لمدة طويلة لقلة الفهم بهذا النظام، وعدم استيعاب القوانين الموجودة، وكانت هناك رغبات شخصية، بالصبر على هذا الموضوع ومحاولة الشرح حتى استمر العمل البلدي في البحرين، كنا دائماً نعتقد أن القانون هو الذي يسود، وأن البلدية يجب أن تعمل بجناحين، ولا يمكن أن ينفذ الجهاز التنفيذي شيئاً يقره المجلس البلدي إلا بعد أن يوافق عليه الوزير.
ومن الأمور التي ذكرها لي جواد العريض حين كان وزيراً للبلديات، "العمل البلدي عمل مهم أساسه خدمة الناس، سيأتيك الفقير والمليونير، ويجب أن تقدم الخدمة للاثنين على نفس المستوى"، هذه النصيحة بقيت إلى اليوم، لا فرق بين الفقير والغني في تقديم الخدمة، وإن كنت أرى أن الفقير قد يكون أحوج لها من غيره.
• ألم يشكل التعامل مع أعضاء منتخبين صعوبة عليكم، فالأعضاء يريدون امتيازات واستثناءات لناخبيهم؟
هذا أمر طبيعي باعتبار أن المُنتخب يمثل الناخبين، فلابد أن يكون هناك ضغط عليه من قبلهم، لذلك رأينا محاولات كثيرة لتمرير أشياء خلاف القانون، وكنا نتفاهم مع المجلس البلدي بأن هذا لا يجوز، وكنا ننجح في إيقاف ذلك، وبينا لهم أن المجلس البلدي يستطيع أن يغير القانون عبر اللجوء إلى النواب.
• كنت مديراً عاماً لبلدية المنطقة الوسطى حين ألغيت المحافظة الوسطى، حدثنا عن هذه المرحلة؟
الغيت المحافظة الوسطى وبطبيعة الحال تلغى البلدية التي كان بها 330 موظفاً، أشرفت حينها على نقل الموظفين والملفات والرخص، واستمر الحال إلى حين عينت بمجلس الشورى بعدها بشهرين.
لاشك أن الإنسان حين يساهم في إنشاء مؤسسة ويراها غير موجودة يتساءل ما هي المرحلة القادمة، لكنني لم أخف، فقد كانت لدي القدرة على العمل في مكان آخر.
• كيف تلقيت خبر التعيين بمجلس الشورى؟
تلقيت الخبر باتصال من الديوان الملكي، ورحبت بذلك كثيراً، فالعمل في مجلس الشورى عمل تشريعي بالأساس، حين كنت بالبيئة مهتماً بإعداد القوانين، وساهمت بإعداد أول قانون للبيئة بالبحرين حين كنت مدير التقويم، لذلك كنت مستعداً للعمل بمجلس الشورى، وساعدتني دراستي وخبرتي السابقة في هذا مجال البيئة والبلديات في العمل بلجنة المرافق والبيئة بمجلس الشورى سواء كعضو أو كرئيس.
• وماذا عن رئيس المجلس علي الصالح، فقد كنت مديراً لبلدية المنطقة الشمالية حين كان الصالح وزيراً للبلديات، والآن أنت عضو بمجلس الشورى إبان رئاسته؟
شخصية علي الصالح لا تستطيع إلا أن تقف لها احتراماً، بالوزارة كان عمله تنفيذاً به تراتبية، والآن عمله الإشراف على الأمانة العامة وضبط الجلسات، الصالح شخصية تتميز بالحكمة والحنكة وهدوء الأعصاب ويمتاز بإلمامه بكل ما يدور في المجلس وما يناقش فيه من قوانين.
• حدثنا عن عضوية مجلس هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب؟
كنت بأول مجلس إدارة لهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، وبقيت بها 10 سنوات، وأثمن ترشيحي من قبل الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة لأن أكون عضواً بالهيئة التي كان يترأسها، فهي هيئة مهمة تعنى بتقييم المدارس الحكومية والخاصة والجامعات ومعاهد التدريب، وتقرر أي مؤسسة تحتاج تطوير في أي مجال، وتغير اسمها لاحقاً، تكاد تكون أول مؤسسة بالخليج، وهي بالتأكيد مجال جديد علي، ولكنه مجال صقل موهبتي في التعليم.
• لننتقل من الجانب المهني إلى الجانب التطوعي، ماذا قدمت حين كنت رئيساً لصندوق سار الخيري لمدة عامين؟
كنت عضواً بالصندوق وأصبحت رئيساً لمدة عامين برغبة مني ورغبة من الزملاء، بالإضافة إلى تقديم المساعدات والبحث عن موارد مالية، وركزت على موضوع التعليم والتدريب، وكنا نحاول أن نساعد الناس على ذلك لكي يصبحون قادرين على العطاء بالحياة.
• رئاسة الصندوق الخيري تجعلك تلامس مشاكل الناس، فما الفرق بينها وبين إدارة البلدية؟
بالصندوق عمل تطوعي جعلني ملماً بمشاكل الناس، ولكن بالبلدية تلم بها بشكل أكبر، بالصندوق تحكمك الموارد، وبالبلدية يحكمك القانون، قد يأتيك شخص بحاجة إلى محل تجاري ولكن ليس أمام شارع تجاري، حينها تكون محرجاً، فأما أن تطوع القانون ليصبح هو وجيرانه قادرين على فتح محل تجاري أو يبحث عن محل آخر.
• لماذا لم يستمر نادي خريجي جامعة البحرين ونادي خريجي بريطانيا؟
كنت من المؤسسين لنادي خريجي بريطانيا وخريجي جامعة البحرين، رغبة منا في إيجاد ملتقى للتواصل، ولكن هذين الناديين لم يستمرا، والسبب عزوف الناس عن العمل بأنواع من هذا النوع نظراً لمشاغل الحياة الكثيرة.
• حدثنا عن هواياتك؟
أنا أحب الفن بجميع أنواعه، لدي ميول فنية أدبية، فالإنسان إذا كان متخصصاً بالعلوم يجب أن يصقل فكره بشيء ادبي فني، كنت أهوى اللغة العربية، وأحرص على إجادتها إجادة تامة واهتمامي بها لا يقل عن اهتمامي بالعلوم.
أهوى السفر إلى أوروبا وبالذات بريطانيا باعتبار دارستي فيها، هي بلد جميل، وإجادتي للغتها له دور، بلد تجد فيها كل شيء تتمناه، أحب المدن الأوروبية الأخري، كما أحب القاهرة باعتبارها المدينة الأكبر عربياً، والتي تضم طيبة الناس وعراقة الشعب المصري.
أهوى الفن لكن لا أمارسه، وأهوى الطبخ لكني أمارسه بشكل منتظم، والزوجة والأولاد يعجبهم طبخي ويلقى استحسانهم، أمارس الطبخ بما لا يقل عن 3 مرات بالأسبوع.
• ما هي الطبخات التي تجيد طبخها؟
أحب الطبخات البحرينية، أحب أعمل الغوزي و"المربين" والشواء بالفرن، معظم الطبخات البحرينية قادر على عملها إضافة إلى قليل من الطبخات الإيطالية.
• هل من نصيحة تقدمها للعازمين على الترشح من واقع خبرتك بالبلدية أو بمجلس الشورى؟
أتمنى من كل عضو يريد ترشيح نفسه للمجلس النيابي أو البلدي أن لا يبالغ بدعايته الانتخابية ويتكلم بما يستطيع تحقيقه لا أن يعد بأشياء تتعارض مع الإمكانيات، يجب أن يكون موضوعياً في طرحه، وأن يلم ويقرأ القوانين المتعلقة بالعمل هنا وهناك، المبالغة وسوق الأحلام ضرب من الخيال المضر للمرشح والناخبين.
كما أن الدخول في هذا المعترك ليس فقط رغبة، يجب أن أكون مستعداً علمياً ومعرفياً ومطلعاً على الأنظمة الموجودة.