وليد صبري




* نجاح كبير لأول عملية من نوعها في البحرين

* الجراحة تمت خلال ساعة.. والمتابعة استغرقت 20 جلسة لعام ونصف

*الحالة المرضية نادرة عالمياً ونسبة حدوثها1 %

* ضرورة المتابعة الدورية للطبيب للمحافظة على صحة الأسنان

كشف اختصاصي جراحة الفم والوجه والفكين وزراعة الأسنان، د. محمد قحطان جبر، عن "استخدام الخلايا الجذعية في التطعيم العظمي لإعادة بناء عظم الفك من خلال عملية جراحية تجرى في البحرين لأول مرة، حيث حققت العملية الجراحية نجاحاً كبيراً"، مشيراً إلى أن "الحالة المرضية تعد نادرة على المستوى العالمي".

وأضاف في حوار خاص لـ"الوطن" أن "نسبة نجاح العملية كانت ليست كبيرة وغير مضمونة ولا نستطيع أن تصل إلى أكثر من 50 %، والسبب أننا نعمل في منطقة الفك السفلي للمنطقة الأمامية وهي منطقة حركة، وبالتالي لا نستطيع أن نغطيها بأي ضماد، وكذلك لا يمكن أن نوجه المريض إلى وقف الحركة لمدة 6 أشهر، ومن ثم نسبة النجاح لا تزيد عن 50 %، وإذا اعتبرنا أنها مخاطرة ومجازفة فلم يكن لدينا خيار علاج آخر للمريض، لأنه كان من الممكن أن يخسر المريض أسنانه، وقد قدمنا له هذا الحل العلاجي من خلال الجراحة وقد وفقنا فيه".

وقال إن "الخلايا الجذعية هي خلايا موجودة في كل الجسم وهي خلايا بمرحلة جنينية معينة ولم تصل إلى مرحلة التمايز الكلي لتكون متميزة تماماً، وهذه الخلايا الجذعية تحتفظ بمميزات رائعة حيث إنه إذا أخذناها من مكان ووضعناها في مكان آخر، فتقوم بنفسها بمتابعة التميز والتطور والنضج حتى تصبح جزءاً أساساً من المكان الجديد أو العضو الذي زرعت فيه، وبالتالي تعطينا جودة كبيرة من خلال إعادة التجديد والترميم في المكان الجديد، خاصة عندما يكون لدينا مشاكل كبيرة في هذا المكان مثل فقد في الأنسجة أو العظام أو التهتك أو بطء في الوظيفة".

وتابع أن "الخلايا الجذعية تقوم بإحياء هذا المكان من جديد ومن خلال خلايا الجسم نفسه لأنها موجودة داخل الجسم، وبالتالي أسهل مكان يمكننا الحصول منه على تلك الخلايا الجذعية هو الدم، وبعد أن نحصل عليه من الدم نقوم بإجراء عملية مهمة وهو الحصول على البلازما التي تكون غنية بالخلايا الجذعية، وبالتالي عندما نمزج الخلايا الجذعية بالطعم العظمي وتزرع في الفك، فنقوم بإعادة تجديد عظم الفك".

وذكر أن "الفكرة الأساسية كانت تتمثل في إعادة بناء عظم الفك السفلي حيث أتى إلينا المريض وكان لديه حركة شديدة في الأسنان الأمامية السفلية وكان عمره بين 19 سنة و20 سنة، وبالتالي ربما كان سوف يخسر أسنانه في سن مبكرة، والسبب الأساس في ذلك أنه قام بإجراء تقويم لكن بطريقة غير صحيحة بالإضافة إلى قلة عناية المريض بأسنانه، وكان لديه تراجع وامتصاص بعظم الفك بشكل كبير، لذلك كان المريض يائسا من حالته ويبحث عن تركيبات جديدة من أجل أن تكون لديه أسنان جديدة".

وأشار إلى أنه "بعد دراسة مستفيضة لحالة المريض، اقترحت عليه إجراء جراحة حتى نعيد بناء عظم الفك السفلي في المنطقة الأمامية باستخدام الخلايا الجذعية، حتى نستطيع أن نوفر دعماً كاملاً لهذه الأسنان وبالتالي تكون ثابتة ويمكنه أن يستخدم أسنانه بصورة طبيعية طوال حياته، من خلال تناول الطعام والشراب والحركة وغير ذلك"، موضحا أنه "من الممكن أن نحصل على الخلايا الجذعية من عدة مصادر لكن أفضل مصدر يمكن الحصول من خلاله على الخلايا الجذعية من خلال الدم، بجهاز معين، حيث تحتوي البلازما على كميات كبيرة من الخلايا الجذعية".

ونوه إلى أنه "لم يكن لدينا أي خيار آخر لعمل دعم أمامي خارجي وبالتالي اضطرنا إلى تعليق اللثة على الأسنان الأمامية فكانت في صورة "مظروف مغلف"، حتى يحتضن الخلايا الجذعية ومن ثم تأخذ الوقت الكافي للتحول إلى عظم طبيعي وقد تمت مراقبة الحالة بشكل جيد، وحصلنا على نتيجة أفضل من المتوقع".

وفي رد على سؤال حول الفترة الزمنية التي استغرقتها العملية الجراحية، أفاد د. قحطان بأنها "استغرقت أكثر من ساعة، بينما المتابعة امتدت لنحو عام ونصف، بمعدل زيارة إلى زيارتين شهرياً، أي أن المريض خضع لنحو أكثر من 20 زيارة من أجل الاطمئنان الكامل على حالته وذلك لأننا وضعنا طعم عظمي مع خلايا جذعية بمنطقة أمامية ولا نستطيع أن نغطيها وفي ذات الوقت لا نستطيع أن نضع أي شيء يثبت أو يمنع الحركة، لأن المريض يظل يحرك عضلات الشفاه، وعضلات الذقن، وعضلات الوجه، لأنه من الطبيعي أن يحتاج إلى أن يأكل ويشرب ويتكلم ويتنفس، وبالتالي كانت التعليمات الطبية صارمة وقد التزم بها بشكل ممتاز بالإضافة إلى المتابعة المستمرة ونجحت العملية الجراحية بنسبة كبيرة".

وفيما يتعلق بالنسبة المتوقعة لنجاح العملية الجراحية منذ البداية، أفاد د. قحطان بأن "نسبة النجاح المتوقعة لم تتجاوز 50 % وقد أخبرنا المريض بذلك، والسبب، هي أننا نجري الجراحة في منطقة حركة، وبالتالي كان من المهم الالتزام بالأدوية والعلاجات الموصوفة، خاصة مع حرصنا على عدم وجود إنتان، لأن عملية الإنتان تخرب عمل التطعيم العظمي، وبالتالي تم مزج التطعيم العظمي مع الخلايا الجذعية حتى نعيد بناء وترميم الفك، بطريقة سريعة وآمنة، لأن الخلايا الجذعية تحتوي على عوامل جينية متميزة تساعد على تحول الطعم العظمي إلى عظم طبيعي تماما كأنه عظم أصلي من الفك".

وتطرق د. قحطان إلى "إمكانية حدوث مضاعفات للمريض بعد إجراء تلك الجراحة الدقيقة والفريدة من نوعها"، حيث قام "بتقسيم الحالة المرضية إلى 3 مراحل، المرحلة الأولى، بعد إجراء العملية الجراحية مباشرة، والتي استمرت نحو شهر، ثم المرحلة الثانية وهي مرحلة المتابعة، والتي استغرقت نحو عام ونصف، وهناك المرحلة الثالثة التي هي على المدى الطويل".

وقال إنه "بالنسبة للمرحلة الأولى، كان من المهم جداً أن تتم عملية المتابعة الدقيقة والمستمرة، حيث كانت تتم متابعة المريض كل 3 إلى 4 أيام، لأنه كان يهمنا أن يحصل على الأدوية بشكل مستمر، ونراقب مرحلة الشفاء، وأن لا يصيبه أية عملية إنتان، وحتى إن تم ذلك، نستطيع أن نسيطر على الإنتان في البداية".

وتابع "أما المرحلة الثانية، فقمنا بتقليل زيارات المتابعة حيث أصبحت مرة كل شهر، لبيان تطور الحالة، ومدى نضج مرحلة الشفاء، وتضمنت تلك المرحلة أيضاً فترة الـ6 أشهر، حيث كنا نراقب مدى ظهور العظم الجديد، من خلال صور الأشعة الجديدة، حيث قمنا بإجراء أشعة قبل وبعد العملية، وتبين لنا أنه حصل على كمية عظام كبيرة، وتمت عملية الثبات والتماسك لدى الأسنان، ثم قمنا بعملية دعم من خلف الأسنان، ومن قبل من أمامها".

وذكر أنه "بالنسبة للمرحلة الثالثة فتتضمن المتابعة كل شهرين إلى 3 أشهر، من أجل أن نتأكد أن لدى المريض مستوى عناية بالفم كبيرة حتى يستطيع أن يحافظ على النتيجة الطيبة التي وصل إليها".

وفي رد على سؤال حول نسبة حدوث تلك الحالة المرضية عالمياً، أفاد د. قحطان بأنه "إذا تحدثنا عن احتمالية تكرار هذه الحالة على مستوى عالمي، فهي تعد حالة نادرة، حيث تصل إلى نحو 1 %، خاصة في المنطقة التي قمنا فيها بإجراء الجراحة، وهي المنطقة الأمامية للفك السفلي، وهي منطقة نشاط حركي وعضلي كبير، لأنه ترافقها مجموعة من التحديات أبرزها، قبول المريض لإجراء مثل هذا النوع من الجراحة، ومدى التزام المريض بتعليمات الطبيب المعالج واتباع النصائح والإرشادات الطبية اللازمة بعد إجراء الجراحة وأثناء فترة المتابعة وبدون أن يعاني من الملل أو التعب، خاصة وأن المتابعة ربما تمتد إلى نحو عام ونصف".

ونصح د. قحطان بضرورة المتابعة الدورية باستمرار لطبيب الأسنان موضحا أن تشخيص وعلاج أية حالة مرضية في بدايتها يمكن السيطرة عليها بسهولة كما أنه إذا تأخر المريض في علاج حالته فإن الأمر يزداد تعقيداً والتكلفة تزيد، وربما في بعض الحالات لا يكون العلاج المناسب والمثالي متوفراً، ولابد من العناية المثالية بالأسنان والابتعاد عن ما يؤذي ويضر بصحة الأسنان".