دائماً ما نسمع المدربين والمختّصين في مجال الحياة والتنمية البشرية ينصحون بالابتعاد عن الأشخاص السلبيين والأمكنة التي تُولّد فينا الكآبة والمشاعر السلبية، وذلك عن طريق عدّة خطوات، وقد تبدأ من قرار يتّخذه الإنسان في سبيل الحفاظ على طاقته وسلامه الداخلي وصفاء ذهنه مما ينتج عنه حياة مريحة وطيبة والتي هي مطلب أساسيّ لمعظم النّاس.

هذا إن كان السّبب خارجيّاً!! أمّا إن كان السّبب داخلياً فكيف نبتعد عن أنفسنا في حال أنّنا نحنُ من نولّد تلك المشاعر السلبية ونحنُ من يصنعها؟ ونحن من ينمّيها ويجدّدها في كلّ يوم!! وذلك ليس من أسباب وظروف خارجية.. بل من طريقة تفكيرنا وعدم التّحكم بمشاعرنا، أو بسبب الاستسلام للخوف المسيطر على عقولنا والأوهام التي تهدد أماننا واستقرارنا، وكلها ناتجة من مصدر واحد.. وهي البرمجة.

في الحقيقة إن تقنية الابتعاد تُستخدم للمسبّبات الخارجيّة، أمّا إن كانت المسبّبات داخلية فيجب استخدام تقنية الاقتراب وليس الابتعاد!! فكل المشاعر السلبية التي تنتج من أنفسنا ستنخفض شيئاً فشيئاً كلّما اقتربنا من أنفسنا أكثر.

ولو عُدنا قليلاً لمسبّبات تلك المشاعر السلبية لوجدنا أنّ السّبب الرّئيس هو ابتعادنا عن أنفسنا!! ونعود مجدّداً لموضوع عيش البرمجة وكتم الحقيقة، فكلما عاش الإنسان على البرمجة المجتمعية والتّبعيّة كُلّما ابتعد عن أصل روحه وحقيقته الذّاتية، وهذا النوع من العيش الذي يُشعر الإنسان بالسلبية والضّجر والاستنزاف لطاقته.. إلخ، لأنهُ في الحقيقة هو يعيش على أمور لا تشبه نفسه ولا تناسبه!! ولذلك كلّما حاول الابتعاد عن السلبية الخارجية والبحث عن حقيقته وعيشها.. كلما كان في طريق الاقتراب من نفسه أكثر، والذي هو بدوره طريق السلام الداخليّ والحياة الطيبة والمريحة التي تتناغم وتنسجم مع أصل روحه وكينونته على هذه الأرض.

ونستطيع القول إنّ الابتعاد عن السّلبيين هو ليس الحلّ الوحيد لكسب السلام الداخليّ، فالخطوة الأولى يجب أن تكون خارجيّة، والخطوة الثانية داخلية.

والخطوة الأولى تتطلب الشجاعة والطموح للسّلام والاستعداد للتّخلي عن الذين يقدّسون البرمجة ويرفضون التّغيير، وفي الغالب هم الذين سيبتعدون عنك!! لذلك دائماً نقول متعة الحياة ليست للجبناء.