على الجميع الابتعاد عن المزايدات والمهاترات والولاءات غير النافعة
أسست الجمعية الإسلامية مع عبداللطيف آل محمود
دخلت التجارة مبكراً.. وجربت العمل والدراسة منذ طفولتي
هربت من قسوة «المطوعة» لمرافقة والدي بـ«الظهران»
كنت أول طالب ينتسب «منازل» للمعهد الديني.. وبعد التخرج عملت مدرساً
جواد العريض ساعدني في الابتعاث لإكمال دراستي حضورياً بجامعة الأزهر
إطالتي بالخطب أثرت في حبالي الصوتية
حسن الستري، «تصوير: نايف الغثيث»
أكد عضو مجلس الشورى السابق الشيخ عبدالرحمن عبدالسلام أن البحرين بحاجة ماسة إلى المخلصين المتفانين في عملهم ووطنهم مشدداً على ضرورة أن يبتعد الجميع عن المزايدات والمهاترات والولاءات غير النافعة للوطن، والانشغال والعمل بما ينفع الوطن والمواطنين، كما يجب ألا يتخلى الناس عن العمل الخيري، الذي هو متأصل في أهل البحرين.
وقال في حوار مع «الوطن» سرد فيه مسيرته، إن العمل متعة بالنسبة إليه، ولكن ظروفه الصحية حالياً قيدت حركته الاجتماعية وفرضت عليه التزام المنزل.
وذكر أنه دخل التجارة مبكرا وجرب العمل والدراسة معا منذ الطفولة، وبيّن أنه هرب من قسوة المعلمة لمرافقة والده الذي كان يحفظه القرآن في دكانه بمنطقة الظهران بالسعودية، ولفت إلى أنه أول طالب استكمل دراسته «منازل» بالمعهد الديني. وفي ما يلي نص الحوار:
حدثنا عن نشأتك؟
- نشأتي كنشأة أطفال البحرين في خمسينيات القرن الماضي، ولدت لأبوين من الحد لعائلة متدينة جداً، كانوا يأخذون الطفل بالبداية إلى «المطوع»، وكنت حركيا، وكانت مُحفِّظتي امرأة قاسية علي، ولم أستمر معها، وأخذني أبي معه إلى السعودية في منطقة الظهران، يقرئني القرآن أمامه منذ الصباح إلى أذان الظهر، ومن العصر إلى قرب أذان المغرب، وهذا التقييد نفعني بلا شك، ومنعني من أخطار كثيرة.
ما هو ترتيبك بين إخوتك؟
- أنا البكر وبعدي بنت بخمس سنوات، وبعدها أخ وأختان، فنحن 3 بنات وولدان، وكنا نعيش بالبيت الكبير مع الأعمام وأبنائهم، وكل واحد له دار وعرشان والبيت كان كبيراً، لعبنا دائما مع أبناء العم بحوش البيت الذي يطل على البحر، عشت هذه الفترة إلى أن بلغت السابعة من العمر فأدخلني عمي بالمدرسة الابتدائية الجنوبية، بسنة 1955، وبقيت بها عامين، ثم نقلت إلى المدرسة الشمالية، وحين أنشئ المعهد الديني قال لي والدي سأدخلك المدرسة الدينية، فتخوفت نظرا لصورة المطوعة القاسية في ذهني.
ونقلت إلى المعهد الديني عام 1959، بمعية زملاء، منهم الشيخ أحمد آل محمود، والمرحوم هلال الشايجي الذي صار لاحقاً رئيس تحرير لصحيفة أخبار الخليج، وكان المعهد الديني قريباً في قسوته من المطوعة، ضرب كثير ومعاناة للطلبة من شدة المعلمين، ولكننا تعلمنا واستفدنا كثيراً، وطريقة التربية قديماً كان فيها نوع من الشدة.
هل أوكلت لك في فترة الطفولة مهام أخرى؟
- كوني البكر في الأسرة، اعتمد علي الوالد في أمور كثيرة، خصوصا حين شببْت وصار عمري 10 سنوات، أوكل لي مهمة فتح دكان بالبيت يطل على الشارع، وكنت أدير الدكان وأصرف منه على البيت، ما يعني أنني دخلت عالم التجارة مبكرا، وجربت العمل والدراسة في آن واحد.
ألم يؤثر ذلك في دراستك؟
- حصلت لي مشكلة في الصف الأول الإعدادي وتخلفت عاما دراسياً واحداً، ولكن لم تتأثر دراستي بسبب العمل، فقد استمررت في الدراسة وانتقلت للصف الثاني الإعدادي وبعدها للمرحلة الثانوية، لأنه بذلك الوقت لم يكن هناك صف ثالث إعدادي.
تركت الدراسة بعد الثاني الثانوي وسافرت للإمارات للعمل عام 1968 حيث عملت في وزارة العمل وبعدها بالتدريس بعد أن أكملت دراسة التوجيهي منازل بالمعهد الديني، وكنت أول من ينتسب منازل إلى المعهد الديني، وبعد التخرج عملت مدرساً بالبحرين لمدة عامين، وبعدها ابتعثت مدرسا معارا إلى أبوظبي، ودرّست بالعين سنة، ثم بحثت عن عمل بالصيف وعملت بالخارجية، وبقيت هناك سنة ونصف.
وفي مطلع 1974 عدت للبحرين، وقدمت لوظيفة بالمجلس الوطني، وقُبلت هناك وتم تعييني أمين سر اللجان البرلمانية، ولم يستمر المجلس كثيراً، إذ انفض دور الانعقاد الثاني في أبريل 1975، وبعدها بأشهر، ذهبت للعمرة مع زوجتي، وكان بجواري بالطائرة رجل سعودي، وسألني ما الذي يجري في البحرين، فعرفت من الصحيفة أن البرلمان قد تم حله.
ألم تتخوف بشأن مستقبلك الوظيفي؟
- كان هناك تخوف، ولكن الحكومة أصدرت قراراً سريعاً بأن موظفي الأمانة العامة للمجلس يتبعون شؤون مجلس الوزراء، وكان يومها وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء جواد العريض، وألحقنا بالوزارة مؤقتاً، وكان محمد المطوع المدير العام للوزارة، وتم استيعاب الموظفين بالوزارات، ونقلت إلى جهاز الخدمة المدنية الذي كان يسمى وقتها ديوان الموظفين، وعينت مشرفا على الإجازات المرضية وإصابات العمل بإدارة العمليات وخدمات العمل.
وكيف واصلت دراستك الجامعية؟
من أول سنة التحقت فيها بالديوان بدأت الدراسة بالأزهر، وكانت الدراسة يومها لا تشترط الحضور، ولكن الامتحانات تقدمها مع الطلاب، كانت الدراسة مدتها 5 سنوات، ودرست 3 سنوات، وفي عام 1979 أصدرت الجامعة قرارا بوجوب حضور الطلبة، فأسقط في يدي، كوني متزوجاً ولدي طفلان وقتها وكوني محتاجاً للراتب أيضاً.
خاطبت الوزير جواد العريض وشرحت له الظروف، وكان يعرف الكلية باعتباره خريج القاهرة، فقال لي سأشجعك ونبتعثك، ولكن الآن لا توجد ميزانية لأننا بنهاية العام، وسأعطيك تذكرة ومخصصات البعثة، ستكون في بداية السنة، وراتبك سيستمر. وسافرت وبقيت سنتين، وتكفل الديوان بدراستي، ورجعت إلى البحرين.
هل تغيرت وظيفتك بعد التخرج؟
- بعد التخرج انتقلت إلى الوظيفة القانونية مع مستشارين عرب، ثم تطورت بالوظيفة حيث استلمت رئاسة القسم القانوني عام 1984، كما أنه في عام 1983 تم تشكيل مجلس الخدمة المدنية برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء آنذاك، وعضوية عدد من الوزراء وعينت أمين سر للمجلس في فبراير 1983.
بدأت المهام تزيد، ثم أوكل لي من قبل الشيخ عيسى بن علي آل خليفة رئيس الديوان، منصب رئيس شؤون الإعلام في ديوان الخدمة المدنية وتلقيت دورة لمدة شهرين في معهد الإدارة السعودي عن إدارة الإعلام وبقي العمل يسيراً في أمانة سر مجلس الخدمة المدنية والشؤون القانونية للديوان، التي كان مهمتها مراجعة الأنظمة المدنية التي تصدر والإفتاء في الاستفتاءات القانونية للوزارات عن أمور كثيرة منها مخالفات الموظف والجزاءات التي تطبق عليها.
واستمررت رئيساً للشؤون القانونية إلى عام 1993، ثم عينت مديرا لإدارة العمليات وخدمات الموظفين التي كنت فيها سابقا، وبقيت بها إلى أن تم تعييني بمجلس الشورى عام 1996.
وما هي الأنشطة الأخرى التي كنت تمارسها؟
- أنا من مؤسسي الجمعية الإسلامية مع الشيخ عبداللطيف آل محمود وعدد من الإخوة، كما أنني بعد التخرج، أوكلت لي مهمة الخطابة بجوامع البحرين، بدأت بجامع عمر بن الخطاب بعراد الذي بنته الجمعية الإسلامية، وبقيت أخطب به لمدة 6 سنوات، ثم نقلت إلى مسجد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة بالمحرق، إلى أن تم هدمه عام 1992، ثم نقلت إلى مسجد مؤقت بمنطقة ستيشن، وأصبت بالحبال الصوتية، فقالوا لي لأنك تطيل الخطبة!.
كيف تلقيت خبر تعيينك بمجلس الشورى؟
- كنت بالسعودية في مهمة ورجعت للبحرين فأبلغني بعض الزملاء بالعمل بأننا سمعنا أخباراً بأنك ستعين بمجلس الشورى، فقلت لهم لم أسمع شيئاً، ذهبت إلى رئيس الديوان الشيخ دعيج آل خليفة، وقال لي نفس الكلام، فأجبته بنفس الإجابة، إلى أن جاءني اتصال من عبداللطيف الرميحي وقال لي يريدك سمو رئيس الوزراء، فذهبت للمرحوم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وقال لي: أنت لدينا بمجلس الخدمة المدنية ولم تطلب شيئا لنفسك ولم نر منك إلا كل خير، وسألنا عنك الوزراء والناس، وأثنى عليك الجميع، ونحن نرغب بتعيينك بمجلس الشورى.
هل وجه لك سموه بعض النصائح؟
- نصحني بقوله «إياكم والمزايدات»، وعملت بهذه النصيحة، لأن المزايدات بلوى يبتلى بها كثير من الناس، مبالغة غير طبيعية ولا تعرف نتائجها، تطلب ما يحلم به الناس رغم أنك تعرف تعذر تطبيقه، فقط لأجل «الشو»، لكي يؤيدك الناس.
ما الذي تغير من موظف حكومي إلى عضو مجلس الشورى؟
- تغيرت طبيعة العمل، فبالحكومة كنت ملتزماً بدوام وكنت أتأخر أحياناً بإدارة العمليات، لأن بها كل إجراءات الموظف الحكومي منذ بداية تعيينه إلى يوم انتهاء وظيفته بتقاعد أو وفاة أو استقالة أو فصل، ويومها كان عدد موظفي الحكومة 38 ألف موظف، تصور كم إجراء يمر علينا، ملفات الموظفين كلها لدينا، وكل المعاملات تمر علينا.
كيف كان مجلس الشورى الأول، حين لم يكن هناك مجلس نواب؟
- بالنسبة إلي لامست العمل التشريعي بالمجلس الوطني، وكان مجلس الشورى يومها صورة من المجلس الوطني إلا أن قراره غير ملزم، ولكن نفس العمل والأسلوب باللجان، وكنت عضواً باللجنة القانونية، وكان رئيسها خليفة البنعلي، وكان معي باللجنة خليفة الظهراني و الدكتور محمد علي الستري و الدكتور إبراهيم الهاشمي، ومن أهم القوانين التي ناقشناها بمجلس الشورى القانون المدني الذي يضم أكثر من 1300 مادة، وناقشناه لمدة 3 سنوات.
حل مجلس الشورى بعد إقرار دستور البحرين في فبراير 2002، أين كان عبدالرحمن عبدالسلام خلالها؟
- عدت يومها لديوان الخدمة المدنية.
ما هي الدوافع الذي جعلك تترشح للانتخابات النيابية عام 2002؟
- خدمة الوطن والمجتمع والمواطنين، ولكن لم يحالفني الحظ، رغم أنني كنت بالمركز الأول بالانتخابات بالجولة الأولى، بيد أن الموازين انقلبت بالجولة الثانية.
بعد الخسارة عينت أميناً عاماً لمجلس الشورى، كيف كان العمل وقتها؟
- كان العمل عبارة عن تأسيس لأمانة عامة تتناسب مع السلطة التشريعية، كان الأمين العام المساعد أحمد الحردان، الساعد الأيمن في تطوير الأمانة العامة، واستطعنا خلال عامين تطوير الأمانة العامة تقنيا ًوإدارياً، وكنا نعمل باتجاهين، التأسيس والتنظيم، وكان العمل خلال العامين مجهداً لأبعد الحدود.
لنعد للانتخابات، لماذا لم تعد ترشيح نفسك عام 2006؟
- وجدت أن لعبة الانتخابات ليست نزيهة، نرشح أنفسنا بنية سليمة لا نحقد على الآخرين، فنفاجأ بكلام يسيء للعرض والأمانة وأنت بعيد عن كل هذه الأمور.
عينت في دورتين بمجلس الشورى، لماذا اخترت لجنة الخدمات بدلاً من اللجنة التشريعية والقانونية التي كنت عضواً بها بالمجلس الأول؟
- لأنني وجدت بها تعثراً بالفصل التشريعي الأول، كنت أميناً عاماً ومطلع على هذا الأمر، كانت القوانين تتأخر فيها، وكان رئيس المجلس ينبه اللجنة لتأخيرها بالتشريعات.
ما هي أبرز القوانين التي أقرت أيام مجلس الشورى؟
- من أبرزها قانون التعطل، وهو قانون كان يجب صدوره مع قانون التأمينات عام 1975، وهو موجود بالدول المتطورة، يخصم الاشتراكات على الموظف جزء للتعطل وجزء للتقاعد، لكي لا يشعر المواطن أنه خصم منه شيء جديد، المهم إدارة هذه الأموال وكيف نحقق الهدف التي من أجلها تم إنشاؤها.
ماذا عن حياتك الآن بعد التقاعد ؟
- صحتي منعتني من الخطابة والتحرك خارجاً، وألهي نفسي بمجلس ونعطي درساً ويأتيني الإخوان، وتعطل الأمر بعد الجائحة وزاد الخمول، كنت العضو المنتدب بالجمعية الإسلامية وأدرت الجمعية من 2009 إلى 2019.
هل من كلمة أخيرة تود قولها؟
- أجد في العمل متعة ويجب على كل إنسان أن يكون مخلصاً في أي عمل يقوم به لنفسه أو لأهله أو لوطنه، ويجب أن يكون متفانياً في العمل ليحقق ذاته وينفع وطنه ومواطنيه.
الوطن بحاجة ماسة للمخلصين المتفانين في عملهم ووطنهم وأن يبتعد الإنسان عن المزايدات والمهاترات والولاءات غير النافعة للوطن، لا بد من العمل بما ينفع الوطن والمواطنين، كما يجب ألا يتخلى الناس عن العمل الخيري، فهو متأصل في أهل البحرين.
أسست الجمعية الإسلامية مع عبداللطيف آل محمود
دخلت التجارة مبكراً.. وجربت العمل والدراسة منذ طفولتي
هربت من قسوة «المطوعة» لمرافقة والدي بـ«الظهران»
كنت أول طالب ينتسب «منازل» للمعهد الديني.. وبعد التخرج عملت مدرساً
جواد العريض ساعدني في الابتعاث لإكمال دراستي حضورياً بجامعة الأزهر
إطالتي بالخطب أثرت في حبالي الصوتية
حسن الستري، «تصوير: نايف الغثيث»
أكد عضو مجلس الشورى السابق الشيخ عبدالرحمن عبدالسلام أن البحرين بحاجة ماسة إلى المخلصين المتفانين في عملهم ووطنهم مشدداً على ضرورة أن يبتعد الجميع عن المزايدات والمهاترات والولاءات غير النافعة للوطن، والانشغال والعمل بما ينفع الوطن والمواطنين، كما يجب ألا يتخلى الناس عن العمل الخيري، الذي هو متأصل في أهل البحرين.
وقال في حوار مع «الوطن» سرد فيه مسيرته، إن العمل متعة بالنسبة إليه، ولكن ظروفه الصحية حالياً قيدت حركته الاجتماعية وفرضت عليه التزام المنزل.
وذكر أنه دخل التجارة مبكرا وجرب العمل والدراسة معا منذ الطفولة، وبيّن أنه هرب من قسوة المعلمة لمرافقة والده الذي كان يحفظه القرآن في دكانه بمنطقة الظهران بالسعودية، ولفت إلى أنه أول طالب استكمل دراسته «منازل» بالمعهد الديني. وفي ما يلي نص الحوار:
حدثنا عن نشأتك؟
- نشأتي كنشأة أطفال البحرين في خمسينيات القرن الماضي، ولدت لأبوين من الحد لعائلة متدينة جداً، كانوا يأخذون الطفل بالبداية إلى «المطوع»، وكنت حركيا، وكانت مُحفِّظتي امرأة قاسية علي، ولم أستمر معها، وأخذني أبي معه إلى السعودية في منطقة الظهران، يقرئني القرآن أمامه منذ الصباح إلى أذان الظهر، ومن العصر إلى قرب أذان المغرب، وهذا التقييد نفعني بلا شك، ومنعني من أخطار كثيرة.
ما هو ترتيبك بين إخوتك؟
- أنا البكر وبعدي بنت بخمس سنوات، وبعدها أخ وأختان، فنحن 3 بنات وولدان، وكنا نعيش بالبيت الكبير مع الأعمام وأبنائهم، وكل واحد له دار وعرشان والبيت كان كبيراً، لعبنا دائما مع أبناء العم بحوش البيت الذي يطل على البحر، عشت هذه الفترة إلى أن بلغت السابعة من العمر فأدخلني عمي بالمدرسة الابتدائية الجنوبية، بسنة 1955، وبقيت بها عامين، ثم نقلت إلى المدرسة الشمالية، وحين أنشئ المعهد الديني قال لي والدي سأدخلك المدرسة الدينية، فتخوفت نظرا لصورة المطوعة القاسية في ذهني.
ونقلت إلى المعهد الديني عام 1959، بمعية زملاء، منهم الشيخ أحمد آل محمود، والمرحوم هلال الشايجي الذي صار لاحقاً رئيس تحرير لصحيفة أخبار الخليج، وكان المعهد الديني قريباً في قسوته من المطوعة، ضرب كثير ومعاناة للطلبة من شدة المعلمين، ولكننا تعلمنا واستفدنا كثيراً، وطريقة التربية قديماً كان فيها نوع من الشدة.
هل أوكلت لك في فترة الطفولة مهام أخرى؟
- كوني البكر في الأسرة، اعتمد علي الوالد في أمور كثيرة، خصوصا حين شببْت وصار عمري 10 سنوات، أوكل لي مهمة فتح دكان بالبيت يطل على الشارع، وكنت أدير الدكان وأصرف منه على البيت، ما يعني أنني دخلت عالم التجارة مبكرا، وجربت العمل والدراسة في آن واحد.
ألم يؤثر ذلك في دراستك؟
- حصلت لي مشكلة في الصف الأول الإعدادي وتخلفت عاما دراسياً واحداً، ولكن لم تتأثر دراستي بسبب العمل، فقد استمررت في الدراسة وانتقلت للصف الثاني الإعدادي وبعدها للمرحلة الثانوية، لأنه بذلك الوقت لم يكن هناك صف ثالث إعدادي.
تركت الدراسة بعد الثاني الثانوي وسافرت للإمارات للعمل عام 1968 حيث عملت في وزارة العمل وبعدها بالتدريس بعد أن أكملت دراسة التوجيهي منازل بالمعهد الديني، وكنت أول من ينتسب منازل إلى المعهد الديني، وبعد التخرج عملت مدرساً بالبحرين لمدة عامين، وبعدها ابتعثت مدرسا معارا إلى أبوظبي، ودرّست بالعين سنة، ثم بحثت عن عمل بالصيف وعملت بالخارجية، وبقيت هناك سنة ونصف.
وفي مطلع 1974 عدت للبحرين، وقدمت لوظيفة بالمجلس الوطني، وقُبلت هناك وتم تعييني أمين سر اللجان البرلمانية، ولم يستمر المجلس كثيراً، إذ انفض دور الانعقاد الثاني في أبريل 1975، وبعدها بأشهر، ذهبت للعمرة مع زوجتي، وكان بجواري بالطائرة رجل سعودي، وسألني ما الذي يجري في البحرين، فعرفت من الصحيفة أن البرلمان قد تم حله.
ألم تتخوف بشأن مستقبلك الوظيفي؟
- كان هناك تخوف، ولكن الحكومة أصدرت قراراً سريعاً بأن موظفي الأمانة العامة للمجلس يتبعون شؤون مجلس الوزراء، وكان يومها وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء جواد العريض، وألحقنا بالوزارة مؤقتاً، وكان محمد المطوع المدير العام للوزارة، وتم استيعاب الموظفين بالوزارات، ونقلت إلى جهاز الخدمة المدنية الذي كان يسمى وقتها ديوان الموظفين، وعينت مشرفا على الإجازات المرضية وإصابات العمل بإدارة العمليات وخدمات العمل.
وكيف واصلت دراستك الجامعية؟
من أول سنة التحقت فيها بالديوان بدأت الدراسة بالأزهر، وكانت الدراسة يومها لا تشترط الحضور، ولكن الامتحانات تقدمها مع الطلاب، كانت الدراسة مدتها 5 سنوات، ودرست 3 سنوات، وفي عام 1979 أصدرت الجامعة قرارا بوجوب حضور الطلبة، فأسقط في يدي، كوني متزوجاً ولدي طفلان وقتها وكوني محتاجاً للراتب أيضاً.
خاطبت الوزير جواد العريض وشرحت له الظروف، وكان يعرف الكلية باعتباره خريج القاهرة، فقال لي سأشجعك ونبتعثك، ولكن الآن لا توجد ميزانية لأننا بنهاية العام، وسأعطيك تذكرة ومخصصات البعثة، ستكون في بداية السنة، وراتبك سيستمر. وسافرت وبقيت سنتين، وتكفل الديوان بدراستي، ورجعت إلى البحرين.
هل تغيرت وظيفتك بعد التخرج؟
- بعد التخرج انتقلت إلى الوظيفة القانونية مع مستشارين عرب، ثم تطورت بالوظيفة حيث استلمت رئاسة القسم القانوني عام 1984، كما أنه في عام 1983 تم تشكيل مجلس الخدمة المدنية برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء آنذاك، وعضوية عدد من الوزراء وعينت أمين سر للمجلس في فبراير 1983.
بدأت المهام تزيد، ثم أوكل لي من قبل الشيخ عيسى بن علي آل خليفة رئيس الديوان، منصب رئيس شؤون الإعلام في ديوان الخدمة المدنية وتلقيت دورة لمدة شهرين في معهد الإدارة السعودي عن إدارة الإعلام وبقي العمل يسيراً في أمانة سر مجلس الخدمة المدنية والشؤون القانونية للديوان، التي كان مهمتها مراجعة الأنظمة المدنية التي تصدر والإفتاء في الاستفتاءات القانونية للوزارات عن أمور كثيرة منها مخالفات الموظف والجزاءات التي تطبق عليها.
واستمررت رئيساً للشؤون القانونية إلى عام 1993، ثم عينت مديرا لإدارة العمليات وخدمات الموظفين التي كنت فيها سابقا، وبقيت بها إلى أن تم تعييني بمجلس الشورى عام 1996.
وما هي الأنشطة الأخرى التي كنت تمارسها؟
- أنا من مؤسسي الجمعية الإسلامية مع الشيخ عبداللطيف آل محمود وعدد من الإخوة، كما أنني بعد التخرج، أوكلت لي مهمة الخطابة بجوامع البحرين، بدأت بجامع عمر بن الخطاب بعراد الذي بنته الجمعية الإسلامية، وبقيت أخطب به لمدة 6 سنوات، ثم نقلت إلى مسجد الشيخ عيسى بن علي آل خليفة بالمحرق، إلى أن تم هدمه عام 1992، ثم نقلت إلى مسجد مؤقت بمنطقة ستيشن، وأصبت بالحبال الصوتية، فقالوا لي لأنك تطيل الخطبة!.
كيف تلقيت خبر تعيينك بمجلس الشورى؟
- كنت بالسعودية في مهمة ورجعت للبحرين فأبلغني بعض الزملاء بالعمل بأننا سمعنا أخباراً بأنك ستعين بمجلس الشورى، فقلت لهم لم أسمع شيئاً، ذهبت إلى رئيس الديوان الشيخ دعيج آل خليفة، وقال لي نفس الكلام، فأجبته بنفس الإجابة، إلى أن جاءني اتصال من عبداللطيف الرميحي وقال لي يريدك سمو رئيس الوزراء، فذهبت للمرحوم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وقال لي: أنت لدينا بمجلس الخدمة المدنية ولم تطلب شيئا لنفسك ولم نر منك إلا كل خير، وسألنا عنك الوزراء والناس، وأثنى عليك الجميع، ونحن نرغب بتعيينك بمجلس الشورى.
هل وجه لك سموه بعض النصائح؟
- نصحني بقوله «إياكم والمزايدات»، وعملت بهذه النصيحة، لأن المزايدات بلوى يبتلى بها كثير من الناس، مبالغة غير طبيعية ولا تعرف نتائجها، تطلب ما يحلم به الناس رغم أنك تعرف تعذر تطبيقه، فقط لأجل «الشو»، لكي يؤيدك الناس.
ما الذي تغير من موظف حكومي إلى عضو مجلس الشورى؟
- تغيرت طبيعة العمل، فبالحكومة كنت ملتزماً بدوام وكنت أتأخر أحياناً بإدارة العمليات، لأن بها كل إجراءات الموظف الحكومي منذ بداية تعيينه إلى يوم انتهاء وظيفته بتقاعد أو وفاة أو استقالة أو فصل، ويومها كان عدد موظفي الحكومة 38 ألف موظف، تصور كم إجراء يمر علينا، ملفات الموظفين كلها لدينا، وكل المعاملات تمر علينا.
كيف كان مجلس الشورى الأول، حين لم يكن هناك مجلس نواب؟
- بالنسبة إلي لامست العمل التشريعي بالمجلس الوطني، وكان مجلس الشورى يومها صورة من المجلس الوطني إلا أن قراره غير ملزم، ولكن نفس العمل والأسلوب باللجان، وكنت عضواً باللجنة القانونية، وكان رئيسها خليفة البنعلي، وكان معي باللجنة خليفة الظهراني و الدكتور محمد علي الستري و الدكتور إبراهيم الهاشمي، ومن أهم القوانين التي ناقشناها بمجلس الشورى القانون المدني الذي يضم أكثر من 1300 مادة، وناقشناه لمدة 3 سنوات.
حل مجلس الشورى بعد إقرار دستور البحرين في فبراير 2002، أين كان عبدالرحمن عبدالسلام خلالها؟
- عدت يومها لديوان الخدمة المدنية.
ما هي الدوافع الذي جعلك تترشح للانتخابات النيابية عام 2002؟
- خدمة الوطن والمجتمع والمواطنين، ولكن لم يحالفني الحظ، رغم أنني كنت بالمركز الأول بالانتخابات بالجولة الأولى، بيد أن الموازين انقلبت بالجولة الثانية.
بعد الخسارة عينت أميناً عاماً لمجلس الشورى، كيف كان العمل وقتها؟
- كان العمل عبارة عن تأسيس لأمانة عامة تتناسب مع السلطة التشريعية، كان الأمين العام المساعد أحمد الحردان، الساعد الأيمن في تطوير الأمانة العامة، واستطعنا خلال عامين تطوير الأمانة العامة تقنيا ًوإدارياً، وكنا نعمل باتجاهين، التأسيس والتنظيم، وكان العمل خلال العامين مجهداً لأبعد الحدود.
لنعد للانتخابات، لماذا لم تعد ترشيح نفسك عام 2006؟
- وجدت أن لعبة الانتخابات ليست نزيهة، نرشح أنفسنا بنية سليمة لا نحقد على الآخرين، فنفاجأ بكلام يسيء للعرض والأمانة وأنت بعيد عن كل هذه الأمور.
عينت في دورتين بمجلس الشورى، لماذا اخترت لجنة الخدمات بدلاً من اللجنة التشريعية والقانونية التي كنت عضواً بها بالمجلس الأول؟
- لأنني وجدت بها تعثراً بالفصل التشريعي الأول، كنت أميناً عاماً ومطلع على هذا الأمر، كانت القوانين تتأخر فيها، وكان رئيس المجلس ينبه اللجنة لتأخيرها بالتشريعات.
ما هي أبرز القوانين التي أقرت أيام مجلس الشورى؟
- من أبرزها قانون التعطل، وهو قانون كان يجب صدوره مع قانون التأمينات عام 1975، وهو موجود بالدول المتطورة، يخصم الاشتراكات على الموظف جزء للتعطل وجزء للتقاعد، لكي لا يشعر المواطن أنه خصم منه شيء جديد، المهم إدارة هذه الأموال وكيف نحقق الهدف التي من أجلها تم إنشاؤها.
ماذا عن حياتك الآن بعد التقاعد ؟
- صحتي منعتني من الخطابة والتحرك خارجاً، وألهي نفسي بمجلس ونعطي درساً ويأتيني الإخوان، وتعطل الأمر بعد الجائحة وزاد الخمول، كنت العضو المنتدب بالجمعية الإسلامية وأدرت الجمعية من 2009 إلى 2019.
هل من كلمة أخيرة تود قولها؟
- أجد في العمل متعة ويجب على كل إنسان أن يكون مخلصاً في أي عمل يقوم به لنفسه أو لأهله أو لوطنه، ويجب أن يكون متفانياً في العمل ليحقق ذاته وينفع وطنه ومواطنيه.
الوطن بحاجة ماسة للمخلصين المتفانين في عملهم ووطنهم وأن يبتعد الإنسان عن المزايدات والمهاترات والولاءات غير النافعة للوطن، لا بد من العمل بما ينفع الوطن والمواطنين، كما يجب ألا يتخلى الناس عن العمل الخيري، فهو متأصل في أهل البحرين.