أطلق مجلة خاصة تُعنى بالمتاحف والمزادات والنوادر
ثامر طيفور
مهنة المتاعب، هكذا يطلق على الصحافة، وهذا اللقب أخذته الصحافة مبكراً منذ القرن التاسع عشر، ليأتي معهد «قوانغتشو» في الصين ليؤكد هذه المعلومة، عبر دراسة استمرت 17 سنة، حول أخطر المهن على صحة وحياة الإنسان، وشملت حوالي 140 ألف شخص يمارسون مهناً مختلفة، وتوصلت الدراسة إلى أن مهنة الصحافة تُعد واحدة من تلك المهن.
"الوطن"، أجرت حواراً مع أحد أعلام الصحافة في البحرين، أحد من ساهموا في تأسيس صحيفة الأيام، وكتب في أخبار الخليج في بداياته، ثم في "الوطن" مع تأسيسها، ليصبح الإعلامي والصحافي البحريني حافظ إبراهيم عبدالغفار أيقونة صحافية بحرينية.
وسرد عبدالغفار في الحوار مسيرته مشيراً إلى أن شغفه بالصحافة بدأ بمرحلة الثانوية، حيث شارك في تحرير وإعداد مجلة "صوت الهداية" والتي كانت تصدر بشكل شهري، وتتضمن نشاطات المدرسة، وكانت هذه المجلة البذرة التي صقلت موهبة الكتابة لديه في مرحلة مبكرة، وبعدها بدأ بمراسلة صحيفة أخبار الخليج، وكانت الصحيفة الوحيدة في البحرين آنذاك حيث صدرت في فبراير 1976، وكان وقتها طالباً في الثانوية العامة، وكانت تنشر مقالاته دون تعديل أو تغيير.
وأضاف: "توجهت بعد ذلك لدراسة الإعلام والصحافة خارج البحرين، في جامعة الموصل بالعراق، وبعد العودة عملت في مجلة "صدى الأسبوع"، لمدة ست سنوات، ثم انتقلت للعمل في صحيفة الأيام، في بداية تأسيسها في 1989، ولمدة 18 عاماً، وحتى عام 2007، وكان آخر منصب لي بها هو نائب رئيس قسم الأخبار الدولية، ثم انتقلت بعدها إلى "الوطن" في أغسطس عام 2007، وبقيت حتى عام 2009، وكانت تجربتي حافلة بها من خلال قسم الأخبار الدولية".
وتابع قائلاً: "في 2011، عملت في وزارة الأشغال، بمنصب رئيس قسم العلاقات العامة وخدمة المجتمع، وكانت نقلة كبيرة من العمل في القطاع الخاص إلى العام، ولتقارب مجالي العلاقات العامة والصحافة، لم تأخذني الوظيفة الحكومية من شغفي الصحافي، وبقيت بالوزارة 9 سنوات، وفي 2020 قررت التقاعد بشكل نهائي، والتفرغ لعملي الخاص، حيث أطلقت مطبوعة خاصة، مجلة دورية اسمها رويال تُعنى بأمور المتاحف، والمزادات، والنوادر، ومثل هذه النشاطات التي لا مجال لنشرها بالصحافة، معرباً عن أمله بالعودة إلى عالم الصحافة مجدداً عبر كتابة عمود رأي أسبوعي".
وفيما يلي نص الحوار:
حدثنا عن نشأتك ومشاهدات الطفولة؟
عشنا حياة جميلة، وطفولة هادئة في مدينة المحرق العريقة، المحرق لها نكهة خاصة، وما يميزها هو الترابط والألفة، وانتشار المحبة بين الناس.
في المحرق، كان الجار يسأل عن جاره، يتفقده، يتعايش معه في السراء والضراء، ويشاركه في المناسبات كلها، على عكس ما نراه اليوم، الشخص إذا ارتبط انعزل وابتعد عن أهله وقل التواصل مع الوالدين. وذكرياتنا القديمة لها نكهة مميزة بالفعل يفتقدها الجيل الحالي، وأنا أدعوهم اليوم وأقول إن عليهم أن يتواصلوا وينغمسوا مع باقي أفراد العائلة ومحيطهم الاجتماعي.
حدثنا عن دراستك الأساسية؟
درست المرحلة الابتدائية في مدرسة أبوعبيدة عامر ابن الجراح، وتبعتها المرحلة الإعدادية في مدرسة عبدالرحمن الناصر، وحينئذ، كانت تسمى المدرسة البحرية لالتصاقها البحر، فمياه البحر كانت تضرب في سور المدرسة.
وكنت بآخر دفعة درست ثاني إعدادي، فلم يكن هناك صف ثالث، وكنا ندرس للثاني الإعدادي ثم ننتقل إلى الثانوية العامة، والدفعة التي تلتنا من الطلاب، تم إدخالهم واستحداث الصف الثالث إعدادي.
وفي مرحلة الثانوية، انتقلت إلى مدرسة الهداية الخليفية والتي كانت لها نكهة مميزة بأساتذتها، فكان المدير هناك الأستاذ محمد عبدالملك، وعمي الأستاذ صالح عبدالغفار، كان مساعد المدير الأستاذ عادل سفيان، وكان هناك الأستاذ محمد بودهيش، والأستاذ جاسم المناعي، رحم الله من توفي منهم وأعطى من بقي الصحة والعافية. وفي المرحلة الثانوية، كان الجو الطلابي مثالياً، وكان التواصل بين الطلاب والمعلمين قوياً حتى خارج ساعات الدوام، وكانت هناك استمرارية في الأخذ والعطاء، وما كان يميز المدارس في تلك الفترة هو وجود النشاطات الكثيرة.
هل تصف لنا فترة الدراسة والنشاطات التي قمتم بها؟
المدارس كانت مراكز ثقافية وفيها نشاطات كثيرة، وذلك من خلال النشاطات الصفية وغير الصفية، والتي كان يقام بعضها عصراً، وتهدف إلى صقل شخصيات الطلاب وتزويدهم بالمهارات التي تؤدي إلى التميز، وليس فقط التركيز على المادة العلمية المنهجية المكتوبة.
وكان هناك نشاط مسرحي، والكثير من الزملاء يهتمون بالنشاط المسرحي، ويذهبون للتمثيل، وأداء الأناشيد، والمونولوجات، وكنا ننغمس في بعض الألعاب الرياضية، مثل كرة القدم، وكرة السلة، وكانت هناك نشاطات خارج ساعات الدوام من بينها غرس النباتات والزراعة.
ومثل هذه الأمور كانت يومية وفصلية، وتحبب الطلاب بالمدرسة أكثر، وتربطهم بها حتى خارج ساعات الدوام الرسمي، وفي العطل الأسبوعية.
الجيل الحالي مرتبط أكثر بالتكونولوجيا، ونحن تميزنا عن الجيل الحالي بالكتاب، والمسطرة، والقلم، والممحاة، والأدوات المادية الملموسة، حتى نكهة فتح الكتاب وتصفحه تختفي عاماً بعد آخر وجيلاً بعد جيل، وشخصياً مازلت أفضّل تصفح الكتاب.
من أين بدأت قصتك مع عالم الصحافة والإعلام؟
في مرحلة الثانوية، شاركت في تحرير وإعداد مجلة اسمها "مجلة صوت الهداية" والتي كانت تصدر بشكل شهري، وتتضمن النشاطات التي تقوم بها المدرسة، ويشارك في تحريرها وإعدادها الكثير من الطلاب والأساتذة، وفيها جانب مكتوب باللغة الإنجليزية.
وهذه المطبوعة التي تتكون من 100 صفحة شهرياً، كانت تلاقي استحسان كل من أمسك بها، 60 صفحة باللغة العربية، و40 صفحة باللغة الإنجليزية، هذه البذرة هي ما صقلت جانب الكتابة عندي في مرحلة مبكرة.
ومع هذه التجربة الفريدة، بدأت بمراسلة صحيفة أخبار الخليج، وكانت هي الصحيفة الوحيدة في البحرين في ذلك الوقت، حيث صدرت في فبراير 1976، وهي نفس الفترة التي كنت فيها طالباً في الثانوية العامة.
وبالفعل بدأت أراسل صحيفة أخبار الخليج، وبدأت أكتب المقالات فيها، وكانت مقالاتي تُنشر بالطريقة التي أرسلتها، لم يكن يتم تعديلها أو التغيير عليها، وكان لها صدى كبير بين التلاميذ والمدرسين، الذين كانوا يحاورونني حول ما جاء فيها، وهذا ما شجعتني أكثر على الكتابة والاستمرار.
هل استمر هذا النشاط خلال الفترة الجامعية؟
توجهت لدراسة الإعلام والصحافة خارج البحرين، في جامعة الموصل بالعراق، وما يميز هذه المرحلة هي أنها كانت فترة الحرب العراقية الإيرانية في منتصف الثمانينات، وكانت هناك مجموعة كبيرة من الطلبة البحرينين يدرسون في جامعات عراقية مختلفة، وفي عدة تخصصات.
طلاب البحرين الذين تخرجوا من العراق، أصبحوا دبلوماسيين ومسؤولين في مراكز مرموقة في البحرين، كنا على تواصل مستمر في العراق مع الطلاب العرب من مختلف الدول، كانت أجواء رائعة، بداية الدراسة بالغربة كانت صعبة، ولكن مع تشجيع الأهل والزملاء المقربين، والهدف الرئيس وهو التحصيل العلمي، أصررت على إكمال المسيرة، وبالفعل تخرجت وعدت إلى البحرين.
هل بدأت رحلتك العملية في الصحافة فور عودتك من العراق؟
عند وصولي إلى البحرين بعد عودتي من العراق، ابتدأ مشواري في الصحافة، حيث عملت في مجلة أسبوعية اسمها "صدى الأسبوع"، وتعلمت الكثير منها، ومن الأستاذ علي سيار عميد الصحفيين البحرينين، وبقيت فيها مدة ست سنوات.
وبعد ذلك انتقلت للعمل في صحيفة الأيام، وبدأت معهم في يناير 1989، أي قبل ثلاثة شهور من إصدار العدد الأول للصحيفة، لأن صحيفة الأيام صدرت في مارس 1989.
الأيام كانت تجربة متميزة، قبل صدورها، كانت هناك في البحرين صحيفة واحدة فقط، وهي صحيفة أخبار الخليج، فأصبح مع صدورها جو من التنافس، مما حفزنا لكتابة أشياء مميزة، وأقامت لقاءت حصرية، وقد استقطبت الأيام بعض الشباب من الكتاب والمحررين، واستطاعت المنافسة، وسخنت جو الصحافة في البحرين.
وتدريجياً بعد الأيام صدرت صحف أخرى، حيث جاءت "الوطن"، والوسط، والميثاق، والعهد، والبلاد، فأصبح هنالك نشاط صحفي كبير في البلاد.
وفي بداية عملي مع الأيام، كنت في قسم الأخبار المحلية، كنا نغطي أخبار بعض الوزارات كان يتم تصنيفنا فيها كصحفيين، كل صحفي له جانب معين أو وزارة معينة، كانت مهمتي الأولى في الصحافة نقل هموم الشارع، واحتياجات المواطنين.
وكانت لدينا صفحات بريد، يراسلنا الناس عليها، وفي الأيام كان اسمها صفحة "الملتقى"، ونتلقى فيها شكاوى المواطنين واقتراحاتهم ومشاركاتهم، هذه الصفحة كانت منبراً يربط صوت المواطن بالمسؤول بشكل مباشر.
وخلال عملي بالصحيفة، تدرجت بالعمل من قسم المحليات إلى الأخبار الدولية، ومن خلال هذا القسم أتيحت لي الفرصة بلقاء وحوار الكثير من المسؤولين الدوليين ورؤساء الدول، سواء من خلال السفر بالمؤتمرات الخارجية أو أثناء حضورهم إلى البحرين، حضرت الكثير من مؤتمرات حلف الناتو في بروكسل، وأكثر من قمة في رومانيا، فرنسا، البرتغال.
ومثل هذه الأجواء الدولية يكون فيها الكثير من التنافس ما بين الصحافيين للحصول على السبق الصحافي، وعند تحقيقك لمكسب أو سبق للصحيفة التي تمثلها فهذا أمر كبير، وبالفعل كانت فترات مميزة.
متى انتقلت للعمل في صحيفة "الوطن"؟
عملي في الأيام استمر لمدة 18 عاماً، من عام 1989 إلى غاية عام 2007، وكان آخر منصب لي في صحيفة الأيام هو نائب رئيس قسم الأخبار الدولية، ثم انتقلت بشكل مباشر من الأيام إلى "الوطن" في أغسطس عام 2007، وكان رئيس التحرير الأستاذ المغفور له محمد البنكي، وبقيت في "الوطن" إلى عام 2009، وكانت تجربتي حافلة في "الوطن" من خلال قسم الأخبار الدولية.
في السابق كان لدينا ما يسمى "تيكرز"، وهي لفافة كبيرة من الورق نستقبل عليها الأخبار من وكالات الأنباء الدولية، ولكن في "الوطن" كان هناك تطور كبير وأسبقية على مستوى البحرين، وقادت "الوطن" تلك الطفرة، من خلال العمل أون لاين، حيث كنا نأخذ الخبر بشكل مباشر من الوكالة ونقوم بتحريره بشكل مباشر، ومن ثم إرساله إلى قسم الإخراج، وهذا تطور أدى إلى اختصار الوقت وزيادة الإنتاج.
خلال عملي في "الوطن"، كنت ممن تم اختيارهم في مملكة البحرين لتغطية مؤتمر القمة الإسلامي، والذي عقد في السنغال، كما أنه تم انتدابي لتغطية الكثير من المؤتمرات والفعاليات في مختلف دول العالم.
وكنت من الصحافيين الذين غطوا وحضروا الحملة الانتخابية الخاصة بالرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وخلال تواجدي هناك، زرت الكثير من الولايات الأمريكية، وقمت بعمل تغطية تعادل صفحة كاملة في كل يوم.
هل العمل الصحافي في القسم الدولي هو من جعلك من محبي السفر؟
أنا من عشاق السفر، سافرت إلى أكثر من 44 بلداً مختلفاً، بدأ عشقي للسفر أولاً بالسفرات الخاصة والعائلية السياحية، ومن ثم السفر للعمل، وكوني صحافياً دولياً، فهناك الكثير من التغطيات والمؤتمرات الخارجية التي من واجبي أن أسافر لها.
في كل بلد أزوره أحاول أن أتعرف على ناسه، أتعايش معهم وأكوّن معهم صداقات، ليست زيارة سريعة والسلام، ولذلك لدي تواصل مستمر مع مختلف الأشخاص في مختلف دول العالم، وأكثر بلد أود زيارته مرة أخرى هي كوبا، وسويسرا أيضاً، كوبا لها طابعها الخاص، وبصفتي محباً للتراث وجامع للأنتيك، فإن كوبا مكان تاريخي ينبض بالأنتيك، وفي الوطن العربي أخطط حالياً لزيارة جزر القمر، ويستهويني في هذه الفترة السفر إلى أفريقيا، فقبل مدة قصيرة زرت أوغندا وتنزانيا وزنجبار، وأفضل السياحة في أفريقيا على السياحة في جنوب شرق آسيا أو تركيا وأوروبا.
بعد خروجك من صحيفة "الوطن"، إلى أين كانت الوجهة؟
بعد صحيفة "الوطن"، أنهيت خدمة مدتها 20 عاماً، وبدأت التفكير في التقاعد، العمل الصحافي مرهق ومتعب ولكنه ممتع، واصلت العمل بدوام جزئي مع وزارة الإعلام، في مجلة هنا البحرين، وعملت في التحرير، والمراجعة، والتدقيق اللغوي، وكتابة عمود أسبوعي.
فرصة العمل في المجلة وفرت لي وقتاً أكبر، العمل بشكل عام يكون أقل من الصحف اليومية، استمررت لمدة عام مع هنا البحرين، ومن ثم في 2011، كان هناك شاغر وظيفي في وزارة الأشغال، تحت مسمى رئيس قسم العلاقات العامة وخدمة المجتمع، فتقدمت للوظيفة وتم قبولي.
بالنسبة لي كانت وزارة الأشغال نقلة كبيرة، انتقلت من العمل في القطاع الخاص إلى القطاع العام، ولتقارب مجالي العلاقات العامة والصحافة، لم تأخذني الوظيفة الحكومية من شغفي الصحافي، وكنت ملتصقاً بشكل أكبر بحكم موقع عملي مع الصحف والتلفزيون ووكالة الأنباء.
طبيعة وزارة الأشغال أنها وزارة تعمل في مجال الخدمات، وتقدم مشاريع يومياً للمواطنين والمقيمين، ومن خلال مشاريع البنية التحتية مثل الجسور والأنفاق والشوارع، والصيانة العامة للطرق، فكانت مهمتنا الأولى هي التواصل مع الجمهور، ونقل ملاحظاته إلى الجهة المعنية.
بقيت في وزارة الأشغال 9 سنوات، وفي 2020 قررت التقاعد بشكل نهائي، والتفرغ لعملي الخاص، حيث أطلقت مطبوعة خاصة، مجلة دورية اسمها رويال تتكون من 100 صفحة، وأصدرها بجهدي الشخصي، وبصفتي صحافياً وهاوياً، أردت إنتاج مجلة تُعنى بأمور الهواة، والمتاحف، والمزادات، والنوادر، والصحافة اليومية مشغولة بالأخبار، ومثل هذه النشاطات لا مجال لها بالصحافة.
كما أنني على أمل بأن أعود إلى عالم الصحافة عبر كتابة عمود الرأي الأسبوعي، وأنا أدرس هذا الموضوع بشكل جدي الآن.
هل من كلمة أخيرة لك؟
نشكر صحيفة "الوطن" على هذا النشاط، استضافة مختلف الشخصيات البحرينية الوطنية، وهذا يحسب لها، فكون "الوطن" صحيفة يومية، لم تنشغل بالأخبار عن نقل ومقابلة الأشخاص والشخصيات من تجار ورجال أعمال ومتخصصين في جميع المجالات، وهذا مجهود وطني تشكر صحيفة "الوطن" عليه.
ثامر طيفور
مهنة المتاعب، هكذا يطلق على الصحافة، وهذا اللقب أخذته الصحافة مبكراً منذ القرن التاسع عشر، ليأتي معهد «قوانغتشو» في الصين ليؤكد هذه المعلومة، عبر دراسة استمرت 17 سنة، حول أخطر المهن على صحة وحياة الإنسان، وشملت حوالي 140 ألف شخص يمارسون مهناً مختلفة، وتوصلت الدراسة إلى أن مهنة الصحافة تُعد واحدة من تلك المهن.
"الوطن"، أجرت حواراً مع أحد أعلام الصحافة في البحرين، أحد من ساهموا في تأسيس صحيفة الأيام، وكتب في أخبار الخليج في بداياته، ثم في "الوطن" مع تأسيسها، ليصبح الإعلامي والصحافي البحريني حافظ إبراهيم عبدالغفار أيقونة صحافية بحرينية.
وسرد عبدالغفار في الحوار مسيرته مشيراً إلى أن شغفه بالصحافة بدأ بمرحلة الثانوية، حيث شارك في تحرير وإعداد مجلة "صوت الهداية" والتي كانت تصدر بشكل شهري، وتتضمن نشاطات المدرسة، وكانت هذه المجلة البذرة التي صقلت موهبة الكتابة لديه في مرحلة مبكرة، وبعدها بدأ بمراسلة صحيفة أخبار الخليج، وكانت الصحيفة الوحيدة في البحرين آنذاك حيث صدرت في فبراير 1976، وكان وقتها طالباً في الثانوية العامة، وكانت تنشر مقالاته دون تعديل أو تغيير.
وأضاف: "توجهت بعد ذلك لدراسة الإعلام والصحافة خارج البحرين، في جامعة الموصل بالعراق، وبعد العودة عملت في مجلة "صدى الأسبوع"، لمدة ست سنوات، ثم انتقلت للعمل في صحيفة الأيام، في بداية تأسيسها في 1989، ولمدة 18 عاماً، وحتى عام 2007، وكان آخر منصب لي بها هو نائب رئيس قسم الأخبار الدولية، ثم انتقلت بعدها إلى "الوطن" في أغسطس عام 2007، وبقيت حتى عام 2009، وكانت تجربتي حافلة بها من خلال قسم الأخبار الدولية".
وتابع قائلاً: "في 2011، عملت في وزارة الأشغال، بمنصب رئيس قسم العلاقات العامة وخدمة المجتمع، وكانت نقلة كبيرة من العمل في القطاع الخاص إلى العام، ولتقارب مجالي العلاقات العامة والصحافة، لم تأخذني الوظيفة الحكومية من شغفي الصحافي، وبقيت بالوزارة 9 سنوات، وفي 2020 قررت التقاعد بشكل نهائي، والتفرغ لعملي الخاص، حيث أطلقت مطبوعة خاصة، مجلة دورية اسمها رويال تُعنى بأمور المتاحف، والمزادات، والنوادر، ومثل هذه النشاطات التي لا مجال لنشرها بالصحافة، معرباً عن أمله بالعودة إلى عالم الصحافة مجدداً عبر كتابة عمود رأي أسبوعي".
وفيما يلي نص الحوار:
حدثنا عن نشأتك ومشاهدات الطفولة؟
عشنا حياة جميلة، وطفولة هادئة في مدينة المحرق العريقة، المحرق لها نكهة خاصة، وما يميزها هو الترابط والألفة، وانتشار المحبة بين الناس.
في المحرق، كان الجار يسأل عن جاره، يتفقده، يتعايش معه في السراء والضراء، ويشاركه في المناسبات كلها، على عكس ما نراه اليوم، الشخص إذا ارتبط انعزل وابتعد عن أهله وقل التواصل مع الوالدين. وذكرياتنا القديمة لها نكهة مميزة بالفعل يفتقدها الجيل الحالي، وأنا أدعوهم اليوم وأقول إن عليهم أن يتواصلوا وينغمسوا مع باقي أفراد العائلة ومحيطهم الاجتماعي.
حدثنا عن دراستك الأساسية؟
درست المرحلة الابتدائية في مدرسة أبوعبيدة عامر ابن الجراح، وتبعتها المرحلة الإعدادية في مدرسة عبدالرحمن الناصر، وحينئذ، كانت تسمى المدرسة البحرية لالتصاقها البحر، فمياه البحر كانت تضرب في سور المدرسة.
وكنت بآخر دفعة درست ثاني إعدادي، فلم يكن هناك صف ثالث، وكنا ندرس للثاني الإعدادي ثم ننتقل إلى الثانوية العامة، والدفعة التي تلتنا من الطلاب، تم إدخالهم واستحداث الصف الثالث إعدادي.
وفي مرحلة الثانوية، انتقلت إلى مدرسة الهداية الخليفية والتي كانت لها نكهة مميزة بأساتذتها، فكان المدير هناك الأستاذ محمد عبدالملك، وعمي الأستاذ صالح عبدالغفار، كان مساعد المدير الأستاذ عادل سفيان، وكان هناك الأستاذ محمد بودهيش، والأستاذ جاسم المناعي، رحم الله من توفي منهم وأعطى من بقي الصحة والعافية. وفي المرحلة الثانوية، كان الجو الطلابي مثالياً، وكان التواصل بين الطلاب والمعلمين قوياً حتى خارج ساعات الدوام، وكانت هناك استمرارية في الأخذ والعطاء، وما كان يميز المدارس في تلك الفترة هو وجود النشاطات الكثيرة.
هل تصف لنا فترة الدراسة والنشاطات التي قمتم بها؟
المدارس كانت مراكز ثقافية وفيها نشاطات كثيرة، وذلك من خلال النشاطات الصفية وغير الصفية، والتي كان يقام بعضها عصراً، وتهدف إلى صقل شخصيات الطلاب وتزويدهم بالمهارات التي تؤدي إلى التميز، وليس فقط التركيز على المادة العلمية المنهجية المكتوبة.
وكان هناك نشاط مسرحي، والكثير من الزملاء يهتمون بالنشاط المسرحي، ويذهبون للتمثيل، وأداء الأناشيد، والمونولوجات، وكنا ننغمس في بعض الألعاب الرياضية، مثل كرة القدم، وكرة السلة، وكانت هناك نشاطات خارج ساعات الدوام من بينها غرس النباتات والزراعة.
ومثل هذه الأمور كانت يومية وفصلية، وتحبب الطلاب بالمدرسة أكثر، وتربطهم بها حتى خارج ساعات الدوام الرسمي، وفي العطل الأسبوعية.
الجيل الحالي مرتبط أكثر بالتكونولوجيا، ونحن تميزنا عن الجيل الحالي بالكتاب، والمسطرة، والقلم، والممحاة، والأدوات المادية الملموسة، حتى نكهة فتح الكتاب وتصفحه تختفي عاماً بعد آخر وجيلاً بعد جيل، وشخصياً مازلت أفضّل تصفح الكتاب.
من أين بدأت قصتك مع عالم الصحافة والإعلام؟
في مرحلة الثانوية، شاركت في تحرير وإعداد مجلة اسمها "مجلة صوت الهداية" والتي كانت تصدر بشكل شهري، وتتضمن النشاطات التي تقوم بها المدرسة، ويشارك في تحريرها وإعدادها الكثير من الطلاب والأساتذة، وفيها جانب مكتوب باللغة الإنجليزية.
وهذه المطبوعة التي تتكون من 100 صفحة شهرياً، كانت تلاقي استحسان كل من أمسك بها، 60 صفحة باللغة العربية، و40 صفحة باللغة الإنجليزية، هذه البذرة هي ما صقلت جانب الكتابة عندي في مرحلة مبكرة.
ومع هذه التجربة الفريدة، بدأت بمراسلة صحيفة أخبار الخليج، وكانت هي الصحيفة الوحيدة في البحرين في ذلك الوقت، حيث صدرت في فبراير 1976، وهي نفس الفترة التي كنت فيها طالباً في الثانوية العامة.
وبالفعل بدأت أراسل صحيفة أخبار الخليج، وبدأت أكتب المقالات فيها، وكانت مقالاتي تُنشر بالطريقة التي أرسلتها، لم يكن يتم تعديلها أو التغيير عليها، وكان لها صدى كبير بين التلاميذ والمدرسين، الذين كانوا يحاورونني حول ما جاء فيها، وهذا ما شجعتني أكثر على الكتابة والاستمرار.
هل استمر هذا النشاط خلال الفترة الجامعية؟
توجهت لدراسة الإعلام والصحافة خارج البحرين، في جامعة الموصل بالعراق، وما يميز هذه المرحلة هي أنها كانت فترة الحرب العراقية الإيرانية في منتصف الثمانينات، وكانت هناك مجموعة كبيرة من الطلبة البحرينين يدرسون في جامعات عراقية مختلفة، وفي عدة تخصصات.
طلاب البحرين الذين تخرجوا من العراق، أصبحوا دبلوماسيين ومسؤولين في مراكز مرموقة في البحرين، كنا على تواصل مستمر في العراق مع الطلاب العرب من مختلف الدول، كانت أجواء رائعة، بداية الدراسة بالغربة كانت صعبة، ولكن مع تشجيع الأهل والزملاء المقربين، والهدف الرئيس وهو التحصيل العلمي، أصررت على إكمال المسيرة، وبالفعل تخرجت وعدت إلى البحرين.
هل بدأت رحلتك العملية في الصحافة فور عودتك من العراق؟
عند وصولي إلى البحرين بعد عودتي من العراق، ابتدأ مشواري في الصحافة، حيث عملت في مجلة أسبوعية اسمها "صدى الأسبوع"، وتعلمت الكثير منها، ومن الأستاذ علي سيار عميد الصحفيين البحرينين، وبقيت فيها مدة ست سنوات.
وبعد ذلك انتقلت للعمل في صحيفة الأيام، وبدأت معهم في يناير 1989، أي قبل ثلاثة شهور من إصدار العدد الأول للصحيفة، لأن صحيفة الأيام صدرت في مارس 1989.
الأيام كانت تجربة متميزة، قبل صدورها، كانت هناك في البحرين صحيفة واحدة فقط، وهي صحيفة أخبار الخليج، فأصبح مع صدورها جو من التنافس، مما حفزنا لكتابة أشياء مميزة، وأقامت لقاءت حصرية، وقد استقطبت الأيام بعض الشباب من الكتاب والمحررين، واستطاعت المنافسة، وسخنت جو الصحافة في البحرين.
وتدريجياً بعد الأيام صدرت صحف أخرى، حيث جاءت "الوطن"، والوسط، والميثاق، والعهد، والبلاد، فأصبح هنالك نشاط صحفي كبير في البلاد.
وفي بداية عملي مع الأيام، كنت في قسم الأخبار المحلية، كنا نغطي أخبار بعض الوزارات كان يتم تصنيفنا فيها كصحفيين، كل صحفي له جانب معين أو وزارة معينة، كانت مهمتي الأولى في الصحافة نقل هموم الشارع، واحتياجات المواطنين.
وكانت لدينا صفحات بريد، يراسلنا الناس عليها، وفي الأيام كان اسمها صفحة "الملتقى"، ونتلقى فيها شكاوى المواطنين واقتراحاتهم ومشاركاتهم، هذه الصفحة كانت منبراً يربط صوت المواطن بالمسؤول بشكل مباشر.
وخلال عملي بالصحيفة، تدرجت بالعمل من قسم المحليات إلى الأخبار الدولية، ومن خلال هذا القسم أتيحت لي الفرصة بلقاء وحوار الكثير من المسؤولين الدوليين ورؤساء الدول، سواء من خلال السفر بالمؤتمرات الخارجية أو أثناء حضورهم إلى البحرين، حضرت الكثير من مؤتمرات حلف الناتو في بروكسل، وأكثر من قمة في رومانيا، فرنسا، البرتغال.
ومثل هذه الأجواء الدولية يكون فيها الكثير من التنافس ما بين الصحافيين للحصول على السبق الصحافي، وعند تحقيقك لمكسب أو سبق للصحيفة التي تمثلها فهذا أمر كبير، وبالفعل كانت فترات مميزة.
متى انتقلت للعمل في صحيفة "الوطن"؟
عملي في الأيام استمر لمدة 18 عاماً، من عام 1989 إلى غاية عام 2007، وكان آخر منصب لي في صحيفة الأيام هو نائب رئيس قسم الأخبار الدولية، ثم انتقلت بشكل مباشر من الأيام إلى "الوطن" في أغسطس عام 2007، وكان رئيس التحرير الأستاذ المغفور له محمد البنكي، وبقيت في "الوطن" إلى عام 2009، وكانت تجربتي حافلة في "الوطن" من خلال قسم الأخبار الدولية.
في السابق كان لدينا ما يسمى "تيكرز"، وهي لفافة كبيرة من الورق نستقبل عليها الأخبار من وكالات الأنباء الدولية، ولكن في "الوطن" كان هناك تطور كبير وأسبقية على مستوى البحرين، وقادت "الوطن" تلك الطفرة، من خلال العمل أون لاين، حيث كنا نأخذ الخبر بشكل مباشر من الوكالة ونقوم بتحريره بشكل مباشر، ومن ثم إرساله إلى قسم الإخراج، وهذا تطور أدى إلى اختصار الوقت وزيادة الإنتاج.
خلال عملي في "الوطن"، كنت ممن تم اختيارهم في مملكة البحرين لتغطية مؤتمر القمة الإسلامي، والذي عقد في السنغال، كما أنه تم انتدابي لتغطية الكثير من المؤتمرات والفعاليات في مختلف دول العالم.
وكنت من الصحافيين الذين غطوا وحضروا الحملة الانتخابية الخاصة بالرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وخلال تواجدي هناك، زرت الكثير من الولايات الأمريكية، وقمت بعمل تغطية تعادل صفحة كاملة في كل يوم.
هل العمل الصحافي في القسم الدولي هو من جعلك من محبي السفر؟
أنا من عشاق السفر، سافرت إلى أكثر من 44 بلداً مختلفاً، بدأ عشقي للسفر أولاً بالسفرات الخاصة والعائلية السياحية، ومن ثم السفر للعمل، وكوني صحافياً دولياً، فهناك الكثير من التغطيات والمؤتمرات الخارجية التي من واجبي أن أسافر لها.
في كل بلد أزوره أحاول أن أتعرف على ناسه، أتعايش معهم وأكوّن معهم صداقات، ليست زيارة سريعة والسلام، ولذلك لدي تواصل مستمر مع مختلف الأشخاص في مختلف دول العالم، وأكثر بلد أود زيارته مرة أخرى هي كوبا، وسويسرا أيضاً، كوبا لها طابعها الخاص، وبصفتي محباً للتراث وجامع للأنتيك، فإن كوبا مكان تاريخي ينبض بالأنتيك، وفي الوطن العربي أخطط حالياً لزيارة جزر القمر، ويستهويني في هذه الفترة السفر إلى أفريقيا، فقبل مدة قصيرة زرت أوغندا وتنزانيا وزنجبار، وأفضل السياحة في أفريقيا على السياحة في جنوب شرق آسيا أو تركيا وأوروبا.
بعد خروجك من صحيفة "الوطن"، إلى أين كانت الوجهة؟
بعد صحيفة "الوطن"، أنهيت خدمة مدتها 20 عاماً، وبدأت التفكير في التقاعد، العمل الصحافي مرهق ومتعب ولكنه ممتع، واصلت العمل بدوام جزئي مع وزارة الإعلام، في مجلة هنا البحرين، وعملت في التحرير، والمراجعة، والتدقيق اللغوي، وكتابة عمود أسبوعي.
فرصة العمل في المجلة وفرت لي وقتاً أكبر، العمل بشكل عام يكون أقل من الصحف اليومية، استمررت لمدة عام مع هنا البحرين، ومن ثم في 2011، كان هناك شاغر وظيفي في وزارة الأشغال، تحت مسمى رئيس قسم العلاقات العامة وخدمة المجتمع، فتقدمت للوظيفة وتم قبولي.
بالنسبة لي كانت وزارة الأشغال نقلة كبيرة، انتقلت من العمل في القطاع الخاص إلى القطاع العام، ولتقارب مجالي العلاقات العامة والصحافة، لم تأخذني الوظيفة الحكومية من شغفي الصحافي، وكنت ملتصقاً بشكل أكبر بحكم موقع عملي مع الصحف والتلفزيون ووكالة الأنباء.
طبيعة وزارة الأشغال أنها وزارة تعمل في مجال الخدمات، وتقدم مشاريع يومياً للمواطنين والمقيمين، ومن خلال مشاريع البنية التحتية مثل الجسور والأنفاق والشوارع، والصيانة العامة للطرق، فكانت مهمتنا الأولى هي التواصل مع الجمهور، ونقل ملاحظاته إلى الجهة المعنية.
بقيت في وزارة الأشغال 9 سنوات، وفي 2020 قررت التقاعد بشكل نهائي، والتفرغ لعملي الخاص، حيث أطلقت مطبوعة خاصة، مجلة دورية اسمها رويال تتكون من 100 صفحة، وأصدرها بجهدي الشخصي، وبصفتي صحافياً وهاوياً، أردت إنتاج مجلة تُعنى بأمور الهواة، والمتاحف، والمزادات، والنوادر، والصحافة اليومية مشغولة بالأخبار، ومثل هذه النشاطات لا مجال لها بالصحافة.
كما أنني على أمل بأن أعود إلى عالم الصحافة عبر كتابة عمود الرأي الأسبوعي، وأنا أدرس هذا الموضوع بشكل جدي الآن.
هل من كلمة أخيرة لك؟
نشكر صحيفة "الوطن" على هذا النشاط، استضافة مختلف الشخصيات البحرينية الوطنية، وهذا يحسب لها، فكون "الوطن" صحيفة يومية، لم تنشغل بالأخبار عن نقل ومقابلة الأشخاص والشخصيات من تجار ورجال أعمال ومتخصصين في جميع المجالات، وهذا مجهود وطني تشكر صحيفة "الوطن" عليه.