هدى عبدالحميد


تكاليف التأهيل لذوي التوحد تنهك كاهل أولياء الأمور

الجمعية تسعى لدمج التوحديين مع مختلف فئات المجتمع

أقترح على «العمل» إعطاء امتيازات خاصة لمن يوظف شاباً من ذوي التوحد

بحاجة لمزيد من الجدية عبر تضافر الجهود بين مختلف القطاعات


قال رئيس جمعية التوحديين البحرينية إن تجربتني مع ابنتي أعطتني دروساً لا حصر لها في عالم التوحد ووصلت لمرحلة الوعي والثقافة التامة إلى درجة أن يتم التواصل مع الكثير من الأسر حول حالات أطفالهم.

وأفاد بأنه لا توجد إحصائيات دقيقة للأشخاص من فئة التوحد بالبحرين لأن الأرقام الموجودة في وحدة الطب النفسي لا تنطبق مع أرقام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ولكن لو جمعنا الحالات المسجلة لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والحالات المدرجة في مراكز التأهيل بالإضافة لعدد حالات الشباب الذين لم يتم تسجيلهم في أي جهة، نجد العدد الإجمالي يفوق الـ2200 حالة، متطرقاً إلى الافتقار لأهم الأمور وهي مراكز التأهيل الحكومية، بينما هناك أكثر من 25 مركزاً تأهيلياً خاصاً وتكون رسومها بين 300 إلى 1200 دينار.

جاء ذلك خلال حوار مع الوطن هذا نصه:

من هو زكريا هاشم؟ وما هي تجربتك في تحدي إعاقة التوحد؟


- أب لابن وثلاث بنات، اثنتان منهن من ذوي اضطراب طيف التوحد (ريم وزينب). من مؤسسي جمعية التوحديين البحرينية وحالياً رئيس مجلس الإدارة.

بدأت المشوار منذ اليوم الأول الذي استلمت فيه تقرير التشخيص لابنتي ريم في العام 2010، حيث بدأت بالبحث عبر الإنترنت والتواصل مع المختصين داخل مملكة البحرين وخارجها عن كل ما يخص اضطراب طيف التوحد، فقد كانت البداية صعبة لأن المجال جديدٌ علي، ولكن سرعان ما تجاوزت هذه المرحلة وانطلقت بطفلتي في مجال التأهيل عبر إدراجها لمركز خاص بالإضافة لمتابعة الخطط التأهيلية داخل بيئة المنزل، وصلت لمراحل متقدمة من الوعي حول الاضطراب حيث بعد أن رزقت بطفلتي الثانية زينب لاحظت عليها بعض سمات التوحد من عمر 7 أشهر، ولأن العمر مازال مبكراً للتشخيص إلا أني مع والدتها صرنا نراقب نموها وتحركاتها بشكل دقيق وكانت علامات التوحد تبرز أكثر يوماً بعد يوم، إلى أن وصلت لعمر سنة وتسعة أشهر، وتم تشخيصها باضطراب طيف التوحد وذلك يؤكد ما كنت أتوقعه، وكل هذه الفترة التي مررت بها أعطتني دروساً لا حصر لها في عالم التوحد ووصلت لمرحلة الوعي والثقافة التامة إلى درجة أن يتم التواصل مع الكثير من الأسر حول حالات أطفالهم.

حدثنا عن بدايات تأسيس جمعية التوحديين البحرينية وأهم والصعوبات التي واجهتكم؟

- تأسست جمعية التوحديين البحرينية في أكتوبر 2015، حيث كنا نحن مجموعة من أولياء الأمور ربطتنا علاقة عن طريق أحد مراكز التأهيل لأطفالنا التوحديين، حيث بدأت الفكرة عند أحد أولياء الأمور وبالتعاون مع مدير مركز التأهيل وبدأنا بالاجتماعات التأسيسية داخل المركز، إلى أن وصلنا لمراحل متقدمة من خلال إعداد النظام الأساسي للجمعية والذي يحتوي على أهداف الجمعية وكافة البنود التنظيمية، وكان عدد المؤسسين 11 كلهم بين آباء وأمهات من ذوي المصابين باضطراب طيف التوحد، حيث كانت مدة الإجراءات للتأسيس حوالي سنتين ونصف.

كم عدد الأشخاص من فئة التوحد في البحرين؟ وكم عدد المنتسبين للجمعية؟

- للأسف لا توجد إحصائيات دقيقة لأن الأرقام الموجودة في وحدة الطب النفسي لا تنطبق مع أرقام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ولكن لو جمعنا الحالات المسجلة لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية والحالات المدرجة في مراكز التأهيل بالإضافة لعدد حالات الشباب الذين لم يتم تسجيلهم في أي جهة نجد العدد الإجمالي يفوق الـ2200 حالة.

أما عدد منتسبي جمعية التوحديين البحرينية فاق الـ900 عضو من مختلف أفراد المجتمع بين أولياء أمور ومختصين ومهتمين ونشطاء اجتماعيين وغيرهم.

كيف ترى واقع الأشخاص من فئة التوحد في مملكة البحرين؟

- أولاً يجب علينا جميعاً أن نؤمن بأن المصابين باضطراب طيف التوحد هم جزء لا يتجزأ من المجتمع ولهم حقوق كما لأقرانهم، فهذه الفئة مازالت بحاجة لمزيد من الجدية عبر تضافر الجهود بين مختلف القطاعات الحكومية والخاصة بالإضافة للمجتمع بشكل عام، حيث يفتقرون لكثير من الخدمات الصحية كمتابعة الحالات بشكل مستمر وتوفير أدوية المكملات الغذائية ناهيك عن تسريع إجراءاتهم داخل المستشفيات الصحية نظراً لصعوبة الانتظار في الطوابير التي تؤدي للتوتر وبالتالي يقوم بسلوكيات لا إرادية قد تزعج المرضى والمراجعين، إضافة لزيادة الطاقة الاستيعابية لذوي التوحد داخل مدارس وزارة التربية والتعليم، فهناك الكثير من الحالات التي تنطبق عليهم الشروط ولكن لا توجد مقاعد تستوعبهم، وأضيف إلى ذلك أهمية تعزيز الدمج المجتمعي في الأنشطة الرياضية في الأندية والمراكز الرياضية وتخصيص فترات وبرامج تتناسب مع هذه الحالات وتفريغ طاقاتهم في ما يفيدهم.

ما هي الخدمات التي تقدمها جمعية التوحد البحرينية لهم؟

- حملت جمعية التوحديين البحرينية على عاتقها مسؤولية التوحديين وتمثيلهم أمام الجمعية، ومع شح المؤسسات التي تحتويهم تقوم الجمعية بتنظيم برامج متنوعة على مدار السنة، وتختلف هذه البرامج بين التعليمية والتأهيلية والترفيهية بالتعاون مع مختلف الجهات المناسبة، وأهمها المعسكر الصيفي الذي يمتد لمدة شهر كامل وبدعم من المحافظة الشمالية وتنظيم جمعية التوحديين البحرينية، وبرنامج نادي الشباب الذي ينظم سنوياً في فترة الربيع لفئة الشباب ومدته أسبوعان متواصلان، بالإضافة لإحياء المناسبات العالمية والوطنية والسعي لدمج التوحديين مع مختلف فئات المجتمع، ناهيك عن الفعاليات والبرامج التوعوية والتي تستهدف كل شرائح أفراد المجتمع والذي نعتبره جانباً مهماً حتى نصل لمرحلة التقبل المجتمعي وتذليل الصعوبات في الأماكن العامة مع إمكانية التعرف على هذه الحالات والتعامل معهم بكل بسهولة.

حدثنا عن الخدمات الحكومية المقدمة لفئة التوحد بالتفصيل وهل هي كافية لتلبية احتياجاتهم؟

- هناك تحديات كثيرة تواجه ذوي التوحد خصوصاً أنهم أصحاء بدنياً ولكن لديهم اضطرابات سلوكية متعددة فيصعب على الكثيرين تقدير الحالة التي يعاني منها الطفل وبالتالي يتغافل الكثيرون عن أهم احتياجاتهم ظناً منهم أن ذوي التوحد ليسوا بحاجة لاهتمام، بيد أن هناك كثيراً من الخدمات الحكومية هي بأمس الحاجة لتسليط الضوء عليها وهي كالآتي:

- لا يخفى عليكم أن تكاليف التأهيل لذوي التوحد تنهك كاهل أولياء الأمور، فرسوم مراكز التأهيل تفوق بكثير متوسط مدخول الأسر البحرينية وبالتالي مبلغ الدعم لذوي الإعاقة الذي يتم صرفه من قبل وزارة التنمية لا يغطي 30% من رسوم التأهيل، ناهيك عن باقي الاحتياجات مثل المكملات الغذائية وتهيئة بيئة المنزل وغيرها.

- وفيما يخص الجانب التأهيلي، فنحن في مملكة البحرين مازلنا نفتقر لأهم الأمور وهي مراكز التأهيل الحكومية بينما هناك أكثر من 25 مركزاً تأهيلياً خاصاً وتكون رسومها بين 300 إلى 1200 دينار شهرياً وبذلك هناك الكثير من الأطفال بلا تأهيل بسبب الظروف المادية.

- أما عن الخدمات الصحية فمنذ أن يتم تسليم تقرير التشخيص ينتهي دور وزارة الصحة بينما في الواقع المشوار طويل، حيث إن الحالات بحاجة لمتابعة مستمرة من قبل وحدة الأطفال في الطب النفسي، فالظروف تحتم عليهم الوقوع في انتكاسات نفسية، والبعض منهم بحاجة إلى تدخل دوائي وذلك لا يكون إلا بالمتابعة، ناهيك عن فترات الانتظار في طوابير المستشفيات التي تكون مرهقة لأولياء الأمور، فيجب استثناء ذوي التوحد وإعطاؤهم الأولوية في جميع مرافق وزارة الصحة لتفادي أي سلوكيات قد تظهر على الطفل.

- يجب تعزيز مفهوم الدمج المجتمعي من خلال مشاركة ذوي التوحد في الأنشطة الرياضية والاجتماعية، فوزارة الشباب والرياضة مقصرة في الأنشطة الرياضية من خلال تخصيص أوقات وبرامج خاصة لذوي التوحد في الأندية والبرامج الرياضية خصوصاً لفئة الشباب الذين هم بحاجة ماسة للخروج من أجواء المنزل.

- ولو تحدثنا عن الجانب التعليمي لذوي التوحد بوزارة التربية والتعليم فقد كانت تجربة الدمج ناجحة ومميزة كفكرة وقد أسهمت في تعزيز مفهوم الدمج المجتمعي لذوي التوحد، وبما أن المشروع مستحدث فلابد من الحاجة للتوسع والتطوير من خلال زيادة صفوف التوحد في المدارس وإعداد الخطط التعليمية المناسبة لكل حالة.

هل المجتمع أصبح يتقبل ذوي التوحد؟

- اختلف مستوى الوعي المجتمعي عما كان عليه قبل عشر سنوات، فبعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والجمعيات وهناك من أولياء الأمور من لهم الدور الكبير في نشر الوعي، وبالتالي ساهمت هذه العوامل في مستوى الوعي والتقبل المجتمعي للمصابين باضطراب طيف التوحد، ولكن مازالت هناك شريحة كبيرة من المجتمع بحاجة للتثقيف حيث تصلنا الكثير من الملاحظات حول مواقف يتعرض لها أولياء الأمور مع أطفالهم في مختلف الأماكن العامة، وهذا مؤشر واضح بأن المجتمع مازال بحاجة لمزيد من الوعي، ولن يكون ذلك إلا بتضافر الجهود بين الجمعيات والجهات الرسمية والمهتمين لنتمكن من الوصول لأعلى مستوى ممكن وبذلك نحقق هدف التقبل لدى المجتمع.

كيف ترى المراكز التعليمية الخاصة التي تقدم خدماتها لهذه الفئة؟

- يوجد حالياً أكثر من 25 مركزاً خاصاً للتأهيل وتختلف خدماتها وإمكانياتها، فيها من يعمل بإتقان وتفان ومتميز ويبتكر وفيها من لايزال يقوم بعمل روتيني تقليدي، ونصيحتي لكل إدارات المراكز أن يواكبوا التطور في خطط تأهيل الأطفال، والابتكار مطلوب في هذا المجال حتى تنجز بالمستوى المطلوب.

هل الشخص من فئة التوحد قادر على التواصل مع الجهات والمؤسسات لإنهاء معاملاته؟

- بما أنه من سمات ذوي التوحد البارزة هي ضعف في التواصل وفرط الحركة والنشاط فبالتالي هو غير قادر على أن يتواصل مع أي جهة كانت ويكون الممثل المخول عنه في هذه الحالة هو ولي الأمر.

هل ساهم دمج بيانات بطاقة ذوي الإعاقة مع بطاقة الهوية في زيادة أو تطوير الخدمات المقدمة لهم؟

- لم نلمس أي زيادة في الخدمات غير إلغاء بطاقة الإعاقة وتم وضع رمز الإعاقة في بطاقة الهوية.

ما هي التحديات التي تواجه توظيف فئة الأشخاص من فئة التوحد؟ ومقترحاتك لتذليلها؟

- للأسف الشديد ملف التوظيف لذوي التوحد مازال مغلقاً ويتهرب أصحاب العمل عن توظيف ذوي التوحد خوفاً من قلة الإنتاجية في العمل ، وقد سعينا نحن في جمعية التوحديين البحرينية لتوظيف أكثر من شاب، ولكن لم نلمس أي تجاوب وأقترح على وزارة العمل تحفيز جهات العمل في القطاع الخاص عبر إعطاء امتيازات خاصة لمن يوظف شاباً من ذوي التوحد.