سماهر سيف اليزل
بدأت العمل في سن الـ17 وكنت أصغر معيداً بجامعة البحرين
درست في جامعة البحرين قبل حصولي على البكالوريوس
ورثت حب السفر من والدي وحب الكتابة من والدتي
«محبوبتي البحرين» أحب إصداراتي إلى قلبي
أسعفت سائحاً أوروبياً كاد يفارق الحياة خلال رحلتي إلى البندقية
أكلت المنسف لأول مرة في فنزويلا
تميـز منذ صغــره وسبق من هـم في سنه منـذ مراحـل الدراسـة الأولـى، وبــدأ العمل في سن مبكر، وكان أصغر معيد فـي جامعـة البحريـن، وضع لنفسه 3 أهداف في سن السابعة عشرة ومضى لتحقيقها ولم يتبق له سوى القليل ليصل إليها جميعاً.

جمع بين حب السفر وحب الكتابة ليكون أول رحالة عربي يوثق رحلاته في سلسلة كتب في أدب الرحلات بعنوان «مما رأيت» تضمنت أربعة أجزاء يروي فيها عن رحلاته، وحمل الجزء الرابع اسم «محبوبتي البحرين» وخصه بمملكة البحرين.

الدكتور الكاتب والرحالة فهد الشهابي أو «ابن بطوطة البحرين» خص «الوطن» بحوار مليء بالقصص والغرائب، وتشارك معنا مسيرته والكثير من تفاصيل رحلاته..

وفيما يأتي نص الحوار:

من هو فهد الشهابي؟

- إنسان بحريني من مواليد 1977، ولدت في مستشفى ارف بالمحرق، وقضيت كل طفولتي في مدينة عيسى، الوالد من المحرق والوالدة من المنامة من أصول سعودية، درست تسع سنوات في مدرسة عثمان بن عفان حيث كانت في وقتها المدرسة ابتدائية وإعدادية.

دخلت الصف الأول بعمر خمس سنوات، حيث كان هناك نظام يسمى نظام الطالب المستمع، وبسبب حصولي على درجات عالية لم أعد السنة، بل رفعت إلى الصف الثاني مباشرة، ثم انتقلت إلى مدرسة عيسى الثانوية بتخصص فيزياء ورياضيات، ثم دخلت جامعة البحرين وتنقلت في عدة كليات، وتخرجت ببكالوريوس نظم المعلومات الإدارية، وأخذت الماجستير من بريطانيا في التسويق السياسي، ثم حصلت على الدكتوراه في كاليفورنيا في الإدارة الاستراتيجية والتفكير الناقد.

بدأت العمل قبل دخولي للجامعة وكنت في عمر 17 سنة، وكنت أصغر معيداً في جامعة البحرين، حيث إني بدأت التدريس في الجامعة قبل حصولي على شهادة البكالوريوس وأعتقد أنها الحالة الوحيدة في تاريخ جامعة البحرين إذا لم أكن مخطئاً. ثم عملت في مجلس النواب، وكنت ضمن الدفعة الأولى مع تأسيس الأمانة العامة للمجلس، وبدأنا العمل في أغسطس 2002، قبل أول انتخابات تشريعية في هذه الفترة، وتنقلت بين مجموعة من الإدارات والشعب البرلمانية ومن ثم قررت التقاعد.

في سن السابعة عشرة من عمري وضعت لنفسي 3 أهداف، الأول أن أحصل على الدكتوراه قبل الثلاثين، والثاني أن أتقاعد قبل الأربعين، والثالث أن أجوب العالم قبل الخمسين.

حدثنا عن ذكريات الطفولة؟

- قضيت أغلب طفولتي في الدراسة، ولم أكن مجبوراً عليها، بل كنت أستمتع بها.

حدثنا عن حب الترحال والسفر؟

- يعود الأمر إلى عمل الوالد في العلاقات العامة وكثرة سفره، ورغم أني كنت أشتاق إليه فإنني كنت معجباً بعملة وسفراته، الأمر الذي ولد داخلي رغبة في زيارة الدول التي كان يذهب إليها ويعود ليحكي لنا قصصه فيها، وتولد حب السفر حول العالم عندي من الوالد حفظه الله.

ما هي أبرز قصة من قصص الوالد رسخت ببالك وزادت رغبتك في السفر حول العالم؟

- القصص لم تكن تنتهي، ولكن من القصص التي رسخت في بالي، حدثت للوالد في إحدى الدول الغربية حيث تعرض لمحاولة سرقة من عصابة، فما كان من الوالد إلا أن يمثل عليهم أنه أخرس ولا يسمع، الأمر الذي صعب عليهم التفاهم معه لعدم معرفتهم بلغة الإشارة فتركوه، فسرعة البديهة ونوعية المخاطر التي تصيب الشخص في أثناء السفر زادت من رغبتي في السفر والترحال.

ما مدى تأثير البيئة التي نشأت فيها على ما أنت عليه الآن؟

- البيئة كان لها تأثير مختلط، وإصداري سلسة كتب أدب الرحلات كان خليطاً لتأثير البيئة المحيطة، حيث كان الوالد محباً للسفر بينما كانت الوالدة محبة للكتابة، وهذه العوامل توارثتها فتولد لدي حب السفر والكتابة معاً.

كيف كانت بداياتك في الترحال؟

- لدي أصدقاء منذ الطفولة، تمتد علاقتي معهم إلى ما يزيد عن 36 سنة، تعودنا أن نسافر في كل ديسمبر سوية، ولكن بعد أن تزوجوا أصبح الأمر صعباً، حيث كان لزاماً عليهم أن يسافروا مع زوجاتهم وأبنائهم في فترة الصيف، ليسمح لهم بالسفر في ديسمبر، وكنت أظل وحدي في فترة الصيف، وهنا بدأت رحلاتي قبل ما يقارب الـ15 عاماً للدول التي عادة لا يزورها الخليجيون، وكان الغرض الأول للزيارة ملء وقت فراغي في الصيف، ولكن الأمر تحول إلى رغبة في الحصول على معلومات أكثر، والاطلاع على العادات أكثر، وفي هذه المرحلة بدأت هواية السفر تزيد عندي.

حدثنا عن أول رحلة سفر، وعن سلسلة كتب مما رأيت في أدب الرحلات؟

- أول رحلة قمت بها بغرض الاستكشاف والتوثيق كانت إلى أربع دول تشكل المنظومة التي تسمى بالهند الصينية «كمبوديا، وفيتنام، ولاوس وتايلاند».

والرحلة الثانية كانت إلى دول شرق إفريقيا «تنزانيا، وكينيا، وزنجبار ومدغشقر». وبعد إصدار الجزء الأول الذي تضمن الرحلتين، أصدرت الجزء الثاني الذي تضمن رحلتين كذلك الأولى كانت إلى دول أمريكا اللاتينية «البيرو، وفنزويلا، وبنما، وكوبا»، والرحلة الثانية إلى دول البحر الأدرياتيكي «سلوفينا، وكرواتيا، ومونتينيغرو».

ثم أصدرت الجزء الثالث الذي حوى رحلتين، الأولى إلى دول الشمال «آيسلندا، وفنلندا، والنرويج، والسويد والدانمارك»، ورحلة إلى طريق الحرير أو آسيا الوسطى «أوزباكستان، وطاجكستان، وكازاخستان ومنغوليا». وعندما انتهيت من الجزء الثالث كنت وقتها قد زرت 100 دولة، واكتشفت أن لدي مواد تكفي لإصدار ثلاثة أجزاء إضافية، وتذكرت المثل الشعبي الذي يقول: «عين عذاري تسقي البعيد وتخلي الجريب» فخجلت من نفسي وأوقفت هذه المشاريع وخصصت الجزء الرابع للبحرين.

وبعد الانتهاء من الكتاب اكتشفت أن نصف المعلومات التي به لم أكن أعرفها قبل كتابته، ومنها أن هناك 5 أنواع للعيش المحمر الشعبية والتي كانت الوجبة الرئيسية للغواصة، ومن الأمثلة الأخرى اكتشفت أن 6 من سيوف الحكم في الخليج مصنوعة في البحرين، والكثير من الأمور التي بهرتني في أثناء إعدادي الكتاب.

احكِ لنا عن أبرز الغرائب التي حدثت لك في سفرك؟

- كنت في زيارة إلى فنزويلا، وبها منبع نهر الأمازون، وتتسم بكثافة الغابات في منطقة الدلتا، وأنا أتعمد خلال زياراتي ألا أبقى في العاصمة فقط بل أن أذهب إلى الأماكن خارج العاصمة وأعيش عيشة أهلها، وطلبت أن أقضي فترة في الدلتا بفنزويلا، وبعد رحلة برية جوية بحرية، وصلنا إلى الفندق الذي كان عبارة عن «عرشان مبينة من السعف»، دخلت الفندق وكان هناك لوحة عند الاستقبال تحوي عبارة مكتوبة بـ16 لغة من ضمنها اللغة العربية وكانت الجملة «الطبيعة تعيش هنا»، ففرحت بوجود اللغة العربية، واتجهت إلى مكتب الاستقبال في الفندق وكانت الموظفة فتاة من سويسرا عمرها 16 سنة جاءت لتقوم بالتدريب الصيفي في هذه المنطقة شبه النائية، فأعطتني مفتاح العريش مع قطعة خشب مكتوب عليها رقم العريش وعندما هممت بالذهاب، نادتني مرة أخرى وقالت لي ألا تريد أن تعرف رقم العريش فقلت لها إنه مكتوب فسألتني هل تستطيع أن تقرأ هذه اللغة حيث كان رقم العريش مكتوباً بالعربية ما أثار استغرابي، وعندما قلت لها إن هذه هي لغتي الأم طلبت مني الانتظار وذهبت إلى الداخل وهي تركض وجاءت ومعها مالك الفندق الذي صدف أنه من أصول فلسطينية، وأسس الفندق في هذه الغابة قبل 20 سنة.

وأول ما قاله لي كان: «انت ضايع» !! فقلت له لا لست ضائعاً، فقال لي إنه لم يزرهم أي عربي من قبل، وأردف أنه من حظك أن والدتي كانت معي قبل وقت قليل من وصولك وأعدت لي طبق منسف واليوم سيكون غداؤك معي بالمنسف، فقلت له هل تصدق أنني لم آكل المنسف من قبل، وكان من حظي أن آكل المنسف لأول مرة في فنزويلا، وكانت هذه إحدى المفارقات الغريبة.

موقف لا تنساه وظل عالقاً في ذاكرتك؟

- في سنة 2007 قبل بدء الزيارات الاستكشافية، في فترة الزيارات السياحية كنت في زيارة لإيطاليا وسويسرا والنمسا، ووقت وصولي إلى البندقية كان فصل الصيف وكان الجو حاراً، وأذكر أننا كنا في ساحة ماركوبولو بجانب الكاتدرائية وبعد انتهائنا من الجولة السياحية، جلسنا وبالقرب مني رجل وزوجته من السياح الأوروبيين، في السبعينيات من العمر، تأثر الزوج وقتها بدرجات الحرارة العالية ومال برأسه على كتفي، فلوهلة توقعت أنه متعب ولكن عندما التفت إليه لم أشعر بتنفسه، وبدأت زوجته بالصراخ فحاولت أن أجس نبضه ولم يكن هناك نبض، وفقد الرجل الوعي على كتفي عدة دقائق، وصادف أنني كنت قد أخذت دورة في الإسعافات الأولية قبل فترة قصيرة من الرحلة، فحاولت أن أقدم له هذه الإسعافات ما بين ضربات القلب والتنفس الصناعي، وبعد دقيقتين رجع النبض للزوج ونقل بالإسعافات، وظل هذا الموقف راسخاً، وشعرت بأن ربي سخرني لأكون في هذا الوقت وفي هذا المكان لإنقاذ حياة هذا الرجل.

حدثنا عن «محبوبتي البحرين»؟

- كتاب محبوبتي البحرين له معزة خاصة في قلبي، والسبب هو أن الجهد الذي بذلته فيه يزيد عن الجهد المبذول في الثلاثة أجزاء السابقة له مجتمعة، وحرصي على دقة المعلومة وتوفير أكبر قدر منها جعلاني أعمل بشغف، كما أن الكتاب تميز باحتوائه على تقنية «QR» التي تتيح لك الاطلاع على أكثر من 100 مقابلة مع أهم 100 من شخصيات البحرين. والجانب الثاني أنني أطمح أن يكون هناك طبعات إضافية للكتاب باللغات الفرنسية والإسبانية والروسية والصينية.

محبوبتي البحرين كتاب يروي قصة عمرها 5 آلاف سنة من التاريخ، لذلك وسعت نطاق الإهداء، من قادة دول مجلس التعاون إلى رؤساء الدول العربية، وبالتالي إلى جميع رؤساء G20 «رؤساء الدول الكبرى اقتصاداً في العالم». وتسلمت دعوات من عدد منهم للحضور إلى دولهم وتضمينها في سلسلة كتب الرحلات.

ما هي مشاريعك المستقبلية ؟

- إكمال خارطة العالم، في الوقت الذي حددته إن شاء الله.

ما هي الدروس التي تعلمتها من رحلاتك ونصائحك لمحبي السفر والترحال؟

- أنصح محبي السفر بتغيير الدول التي يزورونها، ومن ثم التخلي عن النمط الشرقي في السياحة المقتصر على الأكل والتسوق، بل العيش مع أهل البلد والتعرف عليهم من قرب. سفري حول العالم أراني كم نحن نعيش في نعيم، وأن ما كبرنا ووجدناه متاحاً منذ صغرنا يحلم به غيرنا في بلدان أخرى. وسفر الشباب سيجعلهم يكتشفون هذه النعم.