حسن الستري - تصوير: نايف صالح
كنت أرغب في دراسة الطب واخترت تخصص المحاسبة بالصدفة
كنا محظوظين بوجود والدة صارمة وأب طيب
دربنا في kpmg العام الماضي 88 ووظفنا 34 منهم
الحركة الطلابية علمتنا الحرية والثقافة والاهتمام بالعمل الوطني
مهنة التدقيق تتطور بشكل سريع.. ولا بد من مجاراة التطور
الموازنة تعكس كثيراً مما يرد بالخطاب السامي
تكلمنا خلال إعداد الميثاق بحرية مطلقة
المناصب العليا ألقت علي عبئاً كبيراً
مرحلة الطفولة كانت جميلة وكانت بالفعل فيها طفولة، كنا محظوظين بوجود والدة صارمة وأب طيب، نشأت كأي بحريني بفترة الستينات، والمدرس سابقاً كان مربياً وأباً، والآباء يلجأون له لتربية أبنائهم نيابة عنهم، كنت أرغب في دارسة الطب واخترت تخصص المحاسبة بالصدفة، واليوم أعمل 16 ساعة يومياً لكي أؤدي عملي المهني والتشريعي والاجتماعي، فأنا أقود مكتباً به 380 موظفاً.
بهذه الكلمات اختصر النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو، مسيرة حياته في حواره مع «الوطن»، مؤكداً أن الحركة الطلابية بالقاهرة علمته الحرية والثقافة والاهتمام بالعمل الوطني، وبين أن مهنة التدقيق تتطور بشكل سريع، ولا بد من مجاراة التطور، وذكر أن المناصب العليا ألقت عليه عبئاً كبيراً.
فخرو الذي أعرب عن اعتزازه بتدريب البحرينيين ومساعدتهم، ذكر أنه بالعام الماضي مكتب kpmg الذي يديره درب 88 بحرينياً ووظف 34 منهم، وأكد أنه يدقق حسابات مؤسسات المجتمع المدني بأتعاب رمزية وأحياناً مجاناً، كما أعرب عن اعتزازه بمرحلة إعداد ميثاق العمل الوطني وبين أن أعضاء اللجنة العليا لإعداد مشروع الميثاق العمل الوطني تكلموا خلال إعداده بحرية مطلقة.
وحول مجلس الشورى، بين فخرو أن قبوله منصب النائب الأول لم يحد من حريته في التعبير، وأوضح أن الموازنة تعكس كثيراً مما يرد بالخطاب السامي، كما أكد أنه لم يتم إلغاء أي اجتماع بالشورى لعدم وجود نصاب. وفيما يأتي نص الحوار:
حدثنا عن نشأتك، كيف كانت بداية حياة جمال فخرو؟
- كأي بحريني عاش في فترة الستينات والسبعينات، نشأت في القضيبية في مجتمع جميل آنذاك، ومرحلة الطفولة كانت جميلة وكان بالفعل فيها طفولة، درست في مدرسة القضيبية ثم مدرسة عبدالرحمن الداخل ثم الحورة الإعدادية ثم ابوبكر الصديق الثانوية بالمنامة وبعدها سافرت إلى القاهرة للدراسة، وهذه كانت نقطة تحول كبيرة لأي شخص يترك البحرين، ويذهب إلى مجتمع مختلف بثقافته وحياته.
هل كنت تمارس العمل أثناء الدراسة؟
- لم أمارس العمل خلال طفولتي وإنما أيام الإجازة الصيفية بالجامعة.
كيف كانت تربية الوالد والوالدة؟
- كنا محظوظين بوجود والدة صارمة وأب طيب، الوالد بحكم عمله ترك كل شيء للوالدة، وكانت صارمة في التعامل معنا، تعلمنا من طيبة الوالد وصرامة الوالدة، وكنا عشرة إخوة وكنت أصغر إخوتي.
هل يمكن القول إنك كنت المدلل باعتبارك آخر العنقود؟
- تستطيع أن تسأل هذا السؤال إخوتي الآخرين.
ولماذا اخترت تخصص المحاسبة؟
- بالصدفة، بعد التخرج من الثانوية، كانت رغبتي دراسة الطب في الجامعة الأمريكية ولكن مجموعي لم يساعدني، ذهبت إلى القاهرة على حسابي الخاص، اخترت بالبداية كلية العلوم لكي أدرس سنة واحدة علوماً وأحول على كلية الطب، دخلت 3 أشهر العلوم ولم أحب المادة، وحين تحدثت مع الأصدقاء ذكروا لي أنني بعد التخرج سأعمل مدرساً، الأصدقاء أثروا علي، لذلك رغبت في التحويل من العلوم للتجارة، وبحكم أن أخوي جاسم وحسين كان لديهما مكتب محاسبة، فاخترت المحاسبة لأرجع للعمل معهما، وبالفعل بعد التخرج عملت معهما، كما كنت أتدرب بالمكتب خلال فترة الصيف.
ألم يوجهك والدك لتخصص معين؟
- كل إخوتي اختاروا ما يريدون من تخصص، من طب وهندسة وغير ذلك.
هل كانت لديك أنشطة طلابية في مصر؟
- الحركة الطلابية آنذاك كانت في قمة ازدهارها، وكانت بالنسبة لنا مدرسة أخرى، علمتنا أشياء لم نتعلمها في المدرسة أو المجتمع، علمتنا الحرية والثقافة والاهتمام بالعمل الوطني والشأن العام والاهتمام بأمور كثيرة، أثرت فينا وخلقت شخصيتنا، القدرة على الكلام والمناقشة والاستيعاب والدخول في حوار، وبعد التخرج في الجامعة عملت مباشرة بالمكتب.
بعض رجال الأعمال يدفعون أبنائهم وإخوتهم للعمل بشركات أخرى لاكتساب خبرة قبل العمل لديهم.. هل حدث ذلك معك؟
- هذه فلسفة ظهرت حديثاً، ولم تكن موجودة بالسابق إلا قليلاً وبالشركات العائلية، وشركتنا لم تكن عائلية، هذا التوجه كان بالشركات العائلية لكي يتدرب هناك بعيداً عن دور الأب بالشركة، طبعاً المقاييس اختلفت، والآن يريدونه متدرباً.
ما الصعوبات التي واجهتك في بداية حياتك المهنية؟
- أنا كنت أحد المحظوظين بأن أتخرج في الجامعة ووظيفتي موجودة، وأن أعمل بمكتب، كنت قبلها عملت بالصيف مرتين أو ثلاث، فعرفت طبيعة العمل، وأتيت إلى البحرين وهي متعطشة للعمل المهني مع بداية تحسن أسعار النفط، وبداية الاستثمارات المحلية والأجنبية، وكانت هناك حاجة لأعمال مهنية انذاك كالمحاسبة، وكنت محظوظاً بأن أتدرب مع الأخوين جاسم وحسين، ولم يكن هناك برامج تدريب كما هو موجود حالياً، وإنما تدريب على العمل، أخذت شهادة مهنية لاحقاً ساعدتني على عملي، ولكن الآن لابد من التدريب والدراسة، وأصبحت برامج التدريب منظمة، وبالسابق لم تكن الشهادة المهنية مقياساً أساسياً للترقية.
وكيف بدأ التعاون مع شركة kpmg؟
- الأخوان جاسم وحسين كانا صديقين من الدراسة، ورجعا إلى البحرين وعملا مدرسين، وكان هناك طلب من التجار الوطنيين لتأسيس مكتب محاسبة وطني، فاقنعنا جاسم وحسين بتأسيس المكتب وأعطوهما أعمالهم ووقف المكتب على رجليه.
اجتهد جاسم وحسين لتأسيس عملهما بشكل راقٍ وخلقا سمعة بالمكتب، وتعاونا مع بعض المكاتب العربية والأجنبية لتوفير الدعم، واستطعنا خلال عدة سنوات تمثيل شركات أجنبية في البحرين، ثم تحولنا إلى جزء أساسي من شركة kpmg.
كنا ممثلين لشركة kmg من 1982 إلى 1988، ثم أعضاء في الشركة من 1988 حتى الآن.
كيف تطور عمل التدقيق المحاسبي؟
- التدقيق كان مختلفاً، والمخاطر المحيطة بالعمل نفسه أقل مما هي عليه الآن، العمل اليدوي هو الذي كان سائداً آنذاك، ولم تكن هناك كمبيوترات، والدفاتر المحاسبية كانت يدوية، والتدقيق قائم على مراجعة المستندات.
اليوم التدقيق يركز على المخاطر المصاحبة، والرقابة الداخلية وبعض الأمور التي لم تكن موجودة في السابق، ومع الوقت وتغير طبيعة العملاء وبدء تدقيق شركات مساهمة عامة وشركات عائلية وبنوك، اضطررنا إلى مجاراة ما هو موجود.
مهنة التدقيق تتطور بشكل سريع، بالسابق كانت مملة، والآن مع التعقيدات الكبيرة في مجالي الإعلام والتكنولوجيا، فأنت بحاجة لأن تطور موظفيك لتجاري هذا التدقيق. هذه المهنة تتطور بطبيعة الحاجة في المجتمع ولا يمكن لأي مشروع استثماري ألا يكون لك به جهاز تدقيق، لكي تؤكد للطرف الآخر أن هذه الشركة وضعها المالي صحيح، وهذه المؤسسة تنفق بشكل صحيح.
يقال إن مهنة التدقيق من المهن التي تجعل صاحبها سيئ الظن، ما هو رأيك؟
- هذا الكلام كان صحيحاً قبل 50 سنة، الآن دورنا التحقق إن كانت الشركة اتبعت نظام الرقابة الداخلية أم لا؟! هل حصلت أموالها وأنفقتها ضمن القانون أم لا؟ أم أضعت شيئا ًمنها، هل أعددت الميزانية وفق الأسس المحاسبية الدولية أم لا؟ ليس دورنا أن نبحث عن السرقات والمخالفات، إذا اعترضنا شيء أثناء العمل وتبين أنه مخالفة، فإنه نبينه لصاحب العمل، ومع التكنولوجيا صارت الأخطاء قليلة، الآن ندقق البرامج والأنظمة وهل تعمل بشكل صحيح؟ حتى طبيعة التدقيق اختلفت عن قبل، نحن شركاء مع عملائنا، نطمئنهم على وضعهم المالي ونقدم لهم النصائح.
متى أصبحت رئيس مجلس إدارة منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا لشركة «كي بي إم جي»؟
- قبل أكثر من 10 سنوات
وهل أثر ذلك على عملكم؟
- حين تكون عضو مجلس إدارة دولياً ومنطقة إقليمية، فأنت تحوز الثقة في نفسك، بأن زملاءك لم يختاروك إلا لكفاءتك، وتعطى فرصة أكبر في حسن إدارة المؤسسة، وليس التعلم في التدقيق وحين تصل إلى المناصب العليا يصبح عليك عبء كبيرٌ، كيف تطور المؤسسة لمصلحة العملاء والمؤسسين والمستفيدين من البيانات المالية والمجتمع ككل لأن التدقيق يؤثر على قرارات داخل المجتمع، فدور المدقق دور اساسي في نمو وتطور المجتمع.
كيف انضممت لجمعية المحاسبين المعتمدين في الولايات المتحدة؟
- عملت اختبارات للحصول على شهادة مهنية، وأخذت كورسات عن بعد وقدمت امتحانات، فقانون المحاسبة في البحرين يفرض على المدققين أن يكون محاسبا معتمداً، وعضويتي استمرت في الجمعية عبر دفع الاشتراكات وحضور التدريب، والحصول على الشهادة المهنية ليس النهاية، فهي ليست شهادة أكاديمية، وإنما استمرار حمل الشهادة.
حدثنا عن صندوقي جاسم فخرو وحسين فخرو؟
- لقد كانا مدرسين، وكان هدفهما أن يظل المكتب بحرينياً بنسبة 100%، والتزموا سنوات إلى ان اضطروا إلى جلب أجانب، وحين توفي جاسم كان هدفه إيجاد ممتهنين في البحرين. الآن شرط أساسي للترقي أن يكون الشخص لديه شهادة مهنية، نوفر له تذكرة وإجازة للاختبار ونساعده في توفير دورات إضافية، هذا الدعم غير مشروط، كونه بحرينياً أدربه ويستطيع أن يغادر العمل في اليوم الثاني، ولا يوجد لدينا عدد معين في برنامج جاسم فخرو، من يسجل نقبله إذا كان يستفيد منها في عمله، مثلاً لو كان مدققاً لا بد من شهادة تساعده في التدقيق، ولا تكون في الاستشارات.
أما برنامج حسين قاسم للتدريب المهني، فهو يستهدف طلاب الجامعة أثناء تدريبهم أو بعد تخرجهم لمدة تصل إلى 3 أشهر، وكثير منهم وظفناهم، بالعام الماضي دربنا 88 ووظفنا 34، هذين البرنامجين من أهم برامج التدريب في البحرين.
جمال فخرو وجه دائم في مجلس الشورى من 1993 حتى اليوم، كيف كانت بدايتك لدخول المجلس؟
- جاءني هاتف من مكتب صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله، وطلبوني لمقابلته، وذكر لي سموه أنه يريدني عضواً بمجلس الشورى، وكنت يومها أصغر عضو، وكانت بالنسبة لي فرصة لتقديم الآراء التي تستفيد منها الدولة ورد الجميل للبحرين وأكون اقرب للقرار السياسي في البحرين، وخصوصا أن كثيراً من عائلتي لهم باع في العمل السياسي، من كان بمجلس التعليم ومجلس بلدية ومن يستشار من قبل الحاكم أو وزير، مجلس الشورى يومها كان مجلساً استشارياً وكانت العملية سهلة واستفدت منها كثيراً.
مجلس الشورى الأول ضم خبرات عالية في تلك الفترة، وشخصيات اقتصادية واجتماعية وحقوقية من الدرجة الأولى، كانوا من كبار رجالات البلد.
بعضهم شارك في مجلس 73 وبعضهم شارك في وضع الدستور، وبعضهم يمثل فئة من الناس، الخيارات كانت مختصرة لأن الوضع كان جديداً، وكان يجب اختيار أشخاص على قدر من المسؤولية الوطنية.
ألم يروادك سؤال عن سبب اختيارك بمجلس الشورى؟
-أعرف ان صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله دقيق في اختيار الأشخاص ويضع عينه عليهم منذ سنوات، وكنت قريباً بطبيعة عملي منه، فلربما اقتنع بي، وأنا سعيد أنني حصلت على هذه الفرصة.
هل كنتم تدققون على جهات حكومية حينها؟
- كنا ندقق على بعض الجهات والوزارات والمجالس المعنية، وليس على الحكومة ككل.
حدثنا عن مرحلة إعداد الميثاق، كونك أحد أعضاء اللجنة العليا لإعداده؟
- مرحلة الكل تفاءل بها في البحرين، والمجتمع البحريني يومها لم يأخذ الموضوع على محمل الجد، فحين طُرحت المجالس البلدية ثم المجالس التشريعية تبين أن جلالة الملك المعظم اتخذ خطوات هائلة ذلك الوقت وتحققت أمور كان الكل يريدها، الكل كان سعيداً بالعملية، أنا حالي من حال الأعضاء الموجودين، كلمني سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وطلبني ضمن اللجنة.
اجتماعات اللجنة كانت مكوكية، ولم نكن نعرف المدة المتاحة لنا، وكنا نتحدث عن 6 أشهر بقياس الدول المقارنة، ولكن جلالة الملك المعظم طلب منا الاستعجال بالأمر، أعطونا مسودة وقالوا لنا عدلوها كيفما تريدون، انتهينا منها في أقل من 20 يوماً، اجتماعاتنا كانت في شهر رمضان وتستمر إلى منتصف الليل والإخوة بالأمانة العامة يسهرون للصبح، وكنت محظوظاً بأن يكون لي باع في المشاركة في الميثاق وإدخال بعض التعديلات الأساسية عليه، تكلمنا في اللجان بحرية مطلقة، وطالبنا بإصلاحات سياسية تمهيدية تسبق التصويت على الميثاق.
ما هي أبرز التعديلات التي أدخلتها؟
- كنا 6 اشخاص، جاسم فخرو، وتقي البحارنة، وإبراهيم بشمي، وعبدالله الحواج، وفؤاد شهاب، وكنا، نجتمع ونتخذ قرارات التعديل.
هل كنتم كتلة داخل اللجنة العليا؟
- لم نكن كتلة ولكن كانت طبيعة العمل السياسي تعني مجموعة أصوات تتفوق على الصوت الواحد، وكنا نعطي مسؤولية لكل واحد في مجال عمله، الحواج وفؤاد شهاب ركزا على التعليم، جاسم وأنا قدمنا الأمور الاقتصادية، وإبراهيم بشمي قدم أمور الإعلام والصحافة، وهكذا، كل واحد يقدم باسمه والآخرون يثنون علينا. لم نذكر أننا قلنا رأياً ورئيس اللجنة أو نائبه أوقفونا عن قول شيء، حتى الوزراء الموجودون بالحكومة كانوا متعاونين معنا.
لماذا لم يرشح جمال فخرو نفسه للمجلس النيابي؟
- بعد الميثاق كلفت بمهمة أن أكون عضواً بلجنة تفعيل الميثاق وكنت مقرر اللجنة، وصغنا مجموعة من القوانين، منها قانون المناقصات والميزانية العامة وديوان الرقابة المالية، ولم أفكر في دخول الانتخابات لأنها تحتاج إلى جهد وأنا مشغول بالمكتب.
في الفصل التشريعي الأول توليت رئاسة اللجنة المالية، ما هي الصعوبات التي واجهتها؟
- الكل يومها كان يتعلم، السنوات الأربع لم تكن سهلة، تجتمع اللجنتان لإقرار الميزانية، ولكن استطعنا التوافق مع النواب والحكومة، الحكومة تمرست وأصبحت الموازنة تعكس متطلبات الشارع، كما أن الخطاب الملكي السامي يعطيك توجيهاً، ويرسم لك الأجندة، والموازنة تعكس كثيراً مما يرد في الخطاب السامي، كنا نصادق على الميزانيات بسهولة.
ألم يقيدك منصب النائب الأول لرئيس مجلس الشورى؟
- هذه ليست وظيفة، أنت بمنصب ووضعت فيك الثقة، ضميرك هو المحرك لك، وعندما تجد موقفاً معيناً يجب أن تعبر عنه إيجاباً أو انتقاداً، لم أستمع إلى مكالمة أو توبيخ أو تأنيب من مسؤولي الدولة على رأي قلته، البعض يعتقد أن المعين محاسب أمام الجهات التي عينته، كانت لي مداخلات كثيرة اختلفت فيها مع الحكومة سواء على الأمور المالية والاجتماعية والدين العام، قبولي منصب النائب الأول لم يحد من حريتي في التعبير بل أعطاني قوة كبرى.
إلى أي مدى أثر عملك التشريعي على عملك المهني؟
- الموازنة لم تكن سهلة، ولا بد من ان يؤثر شيء على آخر، أنا أعمل 16 ساعة يومياً؛ لكي أؤدي عملي المهني والتشريعي وداخل المجتمع، عندي اجتماعات ولقاءات خاصة، حين تدعو شخصاً على العشاء، فأنت تدعوه نظراً إلى الالتزام الاجتماعي عليك والمهني، وكذلك حين تحضر اجتماعات، كما أن السفر متعب وليس سهلاً، وكثرة السفر تجعلك لا تفكر كثيراً، طبيعة عملي تتطلب التفكير والتنفيذ، فأنا أقود مكتباً به 380 موظفاً، ولا أريد أن يتأثر عمله بقبولي وظيفة أخرى، وعضوية الشورى يجب ألا تتأثر بعملي الخاص، شركائي بالمكتب سعداء بعملي وكذلك الأعضاء بمجلس الشورى.
وماذا عن ترؤسك لجنة الرد على الخطاب السامي بشكل دائم؟
- بالبداية كان يرأسها النائب الثاني وجرى تأخير، لأسباب تتعلق بإدارة الزملاء باللجنة وارتأى الرئيس يومها أن أرأسها، وبعدها جرت عادة أن يترأسها النائب الأول بعضوية النائب الثاني وتتاح الفرصة للجميع بالتدوير، لأن الكل يريد أن يدخل اللجنة.
وما المانع من دخول عدد كبير إلى اللجنة، هل كنتم تتخوفون من عدم اكتمال النصاب؟
- لم نلغ أي اجتماع لعدم وجود نصاب، سواء جلسة عامة أو لجنة، ولكن اللجنة إذا كثر أعضاؤها فيصعب إدارتها.
ما هي الأنشطة الاجتماعية والتطوعية لدى جمال فخرو؟
- كنت عضواً في مسرح أوال ومن مؤسسي نادي السينما، لدي عضويات في جمعيات في البحرين وخارجها، ولدي مساهمات شخصية ومساهمات تتعلق بالمكتب وتتعلق بمؤسسات المجتمع المدني، فنحن ندقق حسابات مؤسسات المجتمع المدني من غير أتعاب أو بأتعاب رمزية، أنا سعيد بأنني اساعد الإخوة بالمجتمع المدني.
من هم الأشخاص الذين أثروا على حياتك؟
- أكثر شخص تأثرت به هو صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله، وكذلك أخي الدكتور علي محمد فخرو، وكان له تأثير كبير في بناء شخصيتي، فارق السن الذي بيني وبينه جعلني أتعلم منه كثيراً وكذلك الأخ جاسم، ولا أنسى والدي الذي علمنا الطيبة، ووالدتي التي علمتنا الإصرار على العمل بشكل جدي والاهتمام بالتعليم.
جدي الأكبر يوسف كان من مؤسسي التعليم في البحرين، فالتعليم في دمنا، ونحب أن يكون لنا دور في المجتمع، ونحن نشعر بأن ما نفعله امتداد لما يفعله جدي ووالدي، ولا بد من أن أستذكر معلميّ، من علمني على الانضباط في مواعيدي هو مدير مدرستي عبدالله العباسي وهو من المجموعة التي تركت البحرين وأسست التعليم في أبوظبي، لا أحب أن أتأخر أو يتأخر علي أحد، المدرس سابقاً كان مربياً وأباً، وكان الآباء يلجؤون للمدرس لتربية الأبناء نيابة عنهم، المجتمع كله يؤثر عليك.
كلمة أخيرة تريد أن تقولها؟
- البحرين مجتمع واعٍ وراقٍ ومتحاب بين بعضه البعض، مساعدة الناس أمر مهم، ولا تقتصر على المساعدة المادية، أكون سعيداً حين أدرب شخصاً ويتركني للذهاب لوظيفة أفضل، البحرين للتعاون بين بعضنا البعض، يجب أن نحافظ عليه، كل واحد عليه مسؤولية في الحفاظ على المجتمع.
{{ article.visit_count }}
كنت أرغب في دراسة الطب واخترت تخصص المحاسبة بالصدفة
كنا محظوظين بوجود والدة صارمة وأب طيب
دربنا في kpmg العام الماضي 88 ووظفنا 34 منهم
الحركة الطلابية علمتنا الحرية والثقافة والاهتمام بالعمل الوطني
مهنة التدقيق تتطور بشكل سريع.. ولا بد من مجاراة التطور
الموازنة تعكس كثيراً مما يرد بالخطاب السامي
تكلمنا خلال إعداد الميثاق بحرية مطلقة
المناصب العليا ألقت علي عبئاً كبيراً
مرحلة الطفولة كانت جميلة وكانت بالفعل فيها طفولة، كنا محظوظين بوجود والدة صارمة وأب طيب، نشأت كأي بحريني بفترة الستينات، والمدرس سابقاً كان مربياً وأباً، والآباء يلجأون له لتربية أبنائهم نيابة عنهم، كنت أرغب في دارسة الطب واخترت تخصص المحاسبة بالصدفة، واليوم أعمل 16 ساعة يومياً لكي أؤدي عملي المهني والتشريعي والاجتماعي، فأنا أقود مكتباً به 380 موظفاً.
بهذه الكلمات اختصر النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو، مسيرة حياته في حواره مع «الوطن»، مؤكداً أن الحركة الطلابية بالقاهرة علمته الحرية والثقافة والاهتمام بالعمل الوطني، وبين أن مهنة التدقيق تتطور بشكل سريع، ولا بد من مجاراة التطور، وذكر أن المناصب العليا ألقت عليه عبئاً كبيراً.
فخرو الذي أعرب عن اعتزازه بتدريب البحرينيين ومساعدتهم، ذكر أنه بالعام الماضي مكتب kpmg الذي يديره درب 88 بحرينياً ووظف 34 منهم، وأكد أنه يدقق حسابات مؤسسات المجتمع المدني بأتعاب رمزية وأحياناً مجاناً، كما أعرب عن اعتزازه بمرحلة إعداد ميثاق العمل الوطني وبين أن أعضاء اللجنة العليا لإعداد مشروع الميثاق العمل الوطني تكلموا خلال إعداده بحرية مطلقة.
وحول مجلس الشورى، بين فخرو أن قبوله منصب النائب الأول لم يحد من حريته في التعبير، وأوضح أن الموازنة تعكس كثيراً مما يرد بالخطاب السامي، كما أكد أنه لم يتم إلغاء أي اجتماع بالشورى لعدم وجود نصاب. وفيما يأتي نص الحوار:
حدثنا عن نشأتك، كيف كانت بداية حياة جمال فخرو؟
- كأي بحريني عاش في فترة الستينات والسبعينات، نشأت في القضيبية في مجتمع جميل آنذاك، ومرحلة الطفولة كانت جميلة وكان بالفعل فيها طفولة، درست في مدرسة القضيبية ثم مدرسة عبدالرحمن الداخل ثم الحورة الإعدادية ثم ابوبكر الصديق الثانوية بالمنامة وبعدها سافرت إلى القاهرة للدراسة، وهذه كانت نقطة تحول كبيرة لأي شخص يترك البحرين، ويذهب إلى مجتمع مختلف بثقافته وحياته.
هل كنت تمارس العمل أثناء الدراسة؟
- لم أمارس العمل خلال طفولتي وإنما أيام الإجازة الصيفية بالجامعة.
كيف كانت تربية الوالد والوالدة؟
- كنا محظوظين بوجود والدة صارمة وأب طيب، الوالد بحكم عمله ترك كل شيء للوالدة، وكانت صارمة في التعامل معنا، تعلمنا من طيبة الوالد وصرامة الوالدة، وكنا عشرة إخوة وكنت أصغر إخوتي.
هل يمكن القول إنك كنت المدلل باعتبارك آخر العنقود؟
- تستطيع أن تسأل هذا السؤال إخوتي الآخرين.
ولماذا اخترت تخصص المحاسبة؟
- بالصدفة، بعد التخرج من الثانوية، كانت رغبتي دراسة الطب في الجامعة الأمريكية ولكن مجموعي لم يساعدني، ذهبت إلى القاهرة على حسابي الخاص، اخترت بالبداية كلية العلوم لكي أدرس سنة واحدة علوماً وأحول على كلية الطب، دخلت 3 أشهر العلوم ولم أحب المادة، وحين تحدثت مع الأصدقاء ذكروا لي أنني بعد التخرج سأعمل مدرساً، الأصدقاء أثروا علي، لذلك رغبت في التحويل من العلوم للتجارة، وبحكم أن أخوي جاسم وحسين كان لديهما مكتب محاسبة، فاخترت المحاسبة لأرجع للعمل معهما، وبالفعل بعد التخرج عملت معهما، كما كنت أتدرب بالمكتب خلال فترة الصيف.
ألم يوجهك والدك لتخصص معين؟
- كل إخوتي اختاروا ما يريدون من تخصص، من طب وهندسة وغير ذلك.
هل كانت لديك أنشطة طلابية في مصر؟
- الحركة الطلابية آنذاك كانت في قمة ازدهارها، وكانت بالنسبة لنا مدرسة أخرى، علمتنا أشياء لم نتعلمها في المدرسة أو المجتمع، علمتنا الحرية والثقافة والاهتمام بالعمل الوطني والشأن العام والاهتمام بأمور كثيرة، أثرت فينا وخلقت شخصيتنا، القدرة على الكلام والمناقشة والاستيعاب والدخول في حوار، وبعد التخرج في الجامعة عملت مباشرة بالمكتب.
بعض رجال الأعمال يدفعون أبنائهم وإخوتهم للعمل بشركات أخرى لاكتساب خبرة قبل العمل لديهم.. هل حدث ذلك معك؟
- هذه فلسفة ظهرت حديثاً، ولم تكن موجودة بالسابق إلا قليلاً وبالشركات العائلية، وشركتنا لم تكن عائلية، هذا التوجه كان بالشركات العائلية لكي يتدرب هناك بعيداً عن دور الأب بالشركة، طبعاً المقاييس اختلفت، والآن يريدونه متدرباً.
ما الصعوبات التي واجهتك في بداية حياتك المهنية؟
- أنا كنت أحد المحظوظين بأن أتخرج في الجامعة ووظيفتي موجودة، وأن أعمل بمكتب، كنت قبلها عملت بالصيف مرتين أو ثلاث، فعرفت طبيعة العمل، وأتيت إلى البحرين وهي متعطشة للعمل المهني مع بداية تحسن أسعار النفط، وبداية الاستثمارات المحلية والأجنبية، وكانت هناك حاجة لأعمال مهنية انذاك كالمحاسبة، وكنت محظوظاً بأن أتدرب مع الأخوين جاسم وحسين، ولم يكن هناك برامج تدريب كما هو موجود حالياً، وإنما تدريب على العمل، أخذت شهادة مهنية لاحقاً ساعدتني على عملي، ولكن الآن لابد من التدريب والدراسة، وأصبحت برامج التدريب منظمة، وبالسابق لم تكن الشهادة المهنية مقياساً أساسياً للترقية.
وكيف بدأ التعاون مع شركة kpmg؟
- الأخوان جاسم وحسين كانا صديقين من الدراسة، ورجعا إلى البحرين وعملا مدرسين، وكان هناك طلب من التجار الوطنيين لتأسيس مكتب محاسبة وطني، فاقنعنا جاسم وحسين بتأسيس المكتب وأعطوهما أعمالهم ووقف المكتب على رجليه.
اجتهد جاسم وحسين لتأسيس عملهما بشكل راقٍ وخلقا سمعة بالمكتب، وتعاونا مع بعض المكاتب العربية والأجنبية لتوفير الدعم، واستطعنا خلال عدة سنوات تمثيل شركات أجنبية في البحرين، ثم تحولنا إلى جزء أساسي من شركة kpmg.
كنا ممثلين لشركة kmg من 1982 إلى 1988، ثم أعضاء في الشركة من 1988 حتى الآن.
كيف تطور عمل التدقيق المحاسبي؟
- التدقيق كان مختلفاً، والمخاطر المحيطة بالعمل نفسه أقل مما هي عليه الآن، العمل اليدوي هو الذي كان سائداً آنذاك، ولم تكن هناك كمبيوترات، والدفاتر المحاسبية كانت يدوية، والتدقيق قائم على مراجعة المستندات.
اليوم التدقيق يركز على المخاطر المصاحبة، والرقابة الداخلية وبعض الأمور التي لم تكن موجودة في السابق، ومع الوقت وتغير طبيعة العملاء وبدء تدقيق شركات مساهمة عامة وشركات عائلية وبنوك، اضطررنا إلى مجاراة ما هو موجود.
مهنة التدقيق تتطور بشكل سريع، بالسابق كانت مملة، والآن مع التعقيدات الكبيرة في مجالي الإعلام والتكنولوجيا، فأنت بحاجة لأن تطور موظفيك لتجاري هذا التدقيق. هذه المهنة تتطور بطبيعة الحاجة في المجتمع ولا يمكن لأي مشروع استثماري ألا يكون لك به جهاز تدقيق، لكي تؤكد للطرف الآخر أن هذه الشركة وضعها المالي صحيح، وهذه المؤسسة تنفق بشكل صحيح.
يقال إن مهنة التدقيق من المهن التي تجعل صاحبها سيئ الظن، ما هو رأيك؟
- هذا الكلام كان صحيحاً قبل 50 سنة، الآن دورنا التحقق إن كانت الشركة اتبعت نظام الرقابة الداخلية أم لا؟! هل حصلت أموالها وأنفقتها ضمن القانون أم لا؟ أم أضعت شيئا ًمنها، هل أعددت الميزانية وفق الأسس المحاسبية الدولية أم لا؟ ليس دورنا أن نبحث عن السرقات والمخالفات، إذا اعترضنا شيء أثناء العمل وتبين أنه مخالفة، فإنه نبينه لصاحب العمل، ومع التكنولوجيا صارت الأخطاء قليلة، الآن ندقق البرامج والأنظمة وهل تعمل بشكل صحيح؟ حتى طبيعة التدقيق اختلفت عن قبل، نحن شركاء مع عملائنا، نطمئنهم على وضعهم المالي ونقدم لهم النصائح.
متى أصبحت رئيس مجلس إدارة منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا لشركة «كي بي إم جي»؟
- قبل أكثر من 10 سنوات
وهل أثر ذلك على عملكم؟
- حين تكون عضو مجلس إدارة دولياً ومنطقة إقليمية، فأنت تحوز الثقة في نفسك، بأن زملاءك لم يختاروك إلا لكفاءتك، وتعطى فرصة أكبر في حسن إدارة المؤسسة، وليس التعلم في التدقيق وحين تصل إلى المناصب العليا يصبح عليك عبء كبيرٌ، كيف تطور المؤسسة لمصلحة العملاء والمؤسسين والمستفيدين من البيانات المالية والمجتمع ككل لأن التدقيق يؤثر على قرارات داخل المجتمع، فدور المدقق دور اساسي في نمو وتطور المجتمع.
كيف انضممت لجمعية المحاسبين المعتمدين في الولايات المتحدة؟
- عملت اختبارات للحصول على شهادة مهنية، وأخذت كورسات عن بعد وقدمت امتحانات، فقانون المحاسبة في البحرين يفرض على المدققين أن يكون محاسبا معتمداً، وعضويتي استمرت في الجمعية عبر دفع الاشتراكات وحضور التدريب، والحصول على الشهادة المهنية ليس النهاية، فهي ليست شهادة أكاديمية، وإنما استمرار حمل الشهادة.
حدثنا عن صندوقي جاسم فخرو وحسين فخرو؟
- لقد كانا مدرسين، وكان هدفهما أن يظل المكتب بحرينياً بنسبة 100%، والتزموا سنوات إلى ان اضطروا إلى جلب أجانب، وحين توفي جاسم كان هدفه إيجاد ممتهنين في البحرين. الآن شرط أساسي للترقي أن يكون الشخص لديه شهادة مهنية، نوفر له تذكرة وإجازة للاختبار ونساعده في توفير دورات إضافية، هذا الدعم غير مشروط، كونه بحرينياً أدربه ويستطيع أن يغادر العمل في اليوم الثاني، ولا يوجد لدينا عدد معين في برنامج جاسم فخرو، من يسجل نقبله إذا كان يستفيد منها في عمله، مثلاً لو كان مدققاً لا بد من شهادة تساعده في التدقيق، ولا تكون في الاستشارات.
أما برنامج حسين قاسم للتدريب المهني، فهو يستهدف طلاب الجامعة أثناء تدريبهم أو بعد تخرجهم لمدة تصل إلى 3 أشهر، وكثير منهم وظفناهم، بالعام الماضي دربنا 88 ووظفنا 34، هذين البرنامجين من أهم برامج التدريب في البحرين.
جمال فخرو وجه دائم في مجلس الشورى من 1993 حتى اليوم، كيف كانت بدايتك لدخول المجلس؟
- جاءني هاتف من مكتب صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله، وطلبوني لمقابلته، وذكر لي سموه أنه يريدني عضواً بمجلس الشورى، وكنت يومها أصغر عضو، وكانت بالنسبة لي فرصة لتقديم الآراء التي تستفيد منها الدولة ورد الجميل للبحرين وأكون اقرب للقرار السياسي في البحرين، وخصوصا أن كثيراً من عائلتي لهم باع في العمل السياسي، من كان بمجلس التعليم ومجلس بلدية ومن يستشار من قبل الحاكم أو وزير، مجلس الشورى يومها كان مجلساً استشارياً وكانت العملية سهلة واستفدت منها كثيراً.
مجلس الشورى الأول ضم خبرات عالية في تلك الفترة، وشخصيات اقتصادية واجتماعية وحقوقية من الدرجة الأولى، كانوا من كبار رجالات البلد.
بعضهم شارك في مجلس 73 وبعضهم شارك في وضع الدستور، وبعضهم يمثل فئة من الناس، الخيارات كانت مختصرة لأن الوضع كان جديداً، وكان يجب اختيار أشخاص على قدر من المسؤولية الوطنية.
ألم يروادك سؤال عن سبب اختيارك بمجلس الشورى؟
-أعرف ان صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله دقيق في اختيار الأشخاص ويضع عينه عليهم منذ سنوات، وكنت قريباً بطبيعة عملي منه، فلربما اقتنع بي، وأنا سعيد أنني حصلت على هذه الفرصة.
هل كنتم تدققون على جهات حكومية حينها؟
- كنا ندقق على بعض الجهات والوزارات والمجالس المعنية، وليس على الحكومة ككل.
حدثنا عن مرحلة إعداد الميثاق، كونك أحد أعضاء اللجنة العليا لإعداده؟
- مرحلة الكل تفاءل بها في البحرين، والمجتمع البحريني يومها لم يأخذ الموضوع على محمل الجد، فحين طُرحت المجالس البلدية ثم المجالس التشريعية تبين أن جلالة الملك المعظم اتخذ خطوات هائلة ذلك الوقت وتحققت أمور كان الكل يريدها، الكل كان سعيداً بالعملية، أنا حالي من حال الأعضاء الموجودين، كلمني سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وطلبني ضمن اللجنة.
اجتماعات اللجنة كانت مكوكية، ولم نكن نعرف المدة المتاحة لنا، وكنا نتحدث عن 6 أشهر بقياس الدول المقارنة، ولكن جلالة الملك المعظم طلب منا الاستعجال بالأمر، أعطونا مسودة وقالوا لنا عدلوها كيفما تريدون، انتهينا منها في أقل من 20 يوماً، اجتماعاتنا كانت في شهر رمضان وتستمر إلى منتصف الليل والإخوة بالأمانة العامة يسهرون للصبح، وكنت محظوظاً بأن يكون لي باع في المشاركة في الميثاق وإدخال بعض التعديلات الأساسية عليه، تكلمنا في اللجان بحرية مطلقة، وطالبنا بإصلاحات سياسية تمهيدية تسبق التصويت على الميثاق.
ما هي أبرز التعديلات التي أدخلتها؟
- كنا 6 اشخاص، جاسم فخرو، وتقي البحارنة، وإبراهيم بشمي، وعبدالله الحواج، وفؤاد شهاب، وكنا، نجتمع ونتخذ قرارات التعديل.
هل كنتم كتلة داخل اللجنة العليا؟
- لم نكن كتلة ولكن كانت طبيعة العمل السياسي تعني مجموعة أصوات تتفوق على الصوت الواحد، وكنا نعطي مسؤولية لكل واحد في مجال عمله، الحواج وفؤاد شهاب ركزا على التعليم، جاسم وأنا قدمنا الأمور الاقتصادية، وإبراهيم بشمي قدم أمور الإعلام والصحافة، وهكذا، كل واحد يقدم باسمه والآخرون يثنون علينا. لم نذكر أننا قلنا رأياً ورئيس اللجنة أو نائبه أوقفونا عن قول شيء، حتى الوزراء الموجودون بالحكومة كانوا متعاونين معنا.
لماذا لم يرشح جمال فخرو نفسه للمجلس النيابي؟
- بعد الميثاق كلفت بمهمة أن أكون عضواً بلجنة تفعيل الميثاق وكنت مقرر اللجنة، وصغنا مجموعة من القوانين، منها قانون المناقصات والميزانية العامة وديوان الرقابة المالية، ولم أفكر في دخول الانتخابات لأنها تحتاج إلى جهد وأنا مشغول بالمكتب.
في الفصل التشريعي الأول توليت رئاسة اللجنة المالية، ما هي الصعوبات التي واجهتها؟
- الكل يومها كان يتعلم، السنوات الأربع لم تكن سهلة، تجتمع اللجنتان لإقرار الميزانية، ولكن استطعنا التوافق مع النواب والحكومة، الحكومة تمرست وأصبحت الموازنة تعكس متطلبات الشارع، كما أن الخطاب الملكي السامي يعطيك توجيهاً، ويرسم لك الأجندة، والموازنة تعكس كثيراً مما يرد في الخطاب السامي، كنا نصادق على الميزانيات بسهولة.
ألم يقيدك منصب النائب الأول لرئيس مجلس الشورى؟
- هذه ليست وظيفة، أنت بمنصب ووضعت فيك الثقة، ضميرك هو المحرك لك، وعندما تجد موقفاً معيناً يجب أن تعبر عنه إيجاباً أو انتقاداً، لم أستمع إلى مكالمة أو توبيخ أو تأنيب من مسؤولي الدولة على رأي قلته، البعض يعتقد أن المعين محاسب أمام الجهات التي عينته، كانت لي مداخلات كثيرة اختلفت فيها مع الحكومة سواء على الأمور المالية والاجتماعية والدين العام، قبولي منصب النائب الأول لم يحد من حريتي في التعبير بل أعطاني قوة كبرى.
إلى أي مدى أثر عملك التشريعي على عملك المهني؟
- الموازنة لم تكن سهلة، ولا بد من ان يؤثر شيء على آخر، أنا أعمل 16 ساعة يومياً؛ لكي أؤدي عملي المهني والتشريعي وداخل المجتمع، عندي اجتماعات ولقاءات خاصة، حين تدعو شخصاً على العشاء، فأنت تدعوه نظراً إلى الالتزام الاجتماعي عليك والمهني، وكذلك حين تحضر اجتماعات، كما أن السفر متعب وليس سهلاً، وكثرة السفر تجعلك لا تفكر كثيراً، طبيعة عملي تتطلب التفكير والتنفيذ، فأنا أقود مكتباً به 380 موظفاً، ولا أريد أن يتأثر عمله بقبولي وظيفة أخرى، وعضوية الشورى يجب ألا تتأثر بعملي الخاص، شركائي بالمكتب سعداء بعملي وكذلك الأعضاء بمجلس الشورى.
وماذا عن ترؤسك لجنة الرد على الخطاب السامي بشكل دائم؟
- بالبداية كان يرأسها النائب الثاني وجرى تأخير، لأسباب تتعلق بإدارة الزملاء باللجنة وارتأى الرئيس يومها أن أرأسها، وبعدها جرت عادة أن يترأسها النائب الأول بعضوية النائب الثاني وتتاح الفرصة للجميع بالتدوير، لأن الكل يريد أن يدخل اللجنة.
وما المانع من دخول عدد كبير إلى اللجنة، هل كنتم تتخوفون من عدم اكتمال النصاب؟
- لم نلغ أي اجتماع لعدم وجود نصاب، سواء جلسة عامة أو لجنة، ولكن اللجنة إذا كثر أعضاؤها فيصعب إدارتها.
ما هي الأنشطة الاجتماعية والتطوعية لدى جمال فخرو؟
- كنت عضواً في مسرح أوال ومن مؤسسي نادي السينما، لدي عضويات في جمعيات في البحرين وخارجها، ولدي مساهمات شخصية ومساهمات تتعلق بالمكتب وتتعلق بمؤسسات المجتمع المدني، فنحن ندقق حسابات مؤسسات المجتمع المدني من غير أتعاب أو بأتعاب رمزية، أنا سعيد بأنني اساعد الإخوة بالمجتمع المدني.
من هم الأشخاص الذين أثروا على حياتك؟
- أكثر شخص تأثرت به هو صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رحمه الله، وكذلك أخي الدكتور علي محمد فخرو، وكان له تأثير كبير في بناء شخصيتي، فارق السن الذي بيني وبينه جعلني أتعلم منه كثيراً وكذلك الأخ جاسم، ولا أنسى والدي الذي علمنا الطيبة، ووالدتي التي علمتنا الإصرار على العمل بشكل جدي والاهتمام بالتعليم.
جدي الأكبر يوسف كان من مؤسسي التعليم في البحرين، فالتعليم في دمنا، ونحب أن يكون لنا دور في المجتمع، ونحن نشعر بأن ما نفعله امتداد لما يفعله جدي ووالدي، ولا بد من أن أستذكر معلميّ، من علمني على الانضباط في مواعيدي هو مدير مدرستي عبدالله العباسي وهو من المجموعة التي تركت البحرين وأسست التعليم في أبوظبي، لا أحب أن أتأخر أو يتأخر علي أحد، المدرس سابقاً كان مربياً وأباً، وكان الآباء يلجؤون للمدرس لتربية الأبناء نيابة عنهم، المجتمع كله يؤثر عليك.
كلمة أخيرة تريد أن تقولها؟
- البحرين مجتمع واعٍ وراقٍ ومتحاب بين بعضه البعض، مساعدة الناس أمر مهم، ولا تقتصر على المساعدة المادية، أكون سعيداً حين أدرب شخصاً ويتركني للذهاب لوظيفة أفضل، البحرين للتعاون بين بعضنا البعض، يجب أن نحافظ عليه، كل واحد عليه مسؤولية في الحفاظ على المجتمع.