في أحد أيام النشاط الصيفي الذي كانت تقيمه جمعيتنا للأطفال ذوي الإعاقة، جاءني عدد من الأطفال يشتكون طفلاً يحطم ما يصنعون ثم يصفعهم لغير ما سبب.
اتجهت نحوه لأتعرف على المشكلة عن قرب، وأعرف سبب تصرفه ذلك، فوجدته واقفاً بجوار أمه متحفزاً، يندفع باتجاه أحد الأطفال فيدمر ما يفعل ثم يصفعه ويعود إلى حماية أمه.
وما إن اقتربت منه وانحنيت أتحدث معه، إذا به يرفع يده ليصفعني. أمسكت يده بقوة ونظرت إليه نظرة حازمة وقلت: "لا. هذا لا يجوز". نظر إلي الطفل نظرة تحدٍ غاضبة، وسحب يده من يدي واحتمى بأمه. فوجئت بالأم تقول غاضبة: "ألا يكفي ما به من إعاقة!!".
صدمتني كلماتها.
نقول دائماً: إننا لا نريد شفقة من أجل أولادنا من ذوي الإعاقة وإنما نريد تفهماً ودمجاً، ولكن هناك أمهات يشعرن بالشفقة على أولادهن، وعلى أنفسهن.
أريد بهذه القصة الحديث عن نقطة لا تقل أهمية عن تعليمهم مهارات العناية الشخصية أو غيرها من المهارات، والتي تتعلق بذوي الإعاقة عامة، والإعاقة الذهنية خاصة، ألا وهي تعليمهم المهارات الاجتماعية لنستطيع دمجهم في المجتمع.
كثيراً ما أسمع كلمة ولكنهم ما زالوا صغاراً، أو ولكنهم من ذوي الإعاقة ولن يفهموا. وهذا مفهوم خاطئ تماماً؛ فهم يدركون ويفهمون منذ سن مبكر، كما أنهم يتعلمون ويتعودون على العادات والصفات الطيبة التي تجعلهم كغيرهم من الأطفال. وعلينا أن نبدأ منذ البداية بالثناء على السلوك السليم والتنبيه والنهي عن السلوك غير السليم الذي يرفضه المجتمع والذي يجعل الأطفال ينفرون من التعامل مع أطفالنا أو يسيئون إليهم.
نعلم الطفل كيف يتكلم بطريقة مهذبة، وكيف يستأذن قبل أن يأخذ ما ليس له، وأن يحترم خصوصية غيره، وألا يسيء بالكلام أو الفعل إلى غيره، وغير ذلك من السلوكات الاجتماعية التي نعلمها أولادنا عموماً. وخير وسيلة لتعليم الطفل هي أن نكون قدوة له؛ فنتكلم معه بطريقة مهذبة، ونستأذن قبل دخول غرفته أو استعمال أشيائه، وأن نحترم خصوصيته ولا نسيء إليه بالقول والفعل. وغير ذلك مما نسعى لتعليمه.
علينا أن نأخذه معنا إلى أماكن شتى ونعلمه كيف يتعامل مع الناس وكيف يتصرف في كل مكان، في الحديقة أو المطعم أو ساحة الألعاب أو المحال التجارية. ومن الضروري تعليمه كيف يتعامل مع غيره من الأطفال وكيف يحترم الكبير ويعطف على الصغير.
إن تعليم الطفل حسن التعامل مع الآخرين يجب ألا يتعارض أبداً مع فكرة التعامل الحذر مع الغرباء حتى لا يتعرض للأذى.
هذا قليل من كثير، ينبغي علينا تعليم أطفالنا وتعويدهم السلوك السليم حتى يكونوا أفراداً متعاونين متجاوبين مع المجتمع وليسوا أغراباً عنه.
فاطمة العشماوي
أم لابنه من ذوات متلازمة داون