لا أنسى نصيحة جدي: حياتك مثل المرآة وكل ما تفعله ينعكس عليك

مقولة خالتي «أفلح في دراستك أول وشوف لك شغل» بداية التحدي والانطلاق

تعلمت التجارة في أثناء عملي في شركات كانو

أبدأ يومي بممارسة المشي ساعة

كنت أبيع الحمام والأرانب لطلاب الثانوية بدينار ونصف

طريقة اجتياز التحديات الوسيلة للوصول إلى الطموح وتحقيق الأحلام




سماهر سيف اليزل

شخصية متفردة منذ الصغر، نشأ وتأسس من غراس "البيت العود" برعاية الجد والجدة، واتخذ من التحديات والعقبات دافعاً للاستمرار والنجاح، استقل بنفسه وحياته في سن صغيرة، بدأ كعامل بقبو أكبر الشركات وكافح حتى أصبح مؤسساً وصاحب شركات محلية خليجية بفروع عالمية.

بورقة وقلم كانت البداية الحقيقية لرجل الأعمال البحريني خالد القعود، الذي شاركنا سيرته ومسيرته، وتنقل معنا بين طيات ذكرياته الحافلة بالشقاوة والمواقف الطريفة التي مثلت دروساً تعلم منها وحملها معه، راوياً لنا قصته المثيرة التي بدأت منذ الولادة بسماع والدته أجراس الكنائس تقرع لحظة وضعه، القصة التي تكللت بالنجاح بعد كثير من الفشل بحد تعبيره..

وفيما يأتي نص اللقاء:

- من هو خالد القعود؟ أين كانت الولادة والنشأة؟

ولدت في السادس من أكتوبر عام 1974 في المستشفى الأمريكية، ولولادتي قصة كانت تقصها علي والدتي حيث تحكي لي وتقول: "عندما وضعتك سمعت قرع أجراس الكنائس" مع العلم أن والدتي كانت من أكثر الناس الملتزمين دينياً، وكنت أقول إن هذه دلالة على أني مرحب بي في أكثر من ديانة ومذهب، وحملت هذه القصة معي وكبرت.

نشأت في عائلة بسيطة وجميلة، حيث تتجمع الأسرة الكبيرة في بيت واحد أو بيوت متلاصقة محفوفة برعاية الجد والجدة، ويلتزم الجميع بالعادات والقوانين الصارمة طواعية، وأنا أعتبر نفسي محظوظاً؛ لأن عائلتي كانت تتمحور حول عميدها جدي المرحوم خليفة بن أحمد القعود.

- حدثنا عن أبرز ذكريات الطفولة؟

طفولتي انقسمت بين الشقاوة والبراءة، وطفولتي الشقية بنيت من الحياة التي كانت بالنسبة لي سابقاً كالحياة العسكرية التي فرضت بأن نكون في البيت بتمام السابعة مساء، ما أبرز الجانب الشقي في شخصيتي، في حين برزت الشخصية البريئة "الإنسانية" من حب الجد والجدة الذي ينظر إلى سعادة الغير أكثر من النظر في سعادته.

وإحدى طرائف الطفولة التي أذكرها، أني بدلاً من الخروج من المنزل بعد الساعة الـ7 مساءً، دعوة أصحابي للعب كرة القدم داخل البيت، وكسرت أغلى مزهرية لدينا في البيت، وكان العقاب شديداً، حيث تم ربطي في نخلة كنوع من العقاب، ولما فكوني سألوني هل ستعيدها مرة ثانية فقلت لا لن أعيدها. وأذكر أيضاً في مرة أنني فتحت باب الحظيرة التي كانت في منزلنا للحيوانات الموجودة وسمحت لها بدخول الحديقة لتستمتع ببوفيه من النباتات والمزروعات الخضراء فيها.

تربيت تربية متوازنة ما بين الصرامة واللين في التعامل، وكان جدي محاوراً جيداً معي، كان يأخذني معه إلى محله الموجود في سوق المنامة، وكان مخصصاً لبيع الملابس الرياضية، وكنت أتابع طريقة حديثه مع زملائه، وفي يوم من الأيام سألته: "يبه كيف في يوم من الأيام أكون مثلك" فأنت شخص محبوب بين الناس، وكان جوابه لي "رحمه الله عليه": حياتك مثل المرآة، وكل ما تقوم به وتفعله سينعكس عليك، فإذا أردت أن يكون الناس صادقين معك فعليك أن تصدق معهم، والعكس صحيح، وكان هذا من أهم وأبرز دروس حياتي التي تعلمتها.

- كنت الأخ الأكبر فهل كانت هذه ميزة أم أنها وضعت على عاتقك مسؤولية كبيرة؟

أشكرك على هذا السؤال. أنا أخذت منحى مختلفاً لم يتخذه أي شخص آخر في أسرتي، وهو أني عند بلوغي سن الـ19 استقللت في منزل وحدي، وكان أول تعليق سمعته بعد هذا القرار "ليش تسوي هذا الشي الناس شنو بتقول علينا"، وكنت أتمنى أن يكون السؤال "شنهو الي قاصرك.. كيف نقدر نكون معاك"، والبيت الذي استأجرته كان قريباً من منزلنا، كانت بداية صعبة جريئة تكللت بالنجاح بعد كثير من الفشل.

- ما أبرز محطات حياتك الدراسية والعملية؟

دراستي كانت في البحرين بداية بالحضانة التي ذهبت لها وكانت في وسط البر، وأتذكر أني في الفسحة كنت أجمع الأكياس البلاستيكية والأوراق فكانت المدرسة تشكرني على هذا العمل ولم تكن تعلم أني أقوم بجمعها لوضعها على "كومبريسر" المكيف لتطير فور تشغيله، وفي مرة من المرات كانت سبباً في احتراقه.

وفي المرحلة الابتدائية درست في مدارس الرفاع الشرقي، وبدأت أول مشاريعي التجارية في المرحلة الثانوية، حيث كنت في تخصص كيمياء وأحياء، وكان يُطلب منا تشريح الحمام والأرانب، وبسبب وجود مزرعة في بيتنا كنت أجمع الأموال من زملائي الطلبة وأحضر لهم الحمام والأرانب بمبلغ دينار ونصف، في حين كانت تباع في السوق بدينار، وكانت تجارة مربحة في وقتها، وكانت أمور البيع والشراء في دمنا منذ الصغر.

ثم تخرجت من الأكاديمية العربية للتكنولوجيا والملاحة البحرية في الإسكندرية بمصر، وأكملت دراستي وأنا أعمل.

ومن أبرز محطاتي أني بدأت كعامل نظافة "أكنس قبو شركة ألبا"، حيث كانت الحرارة في الصيف 50 درجة وفي الشتاء 50 درجة، ثم ترقيت لأعمل في المصهر وأثناء عملي تعرضت لإصابة عمل كبيرة ما اضطرني إلى الجلوس في المنزل قرابة ثلاثة أشهر، وهذه الحادثة كانت سبباً في تغيير مجرى حياتي، ففيما أنا جالس في المنزل أراجع الماضي وأرنو إلى المستقبل التفت فوجدت ورقة وقلماً على الطاولة بجواري، أخذت الورقة ورسمت في أسفلها مربعات كتبت في كل منها أحلامي والتحديات التي أمامي، ومنها عدم امتلاكي سيارة، ولا بيت، وقرض في البنك، وشهادة متدنية، أعزب. وفي أعلى الورقة رسمت مربعات مقابلة كتبت فيها: سيارة بورش، وبيت، وحساب استثمار في البنك، وشهادة مرموقة، وأسرة. ثم قمت بالوصل بين المربعات أسفل الورقة وأعلاها على شكل خطط عمل، وكانت هذه الجلسة والورقة محفزاً كبيراً لي في حياتي، وما زلت أحتفظ بها حتى الآن.

- حدثنا عن بدايتك في ريادة الأعمال؟

غيرت عملي مرتين قبل قراري أن أكون رجل أعمال، فكانت بدايتي في شركة ألمنيوم البحرين "ألبا" لمدة 13 سنة، وبعدها عملت في إحدى مجموعات الشركات العائلية "كانو" والتي تعلمت فيها أصول وفن التجارة، ومنها انطلقت بتأسيس مؤسساتي التي تحولت إلى شركات، وأصبحت مجموعة شركات منتشرة في أكثر من دولة منها الكويت والإمارات، وبالي وشراكة مع إحدى الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية.

أتذكر في سنة 91 كانت خالتي تعمل في الشركة المتحدة للتأمين وكان المبنى الخاص بهم في المنطقة الدبلوماسية ببناية المتروك، زرتها في مقر عملها وقلت لها إني في يوم الأيام سأفتح شركتي في هذه المنطقة وإلى الآن أتذكر إجابتها حيث قالت: "انت أفلح في دراستك أول وشوف لك شغل" وأخذت هذا الرد كتحد، وكانت أول شركة فتحتها تبعد عن بناية المتروك أقل من 30 متراً وكانت الانطلاقة، حيث كانت شركة لإدارة الفعاليات والمعارض.

قبلها كنت بدأت بأخذ محل في قبو إحدى البنايات في سوق المعارض، وأخذت قرضاً وفتحت محلاً لبيع الملابس وكانت الأرباح تعادل 300% من المصروفات بربح 15 ألف دينار من 5 آلاف دينار ثمناً للبضاعة وكان أول ربح لي، وبعدها غيرت نوع النشاط واتجهت لتأجير العقارات وغيرها.

- وما هي هوايات خالد القعود وكيف يقضي يومه؟

روتيني وسهل وبسيط، حيث أوقفت سيارتي في الخامسة صباحاً عند المدرسة البريطانية في منطقة الهملة وأمارس رياضة المشي لمدة ساعة، ثم أعود لتناول وجبة الإفطار، ثم أتجه للعمل من الـ7:30 حتى الـ3:30 عصراً، أقضي كثيراً من أيامي في دولة الكويت لطبيعة عملي، وأتنقل بين البحرين والإمارات والكويت.

أحب الهوايات الصعبة التي تشعر الإنسان بقدرته، وأمارس أي شيء يمكن أن يشعل مشاعر الخوف عندي، مثل المشي إلى قمم الجبال والقفز من المرتفعات، وهناك هوايتان لم أقم بهما بعد لكنهما مقيدة على اللستة وهي القفز المظلي والنزول عبر أطول جبل في العالم.

- وما هو روتينك في شهر رمضان وما أبرز ذكرياتك عن رمضان لول؟

كنا نفطر في بيت جدي، وتمدد أمامنا سفرة مليئة بالطعام المعد في المنزل، ولكن كلنا كنا ننتظر لحظة رن الجرس، حيث كانت تصلنا صينية طعام بشكل يومي من إحدى الأسر الكريمة بها صحن هريس وصحن ثريد وعيش ودجاج، وعلى الرغم من أن سفرتنا بها الهريس والثريد والعيش فإن بيت الجيران كان لأكلهم طعم مختلف. رمضان من أجمل الأشهر بالنسبة لي، حيث تزداد فيه الزيارات ويكثر التواصل وعمل الخير.

أحرص في رمضان على أن أزور الأمهات والخالات في أثناء الفطور، وأعتبر العشر الأواخر من رمضان أياماً مقدسة، حيث أكثف العمل فيها والتواصل مع الله.

- وما هو طبقك الرمضاني المفضل؟

لقيمات أمي حصة.. مع احترامي لكل الأمهات، فقد كانت إحدى الأمهات الفاضلات اللاتي تربينا على أيديهن كانت جارتنا وكان طبق اللقيمات الخاص بها أكثر طبق أنتظره في رمضان.

- كلمة أخيرة ورسالة

رسالتي إلى كل شاب وشابة.. لا يوجد شيء يسمى مشكلة، ويجب أن نتعلم كيف نجتاز التحديات بطريقة صحيحة، فطريقة اجتياز التحديات ستكون هي الوسيلة التي توصلك إلى طموحك وأحلامك.

حياتنا بها ثلاثة مسارات صعب مسار بها هو معرفة أنفسنا، المسار الثاني هو معرفة أهدافنا في الحياة وأجملها رسالتنا كسفراء في الحياة كيف أبرزناها وكيف تركنا بصمة تذكر.