لو قلت لملك من الملوك قبل 200 عام أن عندك عربة تنقلك أينما شئت بلا خيول ولا حمير وفيها تكييف وأنك تجد البرودة في الصيف والدفء بالشتاء في منزلك من دون الحاجة لمن يقوم لك بتلك الخدمات والمهمة على مدار الساعة، وأنك تحفظ الطعام وتأتي به من أقاصي الأرض ولا تضطر للخروج للصيد ولا للسفر أميالاً طويلة للحصول على ذلك، لتعجب منك ولربما اتهمك بالجنون والخرف لأنه هو على كثرة ماله وأملاكه لا يجد ما تتكلم عنه أنت!!قد تقول لي إن ذلك الزمان قد مضى وانقضى، فأقول لك تأمل فيمن حولك ممن يعيش في بلدان أصابها الجفاف والفقر والحروب كيف يعيش أهلها وكيف يتمنى الواحد منهم الماء النظيف والفراش الوثير والأكل الساخن المشبع فلا يجد أي من ذلك.وأغلبنا يجد الكثير من ذلك، فالأكل متوفر على مدار الساعة ويأتي من كل مكان، والماء النظيف البارد والساخن متوفر للجميع، وكنا ننتقل بالسيارة والطائرة والباخرة ونقطع المسافات التي كانت تستغرق أياماً وشهوراً في ساعات قليلة!!لا أنكر أن في حياة كل منا منغصات ومكدرات والتي لا يسلم منها أي أحد، فهذه حال هذه الدنيا وقد جعلها الله هكذا، وأما الحياة الخالية من المنغصات والمكدرات والهموم فهي في الجنة التي أمرنا الله بالعمل لها والاجتهاد للوصول إليها.فاحمَد الله على ما لديك من نعم كثيرة وتأمل فيها، وانظر إلى من فقد كل ذلك وتخيل لو كنت مكانهم ماذا كنت ستصنع؟ حينها ستتمنى هذه الحياة التي كنت تراها كالجحيم وسمحت للهمّ والغمّ أن يسكن قلبك.عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ هو أَسفَل مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوقَكُم؛ فهُوَ أَجْدَرُ أَن لا تَزْدَرُوا نعمةَ اللَّه عَلَيْكُمْ». وفي رواية البخاري: «إِذا نَظَر أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عليهِ في المالِ وَالخَلْقِ فلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْه»ُ.