في كل يوم توجد الكثير من القرارات التي ينبغي لنا اتخاذها منها قرارات لن تؤثر فيك كثيراً على المدى البعيد كالطريق الذي ستسير فيه، والوجبة التي ستفطر عليها، ولون الجوراب الذي سترتديه.

ومنها قرارات مصيرية وستؤثر فيك إلى حد بعيد على المدى البعيد كالتخصص الذي ستدرس فيه والجامعة، وكذلك الوظيفة التي ستعمل فيها، أو شراء سيارة أو بيعها، أو الزواج، أو بدء مشروع تجاري والاستقالة وغيرها من القرارات التي ستتأثر سلباً أو إيجاباً تبعاً للنتيجة التي ستحصل عليها.

والناس في هذا الباب أنواع فمنهم العجل، ومنهم المتردد، ومنهم الذي يأخذ وقتاً طويلاً لاتخاذ القرار حتى تفوت المصلحة، ومنهم من يتخذ كافة التدابير المتاحة للوصول للقرار السليم.

ولا يوجد من بيننا من لم يتخذ قرارات خاطئة وهو يشعر بالندم على أخذها عندما يتذكرها، وأخرى كتب الله لنا التوفيق فيها ونفرح عندما نستذكرها.

أذكر أني أردت شراء سيارة للسفر ونصحني أخ ثقة بالتريث والبحث عن غيرها لارتفاع ثمنها ووجود ما هو أفضل منها، وحتى عندما عاينت السيارة وقمت بتجربتها فلم أشعر بالراحة فقد شعرت بوجود خطب ما ولكنني لم أعرفه ولم يكتشفه المتخصص في فحص السيارة، ولكنني استعجلت وأخذتني النشوة والحماس لشرائها والتمتع بميزاتها فلم أتوفق فيها، وخسرت مبالغ كبيرة لتصليحها وبالتالي بعتها وهي لم تكمل السنة الواحدة عندي.

ومثلها أيضاً قرار لبيع سيارة أخرى أردت التخلص منها واستعجلت في بيعها بسعر أقل من ثمنها في السوق بسبب عطل حصل فيها وخسرت في تلك الصفقة كذلك.

وأنا أكتب تجربتي ليس من باب التحسر على الماضي والبكاء عليه إنما للتعلم منه وامتلاك فهم وقدرة أفضل لاتخاذ القرارات المستقبلية.

ولا أنسى ذكر التأثير السلبي للحماس والعجلة في حل المشكلة أو التغيير والذي تمنعانك من النظر لتبعات القرار بالشكل السليم، وربما سمعت أو تعرضت لموقف ما يدفعك للتصرف الآن والاستعجال في أخذ القرار.

وخير ما سيساعدك في اتخاذ القرارات الصائبة هي التأني وعدم العجلة، وسؤال أهل الخبرة والاختصاص، والتأمل في الموضوع أقلها من ثلاثة إلى سبعة أيام بعد أن تزول من عقلك النشوة والحماس، وأهمها صلاة الاستخارة قبل الإقدام على القرار.

فربما تكتشف بعد أيام أن القرار سيُكلفك الكثير، وأن القسط سيؤثر فيك لسنوات قادمة، وربما لم تكن السيارة المناسبة لك أو ربما لست بحاجة لتغيير سيارتك من الأساس.

وصلاة الاستخارة ركعتان تصليهما من غير الفريضة، ثم تدعو بعدها دعاء الاستخارة الوارد عن النبي (ص) بعد السلام وترفع يديك وتقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسميه، زواجي من فلانة، سفري إلى البلد الفلانية، تجارتي في هذا الشيء، شرائي لهذه السيارة...) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسميه باسمه) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني، واصرفني عنه، وقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به.