عندما قرأت عبارة «سافر، أنت لست شجرة» وقعت في غرامها منذ اللحظة الأولى، حتى إنها كانت العبارة المخصصة في حالة الواتساب لفترة من الزمن. وبقدر ما تبدو مضحكة -لمن سيتخيل نفسه شجرة- إلا أن المتمعن فيها سيدرك أنها أعمق من ذلك بكثير. وقد قرأت هذه العبارة مع تغيير فعل الأمر فيها، فمرة كانت «غادر» ومرة كانت «هاجِر»، ومرة أخرى كانت «تحرك»، ومرة كانت «إن لم يعجبك مكانك قم بتغييره، أنت لست شجرة!». جميع هذه العبارات كانت تحرّض الشخص على أمر واحد فقط وهو الحركة والتغيير بالطريقة التي تناسبه. بيد أن الكثيرين يركنون إلى الفعل الأسهل والأكثر أماناً إطلاقاً وهو عدم التحرك، والذي يساوي عدم الفعل! وهم محقون في ذلك ولا ألومهم، فمنطقة الأمان تمنحك الراحة وتعفيك مواجهة التحديات التي أنت في الأساس في غنى عنها، كما أنها تجعل الحياة تمضي بسيطة وسهلة، ولكن ستمضي -للأسف- خالية من الألوان والمعنى! ستكون حياتك خالية من الحياة! مجرد أيام تمضي باتجاه ساعة موتك.

هناك كثيرات، وكثيرون عالقون في زواج فاشل، يخافون التغيير وترعبهم فكرة الوحدة، أو لا يريدون أن يلصق بهم لقب «مطلق / مطلقة»، فيقبلون على مضض أن تمضي بهم الحياة في بيت لا يحمل من الدفء الأسري شيئاً، متوجسين من لحظة الألم والأذى القادمة من الطرف الآخر! عن أي أمان يتحدثون؟ وهل منطقة الأمان هذه تستحق احتمال كل هذه المعاناة.

قس على ذلك الموظفين العالقين في أوضاع مريرة أو بيئة سامة تقتص من إبداعهم وتنتقص إنجازهم، لكنهم يقبلون البقاء في مكانهم دون أدنى محاولة للتغيير، معرّضين صحتهم النفسية والعقلية للخطر!

الحياة واسعة والخيارات مفتوحة إنما تحتاج الشجاعة لاتخاذ القرار بالمغادرة عندما لا يليق بك المكان. القيود كلهم إنما توجد في عقل من يفكر فيها، فهي ليست موجودة في الواقع. لذلك عندما تخاف التغيير، غيرّ نفسك! وعندما تخاف التحرر من علاقة سامة جازف، تحرر منها، وواجه مخاوفك. فلم نسمع عن شخص مات من الوحدة! وعندما تنزعج من شخص ما لا تسكت عنه وتبلع قهرك، تحلى بالشجاعة وقم بالرد عليه. لا تبقَ بدون فعل وبدون تصرف! تذكر أنت لست شجرة! الحياة كلها قائمة على الحركة والتفاعل. بدءاً من أصغر ذرة في الكون، وصولاً إلى أكبر جرم سماوي في مجرتنا الشمسية. لذا لا بد من خطوة ما تثبت بها لنفسك وللآخرين إنك إنسان لم يتحول في داخله إلى شجرة!