أيمن شكل
دخلت الإذاعة وأنا عازب وخرجت بعد 3 عقود ولدي أحفاد..
صورة التقطتها أثبتت حق نادي الشراع في قضية ضد الأهلي
المؤيد وقف في صفي وألغى قراراً بفصلي من مجلة البحرين
مسيرة بين ألغام الصحافة سارها توفيق الصالحي واستطاع أن يعبر هذا الحقل ويحقق منه نجاحات لم يكن يتوقعها، ليصل اليوم إلى إدارة المكتب الإعلامي لسمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة.
منذ بداية شبابه كان صاحب لقطة مصورة استخدمت كدليل في قضية أمام اتحاد كرة السلة، ثم بدأ اسمه يظهر على صفحات الجرائد حتى إن زملاءه في الدراسة لم يصدقوا ذلك، ليدخل بعدها إذاعة البحرين من بوابة النشرة الرياضية وهو أعزب ويخرج منها بعد 3 عقود ولديه أحفاد.
نشر أخباراً وصفت بالقنابل الموقوتة وموضوعات كادت تودي بمسيرته الإعلامية، إلا أن المصداقية والمهنية مثلت درعه الواقي من ألغام الصحافة، حتى إن وزير الإعلام السابق طارق المؤيد ألغى قراراً يقضي بفصله. وإلى نص اللقاء:
حدثنا عن ذاكرتك الناشئة وموقعها على خريطة البحرين؟
- الإنسان البحريني ذاكرته الفرجان، وأنا من مواليد المنامة، وكنا جيراناً لمنزل الشيخ محمود العصفور في نفس المنطقة، ولكن تربيت في فريج كانو الملاصق لفريج الفاضل، وكنا نتواجد مع أصدقاء في هذه المنطقة، من بينهم وزير الإسكان السابق باسم الحمر الذي كان زميلاً في الدراسة، وكذلك من عائلة المردي مؤنس ورائد وبيت الشكر وبيت أحمدي.
وكيف كانت دراستك؟
- لم يكن هناك مدارس خاصة في تلك الأيام، لكني درست في مدرسة أبوبكر الصديق التي كانت تسمى المدرسة الغربية، وأطلق عليها أسماء أخرى، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مدرسة الصناعة وتم تكريمي في عيد العلم في عهد المغفور له الأمير الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، رحمه الله وطيب الله ثراه.
وفي تلك الفترة لم يكن هناك كليات في البحرين سوى كلية الخليج الصناعية التي درست فيها فترة، إلا أن حبي للصحافة والإعلام كان لصيقاً بي قبل فترة الدراسة الجامعية، فكنت أقوم بتصوير بعض الصور لصحيفة أخبار الخليج وتنشر في الصفحة الأخيرة، ولا أنسى فضل المرحوم الصحفي سيد حجازي الذي كان يشرف على الصفحة الأخيرة، حيث كان ينشر الصور التي ألتقطها لعدة مناطق في الصفحة الأخيرة.
من أين أتيت بالكاميرا في هذا العمر؟
- كان لي صديق مصور وهو عبدالله دشتي الذي تزوج شقيقتي فيما بعد وكان يعطيني الكاميرا لأصور بها هذه اللقطات، ثم تطور الأمر بتغطية الفعاليات الرياضية، فكنت أول صحفي متخصص في قسم الرياضة يكتب الخبر ويصور أحداثه.
مرحلة الشباب تتقاطع مع الشقاوة فهل تذكر من أحداثها شيئاً؟
- كنا مجموعة كبيرة من الشباب يبلغ عددنا تقريبا 40 شاباً، وأردنا دخول السينما لمشاهدة فيلم يعرض لأول مرة، لكن الميزانية البسيطة التي لدينا لا تسمح بذلك، فأنى لشاب في السبعينات بدينار يدفعه تذكرة فيلم، ولذلك وضعنا خطة لدخول الفيلم بأن يبلغ أول الداخلين موظف التذاكر أن تذكرته مع الذي خلفه، ثم يأتي من خلفه ويحيله إلى من بعده، حتى إن دخلنا جميعا وجاء الأخير وقام بإعطاء الموظف تذكرة واحدة فقط، أمسك به قائلا: لقد دخل 40 شخصا بتذكرة واحدة، لكن رد عليه -بحسب الخطة- أنه لا يعرف عمن يتحدث وأن التذكرة لا يملكها أحد غيره.
وتضمنت الخطة أن يجلس كل واحد منا في مكان مختلف، فلم يتمكن العاملون في السينما من العثور علينا، وعندما انتهى الفيلم خرجنا وكان الاتفاق على أن نلتقي في مكان بعيد عن السينما حتى لا يكتشف أمرنا.
لكن هذه المواقف رأيتها تعود مرة أخرى بتنفيذ أبنائي، فقد كان ابني يحكي قصة مقلب فعلوه في المدرسة، وعندما حاولت نصيحته بعدم فعل تلك الأمور، ذكرني بقصص طفولتي متسائلاً: ألم تكن مثل التي أفعلها اليوم؟
دخلت الصحافة في وقت مبكر فمن كان صاحب المدخل؟
- منذ صغري كنت شغوفاً بمتابعة مباريات كرتي السلة والقدم، وفي إحدى الليالي أخذت الكاميرا وذهبت إلى مباراة القمة بين فريقي الأهلي والشراع، وقمت بالتقاط الصور، وكانت إحدى تلك الصور سبب شهرتي، فقد كان مدرب فريق الشراع يشكو من قيام لاعبي النادي الأهلي بعرقلة اللاعبين وسحبهم من ملابسهم عند استلام الكرة، لكن لم يتمكن من إثبات ادعاءاته، حيث كانت تحدث بعيداً عن عيني الحكم، وعندما شاهد اللاعبون الصور التي التقطتها وكانت إحداها قد سجلت لقطة للاعب من النادي الأهلي يسحب زميله من ملابسه، وحينها قال المدرب إن هذه أثمن وأقوى صورة حصلت عليها، وقام النادي برفع قضية أمام اتحاد السلة معتمدين على الصورة.
كذلك في هذه الأيام كنت في السابعة عشرة من عمري وأتابع ما يكتبه الزميل الفاضل محمد لوري في مجلة الرياضة التي كان يدير تحريرها الراحل حسن عثمان من مصر، ورأس تحريرها المرحوم عبدالرحمن عشير، وتحدثت مع الأستاذ لوري عن رغبتي في ممارسة العمل الصحفي، فاقترح علي مقابلة مدير التحرير.
وبدأت منذ الصف الأول الثانوي الكتابة في قسم الرياضة، وبدأ اسمي ينتشر حتى إن زملائي الطلبة في تلك الفترة كانوا ما بين مشكك وغير مصدق أن الاسم الذي يطبع في الصحيفة هو اسمي أنا الطالب زميلهم على مقعد الدراسة، وخاصة أن الأسماء الإعلامية في تلك الحقبة كانت محدودة وقليلة.
ثم تفتحت بعد ذلك الأبواب للعمل الإعلامي في إذاعة البحرين حين طلبني المخرج المرحوم نبيل العلوي الذي اقترح تنظيم ندوة رياضية خلال شهر رمضان مع الأستاذ محمد لوري، وبعدها اقترحت عليه عمل «نشرة رياضية» مماثلة للنشرة التي تذيعها إذاعة الكويت، لكنه تردد في البداية ورأى صعوبة في توفير المادة الصحفية، لكني أكدت له القدرة على توفير نشرة رياضية يومية، وبدأنا في الأول من فبراير عام 1980 واستمرت النشرة إلى 2010 لتكمل ثلاثة عقود.
حين بدأت النشرة الرياضية في إذاعة البحرين كنت أعزب، وعندما خرجت منها أصبح لدي أحفاد، وهذا البرنامج المتواصل على طول تلك الفترة الطويلة وجد دعماً من المسؤولين في الإذاعة، ولذلك بدأنا بفترة بث 15 دقيقة ثم تطور إلى 30 دقيقة وساعة نهاية الأسبوع، وتجاوز البرنامج حدود البحرين إلى منطقة الخليج حتى وصل إلى الهند.
فأذكر عندما نظمت مسابقة رياضية ضمن فقرات البرنامج، تلقيت خلالها رسائل من اليمن والهند التي كان بها شباب من الخليج يتابعون البث الإذاعي من هناك ويبحثون عن الذبذبة الخاصة بالإذاعة البحرينية لسماع النشرة الرياضية، ولذلك كنت أحرص على توفير الأخبار من كل الدول.
ولم يكن في تلك الحقبة اتصالات سوى عبر التلكس ولمصادر قليلة، لكن ما جعل البرنامج يتميز هو اللقاءات مع الرياضيين والصحفيين المتخصصين من البحرين وخارجها.
ومن خلال الإذاعة انتقلت إلى التلفزيون وقدمت برامج رياضية ولقاءات وبرنامجاً أسبوعياً، وكنت من أوائل معدي برامج الرياضة بصفة رسمية، لكن بقيت الإذاعة هي عشقي.
عادة ما يصاحب العمل الإعلامي والصحفي مشكلات وتحديات؟
- في الصحافة والإعلام لا بد من أن تعتمد على المصداقية حتى لا تخسر رصيدك المتراكم عبر سنوات، وكثير من المواقف التي تحدث مع مصادر تنكر تصريحاتها ولكني كنت دائماً أتسلح بالمسجل.
لكن أذكر في أحد المواقف أن حضر صحفي خليجي ضيفاً لإجراء حوار مع المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، واقترحت عليه أن يستخدم المسجل الخاص بي، حتى لا يضيع وقت الشيخ، لكن الشيخ عيسى قال: بتسجلوا كلامي حتى لا أنكر شيئاً؟ وهو ما اضطرني إلى الذهاب إلى مجلسه في المساء لأشرح له وجهة نظري بأن المسجل كان فقط لعدم إطالة اللقاء وإضاعة وقته الثمين. ولعل من المواقف التي كادت تودي بمسيرتي الصحفية، أنني حصلت على التقرير المالي الخاص بنادي المحرق والذي حقق فيه لأول مرة أرباحا من تنظيم دورة، وكان التقرير سبقاً صحفياً، فاستأذنت بالنشر، وقد وافقوا. وفي السابعة من صباح اليوم التالي تلقيت اتصالاً من أمين سر نادي المحرق آنذاك الأخ العزيز سلمان بن هندي، حيث أكد لي أن الأرقام المنشورة بشأن التقرير المالي صحيحة، إلا أنها وضعت النادي في حرج كبير، وقال: النادي مَدين وقد اصطف جميع الدائنين من السابعة صباحاً أمام باب النادي ومعهم نسخة من الجريدة ليطالبوا بمستحقاتهم.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ولكن عصر يوم النشر اجتمع بنا الأستاذ نبيل الحمر، وقال: موضوعك المنشور اليوم في الصحيفة يعتبر «قنبلة موقوتة». ولكن ما مدى مصداقيتك؟ فأعطيته التقرير، وعاد مرة أخرى يسألني: ماذا لو كان هذا التقرير غير صحيح؟ فأجبته بأن الاتحاد الخليجي لكرة القدم سيجتمع بعد شهر وسيعتمد التقرير المالي، وفي حال اختلف الرقم المنشور عن المعتمد فإن ذلك يعني وجود خطأ، لكنه قال: في تلك الحالة سأتخذ قراراً بفصلك من الجريدة.
كنت من مؤسسي صحيفة الأيام؟
- بالفعل وشكلنا فريقاً خاصاً بالقسم الرياضي مع الزميل محمد لوري وناصر محمد وانضم إلينا فيما بعد محمد إسماعيل، واستمررت في الأيام حتى 2010.
وأذكر عندما كان الأستاذ أحمد كمال رئيساً لتحرير صحيفة أخبار الخليج، وسئل في لقاء مع إحدى الإذاعات الأجنبية عن حقيقة إنشاء صحيفة جديدة في البحرين، وقال: لا أعلم مثلكم تماماً، ولكن كلما زعل علينا وزير الإعلام «طارق المؤيد» يهددنا بجريدة ثانية.
كانت لك علاقة بوزير الإعلام الأسبق طارق المؤيد؟
- المرحوم طارق المؤيد رجل إعلامي ناجح وتميز بالتعامل الراقي مع العاملين من خارج الوزارة، ويعتبر من أفضل الذين خدموا وزارة الإعلام والذي عمل على تطويرها.
وأذكر أنني كنت أكتب في مجلة البحرين وكان رئيس تحريرها وزير الإعلام طارق المؤيد، وطلب مني أحد الشخصيات من العائلة الكريمة نشر رأيه الذي ينتقد فيه اتحاد كرة القدم، وأن الحكام يحتاجون إلى التطوير ودورات، بينما كان الشيخ عيسى بن راشد وكيلاً لوزارة الإعلام ورئيساً لاتحاد كرة القدم، وحين صدرت المجلة قرأ الموضوع ولم يعجبه، فأبلغ مدير التحرير المصري الأستاذ عبدالجواد بوقفي عن الكتابة في المجلة، لكن لا أنسى موقف الرجل الذي قرر محاولة حل المشكلة وتوجه بي إلى مكتب طارق المؤيد وشرح له الأمر وأكد له صعوبة الأمر، وخاصة أن الشيخ عيسى وكيل الوزارة.
لكن طارق المؤيد طلب الشيخ عيسى الذي حضر ورآني أجلس خارج مكتب المؤيد، فسلم علي وسألني: ماذا عندك هنا؟ فأجبته بأنني أنتظر الأستاذ عبدالجواد في مكتب رئيس التحرير. وبعد دخول الشيخ عيسى إلى مكتب طارق المؤيد بدقائق خرج مدير التحرير عبدالجواد، وأبلغني أنه أنهى المشكلة ولكن طلب مني توضيح الأمر للشيخ عيسى عند خروجه من مكتب طارق المؤيد، وبالفعل عندما خرج اعتذرت إليه وأوضحت له وجهة نظري فقال: خلاص انتهى الموضوع.
لكن عندما التقيت مع مدير التحرير سألته عما حدث داخل المكتب، فقال لي لقد شرحت لطارق المؤيد ما حدث، وسألني: هل توفيق مخطئ أم مظلوم؟ وأكدت له أنك مظلوم، فما كان منه إلا أن قال: أبلغوا الشيخ عيسى ببقاء توفيق في عمله.
كذلك كتبت في مجلتي المواقف وصدى الأسبوع وعملت في وكالة أنباء البحرين وانفتحت أمامي بوابات الإعلام كلها، وراسلت صحفاً خارج البحرين مثل البيان والسياسة.
حدثنا عن علاقتك مع سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة؟
- وجودي في الإعلام أتاح لي الشرف العمل مع سمو الشيخ ناصر، فقد كنت مسؤول العلاقات العامة في نادي الفروسية، وبناء على توجيه من جلالة الملك المعظم في عام 1999 بتأسيس رياضة القدرة في البحرين، تواصل معي القائم بأعمال رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة صالح بن هندي وأبلغني بالتوجيه السامي، ومشكلة عدم وجود أي خلفية سابقة عن هذه الرياضة، فقمت بالتواصل مع اتحاد الإمارات لرياضة التحمل لتأسيس الرياضة في البحرين، حيث يتمتعون بخبرة 20 عاماً في هذا المضمار.
وطرح جلالة الملك المعظم فكرة أن يقام سباقان أحدهما دولي والثاني محلي، وعرفنا المغزى من حكمة ورؤية جلالة الملك المعظم بتحفيز المشاركين في كلتا البطولتين لتحقيق إنجازات متنوعة والتشجيع على الارتقاء بالمستوى البحريني في مقابل المستوى الأعلى لفريق الإمارات.
وقمنا بتشكيل فريق إعلامي للتغطية وكنت أميناً لسر النادي سنتين، وبعدها تم تشكيل الاتحاد الملكي لسباقات القدرة برئاسة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة في مارس 2003، وقد كان سموه الرئيس الفخري لنادي البحرين، وانتقلت من نادي الفروسية إلى أمانة سر نادي سباق القدرة، وبعدها توليت المكتب الإعلامي لسمو الشيخ ناصر منذ ذاك الحين.
ووقت أن عملت مع سمو الشيخ ناصر كان في الثالثة عشرة من عمره، لكن في هذا العمر كان يتمتع برؤية الكبار، وتوقع له مراقبون من الخارج أن يكون له شأن كبير في البحرين، وذلك عندما اقترحت على سموه تنظيم مؤتمر صحفي للحديث عن البطولات الدولية التي أقامتها البحرين، وتم ذلك في فندق بالشارقة ودعيت إليه الصحافة من دول الخليج والدول العربية، حينها طرح صحفي مصري بعض الأسئلة على سمو الشيخ ناصر، وبعد انتهاء المؤتمر الصحفي سألني الصحفي: كم عمر سمو الشيخ ناصر فأجبته بأن عمره 14 عاماً، فقال إن إجاباته وتعامله مع وسائل الإعلام وكأنه فوق الثلاثين سنة، وأضاف: أقول لك كلمة أخيرة: ترقبوا هذا الرجل فسيكون له شأن كبير في بلدكم. سئلت أكثر من مرة: ما سبب اهتمام جلالة الملك المعظم بأنشطة سمو الشيخ ناصر، فكانت إجابتي بأن جلالته رجل رياضي وحكيم ويجد شبابه في سموه، حيث انتقلت هذه الجينات إليه، وعلى الرغم من فارق السن بيني وبين سموه ألجأ إليه في الكثير من التوجيهات، واليوم يتواجد سموه على الصعيد الدولي ومجالات رياضية وعسكرية واقتصادية.