حسن الستري - تصوير: محمد الشويخ


تعلمت من والدي عدم الانجرار للأحزاب

احتفظنا بعلاقات متوازنة مع الجميع

«مفكرة الصباح» أساس البرامج الصباحية الإذاعية

عملت بالصرافة والذهب والعقارات بعد الإذاعة


«نشأت بالعراق بحكم دراسة والدي بالنجف، وعانيت تحديات السفر وصعوباته، وتعلمت منه قيم المحبة والتواضع والانتماء لهذا الوطن وعدم الانجرار للأحزاب، واحتفظت بعلاقات متوازنة مع الجميع».

بهذه الكلمات، لخص محافظ الشمالية علي العصفور نشأته خلال سرد مسيرته لـ«الوطن»، وبدا العصفور في المقابلة معتزاً بالقيم الذي تعلمها من أبيه الشيخ عبدالحسين العصفور، من تواضع وانفتاح على مختلف أطياف المجتمع البحريني، وصدق وأمانة وحسن خلق ومحافظة على الصلاة والصيام وسائر العبادات.

وبين العصفور أنه أعاد دراسة السنين الثلاث الأولى التي درسها بالنجف بعد أن عاد للبحرين في ستينات القرن الماضي، وذكر أنه كان محباً للعمل منذ طفولته، إذ كان يستغل العطلة الصيفية للعمل على الرغم من أنه لم يكن محتاجاً

للمال يومها.

وذكر العصفور أن الإعلام لم يكن رغبته الأولى، ولكنه حصل على بعثة لدراسته بالقاهرة، وهناك أعجب ببرنامج أخبار خفيفة، واستوحى منه برنامج مفكرة الصباح الإذاعي، الذي كان أساساً لبرامج إذاعة البحرين في الفترة الصباحية.

كما سرد مسيرة عمله في العمل التجاري ومنه إلى العمل الحكومي في محافظة العاصمة وبعدها في المحافظة الشمالية.

ووجه نصيحته للشباب للمقبلين على الحياة والذين يبحثون عن وظائف، مؤكداً أن «البحرين بخير، وعليهم أن يكافحوا لتحقيق أمنياتهم في الحياة، ومن الصعوبات والتحديات تُخلق الفرص ذهبية، ونحن نعيش في عصر التميز، هناك حوافز بالوطن كدعم تمكين وبدل التعطل وغيرها، هذه يجب استثمارها من أجل الحصول على حياة أفضل»، مشيراً إلى أن الحياة تحديات، ومن هذه التحديات تُخلق الفرص. وفيما يلي نص الحوار:

حدثتا عن نشأتك؟

- نشأتي كانت بالعراق، لأن والدي كان يدرس بحوزة النجف، فعشنا فترة النجف معه، ودرست هناك حتى الصف الثالث الابتدائي، وبعدها رجعنا للبحرين بالستينات، وابتدأت مرحلة الدراسة منذ البداية، أي أنني أعدت السنوات الثلاث الأولى التي درستها بالنجف.

الحياة كانت بسيطة آنذاك، وكانت تحديات السفر من العراق للبحرين، يشوبها الكثير من الصعوبات، إذ إننا كنا نسافر في المراكب، وكنا نعيش أجواء الطقس في المركب، كانت فترة صعبة بعض الشيء.

كنا ندرس في مدرسة السلام بالعراق ولم تكن هناك مواصلات وكنا نذهب مشياً على الأقدام، تعلمنا كيف تتحول الصعوبات لفرص تخلق تحديات في حياة الإنسان.

أنت من عائلة عريقة، إلى أي مدى أثر انتماؤك الأسرى على شخصيتك؟

- عائلتنا لها انتماؤها بلاشك، ونحن ننتسب إلى عَلَم بارز من أعلام البحرين والمنطقة، وهو العلامة الشيخ حسين آل عصفور، نحن نعيش مكانة الوالد في أي مكان، نعيش قيم المحبة والتواضع والانتماء لهذا الوطن، تعلمنا منه قيماً مستقلة تمنعنا من الانجرار للأحزاب.

تعلمنا كيف نقوم بواجباتنا تجاه الوطن والمجتمع تحت رعاية الوالد، احتفظنا بعلاقات متوازنة ومنفتحة مع الجميع، وبالطبع تعلمنا العادات والتقاليد التي تحافظ عليها معظم الأسر البحرينية، وأهمها التزاور.

أغلب العائلة متوجهة للحفاظ على هذه القيم، والوالد كان منفتحاً على جميع الفئات المجتمعية، وهذا الانفتاح يعكس التجاوب وصفة القبول، فالإنسان لابد أن يعمل بقيمه ومبادئه في جميع المعاملات.

والدنا علمنا المحافظة على الصلاة والصيام وسائر العبادات، علمنا الصدق والأمانة وحفظ حقوق الناس والتعامل الحسن والتمتع بالخلق، هذه سمات موجودة في المجتمع البحريني، ونحن تطبعنا عليها، لذلك صارت العائلة منفتحة على جميع أبناء الوطن بمختلف مذاهبهم وانتماءاتهم.

حدثنا عن والدتك؟

- الوالدة أكبر أخوتها، وقد تيتمت وعمرها 12 عاماً وأخذت على عاتقها تربية إخوتها الأصغر منها، وهذا انعكس على شخصيتها، فكانت شخصية قيادية، فقد تولت مرحلة التربية وخرجت إخوتها في مراكز يعتد بها.

كيف كانت مرحلة الدراسة؟

- عشنا في فريق الحمام وتعلمنا في مدرسة الرشيد آنذاك، المطرب خالد الشيخ كان زميلي بالدراسة وهو أيضاً ينتمي إلى أسرة دينية، كذلك طلال الزين الذي له دور بارز بالشركات الاستثمارية في البحرين، وغيرهم من الأشخاص الذين أتواصل معهم باستمرار.

أنا حريص على تذكر الطفولة بكل شغف، فقد كنت منذ طفولتي دائم الاعتماد على نفسي، أستثمر أوقات فراغي، كنت أعمل بالعطلة الصيفية، ولم يكن ذلك بدافع الحاجة، وإنما من باب الرغبة بالعمل والاعتماد على الناس.

ما هي المهن التي عملت فيها في طفولتك؟

- عملت في مواقع التجارة والبيع والشراء، وساعي بريد في أحد المصارف، عملت في برادة صغيرة مع أخي محمد، كان حبنا للاعتماد على النفس ونحن صغار، كانت أياماً جميلة ونحن نتحدى الزمن والظروف.

لماذا اخترت دراسة الإعلام بجامعة القاهرة؟

- لم تكن رغبتي الأولى، فقد قدمت عدة رغبات وكانت رغبتي الأولى حقوق والثانية اقتصاد وسياسة والثالثة إعلام، وحصلت على تخصص الإعلام، وكانت بعثة من وزارة التربية والتعليم في أبوظبي، فقد كانت يومها تقدم بعثات للطلبة البحرينيين، مع أن الإعلام كان رغبتي الثالثة، إلا أنني شعرت بالانسجام في هذه الكلية، تعلمت سهولة التواصل مع الناس وكيف يكون ذلك داعماً للعمل، وتخصصت في الإذاعة والتلفزيون.

وكيف دخلت للعمل بإذاعة البحرين؟

- في البداية عملت في فترات الصيف في إذاعة البحرين، وحين تخرجت عملت في إذاعة البحرين التي كان يرأسها آنذاك حسن كمال، كانت تجربة ثرية، كنت أعد برنامجاً صباحياً لمدة 3 سنوات وأقدمه شخصياً. البرنامج كان اسمه مفكرة الصباح، فقد كنت بالقاهرة وأنا ذاهب للجامعة أسمع برنامج أخبار خفيفة بالقاهرة، أعجبت به، ومنه جاءت فكرة برنامج مفكرة الصباح، فهو عبارة عن حزمة من المعلومات، نقدمها بشكل سريع مع فقرات موسيقية سريعة.

البرنامج لم يكن يتعدى 5 إلى 7 دقائق، كان برنامج سريع ومتنوع وفيه أين تذهب هذا المساء وفيه الفعاليات الرياضية والوطنية، كنا نعرض أخباراً سريعة، كنا نغطي أخبار السينما، لم يكن عندنا الموبايل ولا السوشيال ميديا، لذلك كان وجود البرنامج ضرورياً، كنت أستقي معلوماتي من الصحف، وكنت أجمعها وأحررها وأبثها في هذا البرنامج.

البرنامج لاقى استحساناً واستمر خلال فترة عملي بالإذاعة، وبعدها تطور وأخذ أسماء أخرى، مثل البحرين تصبح، وصباح الخير يا بحرين.

وماذا فعلت بعد أن تركت العمل الإذاعي؟

- دخلت في العمل الإعلامي في الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، عملت لمدة عامين، كنت أوفر الخدمات اللوجستية لعمل التغطيات الصحفية، وكان هناك محررون صحفيون، وبعدها عملت بالتجارة مع أخي محمد في المجوهرات والصرافة لفترة قاربت العشر سنوات.

وكنت أقدم نشرة صحافية لإذاعة البحرين تقدم أسعار العملات والذهب وأسباب ارتفاعها، وكانت نشرة مفيدة للمتابعين ومفيدة لنا لأننا كنا نحصل على تسويق لشركة بحرين إكسبرس للصرافة، إذ كان لأول مرة شركة صرافة تتعامل بالنشرات الإذاعية.

وبعد تحرير الكويت عام 1991، اتجهت للعمل الخاص بشكل فردي، في مجال صناعة المجوهرات، وكان محلها في سوق الذهب، وكان عملنا تصدير الذهب المشغول إلى دولة الكويت، توفقنا في هذه الفترة، ولكن مع رجوع سوق الكويت سنة 1994 لحالته الطبيعية توقف التصدير، بعدها اتجهت للاستثمار العقاري، واستمريت فيه.

وكيف كانت بدايتك مع العمل الحكومي بمحافظة العاصمة؟

- التحقت بمحافظة العاصمة كمشرف على إدارة الخدمات، ومع اندماجي في العمل الحكومي تركت العمل الخاص تدريجياً، كنت من المؤسسين لمحافظة العاصمة مع الشيخ عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة، وكانت جلساتنا بوزارة الداخلية، إلى أن تم افتتاح مبنى محافظة العاصمة وكان أول مبنى للمحافظات، ومضيت في سلم العلم، إذ عينت مديراً للخدمات والاستثمار بعد عام، إلى أن عينت نائب محافظ عام 2007.

ما هي أبرز الأعمال التي قمت بها؟

- الإشراف على التنسيق والخدمات العامة، كنت عضواً بالمجلس التنسيقي الذي يشرف على محافظة العاصمة آنذاك، وكنا نسائل المدراء المعينين بالوزارات المعنية بمدى تطبيق المشاريع وكانت لنا مبادرات منها مبادرة المأتم الأنظف، نظمناها في عاشوراء وبعدها اتجهت المآتم لدعم حملات النظافة في عاشوراء تجسيداً لكيفية الارتقاء بعملية النظافة في محافظة العاصمة، وباتت سلوكاً اليوم، فنحن نرى كيف أن المجتمع المدني داعم لسلوك النظافة في عاشوراء.

بعد أن عينت نائباً للمحافظ، بدأنا بتعزيز الصحة، التي كانت بمبادرة من وزيرة الصحة حينها د.ندى حفاظ، وبقيت مستمراً في تعزيز سياسات تعزيز الصحة، وأسير وفق برامج عالمية، واليوم هذا البرنامج يشكل جزءاً أساسياً من عمل المحافظات.

كيف تغير عليك العمل بعد أن انتقلت من محافظة العاصمة إلى المحافظة الشمالية، مع الفارق بينهما؟

- المهام كانت واحدة، وإن كانت المحافظتان مختلفتين، محافظة العاصمة أغلبها مجتمع مدني، أما الشمالية فمجتمع قروي يحتاج إلى أن نكون قريباً منهم بشكل أكبر، نحن نجتمع معهم في مجالس أسبوعية ونتواصل معهم في مناسباتهم الدينية، إذ إن المجتمع القروي متمسك بعاداته بشكل أكبر، وبالمناسبة عائلتي لها امتداد بالقرى، وتحديداً بالدراز والشاخورة، لذلك تبرز أهمية التواصل لإبراز المفاهيم السامية والحفاظ عليها وتحديداً في عاشوراء.

نحن نستعد لموسم عاشوراء قبل شهر ونصف من الموسم، نجتمع مع رؤساء المآتم بتوجيهات وزير الداخلية للوقوف على احتياجاتهم ونشكل لجنة تنفيذية برئاسة نائب المحافظ.

نشكل لجانا تنظيمية لمتابعة تنفيذ الإجراءات والقرارات، لتكون كل الحالات الطارئة تحت أعيننا، نوفر لهم كل ما يتعلق بالتخطيط وتحديد أماكن مواقف السيارات وتنظيم حركة المرور القريبة من مواقع الازدحام، ونحن مقبلون على اعتماد الشمالية كمدينة صحية.

حدثنا عن البرنامج الصيفي؟

- هو برنامج صيفي متنوع نعد له قبل فترة الصيف ضمن المجلس التنسيقي الذي أترأسه وتحضر فيه جميع الوزارات الخدمية، هذا البرنامج ينظم للسنة التاسعة ونحن نحرص على تواجد أصحاب الهمم فيه، نقدم برامج نوعية خاصة لهم وتحديداً للتوحديين، فهم جزء من المجتمع وهذا واجبنا الأخلاقي والوطني تجاههم، نضع برامج ترفيهية للمصابين باضطراب طيف التوحد، وندخلهم في برامج علاجية مثل العلاج بالخيل.

إضافة لذلك لدينا برامج صيفية للباحثين عن عمل، وللمقبلين على الدراسة الجامعية، وهذه البرامج حرمتني من السفر بالصيف، إذ لا يعقل أن أسافر وأنا لدي أعمال يجب أن أنجزها.

ما هي النصيحة التي تود أن توجهها؟

- الحياة تحديات، وعلى الإنسان أن يتعلم من أخطائه ومن التحديات نستطيع أن نخلق فرصاً، نصيحتي للمقبلين على الحياة من أبنائنا الذين يبحثون عن وظائف، البحرين بخير، لابد من زراعة الأمل ويجب أن تكافحوا لتحقيق أمنياتكم في الحياة، ومن الصعوبات والتحديات تُخلق الفرص ذهبية، ونحن نعيش في عصر التميز، هناك حوافز بالوطن كدعم تمكين وبدل التعطل وغيرها، هذه يجب استثمارها من أجل الحصول على حياة أفضل. يجب ألا يدخل الإنسان في مرحلة يأس، لابد أن يخلق الإنسان الأمل، والبحرين بخير، فنحن نشاهد الحضور والنجاح الكبير في عاشوراء، هذا مفخرة للبحرين التي توفر وتجند كل خدماتها الأمنية والصحية والرعائية من أجل إنجاح موسم عاشوراء، لتكون البحرين موطناً للتعايش والسلام.