فقد الوطن رجالاً بواسل شجعاناً قدموا حياتهم فداءً لوطنهم والمسلمين أثناء تأديتهم الواجب الوطني المقدّس للدفاع عن الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية الشقيقة ضمن قوات التحالف العربي للمشاركة في عمليات عاصفة الحزم وإعادة الأمل». فهنيئاً لهم هذه المنزلة العالية الرفيعة التي لا ينالها إلا الشهيد، شهيد المعركة الذي استشهد في سبيل الله للذَود عن دينه ووطنه وعرضه، ميَزه الله وأعلى قدره ومنزلته عن سائر الشهداء، فهناك أنواع من الشهادة كما أخبرنا بها صلى الله عليه وسلم؛ وهم المطعون الذي يموت من الطاعون وهو الوباء العام، والمبطون الذي يموت بداء البطن، والغريق الذي يموت غرقاً في الماء، وصاحب الهدم وهو الذي مات تحت الهدم كالجدار، وشهيد الحريق. ولكن أفضلهم وأرفعهم مرتبة هو الشهيد في سبيل الله لأنه هو من اختار أن يقدم حياته فداءً للواجب الوطني المقدّس من منطلق حبه لوطنه وإحساسه بالمسؤولية تجاهه.

فإذا كان الشهيد يمتلك هذه المنزلة العظيمة والمرتبة السامية التي خصه ووعده الله بها مع الرسل والنبيين والصديقين -قال تعالى: «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ»، «النساء: 69»، وهم الفئة الوحيدة التي وصفها عز وجل بالحياة «أحياء عند ربهم يرزقون»، ليكون تكريمهم ملموساً ومعلوماً- فعلى المجتمع أن يستلهم من شهدائه الأبطال دروساً تربويه يغرسها في نفوس أبنائه جيلاً بعد جيل، من أهمها:

- أن الشهيد تقدم علينا جميعاً في المرتبة، ليس بجاه أو برتبة أو منصب، بل بالتضحية بالروح وبكل ما هو غالٍ ونفيس من أجل الوطن.

- أن الشهيد ترك الدنيا بأكملها وما بها من مباهج، تركها لنا مزروعة بالقيم النبيلة والمعاني العظيمة، لأن الشهداء يرون مصلحة أوطانهم وشعوبهم فوق كل شيء وقبل كل شيء.

- وأن الشهادة في سبيل الله من أجل حماية الوطن والمسلمين لا تعني الموت كما يظن ضعاف الإيمان وإنما الكرامة والعزة للوطن وشعبه والمسلمين، ومن أجل هذا تهدر الدماء.

- تكريمنا للشهيد بتخصيص يوم الشهيد في يوم 17 ديسمبر من كل عام وفاءً له ولأهله وكل من لهم صله به يخلّد ذكراه ويثبت بطولاته وتضحياته ويحفرها في ذاكرة الوطن والمواطن حتى يكون قدوة لأبناء وطنه ورمزاً للإخلاص والتضحية.