أميرة صليبيخ

بين حين وآخر، تتسرّب إلى أحاديثنا اليومية أسئلة غبية وباهتة ولكنها تحمل عمق البحر لو تأملت بما يكفي فيها. مثل الأسئلة التي على غرار: من ستختار معك لو نفيت إلى جزيرة مهجورة؟ أو ما هي الأشياء الثلاثة التي ستأخذها معك لو سجنت؟ سألتني صديقتي ذات يوم: ما الكتاب الوحيد الذي ستأخذينه معك لو كنت ستقضين ما تبقى من عمرك على جزيرة لوحدك؟ في البداية ضحكتُ، إذ لم أتوقع هذا السؤال، ثم أجبت على الفور: لن آخذ أي كتاب معي! فوجئت بإجابتي، وأنا كذلك فوجئت من نفسي. فجميع الأصدقاء يعرفون أني لا أحيا بدون الكتب، ومن المستحيل أن أخرج من المنزل دون وجود كتاب معي هنا أو هناك.

عندما أفكر في التخلي والاكتفاء بما نحتاجه فقط، أجد أني لا أحتاج إلى الكثير من الأشياء. حتى الكتب التي أعشقها فأنا في النهاية قادرة أن أعيش بدونها! وما بين الرغبة بالتخلي والرغبة في الشراء يشتد صراعنا مع أنفسنا، فنحن لا نعرف كيف نقول «لا» في وجه الأشياء التي نحبها ولا نكتفي منها. قس على ذلك شراء الملابس، الماكياج، الإلكترونيات، والطعام وغيرها.

لقد كانت رغبتي في اقتناء الكتب بشكل مستمر، سبباً في تحول غرفة نومي إلى ما يشبه المكتبة أكثر من كونها غرفة نوم، لكني الآن أتساءل عن جدوى شراء الكتب وهل أنا حقاً في حاجة لتجميعها؟ بالتأكيد أحتاج لأن أقرأ وإلا سأموت اختناقاً، ولكن ما أريد قوله هو أنه لا داعي لشراء كل الكتب التي أحبها وأرغب في قراءتها. يكفي أن أقرأها «أونلاين». ورغم أني ضد الكتب الإلكترونية، ولكني في حاجة ماسة إلى «التخفّف» من الأشياء، لذلك أجد أنه من باب أولى ألا أشتريها من الأساس حتى لا أضطر للتخلي عنها!

لقد تطلب الأمر مني سنوات عديدة حتى أصل لهذه القناعة التي ربما عليكم أنتم مثلي أيضاً التفكير فيها: هل حقاً نحتاج لشراء ما نظن أننا نحتاجه؟ لقد تحولنا دون وعي منا إلى كائنات مستهلكة بالدرجة الأولى. تشتري ما لا تحتاجه ثم تشتكي من عدم كفاية مواردها المالية لشراء الأشياء الأساسية.

وبالعودة إلى الكتب وسؤال صديقتي عن الكتاب الوحيد الذي سآخذه للجزيرة، فأنا لن أحمل معي كتاباً واحداً فقط، فكل كتب العالم موجودة في هاتفي بضغطة زر واحدة لا تكلفني فلساً إضافياً.