أيمن شكل
من واقع الآيات والأحاديث النبوية والسيرة العطرة للرسول
أكد علماء دين أن حقوق الزوجة على زوجها في الإسلام متميزة وفريدة من نوعها، وشاملة لأن تحفظ للأسرة كيانها باعتبارها نواة المجتمعات الصالحة، وأشاروا إلى الآيات الدالة على ذلك في القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، وكذلك ما ورد عن معاملة الرسول لزوجاته، ودعوا لأن يحرص كل مسلم على إكرام زوجته وحفظ كرامتها ومنحها كافة حقوقها.
وأكد الشيخ الدكتور إبراهيم الحادي أن الإسلام قد جعل الإسلام للزوجة حقوقاً، وذكرها في الكتاب لقوله تعالى «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف»، مشيراً إلى الحقوق الواجبة على الزوج لزوجته ومنها حق النفقة والكسوة وإنجاب الأبناء والوفاء بشروط العقد إذا كانت قد اشترطت شروطاً، واحترام أهلها وتوقيرهم وحفظ كرامتها أمام أهلها.
كما لفت الشيخ الدكتور الحادي إلى ما كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يفعله في بيته، حيث كان يساعد أهله في القيام ببعض الواجبات المنزلية فكان يخصف نعله ويحلب شاته ويكون في خدمة أهله، وكذلك ما ورد عنه من حديث «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لأهله».
وشدد الحادي على أن تلك الأمور تعتبر من عماد قيام الأسرة في المجتمع الإسلامي واستقرارها، وذلك من حسن المعاشرة، مشيراً إلى قوله تعالى «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»، وقال إن من واجبات الزوج حيال زوجته أن يعينها على طاعة الله والتفقه في الدين، ووجب عليه أن يتزين لها كما هي مأمورة بأن تتزين له ويبادلها هذا الشعور.
وقال الشيخ عمر المهداوي الواعظ بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، إن الله تعالى أكد في محكمة التنزيل على أهمية المعاشرة بالمعروف في قوله «وعاشروهن بالمعروف»، كما ساوى بين حقوق المرأة والرجل والتزامات كل منهما، في قوله «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف»، وجاءت السنة النبوية لتحمل الرجل أمانة الحفاظ على الزوجة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا» و«اتقوا الله في النساء».
وأكد الشيخ المهداوي أن من حقوق الزوجة على زوجها الإنفاق وعدم البخل، وأن يكون الرجل سخياً كريماً، من غير سرف ولا تبذير، فيكون السخاء بلا تبذير، والإنفاق بلا تقتير، وقال إن من رحمة الله جل وعلا أن نفقة الزوج على زوجته واجبة عليه، وله الأجر من الله، وهي له صدقة، فلينفق الزوج على امرأته إن كان ميسوراً على أحسن حال.
وأشار إلى قوله تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء:34، وقوله تعالى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا»، «الطلاق:7»، وكذلك ما ذكر عن النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار أنفقته على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك -انظر إلى هذه الأقسام الأربعة- أعظمها أجراً عند الله الذي أنفقته على أهلك).
كذلك لفت الشيخ المهداوي إلى الحديث الذي روى البخاري ومسلم من حديث أبي مسعود البدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنفق الرجل على أهله نفقة يحتسبها فهي له صدقة»، وإلى الحديث الذي رواه أحمد والحاكم وأبو داود من حديث عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت»، فمن أعظم مفاتيح قلب الزوجة أن يكون الرجل سخياً كريماً، من غير إسراف ولا تبذير، فإن، الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ.
وفي لفتة أخرى أكد الشيخ عمر المهداوي على أهمية إكرام أهل الزوجة، وقال: الزوج المسلم الكريم يكرم زوجته بإكرامه لأهلها، فكما تحب من زوجتك أن تكرم أهلك فواجب عليك أن تكرم زوجتك بإكرامك لأهلها، ففي الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم أهل نسائه بل وأصدقاء نسائه، ففي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم مثلما غرت من خديجة -مع أنها لم ترها- تقول: من كثرة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها، حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يذبح الشاة ويقطعها ثم يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة).
وفي السياق ذاته أوضح الشيخ الدكتور أحمد العازمي أن الشريعة الإسلامية نظمت شؤون الأسرة التي تعتبر نواة المجتمع، فبصلاحها يكون صلاحه، وبفسادها يكون فساده، ووصف هذا النظام الأسري في الإسلام بالنظام الفريد من نوعه، والذي لا مثيل له ولا نظير، حيث امتاز بالنظرة المتوازنة لجميع أفراد الأسرة، فأقام الحقوق، وأرسى الواجبات، وندب إلى المستحبات، وأمر بالعدل، وحثَّ على الإحسان، فهو نظامٌ رباني، قد أنزله رب العزة والجلال، وأحكمه أيما إحكام «وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ» «المائدة: 50».
وقال العازمي إن من جملة الحقوق التي جعلتها الشريعة الإسلامية للزوجة على زوجها: المهر، وفي ذلك يقول الله تبارك وتعالى: «وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً، فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً»، «النساء: 4».
ومن حقوق الزوجة: الوفاء بما تم اشتراطه لها في عقد الزواج، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِها مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ»، «رواه البخاري ومسلم».
وأضاف: ومن حقوق الزوجة على زوجها كذلك: المعاشرة بالمعروف، وحُسن المعاملة، والقيام بما تحتاجه الزوجة من الحماية والرعاية، وفي ذلك يقول الله عز وجل: «وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً»، «النساء: 19»، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، «رواه البخاري ومسلم».
ومن حقوق الزوجة على زوجها أيضاً: النفقة بالمعروف، فلها الحق في المسكن والكسوة والمأكل وما تعارف عليه الناس مما تحتاجه الزوجة، وفي ذلك يقول الله تبارك وتعالى: «لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً» «الطلاق: 7»، وجاء عَنْ مُعَاوِيَة بن حيدة رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ ؟ قَالَ: «أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ، وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى، وَلَا يَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا يُقَبِّحْ، وَلَا يَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»، «رواه أبوداود وابن ماجه»، وصححه الألباني، وقال عليه الصلاة والسلام: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف»، «رواه مسلم».
واختتم الشيخ العازمي بالتذكير بأن الزواج نعمةٌ من نعم الله تبارك وتعالى على الإنسان، وأنه يقوم على الحقوق والواجبات والإحسان ما بين الزوجين، وأن على الزوجين أن يسعيا لحل مشكلاتهما الزوجية -إن وُجدت- بالحكمة والموعظة الحسنة والحوار فيما بينهما، وأن يتذكر كل واحد منهما فضائل وإيجابيات الطرف الآخر، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ» رواه مسلم.