تُعدُّ آلام الرقبة من أبرز الأمراض المعاصرة مع تطور الحياة اليومية، وتغيُّر نمط الحياة والتي قد تُصيب جميع الأعمار، حيث إن أصحاب الأعمال المكتبية أكثر عرضة للإصابة به، كما أن استخدام الحاسب الآلي و"الموبايلات" والأجهزة الإلكترونية فترات طويلة بالوضعية الخاطئة، يسهم في زيادة فرص الإصابة بآلام الرقبة.

وأكدت اختصاصية العلاج الطبيعي ليلى حماد أن آلام الرقبة من المشاكل التي تُعدُّ شائعة جداً، والتي تعود إلى مختلف الأسباب، منها إجهاد منطقة الرقبة والوضعيات الخاطئة للعمود الفقري، والتهابات عضلية مزمنة، وخشونة في الفقرات، وانزلاق غضروفي والإرهاق والتعب النفسي والذهني، وتنتج أغلب مشاكل الرقبة عن اختلال ميكانيكي، متمثل في ضعف بعض العضلات وشد الأخرى، ما يؤدي إلى استواء فقرات الرقبة التي يجب أن تكون مائلة قليلاً.

وأضافت أنه قد تمتد آلام الرقبة إلى مجموعة من الأعراض اعتماداً على مصدر المشكلة، وتشتمل على ألم في الرقبة وأعلى الكتفين مع تيبس وتصلب في العضلات، وامتداد ألم العنق إلى الكتف، والذراع، والساعد أو مؤخرة الرأس، وأعلى الظهر وبين لوحي الكتف، والشعور بـ"التنميل" في عضلات الذراعين واليدين والأصابع، ومحدودية المدى الحركي للرقبة، والصداع.

وأرجعت اختصاصية العلاج الطبيعي ليلى حماد ذلك إلى تأثير الممارسات والوضعيات الخاطئة المتعلقة بالقوام الخاطئ للرقبة والعمود الفقري عند استخدام الحاسب الآلي و"الموبايل" والأجهزة الإلكترونية والنوم والجلوس والوقوف، حيث تعتبر من الأسباب الرئيسة التي يؤدي تراكمها إلى تفاقم درجة الألم وشدة الحالة، حيث يلجأ الأغلب إلى ثني الرقبة على الكتف أثناء المكالمة، وثني الرقبة للأمام ودوران الكتفين خلال استخدام "الموبايل" والحاسب الآلي، ما يضع العضلات تحت إجهاد كبير، والأصح هو إمساك الهاتف باليد عند التحدث ورفعه إلى مستوى النظر عند الاستخدام والمحافظة على استقامة الرقبة، وضبط شاشة الحاسب الآلي إلى مستوى العين.

وبينّت أن الضغوط النفسية والقلق والتفكير تُعدُّ من العوامل التي تزيد من حدة الألم وتزداد أيضاً مع البرودة ودخول فصل الشتاء وقلّة شرب الماء والجفاف، وعند النساء تزداد مع دخول الدورة الشهرية، كما تعتبر أيضاً طريقة التنفس عاملاً لزيادة آلام الرقبة، حيث يلجأ أغلب الناس للتنفس السطحي، الذي يضع جهداً كبيراً على عضلات الرقبة للقيام بعمل إضافي، والأصح هو ممارسة التنفس العميق البطني الذي تعمل فيه عضلات الحجاب الحاجز، والتدرب عليه خطوة رئيسة لتحرير آلام الرقبة، وعدم تكراره على المدى البعيد.

وأشارت اختصاصية العلاج الطبيعي ليلى حماد إلى أن العلاج الطبيعي له دور كبير وبالغ في تخفيف أعراض ألم الرقبة، حيث يتم تقييم كل حالة على حدة من منظور شمولي وعمل البرنامج التأهيلي المناسب، وتختلف الخطة العلاجية باختلاف الحالة، وتشتمل الخطة العلاجية على استخدام مختلف التقنيات والأجهزة العلاجية لتنشيط الدورة الدموية وترخية العضلات وزيادة استشفاء العضلات، بالإضافة إلى تمارين الحركة والاستطالة والتقوية وتمارين تعديل القوام والتنفس، والعلاج اليدوي واللصقات الطبية، والإبر الجافة وبرنامج التمارين المنزلي والإرشادات والتعليمات.

ويعتبر التزام المريض باتباع الإرشادات والنصائح والتمارين المنزلية الموصوفة له من قبل اختصاصي العلاج الطبيعي عاملاً مهماً جداً، لضمان الاستفادة من البرنامج العلاجي وتحقيق تحسُّن في الحالة، حيث يعتمد أغلب المرضى على الجلسات العلاجية فقط، ويظهر عدم التزام بتطبيق الإرشادات والتمارين المنزلية الموصوفة له، ما يسهم في تأخّر نتائج التحسّن.

وأكدت أنه من الاحتياطات التي لا بد من اتباعها، لا بد أن يكون الشخص على قدر كافٍ من الوعي لفهم كل ما يؤدي إلى تفاقم الألم لديه، وعمل تغييرات على نمط حياته لمنع تطور الألم، ومنها: لا بد من عمل تمارين الإطالة والحركة للرقبة والتحرك كل 30 دقيقة، وخصوصاً عند الناس الذين تتطلب أعمالهم استخدام الحاسب الآلي أو الكتابة فترات طويلة، كما لا بد من المحافظة على القوام السليم والانتباه لوضعية الرقبة عند استخدام الهاتف والحاسب الآلي وعند الجلوس والوقوف والنوم.

ومن الاحتياطات أيضاً، لا بد من الانتباه إلى وضعية النوم المتبعة والوسادة، حيث كلاهما يلعبان دوراً كبيراً في آلام الرقبة، فلا بد من تجنُّب وضعية النوم على البطن، حيث إنها تشكّل ضغطاً كبيراً على الرقبة وتسبّب آلاماً بعد الاستيقاظ، فلا بد أن يكون مستوى الوسادة معتدل الارتفاع ويحفظ انحناء الرقبة، كما يجب المحافظة على مستوى تروية الجسم بالماء، حيث لا بد من شرب لترين من الماء على الأقل يومياً لمنع الجفاف وتيبّس العضلات.

وفي النهاية، شدّدت اختصاصية العلاج الطبيعي ليلى حماد على أهمية خلق تغيّرات في نمط الحياة للشخص، والعمل على الاستمرارية في المواظبة، لضمان عدم تكرار الألم على المدى البعيد.