أيمن شكل
رمضان محطة التواصل الكبرى وفرصة لإنهاء الخصومة
دعا رجال دين إلى ضرورة الحرص على إزالة كل شوائب البغضاء والشحناء بين الأهل والأصدقاء قبل شهر رمضان الكريم باعتباره محطة التواصل الكبرى، مؤكدين أن الشحناء تحول بين العبد والمغفرة وأن التصالح يساهم في بناء وتعزيز العلاقات الإنسانية، وأن الله وعد من يصلح بين الناس بالأجر العظيم.
وقال الشيخ د. صالح عبدالكريم إن الإسلام نهى عن الفجور في الخصومة، وجعل ذلك من خصال المنافق كما جاء في الحديث: «وإذا خاصم فجر»، وذلك لما فيها من السلبيات الكثيرة من إغلاق طريق العودة والود بين الأخوة، فيجب البعد كل البعد الخصومة حتى وإن كان الإنسان محقاً لما يترتب عليه من تفكك أسري واجتماعي.
وأشار عبدالكريم لما ورد في الأثر أنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم أهل الفضل، فيقوم أناس من الناس فيقال لهم: وما كان فضلكم؟ قالوا: كنا إذا جهل علينا حلمنا وإذ أسيء إلينا غفرنا، قالوا: ادخلوا الجنة، وقال: يجب على كل مسلم العفو والتسامح وأن لا يجعل الخصومة سلاح يستخدم لمعاداة الناس وخصوصاً المسلمين لأنه عمل يفرح العدو ويسوء الصديق، ففي الحديث: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم».
وأكد أنه مع قلة الإيمان والوازع الديني ينجح الشيطان في تنفيذ مهامه في تأجيج الخصومة والبغضاء بين الناس، لافتاً إلى الحديث النبوي: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب؛ ولكن في التحريش بينهم)،. فالشيطان يحرش بين المصلين بالخصومات والشحناء والحروب، والإغراءات بينهم بأنواع المعاصي والفتن وغيرها، كما نوه إلى قوله تعالى: «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم».
وأضاف: نحن نستقبل مواسم فاضلة منها ليلة النصف من شهر شعبان، والتي جاء الحديث: «في ليلة النصف من شعبان يغفر الله عز وجل لأهل الأرض إلا المشرك والمشاحن» وكذلك شهر رمضان وما اشتمل عليه من المغفرة والعتق من النيران، ومن ذلك ليلة القدر، فليبادر المسلم إلى التحلل من هذه الآفات ومن الخصومات التي تحول بينه وبين مغفرة الله تعالى ورحمته.
من جانبه أشار الشيخ عمر المهداوي إلى ما ورد من حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق عدد من الصحابة في التحذير من الشحناء وفضل إصلاح ذات البين رواه ابن ماجه وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن»، وما ذكره الطبراني والبيهقي: «ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه.. والمشاحن قال ابن الأثير هو المعادي والشحناء العداوة والتشاحن تفاعل منه..»، وقال المناوي في فيض القدير: لعل المراد البغضاء التي بين المؤمنين من قبل نفوسهم الأمارة بالسوء. وقال ملا القاري في مرقاة المفاتيح: مشاحن أي مباغض ومعاد لأحد لا لأجل الدين. وأردف المهداوي قائلاً: بهذه الأحاديث يتبين أن الشحناء التي تحول بين العبد وبين مغفرة الذنوب في تلك الليلة هي العداوة والبغضاء، وأن الفضل في إصلاح ذات البين خصوصاً قبل شهر رمضان، ولعل ذلك هو مناسبة الحديث والذي حسنه بعض العلماء بشواهده وطرقه منهم المباركفوري في تحفة الأحوذي.
بدوره أوضح أمين عام مجلس النخبة د. عبدالله المقابي أن الخصومة أو النزاعات هي جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، وقد تنشأ خلافات وخصومات بين الأشخاص نتيجة اختلاف في الآراء أو المصالح أو السلوكيات، وقال إنه مع اقتراب شهر رمضان الكريم، تزداد أهمية التصالح وحل الخصومات بين الناس بالذات، خاصة وأن شهر رمضان المبارك هو محطة التواصل الكبرى، والترابط العائلي وترك الخصام وهي كلها من تعاليم الإسلام، وعلى الأب مصالحة أبناءه والأم والأعمام والأهل، وبناء تلك العلاقات على أساس هذه الحاجة الإنسانية البشرية والقيم الإسلامية.
وشدد المقابي على أهمية الصلح قبل شهر رمضان لدى الإنسان المسلم وما له من أثر كبير على الحالة النفسية والاجتماعية، لافتاً إلى أن الإسلام يوصى المسلمين بالتصالح وإصلاح العلاقات قبل بدء شهر رمضان، حيث يعتبر هذا الشهر فرصة للتوبة والتغيير والتطهير الروحي، على اعتبار أن التصالح مع الآخرين يساهم في تطهير القلوب وزيادة القرب من الله، ويشعر الإنسان بتلك القيم المتجذرة فيه، هذا بالإضافة إلى الثواب العظيم الذي يحصل عليه المسلم في شهر الحسنات.
وقال أمين مجلس النخبة: لا شك بأن التصالح يساهم في بناء وتعزيز العلاقات الإنسانية، فإن اختيار الخصام والانتقام سوف يؤدي بصاحبه إلى توتر العلاقات وتدمير الثقة بين الأفراد، بينما يسهم التصالح في إعادة بناء الثقة وتعزيز التفاهم والتعاون، وينشر الراحة بين الناس، وترك الخلاف له معنى كبير في النفس الإنسانية فكيف بما له من رحمة ينالها المسلم من رب العباد.
وبين د. المقابي آليات البدء بالتصالح وحل الخصومات قبل شهر رمضان، وذلك من خلال الحوار الصادق والمتفهم بين المتخاصمين، والاستماع إلى بعضهم البعض والبحث عن حلول مرضية للجميع وشدد على وجوب أن يكون التصالح صادقاً ومستداماً، حيث يجب على الناس تفهم وجود الخلاف أحياناً في حياتهم وحاجة الجميع للتعاون والاحترام لبقاء العلاقات المستقرة في الحاضر والمستقبل. وقال: إن الاستعداد للمبادرة بالمصالحة مع من بيني وبينه سوء فهم هو خطوة هامة تعكس النضج والتسامح والرغبة في بناء جسور التفاهم وتعزيز السلام الاجتماعي والنفسي بين المتخاصمين، ولا شك أننا بحاجة إلى خطوات تؤكد تلك الضرورة الملحة التي تعكس ذلك النضج والفهم والالتزام بتعاليم الإسلام.
ووضع أمين النخبة خمس مراحل للوصول إلى الصلح المستدام بين أي أشخاص وهي:
1- التواصل: قم بالتواصل مع من اختلفت معه أو حدث بينك وبينه شجار، بالمصالحة بشكل مباشر وصادق وينبغي عليك أن تحاول التعبير عن استعدادك للتصالح، وتوضح أهمية بناء العلاقة من جديد، سواء مع الأقارب أو الأصدقاء أو الأهل والزملاء.
2- الاستماع والتفهم: ينبغي أن أكون مستعدا للاستماع إلى وجهات نظرهم وفهم دوافعهم ومشاعرهم، وقد يكون هناك خلافات واختلافات، ولكن من خلال الاستماع المتفهم يمكن تحقيق التواصل الفعال.
3- العفو والتسامح: قد يكون من الصعب المصالحة إذا كان هناك جراح عميقة أو إساءات سابقة، لا سيما بين الأهل والمقربين ومع ذلك، يمكن أن يكون العفو والتسامح هما الأساس وفتح صفحة جديدة قبل شهر الله، لبناء الجسور والتقرب من بعضنا البعض.
4- البناء على الأمور المشتركة: لنحاول البحث عن الأمور المشتركة التي يمكن أن تجمعنا كأقرباء وأهل ونسب كما يمكن أن تكون هذه الأمور القيم الدينية المشتركة أو الأهداف العامة التي نسعى لتحقيقها في شهر رمضان.
5- الالتزام بالمصالحة: بمجرد التوصل إلى اتفاق مصالحة، يجب أن تكون مستعداً للالتزام بالمصالحة واحترام بعضنا البعض، وينبغي أن تعمل على بناء الثقة وتجنب إعادة الخلافات السابقة. واختتم المقابي مؤكداً على أن التصالح وحل الخصومات قبل شهر رمضان يعزز الروحانية الدينية ويساهم في بناء علاقات إنسانية صحية ومتينة، ويؤدي بالنتيجة للعطاء الإيجابي وحل المشكلات والخلافات، ودعا إلى استغلال هذا الشهر الكريم للتصالح والتسامح وتعزيز السلام والمحبة بيننا، وقال: يجب أن نتذكر أن المصالحة ليست عملية سهلة ولا يمكن أن تحدث في لحظة واحدة، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت والجهد، من البدء والتمهيد لها، لذلك فإن الاستعداد للمصالحة والتواصل الصادق قد يفتح الباب للتغيير والتقدم نحو علاقات متجددة بين المسلمين، ولنتذكر أن الحياة مرحلة قصيرة، وفيها يثيب الله الصالحين والمصلحين، ولا ننسى قول الله تعالى «والصلح خير».
وفي ذات السياق نوه الشيخ عبدالله المناعي إلى قوله تعالى في سورة النساء «لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً»، مشيراً إلى وعد الله في هذه الآية لمن يصلح بين الناس بالأجر العظيم إنه لا يخلف الميعاد. وأكد المناعي على أن الإصلاح بين الناس سنة جليلة حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وعبادة عظيمة يحبها الله سبحانه وتعالى، فالمصلح هو ذلك الذي يبذل جهده وماله وجاهه ليصلح بين المتخاصمين، لافتاً إلى أن الخلاف أمر طبيعي بين البشر، لا يسلم منه أحد، لكن من عفا وأصلح فأجره على الله، كما ورد في الآية الكريمة. وأشار الشيخ المناعي إلى بلوغ المشاحنات والخلافات إلى صلة الرحم، فهناك من يخاصم إخوته أو أبيه وأمه أو أقاربه، ثم يأتي في شهر رمضان ويرجو من الله أن يتقبل منه صالح الأعمال دون أن يلتفت لأهمها، وهو ترميم العلاقة الأسرية وإصلاح ذات البين، وقال إن شهر رمضان هو بوابة واسعة لمدخل الصلح بين المتخاصمين، لا يجب أن يتجاهلها أحد من المسلمين، فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه»، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «ألا أخبركم بالمؤمن، المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب»، كذلك بين المناعي كثرة المتخاصمين فيما بينهم من الجيران والأصدقاء وزملاء العمل، حتى باتت ظاهرة طبيعية في حياة الناس اليوم أن يكون خصيماً لجاره أو صديقه أو زميله في العمل، فلا يوجد إنسان اليوم إلا ولديه خصم بينه شحناء، لكنه شدد على ضرورة تذكر وتدبر الآية الكريمة «إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون»، والآية «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم»، وقال إن هذه الآية الأخيرة تضع للمسلم وصفة طبيعية لحل الأزمة النفسية التي يواجهها الإنسان عندما يفكر في الصلح، فعادة ما تأتيه الأفكار السيئة ويمنعه الشيطان من المبادرة بالصلح، ولذلك اختار الله تعالى لفظ «ادفع» ليؤكد على الجهاد في دفع هذا الشعور ودرء وساوس الشيطان.
وبين المناعي الأجر العظيم الذي يناله المسلم المبادر بالصلح والذين يحاولون الإصلاح بين الناس والتقريب بين المختلفين، مشيراً إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله: إن المقسطين عند الله على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا، رواه مسلم، وأوضح أن المقصود بالمقسطين أي أصحاب العدل حيث وصفهم صلى الله عليه وسلم: الذين يعدلون في حكمهم، وقال إن هذا يدخل فيه الحكم بين الخصوم.
ونوه بقول صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين».
وقال المناعي: ينبغي على المسلم أن يصلح بين الناس قبل حلول الشهر الفضيل، فاستقبال شهر رمضان يجب أن يكون بنفوس طيبة وصافية ومليئة بالمحبة والود فلا يصلح شهر رمضان بدون صلة الرحم وزيارة الأهل والأقارب والأصحاب، ولا يخلو رمضان من العلاقات الحميمة بين الجيران.
رمضان محطة التواصل الكبرى وفرصة لإنهاء الخصومة
دعا رجال دين إلى ضرورة الحرص على إزالة كل شوائب البغضاء والشحناء بين الأهل والأصدقاء قبل شهر رمضان الكريم باعتباره محطة التواصل الكبرى، مؤكدين أن الشحناء تحول بين العبد والمغفرة وأن التصالح يساهم في بناء وتعزيز العلاقات الإنسانية، وأن الله وعد من يصلح بين الناس بالأجر العظيم.
وقال الشيخ د. صالح عبدالكريم إن الإسلام نهى عن الفجور في الخصومة، وجعل ذلك من خصال المنافق كما جاء في الحديث: «وإذا خاصم فجر»، وذلك لما فيها من السلبيات الكثيرة من إغلاق طريق العودة والود بين الأخوة، فيجب البعد كل البعد الخصومة حتى وإن كان الإنسان محقاً لما يترتب عليه من تفكك أسري واجتماعي.
وأشار عبدالكريم لما ورد في الأثر أنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم أهل الفضل، فيقوم أناس من الناس فيقال لهم: وما كان فضلكم؟ قالوا: كنا إذا جهل علينا حلمنا وإذ أسيء إلينا غفرنا، قالوا: ادخلوا الجنة، وقال: يجب على كل مسلم العفو والتسامح وأن لا يجعل الخصومة سلاح يستخدم لمعاداة الناس وخصوصاً المسلمين لأنه عمل يفرح العدو ويسوء الصديق، ففي الحديث: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم».
وأكد أنه مع قلة الإيمان والوازع الديني ينجح الشيطان في تنفيذ مهامه في تأجيج الخصومة والبغضاء بين الناس، لافتاً إلى الحديث النبوي: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب؛ ولكن في التحريش بينهم)،. فالشيطان يحرش بين المصلين بالخصومات والشحناء والحروب، والإغراءات بينهم بأنواع المعاصي والفتن وغيرها، كما نوه إلى قوله تعالى: «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم».
وأضاف: نحن نستقبل مواسم فاضلة منها ليلة النصف من شهر شعبان، والتي جاء الحديث: «في ليلة النصف من شعبان يغفر الله عز وجل لأهل الأرض إلا المشرك والمشاحن» وكذلك شهر رمضان وما اشتمل عليه من المغفرة والعتق من النيران، ومن ذلك ليلة القدر، فليبادر المسلم إلى التحلل من هذه الآفات ومن الخصومات التي تحول بينه وبين مغفرة الله تعالى ورحمته.
من جانبه أشار الشيخ عمر المهداوي إلى ما ورد من حديث صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق عدد من الصحابة في التحذير من الشحناء وفضل إصلاح ذات البين رواه ابن ماجه وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن»، وما ذكره الطبراني والبيهقي: «ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه.. والمشاحن قال ابن الأثير هو المعادي والشحناء العداوة والتشاحن تفاعل منه..»، وقال المناوي في فيض القدير: لعل المراد البغضاء التي بين المؤمنين من قبل نفوسهم الأمارة بالسوء. وقال ملا القاري في مرقاة المفاتيح: مشاحن أي مباغض ومعاد لأحد لا لأجل الدين. وأردف المهداوي قائلاً: بهذه الأحاديث يتبين أن الشحناء التي تحول بين العبد وبين مغفرة الذنوب في تلك الليلة هي العداوة والبغضاء، وأن الفضل في إصلاح ذات البين خصوصاً قبل شهر رمضان، ولعل ذلك هو مناسبة الحديث والذي حسنه بعض العلماء بشواهده وطرقه منهم المباركفوري في تحفة الأحوذي.
بدوره أوضح أمين عام مجلس النخبة د. عبدالله المقابي أن الخصومة أو النزاعات هي جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، وقد تنشأ خلافات وخصومات بين الأشخاص نتيجة اختلاف في الآراء أو المصالح أو السلوكيات، وقال إنه مع اقتراب شهر رمضان الكريم، تزداد أهمية التصالح وحل الخصومات بين الناس بالذات، خاصة وأن شهر رمضان المبارك هو محطة التواصل الكبرى، والترابط العائلي وترك الخصام وهي كلها من تعاليم الإسلام، وعلى الأب مصالحة أبناءه والأم والأعمام والأهل، وبناء تلك العلاقات على أساس هذه الحاجة الإنسانية البشرية والقيم الإسلامية.
وشدد المقابي على أهمية الصلح قبل شهر رمضان لدى الإنسان المسلم وما له من أثر كبير على الحالة النفسية والاجتماعية، لافتاً إلى أن الإسلام يوصى المسلمين بالتصالح وإصلاح العلاقات قبل بدء شهر رمضان، حيث يعتبر هذا الشهر فرصة للتوبة والتغيير والتطهير الروحي، على اعتبار أن التصالح مع الآخرين يساهم في تطهير القلوب وزيادة القرب من الله، ويشعر الإنسان بتلك القيم المتجذرة فيه، هذا بالإضافة إلى الثواب العظيم الذي يحصل عليه المسلم في شهر الحسنات.
وقال أمين مجلس النخبة: لا شك بأن التصالح يساهم في بناء وتعزيز العلاقات الإنسانية، فإن اختيار الخصام والانتقام سوف يؤدي بصاحبه إلى توتر العلاقات وتدمير الثقة بين الأفراد، بينما يسهم التصالح في إعادة بناء الثقة وتعزيز التفاهم والتعاون، وينشر الراحة بين الناس، وترك الخلاف له معنى كبير في النفس الإنسانية فكيف بما له من رحمة ينالها المسلم من رب العباد.
وبين د. المقابي آليات البدء بالتصالح وحل الخصومات قبل شهر رمضان، وذلك من خلال الحوار الصادق والمتفهم بين المتخاصمين، والاستماع إلى بعضهم البعض والبحث عن حلول مرضية للجميع وشدد على وجوب أن يكون التصالح صادقاً ومستداماً، حيث يجب على الناس تفهم وجود الخلاف أحياناً في حياتهم وحاجة الجميع للتعاون والاحترام لبقاء العلاقات المستقرة في الحاضر والمستقبل. وقال: إن الاستعداد للمبادرة بالمصالحة مع من بيني وبينه سوء فهم هو خطوة هامة تعكس النضج والتسامح والرغبة في بناء جسور التفاهم وتعزيز السلام الاجتماعي والنفسي بين المتخاصمين، ولا شك أننا بحاجة إلى خطوات تؤكد تلك الضرورة الملحة التي تعكس ذلك النضج والفهم والالتزام بتعاليم الإسلام.
ووضع أمين النخبة خمس مراحل للوصول إلى الصلح المستدام بين أي أشخاص وهي:
1- التواصل: قم بالتواصل مع من اختلفت معه أو حدث بينك وبينه شجار، بالمصالحة بشكل مباشر وصادق وينبغي عليك أن تحاول التعبير عن استعدادك للتصالح، وتوضح أهمية بناء العلاقة من جديد، سواء مع الأقارب أو الأصدقاء أو الأهل والزملاء.
2- الاستماع والتفهم: ينبغي أن أكون مستعدا للاستماع إلى وجهات نظرهم وفهم دوافعهم ومشاعرهم، وقد يكون هناك خلافات واختلافات، ولكن من خلال الاستماع المتفهم يمكن تحقيق التواصل الفعال.
3- العفو والتسامح: قد يكون من الصعب المصالحة إذا كان هناك جراح عميقة أو إساءات سابقة، لا سيما بين الأهل والمقربين ومع ذلك، يمكن أن يكون العفو والتسامح هما الأساس وفتح صفحة جديدة قبل شهر الله، لبناء الجسور والتقرب من بعضنا البعض.
4- البناء على الأمور المشتركة: لنحاول البحث عن الأمور المشتركة التي يمكن أن تجمعنا كأقرباء وأهل ونسب كما يمكن أن تكون هذه الأمور القيم الدينية المشتركة أو الأهداف العامة التي نسعى لتحقيقها في شهر رمضان.
5- الالتزام بالمصالحة: بمجرد التوصل إلى اتفاق مصالحة، يجب أن تكون مستعداً للالتزام بالمصالحة واحترام بعضنا البعض، وينبغي أن تعمل على بناء الثقة وتجنب إعادة الخلافات السابقة. واختتم المقابي مؤكداً على أن التصالح وحل الخصومات قبل شهر رمضان يعزز الروحانية الدينية ويساهم في بناء علاقات إنسانية صحية ومتينة، ويؤدي بالنتيجة للعطاء الإيجابي وحل المشكلات والخلافات، ودعا إلى استغلال هذا الشهر الكريم للتصالح والتسامح وتعزيز السلام والمحبة بيننا، وقال: يجب أن نتذكر أن المصالحة ليست عملية سهلة ولا يمكن أن تحدث في لحظة واحدة، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت والجهد، من البدء والتمهيد لها، لذلك فإن الاستعداد للمصالحة والتواصل الصادق قد يفتح الباب للتغيير والتقدم نحو علاقات متجددة بين المسلمين، ولنتذكر أن الحياة مرحلة قصيرة، وفيها يثيب الله الصالحين والمصلحين، ولا ننسى قول الله تعالى «والصلح خير».
وفي ذات السياق نوه الشيخ عبدالله المناعي إلى قوله تعالى في سورة النساء «لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً»، مشيراً إلى وعد الله في هذه الآية لمن يصلح بين الناس بالأجر العظيم إنه لا يخلف الميعاد. وأكد المناعي على أن الإصلاح بين الناس سنة جليلة حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وعبادة عظيمة يحبها الله سبحانه وتعالى، فالمصلح هو ذلك الذي يبذل جهده وماله وجاهه ليصلح بين المتخاصمين، لافتاً إلى أن الخلاف أمر طبيعي بين البشر، لا يسلم منه أحد، لكن من عفا وأصلح فأجره على الله، كما ورد في الآية الكريمة. وأشار الشيخ المناعي إلى بلوغ المشاحنات والخلافات إلى صلة الرحم، فهناك من يخاصم إخوته أو أبيه وأمه أو أقاربه، ثم يأتي في شهر رمضان ويرجو من الله أن يتقبل منه صالح الأعمال دون أن يلتفت لأهمها، وهو ترميم العلاقة الأسرية وإصلاح ذات البين، وقال إن شهر رمضان هو بوابة واسعة لمدخل الصلح بين المتخاصمين، لا يجب أن يتجاهلها أحد من المسلمين، فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه»، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «ألا أخبركم بالمؤمن، المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب»، كذلك بين المناعي كثرة المتخاصمين فيما بينهم من الجيران والأصدقاء وزملاء العمل، حتى باتت ظاهرة طبيعية في حياة الناس اليوم أن يكون خصيماً لجاره أو صديقه أو زميله في العمل، فلا يوجد إنسان اليوم إلا ولديه خصم بينه شحناء، لكنه شدد على ضرورة تذكر وتدبر الآية الكريمة «إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون»، والآية «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم»، وقال إن هذه الآية الأخيرة تضع للمسلم وصفة طبيعية لحل الأزمة النفسية التي يواجهها الإنسان عندما يفكر في الصلح، فعادة ما تأتيه الأفكار السيئة ويمنعه الشيطان من المبادرة بالصلح، ولذلك اختار الله تعالى لفظ «ادفع» ليؤكد على الجهاد في دفع هذا الشعور ودرء وساوس الشيطان.
وبين المناعي الأجر العظيم الذي يناله المسلم المبادر بالصلح والذين يحاولون الإصلاح بين الناس والتقريب بين المختلفين، مشيراً إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضى الله عنهما- قال: قال رسول الله: إن المقسطين عند الله على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا، رواه مسلم، وأوضح أن المقصود بالمقسطين أي أصحاب العدل حيث وصفهم صلى الله عليه وسلم: الذين يعدلون في حكمهم، وقال إن هذا يدخل فيه الحكم بين الخصوم.
ونوه بقول صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين».
وقال المناعي: ينبغي على المسلم أن يصلح بين الناس قبل حلول الشهر الفضيل، فاستقبال شهر رمضان يجب أن يكون بنفوس طيبة وصافية ومليئة بالمحبة والود فلا يصلح شهر رمضان بدون صلة الرحم وزيارة الأهل والأقارب والأصحاب، ولا يخلو رمضان من العلاقات الحميمة بين الجيران.