أميرة صليبيخ
أعكف على قراءة كتاب بعنوان (صوت التأثير- كيف تجعل الناس تحب الإنصات إليك) لمدربة الصوت الرائدة جودي آبس، ويقع الكتاب في 200 صفحة من القطع المتوسط. ويهدف إلى التعريف بالصوت الذي تملكه وإمكانياته وكيفية التحكم فيه، من أجل خلق التأثير المطلوب في الآخرين والتعبير عن النفس بوضوح، سواء عند التعامل مع مرؤوسيك في العمل، زملائك، جمهورك، عملائك، وأسرتك وأصدقائك وغيرهم.
ومع أني وعدت نفسي ألا أشتري المزيد من الكتب لكني لم أستطع تجاوز هذا الكتاب لأني أحتاجه. فقد اكتشفت مؤخراً أن صوتي يحتاج إعادة ضبط كما يفعل العازف مع أوتار العود أو القيثارة. فصوتي ممل وعلى وتيرة واحد ولا ينقل للمستمع الشعور المطلوب أو التأثير اللازم، ومهما رفعته أو حاولت أن أتدرج فيه فما يخرج مني هو الصوت ذاته بالنغمة ذاتها، يخرج منخفضاً لا طاقة فيه ولا حياة. فلو كنت سأقدم محاضرة مثلاً أو أسرد قصة خلال حديثي اليومي العادي، فستستمع صوت أوتار مهتزة لا تنتمي لي أبداً! لكن الشيء الجيد هو أن صوتي يصلح لأن يجعلك تنام سريعاً خلال جلسات التأمل واليوغا!
وتكمن أهمية الصوت، ليس لأنه أداة حية ومفعمة بالمشاعر للتواصل مع الآخرين، بل لأنها بوابة تكسف الكثير عنك كمتحدث وبالتالي تحتاج لأن تضبط صوتك وألفاظك جيداً لأنها تشكل صورتك الذهنية الأولية لدى الآخرين. لماذا تغرق حباً في صوت أحد المذيعين أو المطربين أو قرّاء القرآن الكريم؟ السر كله يكمن في الصوت والقدرة على التحكم فيه. وصوتك يقول الكثير عنك. الكثير الذي قد لا تستوعبه، ولكنه يرسخ في عقل الآخرين اللاواعي. هدوءك على سبيل المثال يعكس ثقتك بنفسك، صفاء ذهنك وقدرتك على التحكم بأفكارك، خلفيك الثقافية والأسرة التي نشأت معها، والكثير الكثير. فالصوت ليس مجرد اهتزاز يخرج من الحنجرة ويشّكل الكلمات، الصوت هو مرآة لشخصية الفرد الظاهرة والكامنة. جرب أن تغمض عينك عندما تستمع إلى متحدث ما واكتشف بنفسك ما الذي تستطيع أن تعرفه عنه من خلال صوته.
يضم الكتاب مجموعة منوعة من التمارين التي تساعدك أثناء رحلتك في تحسين صوتك وحوارك مع الآخرين. وتشير المؤلفة إلى التنفس كفعل أساسي يسمح بتدفق الصوت بالطريقة المطلوبة ويؤثر على العضلات والحجاب الحاجز، وترشدك من خلال مجموعة تقنيات إلى أحدث الأساليب في الاسترخاء والتحكم في النبرات، والتحدث بثقة أكبر والتحكم في الإيقاع والسرعة والحدة ومواقع الصمت والتشديد وغيرها الكثير.
الكتاب ممتع وشيق ويضم خليط من عدة مدارس في التنمية البشرية، وانصح به الراغبين في تحقيق التحول الشخصي وزيادة القدرة على خلق الأثر.