يتشكل جل المجتمعات الإنسانية في عصرنا الحاضر من 3 طبقات رئيسة، تتقارب نسبها في عديد من البلدان.

طبقة غنية محدودة جداً، والعديد من أفرادها يعيشون بعيداً عن حياة العامة من الناس لما يصنعه غناهم الفاحش من حواجز تحول دون فهم الحياة والهموم اليومية للمجتمع.

وطبقة دنيا عريضة يشغلها البحث عن القوت وضرورات الحياة عن الاهتمام أو الالتفات إلى الشؤون والقضايا العامة، وتتدنى فرص التعليم والثقافة في أوساطها.

وبين هذه وتلك تشكل الطبقة الوسطى شريان الحياة الاجتماعية؛ فهي تتشكل من متوسطي الدخل الأكثر تعليماً وثقافة في المجتمع وتشكل تعداداً متوسطاً بين الطبقتين الأخيرتين، وتمثل الطبقة الأكثر انشغالاً بالشؤون العامة، والتي تحمل هم مساعدة الطبقة الدنيا والأخذ بيدها نحو التطور والرقي.

ولطالما كانت هذه الطبقة المساند الأكبر للعمل الخيري والإنساني في مجتمعنا البحريني، نتيجة ما تقتطعه من أجل المجتمع من جهودها وأوقاتها وأموالها.

ما يثير المخاوف حقاً ظاهرة تنامت واتسعت في السنوات الأخيرة، من محاولة العديد من أبناء هذه الطبقة مضاهاة الطبقة الغنية في أنماط معيشتها، أو اتخاذ الأسر من هذه الطبقة خطوات غير محسوبة اقتصادياً، كبناء منازل كبيرة وفخمة أو إلحاق أبنائها بجامعات باهظة في الخارج أو تملك سيارات فارهة أو غير ذلك مما يوقع كثيراً من أبناء هذه الطبقة في شباك الديون المرهقة والمعاناة المعيشية، فيتحولون إلى عبء إضافي على الجمعيات الخيرية، وهي التي تنتظر منهم مساندتها ودعمها من أجل رعاية أبناء الطبقة الدنيا.

قد يبدو الموضوع بسيطاً، لكنه مقلق جداً للعاملين في المجال الخيري والإنساني، حين تتسع دائرة المستفيدين من الجمعيات الخيرية وتضيق بالمقابل دائرة الداعمين لها، وحين يخرج المعلم والمهندس والممرض والمحامي والصحفي والمبرمج وغيرهم من أبناء الطبقة الوسطى من قوائم الداعمين للجمعيات ليلتحقوا بقوائم المستحقين للمساعدات المنتظمة أو غير المنتظمة.

حسين الصباغ

رئيس جمعية جنوسان الخيرية