لقد قيل شيئان يحددان من أنت: صبرك عندما لا تملك شيئاً وأخلاقك عندما تملك كل شيء، وتعتبر الخبيئة الصالحة كنزاً من كنوز الحسنات؛ لأنها عبارة عن عبادة وطاعة وعمل يقوم به الشخص ولا يطلع عليه أحد من أهله إلى أن يلقى الله سبحانه وتعالى وذلك بغرض التقرب من الله وهي من غير الفريضة، فقد تكون أذكاراً تقولها أو ركعات تصليها أو صدقة تخفيها أو آيات تتلوها أو أعمالاً بالخفاء تفعلها أو قضاء الدين عن المدين أو مساعدة الأيتام، وقد تكون دمعة أخفيتها عن والديك أو عملاً أجلته من أجلهم أو غصة ابتلعتها ابتغاء رضا الله أو أذى من ذي رحم ظلوم، أو وجعاً تكابده ولا يعلمه إلا خالقك، أو تسبيحة في خلوة وصيام أيام لا يعلم بها أحد؛ إذن هي أفعال وأعمال لا يستطيع أن يفعلها المنافقون ولا حتى المراؤون؛ لأنها مغلفة بالصدق ومعطرة بالإخلاص ومحاطة بالكتمان؛ فلا يغرنك جنون الشهرة والنجومية واللهاث وراء الشهرة والبروز، فالتجارة مع الله رابحة وما الربح إلا ربح الآخرة؛ فاجعل بينك وبين الله مشاريع خفية لا يعيد الناس تغريدها، ولا ترصدها العدسات ولا تخافت بها صديقاً ولا تحدث بها قريباً، والخبيئات ليست لها مواعيد محددة خلال السنة كما يعتقد البعض؛ فنجد البعض يتصدق ويساهم في أعمال الخير والتطوع خلال شهر رمضان فقط؛ فهل فعل الخير بأن تسخر النفوس لفعل الخير خلال هذا الشهر الفضيل فقط. إذن فليكن لك خبيئة لا يعلمها سواك ومن سّواك لأنها ستكون لك حرزاً من كل ضرر وخطر وسترفعك إذا سقطت وتقدمك إذا رجعت، وستجد حلاوتها في نفسك وبركتها في أيامك وعمرك وصحتك، فإن لم تنل ثمرتها في الدنيا فترقبها في الأخرى. فلنكن مثالاً طيباً لفعل الخبيئات التي نؤجر عليها من الله ولا نطلب الأجر من العباد، فلنبادر ونسرع في فعلها لنكسب ونربح ربحاً وفيراً وفلاحاً وسعادة في الدنيا والآخرة.