أكدت باحث قانوني أول بمجلس النواب باحثة دكتوراه في فلسفة القانون العام بجامعة البحرين شيخة العليوي لـ"الوطن" أن البحرين أولت اهتماماً وعنايةً بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حيث عكفت من خلال سلطتها التشريعية – بسن القوانين المتعلقة بالإقرار بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة –وسلطتها التنفيذية– من خلال تحويل التشريعات إلى موضوع التطبيق والتنفيذ لحماية حقوقهم حتى يصبحوا عناصر فعالة في المجتمع، وقد تمكنت المملكة من رسم خارطة تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم في المجتمع من خلال توحيد الجهود ما بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وذلك للتنسيق الفعال لجميع الأنشطة المتعلقة بتنفيذ كل ما يصب في مصالح إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع.وأفادت بأن مجلس النواب باعتباره أحد دفتي السلطة التشريعية قدم العديد من الاقتراحات برغبة في شأن حماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد قدم اقتراحاً برغبة بقيام صندوق العمل (تمكين) بتخصيص الدورات والورش عن بُعد للأشخاص ذوي الإعاقة من أجل اكتسابهم للخبرات المهنية في سوق العمل المفتوحة، كما تم تقديم اقتراح برغبة (بصفة الاستعجال) باستثناء الموظفين من ذوي الإعاقة في الوزارات الحكومية من الحضور والعمل عن بُعد في ظل استمرار تداعيات جائحة كورونا.أضافت: "كما إنه في دور الانعقاد السنوي الثاني من الفصل التشريعي الخامس على الاقتراح برغبة بإنشاء مرصد وطني يتولى مهمة رصد تنفيذ حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهذا بحد ذاته يعتبر قفزة تشريعية في حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة".وأوضحت العليوي أنه في إطار مهمة السلطة التشريعية في التشريع، فقد سنّ كل من مجلس النواب والشورى العديد من القوانين التي تصب في حماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، كالقانون رقم 74 لسنة 2006 بشأن رعاية وتأهيل وتشغيل ذوي الإعاقة وتعديلاته، والقانون رقم (22) لسنة 2011 بشأن التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة في 2006، والقانون رقم (56) لسنة 2006 بشأن الانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966، و القانون رقم (10) لسنة 2007 بشأن الانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، ومرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1991 بشأن انضمام مملكة البحرين إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل والذي يكفل حقوق الأطفال ذوي الإعاقة بين بنوده، إلى جانب إصدار المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والذي يعني بالحرص على إدماج الفتيات والنساء ذات الإعاقة في المجتمع دون تمييز.وأكدت أن البحرين تهتم بشكل خاص بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بكافة أنواعها الجسدية أو الحسية أو الذهنية، إيماناً بالتشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها أحد، وانسجاماً مع توجه المجتمع الدولي إلى ضمان تحقيق أغراض التنمية المستدامة التي تسعى إلى تعزيز الفرص وتمكين الأفراد لتجنب تخلف أحد عن الركب، كما يأتي هذا الاهتمام ترجمةً لمبدأ المساواة الذي نص عليه دستور مملكة البحرين باعتباره قيمة من قيم المجتمع، ومبدأ دستورياً، فأشار في مادته (4) على أن: ((المساواة ... وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة))، والمادة (18) التي تنص على أن: "يتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك".وتطرقت العليوي إلى حرص ميثاق العمل الوطني الذي انبثق عن المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه لتشكيل القاعدة الصلبة لحماية مبدأ المساواة بين المواطنين وعدم التمييز بينهم على أي أساس، وفي ذلك نص على أن: "إن دولة البحرين استطاعت منذ استقلالها إرساء الدولة الحديثة القائمة على التوجه الديمقراطي ودولة المؤسسات الدستورية وسيادة القانون، وحيث إن دولة البحرين قد أكملت نهجها كدولة في علاقاتها وفي مؤسساتها السيادية القائمة على.. والمساواة بين المواطنين ومراعاة مصالحهم".وتابعت قائلة: "ليس ذلك فحسب، بل إن المحكمة الدستورية البحرينية قد أكدت على اعتبار مبدأ المساواة عدم التمييز بين المواطنين ركيزة أساسية للتمتع بالحقوق والحريات وحمايتها من أي صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، كما هو الحال في التمييز على أساس الإعاقة، فنصت المحكمة على أن: "مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه في المادتين (4) و (18) من الدستور، بحسبانه الركيزة الأساسية للحقوق والحريات على اختلافها أساساً للعدل والسلم الاجتماعي، غايتهُ صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها. إلا أن الحماية المتكافئة أمام القانون التي اعتد بها الدستور، لا تتناول القانون من مفهوم مجرد، وإنما بالنظر إلى أن القانون تعبير عن سياسة محددة أنشأتها أوضاع لها مشكلاتها. وأنه تقيد بالنصوص التي تضمنها تحقيق أغراض بذاتها من خلال الوسائل التي حددها، وكلما كان القانون مغايراً بين أوضاع أو مراكز قانونية أو أشخاص لا تتحد واقعاً فيما بينها، وكان تقديره في ذلك قائماً على أسس موضوعية، مستهدفاً غايات لا نزاع في مشروعيتها، وكافلاً لوحدة القاعدة القانونية في شأن أشخاص تتماثل ظروفهم بما لا يجاوز متطلبات تلك الغايات، وكان واقعاً في إطار السلطة التقديرية التي يملكها المشرع"".